حضور سعودي واهتمام دولي ولاعبون جدد.. خارطة جديدة تتشكل في عدن والتحولات تثير حنق حلفاء "أبوظبي" (تحليل إخباري)
- عدن - خاص الإثنين, 21 أغسطس, 2017 - 05:46 مساءً
حضور سعودي واهتمام دولي ولاعبون جدد.. خارطة جديدة تتشكل في عدن والتحولات تثير حنق حلفاء

[ الرئيس هادي التقى الملك السعودي في المغرب ]

"نحن نمتلك الحق ونستغرب مساعدة ودعم الأخونج"، بهذه الكلمات عبر الوزير المقال ونائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك عن حنقه الشديد من الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، ووصول قوات سعودية الخميس الماضي للإمساك بزمام الأمور في المدينة.
 
تغريدة بن بريك، التي حذفها لاحقاً من حسابه الشخصي في تويتر، تضمّنت انتقادًا ضمنياً لـ"التحالف" ممَثلاً بالسعودية، وهو ما يلقي بدلالته على التحول في الأداء السعودي الإيجابي بعد غياب، والذي أثار حنق حلفاء أبوظبي.
 
ونقل "الموقع بوست" عن مصدر أمني -طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة- قوله إن القوة العسكرية السعودية التي وصلت إلى عدن، الخميس الماضي، ستتولى تأمين عدد من المواقع الهامة بينها المطار وميناء عدن وميناء الزيت وقصر معاشيق الرئاسي.
 
وكانت قد وصلت إلى ميناء عدن، مساء الخميس الماضي، قوة عسكرية تابعة للواء المغاوير (السعودي)، ومجهزة بمصفحات وعربات عسكرية.
 
وأضاف المصدر الأمني أن القوات السعودية ستتولى حراسة قصر معاشيق، وتهيئة الأجواء أمام عودة الرئيس عبدربه منصور هادي عودة نهائية إلى البلاد، بعد أن ظل خلال العامين الماضيين يتنقل بين العاصمة السعودية الرياض، والعاصمة المؤقتة لليمن عدن.
 
وأشار إلى أن قوة تابعة للحكومة الشرعية اليمنية تتلقى تدريبا في المملكة العربية السعودية، ستصل لاحقا إلى عدن، لمساعدة القوات السعودية في تأدية مهامها.
 
لقاء استثنائي
 
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز التقى في مقر إجازته في مدينة طنجة المغربية، الجمعة الماضي، الرئيس عبدربه منصور هادي، في لقاء وصف بالحميمي والاسثنائي من حيث المكان والزمان.
 
الخبر المنشور في وكالة الانباء الرسمية "سبأ" عن اللقاء لم يخل من لغة امتنان بالغة من موقف الشقيقة الكبرى لليمن ملكا وحكومة وشعباً، حيث أطلع رئيس الجمهورية الملك سلمان على تطورات الأوضاع في الساحة اليمنية، كما جرى بحث القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مجددا شكره للعاهل السعودي على ما تقدمه المملكة من دعم للشعب اليمني في مختلف المجالات، ووقوفه إلى جانب إرادة الشعب اليمني في إنهاء انقلاب مليشيا الحوثي وصالح المدعومة من إيران.
 
من جانبه جدد الملك سلمان بن عبدالعزيز حرص المملكة على دعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية لما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على أمنه ووحدة أراضيه.
 
اقرأ أيضا: السعودية تحجم دور الإمارات في اليمن وتتولى زمام المبادرة


الرئيس اليمني كان قد وصل إلى المملكة المغربية مساء الخميس الماضي، واستبق لقاءه بالملك سلمان باجتماع مع نائبه الفريق علي محسن ورئيس الوزراء ومستشاره رشاد العليمي ومحافظ عدن عبدالعزيز المفلحي.
 
الاستجابة السعودية لطلب الرئيس لقاء الملك سلمان كانت سريعة بعد ظهور الخلاف بين السلطة الشرعية في اليمن ودولة الإمارات إلى العلن رغم كل جهود التهدئة التي بذلت لاحتوائه، والتطورات المتسارعة، حيث اتهم البنك المركزي اليمني خلية للتحالف العربي بعرقلة توريد السيولة النقدية إلى العاصمة المؤقتة عدن، واستدعاء الرئيس هادي لرئيس حكومته ومحافظ عدن إلى الرياض للتشاور بعد طلب أبوظبي تغيير المحافظ المفلحي، وهو ما رفضه هادي.
 
