حلب يحرقها الروس والفرس والعرب يتفرجون
الثلاثاء, 27 سبتمبر, 2016 - 06:47 مساءً

تابعت خطابات رؤساء الوفود العربية التي ألقيت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الــ 71، ولا أخفي عتبي الشديد على كل الذين أسهموا في كتابة خطابات رؤساء الوفود العربية التي تلقى أمام ممثلي دول العالم في الجمعية العامة لتغييبهم قضايا عربية هامة لا يجوز تجاهلها تحت أي ذريعة.
 
(2)
 
تتعرض سوريا منذ 2011 لأبشع الحروب التي يقودها النظام الحاكم في دمشق. إنه يشن حربا على الشعب السوري الذي يحكمه منذ قرابة ثلاثين عاما (1971 ـــ 2000)، ولن أستعرض المجازر والجرائم التي ارتكبها حكم آل الأسد إن كان في سوريا أو لبنان أو حتى ضد الشعب الفلسطيني (تل الزعتر، ومخيمات الفلسطينيين فشمال لبنان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا).
 
اليوم، الشعب السوري العظيم يتعرض للإبادة الجماعية بكل أنواع الأسلحة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دوليا، من قبل بشار الأسد، يعاونه في ذلك على إبادة الشعب السوري عصابات طائفية حاقدة مستوردة من إيران وباكستان وأفغانستان ولبنان ومن روسيا وأماكن أخرى من العالم، كل هذا من أجل أن يحكم بشار الأسد وعصابته تحت شعار (الأسد أو نحرق البلد).
 
ما أريد ذكره هنا، أن المتحدثين العرب أمام الجمعية العامة لم يتناولوا في كلماتهم العدوان الروسي على الشعب السوري ومقدراته وحضارته وتدمير مدنه بأسلحة فتاكة منها أسلحة حديثة لأول مرة تستخدم في الحروب وثبتت فعاليتها ودقة تصويبها كما قال بذلك وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في اجتماع قيادة الأركان الروسية في ديسمبر 2015".. قال: أطلقت القوات الروسية بنجاح 26 صاروخا من طراز كالبر على مواقع في سوريا من البحر الأسود وأصاب أهدافها بدقة، وكذلك الطائرات سو 34 المتعددة المهام"، روسيا اليوم جعلت سوريا ميدان تجارب لأسلحتها الفتاكة وكان آخرها القنابل الارتجاجية أي القنابل التي تحدث زلزالا رهيبا يدمر المدن بلا تمييز.
 
لم يتناول المتحدثون العرب في بياناتهم استخدام روسيا للقنابل الانشطارية والفراغية وقنابل الفسفور والصواريخ الخارقة الحارقة وغير ذلك من أسلحة الدمار تحت ذريعة محاربة داعش.. لماذا لم يدن المتحدثون العرب هذا الإرهاب الروسي ضد الشعب السوري؟ إن الصمت العربي المخيف تجاه ما تفعله روسيا اليوم في سوريا يشجعها على التمدد العدواني في بؤر الأزمات الإقليمية فلن أستغرب أن ترمي روسيا بكل ثقلها لنصرة (حلف صالح والحوثيين) في اليمن، لن أستغرب أن تشق روسيا دول مجلس التعاون الخليجي وتفرق ما تبقى من تضامنهم، وعلى بعض دول مجلس التعاون أن تعلم أن اللعب مع الكبار له مخاطر سياسية ستعود على الجميع بأوخم العواقب، إن الذين يراهنون على المصالح الثنائية وربطها بالكبار أشبههم بلاعب القمار سرعان ما يفلس.
 
إضافة إلى ذلك والمحزن أن كلمات بعض رؤساء الوفود العربية الذين تحدثوا أمام مجلس الأمن في جلسته الطارئة التي دعت إلى انعقادها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا يوم الأحد الماضي للنظر في الحالة التي تتعرض لها حلب. لقد كانت كلماتهم في ذلك الاجتماع مخيبة للآمال، لم يحسنوا التعبير عن ما يتعرض له الشعب السوري خاصة حلب وكأنهم يرتجفون أمام المندوب الروسي في مجلس الأمن ولا يعلمون ما يقولون وكان أسوأ هذه المجموعة المندوب المصري وكم تمنيت لو صمت.
 
(3)
 
كثر الحديث عن تدخلات إيران في الشأن الخليجي واليمني، ناهيك عن تدخلها الفعلي بقوة في العراق وسوريا ولبنان، واختلفت دول مجلس التعاون في توصيف التدخلات الإيرانية في الشأن العربي أمام الجمعية العامة، البعض منهم كان مهادنا لها، والبعض متشددا، والبعض منهم ما برح يعتقد أن الحديث والحوار مع القيادات الإيرانية مجدي ورابع باطنيا يخفي سرائره والله والخلق يعرفونها.
 
القيادات الإيرانية، وعلى لسان كل مسؤول منهم، وفي كل مناسبة يحرضون الشعب العربي على حكوماتهم، ولعلمي، فإن المجتمع الإيراني أسرع مجتمع قابل للتفكك لو وجد أنصارا له يشدون من أزره، عرب أستان في الجنوب يتطلعون إلى نصرة عربية لاستعادة وطنهم السليب الأحواز الذي احتلته إيران عام 1925 والحديث عن مأساتهم من على المنابر الدولية وشرح مظلوميتهم، إنهم محرومون من تسمية أبنأهم بأسماء عربية، محرومون من استخدام لغتهم العربية محرومون من تولي أي مناصب إدارية.
 
الأكراد في الشمال الغربي لإيران بمذهبيهم السني والشيعي مضطهدون، المارسيون وغيرهم من مكونات الشعب في إيران، لم يعمل عرب الخليج والقوميون العرب على عونهم ومساعدتهم وإبراز قضاياهم في المحافل الدولية ووسائل إعلامهم ومناهجهم التعليمية.
 
إن أشد ما يغضب إيران ويزعجها تناول أوضاعها الداخلية بالشرح والتحليل على المنابر الدولية، فلماذا لا تقدم الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ورابطة العالم الإسلامي وممثلو الدول العربية في المنظمات والمؤتمرات الدولية بالحديث عن مأساة الشعب الإيراني في الأحواز والمناطق الأخرى.
 
آخر القول: حصنوا يا قادتنا الميامين جبهاتنا الداخلية بالانفتاح والقضاء على الفساد والمحسوبية، كي يصعب اختراقها على كل عابث، وسارعوا في إنجاز المهمة في اليمن بدحر البغاة، ولا تهنوا ولا تلينوا لكل الضغوط الدولية في الشأن السوري واليمني، والله مع الصابرين.

* الشرق القطرية

التعليقات