الصراري.. القصة الكاملة
الخميس, 28 يوليو, 2016 - 04:54 مساءً

بعد ستة عشر شهرا من آلام تعز التي لم تتوقف سعى أبطال المقاومة الشعبية لعفد صلح مع المليشيا المتواجدة في قرية الصراري والتي تمطر القرى المحيطة بعشرات القذائف التي تهد البيوت على ساكنيها وتخلف قتلى وجرحى بشكل شبه يومي؛ ليس هذا فحسب بل تفرض حصارا أيضا بقطعها للطرق ومنع دخول أي مواد تموينية للمدينة.

فشلت محاولة اتفاق وقف القصف والحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي والمخلوع، ووجدت المقاومة نفسها أمام خيارين إما أن يستمر نزيف الدم في القرى المحيطة بالصراري أو يتم اقتحام المنطقة وطرد مليشيا الحوثي والمخلوع والسيطرة عليها.

نفذت المقاومة الشعبية معركة خاطفة استطاعت خلالها أن تدحر مليشيا الانقلاب وتسيطر على الصراري؛ لكن هذا لم يكن سوى بداية القصة وضعت العديد من علامات الاستفهام.

ما إن سيطرت المقاومة الشعبية على الصراري حتى قامت الدنيا ولم تقعد فالكل يتحدث عن احتمالية ارتكاب مجازر بحق المدنيين؛ بل ذهب البعض أبعد من ذلك حيث أكد  أنه تم بالفعل قتل وسحل وتعذيب وتفجير وو إلى آخر تلك التصرفات التي ترتكبها فعلا مليشيا الحوثي والمخلوع حينما تدخل قرية أو مدينة.

المدهش في الموضوع فعلا أن الجميع أصبحوا يتحدثون عن الصراري وكأنها فعلا في خطر، والمدهش أكثر أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية وبعض منسوبي الشرعية وأصحاب جمعيات الرفق بالحيوان كلهم تنادوا بصوت واحد، أنقذوا الصراري.

وهذا ما أثار الريبة لأننا نعلم أن كل هؤلاء لم يقولوا كلمة واحد حينما هجرت مليشيا الحوثي ألاف المواطنين من دماج، وأعدموا القشيبي بطلقات تكفي لإبادة أفراد كتيبة كاملة، وسحلو بشير شحرة؛ لأنه كمال قال البخيتي تصور وفي يد ابنه مسدس، فهو داعشي، وفجروا بيت الدعام، والجماعي، والحميقاني، والجمال، والحماطي، والشعوري، وعشرات البيوت في كل محافظة دخلوها، وجامعة الإيمان، ودور القرآن في همدان، وعمران، وأرحب، ودمت، والجوف، وشملان، وكل دار مروا عليه.

كل هؤلاء لم يقولوا كلمة عن 35 ألف لغم استطاعت  المقاومة في مأرب نزعها، زرعتها مليشيا الحوثي وبقي عشرات الآلاف ومثلها في الجوف والبيضاء وتعز وغيرها.

جميع من صاح مستغيثا للصراري لم يقولوا شيئا عن تدمير الاقتصاد، وسحب الاحتياطي النقدي الذي أوصل البلد إلى حافة الهاوية.

لم يسمعوا ربما عن قرابة عشرة ألف مختطف بحسب منظمات حقوقية، والذين تحولوا إلى مصدر يدر الملايين عن طريق طلب فدية مالية، مالم فقد أخرج بعضهم معاق، وبعضهم مجنون, وكثيرون ماتوا تحت التعذيب.

ولو أردنا أن نحصي جرائم مليشيا الحوثي لاحتجنا إلى دار نشر مختصة لاستيعاب تلك الجرائم التي تعاملت معها الأمم المتحدة ومبعوثوها والمنظمات الإنسانية على أنها خارج نطاق الرؤية.. والعين لا ترى الحبيب إلا جميلاً.
إذا لماذا الصراري:

باختصار وجود المشروع الإيراني (متمثلا بالفكر الحوثي وليس مجرد تواجد العناصر فحسب )في صعدة فقط يعني أن يبقى محصورا في شمال الشمال وهذا ما يتعارض مع فكرة تصدير الثورة الذي يقتضي نشر الفكر في كل البلاد.

