«بلومبيرغ»: كيف تداركت السعودية أزمتها النقدية؟
- وكالات الاربعاء, 22 فبراير, 2017 - 09:28 صباحاً
«بلومبيرغ»: كيف تداركت السعودية أزمتها النقدية؟

مقابلة في دافوس الشهر الماضي، أعلن محافظ البنك المركزي السعودي، «أحمد الخليفي»، أنّ أزمة النقد التي سبّبت ضغطًا على البنوك التجارية العام الماضي قد انتهت.

أظهرت الإيداعات الإجمالية في النظام المصرفي تحسّنًا منذ منتصف عام 2016، حيث ارتفعت إلى 0.8% في ديسمبر/كانون الأول مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق.

وقد تدخّلت مؤسّسة النقد العربي السعودي مرّتين في عام 2016. وفي فبراير/شباط عام 2016، رفعت نسبة القروض إلى الودائع من 85 إلى 90% لزيادة السيولة.

وبحلول ذلك الوقت، وصل معدّل الفائدة بين البنوك لمدّة ثلاثة أشهر إلى أعلى معدّل له في 7 أعوام.

وبنفس مقدار الخطورة، ارتفعت الرهانات على انخفاض الريال السعودي لأعلى مستوياتها في 20 عامًا في يناير/كانون الثاني عام 2016، حتّى بعدما تعهّدت السلطات بالحفاظ على ربط العملة. وكانت الغالبية العظمى من المتداولين خارج السعودية مقتنعين بأنّ المملكة مقدمة على خفض عملتها أو فك ارتباطها.
وكان الدافع وراء مناقشة خفض العملة راجعٌ إلى عنصرين. الأول، العجز المالي لعام 2015 والذي وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وكان من المتوقّع أن يزيد العجز في عام 2016. والثاني، كانت الأسواق قلقة من أنّ الإنفاق المرتفع سيؤدّي إلى تآكل احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد لتصل إلى أقل مستوياتها في 5 أعوام. وتراجعت الاحتياطيات في عام 2015 بمقدار 116 مليار دولار، وبهذا المعدّل في الانخفاض قد يكون من الصعب الحفاظ على دعم العملة.

بدا كلّ شيءٍ صعبًا مع انخفاض عائدات النفط، وتوقّف الإنفاق الحكومي، وتراكم متأخّرات الحكومة لصالح القطاع الخاص (لاسيما شركات المقاولات)، والسيولة الشحيحة، وضعف الثقة. وبرز النقاش حول العملة بين رجال الأعمال الذين لا يستطيعون تحمّل مخاطر الأسعار واستمرّت تدفّقات الأموال إلى الخارج. وبحلول النصف الأول من عام 2016، تمّ الإعلان عن رؤية 2030، وهي خارطة طريق طموحة لإعادة هيكلة الاقتصاد من الاعتماد الكامل على الدولة إلى قيادة القطاع الخاص. وتبعها برنامج التحول الوطني 2020، الذي يفصّل خطوات تحقيق الرؤية ويحدد التحدّيات التي تواجه الكيانات الحكومية في القطاعات الاقتصادية والتنموية.

وبحلول أوائل صيف عام 2016، ارتفع معدّل القروض مقابل الودائع، الذي يعد دليلًا على تحسّن السيولة، للبنوك السعودية مجتمعة إلى 90.2% في يونيو/حزيران، وهو المعدّل الأعلى منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2008، وفق بيانات البنك المركزي. وكان الطلب على ائتمان القطاع الخاص قويًا، وقد يثبت ارتفاع تكاليف الاقتراض ضعف نمو القطاع غير النفطي.

نتيجةً لذلك، في يونيو/حزيران عام 2016، تعيّن على البنك المركزي التدخّل بشكل واضح لدعم السيولة في القطاع المصرفي. وعرض على البنوك المحلية نحو 15 مليار ريال (4 مليار دولار) في شكل قروض قصيرة الأجل بفوائد مخفّضة. وبجانب توفير السيولة وتسهيل إجراءات الإقراض، أصبحت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أكثر يقظة بشأن البنوك التي كانت تقدّم طلبات منخفضة الفائدة عن القيمة الحقيقية.

