هذه أفضل مسلسلات رمضان... وأكبر خيبات الأمل
- العربي الجديد الثلاثاء, 27 يونيو, 2017 - 04:35 مساءً
هذه أفضل مسلسلات رمضان... وأكبر خيبات الأمل

[ مثّلت يسرا في بطولة "الحساب يجمع" ]

انتهى موسم مسلسلات رمضان 2017، ومع عرض عشرات المسلسلات، بين الدراما والكوميديا والإثارة، وحتى الرعب، كان الحصاد أن هناك أعمالاً رائعة فعلاً تصدرت قائمة الأفضل، وأعمالا أخرى سيئة كما كان متوقعاً، مع وجود ثالث لمسلسلات خيبت الآمال، تلك التي كان ينتظر منها مستوى فني عال، ولكنها خرجت أضعف كثيراً من المتوقع لسبب أو لآخر. 

أفضل المسلسلات

ثلاثة أعمال يمكن وضعها ضمن الأفضل في رمضان هذا العام، على رأسها، مسلسل "هذا المساء" عن قصة وإخراج تامر محسن. العمل الذي بدأ في حلقاته الأولى بشكل هادئ، وتأسيس غير متعجل أبداً، لشخصيات وعوالم وأحداث، قبل أن يبدأ كل شيء في التعقد مع مرور ثلثه الأول، تتداخل الخطوط والمشاعر، إلى أن تصل الأمور مع الثلث الأخير إلى شيء لم تشهده المسلسلات المصرية من قبل؛ تتحول كل حلقة لحفنة من المشاهد الكبيرة، والاكتشافات المستمرة، والتفهم الأكبر لدوافع وتصرفات ومصائر الشخصيات. كل شيء في هذا المسلسل مصنوع بعناية، بداية من تفاصيل شكلية مثل الديكورات والملابس والألوان والحركة، مروراً بالممثلين الذين يؤدي كل منهم، مهما صغر دوره، مشهداً أو أكثر للذكرى، ووصولاً للكتابة التي تخلق "حياة" كاملة وتمنح كل شخصية روحاً وتاريخاً ولحماً ودماً. ومن وراء كل هذا هو المخرج تامر محسن، بعد مسلسلين رائعين في الأعوام الأخيرة ("بدون ذكر أسماء" ثم "تحت السيطرة")، يصل هنا إلى قمة قدراته التعبيرية كمخرج في التعامل مع الصورة والنص وإدارة الممثلين. ولا مبالغة في أن "هذا المساء" ليس فقط أفضل مسلسل لهذا العام، بل واحد من أفضل الأعمال التي قدمتها الدراما المصرية طوال تاريخها.

المسلسل الثاني الذي يمكن ضمّه لقائمة الأفضل، بمسافة عن "هذا المساء"، هو "لا تطفئ الشمس"، من تأليف تامر حبيب عن رواية إحسان عبد القدوس، والإخراج لمحمد شاكر خضير. احتفظ المسلسل بسمات شديدة الكلاسيكية في نصفه الأول، من ناحية تقديم الشخصيات، وأزماتهم العاطفية، ومحاولة التقاط شكل العلاقات في العصر الحالي. وفي تلك المرحلة، كانت شخصية "آدم" (بأداء رائع من أحمد مالك) تمتلك روح المسلسل، وتضخ فيها الحياة. ولكن مع الانقلابة الدرامية العنيفة التي حدثت في منتصف الحلقات، ولعبة انتحار "آدم" ثم عودته، والتحولات المبالغ فيها التي مرت بها بعض الشخصيات والعلاقات، ترنَّح المسلسل لبعض الوقت، وافتقد المنطق القوي (رغم تقليديته) الذي تحرك به في البداية. قبل أن يستعيد توازنه مرة أخرى مع الحلقات الأخيرة، ويقوم بإغلاق خطوطه الدرامية بشكل مقبول، ويحتفظ للثنائي "تامر حبيب/شاكر خضير" بنجاح جيد للعام الثالث على التوالي، بعد "طريقي" و"جراند أوتيل".

أما المسلسل الثالث في تلك القائمة، فهو "الحساب يجمع"، من تأليف محمد رجاء وإياد عبد الحميد وإخراج هاني خليفة. وللعام الثاني، أيضاً، بعد "فوق مستوى الشبهات"، يستطيع خليفة أن يخرج يسرا من عباءة الدور الواحدة، ويدفع بها هنا في دور "نعيمة"، السيدة التي تدير مكتباً للعاملات بالمنازل. وبين تفاصيل شخصيات الخادمات، وأسرار البيوت المختلفة التي تتحرك داخلها الأحداث، تأتي النتيجة متماسكة ومُشوّقة وقويّة، وتؤكِّد على قدرة خليفة الإخراجية.

مسلسلات خيبت التوقعات

قبل بداية رمضان، كان "واحة الغروب" هو العمل الأكثر انتظاراً، بفضل الثنائي مريم نعوم وكاملة أبو ذكري؛ الكاتبة والمخرجة اللتان قدمتا من قبل أعمالاً ناجحة مثل "ذات" و"سجن النسا"، وكذلك بسبب اقتباس المسلسل عن رواية للكاتب الكبير، بهاء طاهر. وبالفعل جاءت أول حلقتين من المسلسل مبشرتين جداً، قبل أن يسقط بشكل غريب من ناحية الإيقاع، ويصل إلى درجة من انعدام الأحداث في بعض الحلقات، مع اهتمام مبالغ فيه بالـ"صورة الجميلة" (التي تستمر على الشاشة لدقائق فقط لأنها جميلة) عوضاً عن "الصورة المفيدة درامياً"، لتهدر كاملة أبو ذكري فرصة كبرى لصناعة عمل ملحمي توفرت له كل عناصر النجاح.

"الجماعة 2" كذلك جاء مُخيّباً. فمع وجود كاتب بحجم وحيد حامد، ومخرج جديد ومبشر مثل شريف البنداري، إلى جانب الموضوع المثير عن علاقة الإخوان بثورة يوليو، وفترة حكم جمال عبد الناصر، كل تلك الأمور كانت مبشرة قبل بداية رمضان، ولكن النتيجة جاءت محبطة؛ حفنة من الخطابات والمواقف السياسية، مع ضعف في مستوى الدراما والشخصيات، لتشعر مع هذا المسلسل أنّك تطالعُ أحد الكتب التاريخية، وليس مسلسلاً درامياً يفترض فيه التعاطف والتواصل والاحتكاك الحقيقي بالأحداث.

أما المسلسل الثالث المخيب فهو "خلصانة بشياكة"؛ الذي امتلك في بطولته ثلاثة من أذكى وأفضل الكوميديانات الذين ظهروا في السنوات الأخيرة؛ أحمد مكي وهشام ماجد وشيكو، في تعاون كان من المنتظر أن يقدِّم كوميديا تاريخية. وبعد حلقات أولى تحمل بذور أفكار وكوميديا مختلفة، انحدر المسلسل تماماً في دوامة من المواقف المكررة والنكات المحفوظة والأحداث التي لا تتحرك. وعلى الرغم من المستوى البصري المبهر الذي ظهر عليه العمل في الديكورات والأزياء، والحضور اللافت لثلاثي البطولة في بعض المواقف واللحظات النادرة التي قدموا فيها كوميديا تشبههم، إلا أن هذا لم ينقذ العمل أبداً من ضعف الكتابة وسوء مستوى السيناريو.


التعليقات