وجدت إيران أنه من الصعوبة بمكان إختراق المجتمع السني عن طريق أشخاص من خارجه لهذا كان التوجه نحو اختيار منطقة استراتيجية يتم العمل على تشييعها مهما كانت صغيرة فهي ستتوسع كالجرح.

وقع الاختيار على الصراري  كونها  جغرافياً تطل على معسكر العروس الاستراتيجي في قمة صبر وتطل أيضا على منافذ للمدينة كما يمكّنها موقعها من فصف القرى المحيطة كالمسراخ وغيرها إضافة إلى وجود أسر تنتسب للهاشميين كالجنيد والرميمة.

تم العمل على تشييع هذه القرية بوتيرة متسارعة منذ سنوات وكانت هناك زيارات متبادلة بين مراكز التشيع في الصراري والجوف وصعدة، كما انشئت فيها حسينيات وإن كانت بصورة بدائية، وتم أيضا إنشاء مركز جمال الدين، وبدأ المتشيعون فهيا يحيون المناسبات الشيعية، ويمارسون الطقوس الفارسية، كاللطم وضرب الصدور وعلقت الرايات السوداء وغير الأذان، وغير ذلك من الطقوس المعروفة وهو ما أظهرته اللقطات المصورة والتي بإمكان القارئ أن يجدها في الانترنت، ما يعني أنها كانت تهيأ لتكون كربلاء ثانية، كما عنون أحمد الجنيد لمقاله بـ كربلاء العصر.
إذا..

 لم يكن كل هذا التباكي حزنا على الصراري وأهاليها الذين لم تصبهم المقاومة بسوء؛ بل كان نواحاً على البؤرة الرافضية التي أنشئت على حين غفلة في العمق الشافعي كي تكون خنجرا مسموما في الحالمة، وقد آتت أكلها فالمئات  الذين  كنا نراهم  ضحايا على شاشات التلفزة، كان كثير منهم قد سقطوا نتيجة تلك القذائف التي يمطرهم بها متحوثو الصراري، تاركين حق الجوار والرحم والأخلاق والأعراف، باذلين الولاء لأذناب النظام الصفوي الإيراني. وركب موجة النواح هذه أناس كثيرون بعضم سذاجة، وكثير منهم حزنا على المشروع الذي لا يزال خطره قائما.
وأخيراً هل تركها الحوثي:

حقيقة الحوثي في موضوع اقتحام مناطقه يتصرف بذكاء، فهو يشن حملة إعلامية عن الانتهاكات، ويهول أشياء لم تحدث أصلا؛ ليحقق بذلك مكسبين:

أولاً: يضع المقاومة في موقف حرج ما يجعلها تعفو عن مجرمي المليشيا حتى تحافظ على صورتها ولا تقع فيما روج له الحوثي؛ وبهذا يخرج المجرمون سالمون.

ثانيا: يخوف المناطق التي لا زالت تحت سيطرته من تواجد المقاومة، وأن قيامتهم ستقوم، ما يجعلهم يدافعون عن بقاءه مسيطرا حيث يقدم نفسه كالمنقذ للأسر المنتسبة للهاشمية، وهو ما كتبه حوثيون حرفيا "حافظوا على سلطة أنصار الله قبل أن تبيدكم المقاومة".

والخلاصة:
أننا أمام إزدواجية في مواقف الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية الذي يعتبره كثيرون تواطئا،ً وأمام غباء بعض منتسبي الشرعية الذي يتحركون مع اتجاه الريح، أما المقاومة فقد أثبتت أكثر من مرة أنها تتعامل ضمن منظومة أخلاقية لن تتخلى عنها، والواقع خير شاهد.
 
 

التعليقات