وبحلول أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، حقّقت الحكومة نجاحًا جيّدًا في بيع المملكة لأول سنداتٍ دولية لها، بقيمة 17.5 مليار دولار، وكان هو الطرح الأكبر في دولة من دول الأسواق الناشئة. وساعد أيضًا سداد الديون وصرف 27 مليار دولار في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول للشركات ورجال الأعمال، في تخفيف ضغط السيولة. ونجح البنك المركزي في خفض معدّلات الاقتراض بأكثر من 40 نقطة أساس. وانخفض معدّل القروض إلى الودائع إلى مستوى أقل من 88% وتراجع تدريجيًا. ووصلت الاحتياطيات الفائضة في البنوك إلى نسبة صحية عند 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وانخفضت النفقات الحكومية في عام 2016 وهو ما ينبغي أن يساعد في الحفاظ على ضبط الأموال المالية العامة. وتباطأت وتيرة تراجع الاحتياطيات الأجنبية ووقفت في نهاية عام 2016 عند 80 مليار دولار.

ماذا نتوقع في المستقبل؟

لأنّ عام 2016 كان عام الإعلان عن التعزيزات المالية والخطط التحويلية، ستبحث الأسواق عن فرص. وسيبدأ اللون الأخضر في الظهور. ومن المتوقّع أن يبدأ الاقتصاد غير النفطي في تحقيق معدّلات نمو أكبر ممّا كانت عليه العام الماضي قرب الصفر. وأظهر مؤشر مدراء المشتريات العودة إلى بعض النمو، حيث ارتفع من 55.5 في ديسمبر/كانون الثاني إلى 56.7 الشهر الماضي. ويعني أي مستوى فوق 50 أنّ العمل يتوسّع.

بلغ مجموع إجراءات تعزيز النمو والاستثمار في الطاقة المتجدّدة وحزم التحفيز للقطاع الخاص 53 مليار دولار، وهو ما سيجعل بصمته تبدأ في الظهور في اقتصاد هذا العام. وستبدأ السعودية في التماس العروض في الأسابيع القليلة القادمة لأول مرحلة من برنامج الطاقة المتجدّدة «الضخم»، والذي سيتكلّف من 30 إلى 50 مليار دولار.

وعلى الجانب المالي، الدعم ضروري، لكنّ الإنفاق المالي مهم وسيركّز على مشاريع الصحّة والتعليم والبنية التحتية لتحفيز نشاط القطاع الخاص.

وستؤدّي أسواق رأس المال بشكلٍ جيّد هذا العام. سيكون هناك ديونًا محلية أقل، وستصدر سندات الديون الدولية لسد الفجوة المالية. ومن شأن هذا أن يخلق منحنىً طبيعيًا يدفع المؤسسات لإصدار أوراقٍ أفضل سعرًا. وسيتم طرح أسهم شركة أرامكو السعودية مع دخول عام 2018 بالتوازي مع اتّباع سياسة الكتاب المفتوح.

ويمكن للدولة أيضًا بيع صكوك ذات آجال استحقاق مختلفة. وستلبّي الصكوك طويلة الأجل طلبات المستثمرين الذين يفضّلون التعامل بالشريعة الإسلامية.

وسيساعد إدراج الأوراق المالية السعودية في مؤشّر الأسواق الناشئة (MSCI) خلال العام القادم أو الذي يليه في تقديمها لأداء أفضل من نظيراتها، وسيساهم في فصلها عن النفط. ومع التعمّق أكثر في قصّة الإصلاح السعودي، ينبغي أن تتحسّن قطاعات الرعاية الصحية والبتروكيماويات والنقل والغذاء والخدمات العامة، هذا العام.
 


التعليقات