وما بين لقاء الرئيس بالملك سلمان واجتماعه بمسؤولين يمنيين كانت قوات سعودية وصلت إلى ميناء عدن ستتولى حماية القصر الرئاسي بالعاصمة المؤقتة عدن.
 
ونشط محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي خلال الأسبوع الفائت في لقاءاته الدبلوماسية، حيث التقى السفيرين الأمريكي والبريطاني وناقش معهما سبل تطبيع الحياة في العاصمة المؤقتة وأبرز العراقيل.
 
لاعبون جدد
 
التحول على الأرض لم تكن محوره الحكومة الشرعية فقط، فقد هاجم مجلس الحراك الثوري الذي يرأسه القيادي الجنوبي حسن باعوم دولة الإمارات و اصفاً إياها بالـ"المحتل".
 
جاء ذلك في لقائه الموسع الذي انعقد الخميس الماضي في العاصمة المؤقتة عدن، وحذر البيان الصادر عن الاجتماع "مما يجري اليوم في الجنوب من سباق محموم بين قوى خارجية كدولة الإمارات، التى أصبحت تستحوذ على منافذ الجنوب وخيراته، وتتحكم بمصير شعبنا وتوجهاته، ثم تأتي لتمنح ثلة ممن اتخذتهم أتباعاً لها قليلاً من الفتات الحقير، وتؤسّس لمستقبل متناحر متشرذم تصنعه من خيرات الجنوب"، في إشارة إلى رفض المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه أبوظبي برئاسة عيدروس الزبيدي.
 
مؤكداً أن "مصلحتها استمرار معاناة شعب الجنوب والخنوع لها لتضحى بديلاً للمحتل السابق، وبتسميات مختلفة، وقد تؤدي حالة التعاطي مع ذلك الخارجي إلى غياب رؤية الثورة والدخول في صراعات لا نهاية لها". 
 
وشدد البيان -تلقى "الموقع بوست" نسخة منه- على "رفض الوصاية الخارجية من أي كان، والتأسيس للقبول بمبدأ التعاون والعلاقة الطيبة المشتركة مع المحيط الخارجي، وبالذات من سيساعد الجنوبيين على تحقيق استقلال الجنوب".
 
اقرأ أيضا: الصراع الخليجي في المهرة.. سبق عماني وأطماع إماراتية

وتستضيف سلطنة عمان منذ انطلاق عاصفة الحزم لقاءات لقيادات جنوبية توصف بأنها ضد الحرب في اليمن والمناهض للتواجد الإماراتي في الجنوب، ويشكل تيار حسن باعوم أبرزها، إضافة إلى نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشيخ أحمد الصريمة، والشيخ عيسى آل عفرار، ومحمد علي أحمد، وأحمد مساعد حسين.
 
هذا التحول الدراماتيكي السريع والمفاجيء كان وراء مغادرة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي مدينة عدن، متوجهاً إلى الضالع والاعتكاف فيها.
 
وفي حين نفت المصادر أن تكون مغادرة الزبيدي إلى بلدته بالضالع، استجابة لضغوطات من التحالف لتسليم مبنى السلطة المحلية في عدن للمحافظ عبدالعزيز المفلحي، أكدت أخرى أن مغادرة الزبيدي عدن جاءت بناءً على ضغوط من التحالف ممثلاً بالسعودية، لتسليم محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي مقاليد السلطة كاملة في المدينة، بما فيها مبنى السلطة المحلية وسكنه اللذان يخضعان لحراسة تابعة لمحافظ عدن السابق، هذا إلى جانب تهيئة الأجواء لعقد الجلسة المرتقبة لمجلس النواب.
 
حنق حلفاء أبوظبي جدده حضور نائب قائد القوات الإماراتية في العاصمة المؤقتة العميد الركن أبو محمد في حفل تخرج الدفعة التدريبة الثالثة القتالية في لواء النقل التابع للحرس الرئاسي الأربعاء الماضي، في أول تقارب بين قيادة القوات الإماراتية وألوية الحرس الرئاسي منذ أحداث المطار في فبراير الماضي، والتي كان طرفاها ألوية الحماية الرئاسية والحزام الأمني المدعوم من أبوظبي.
 
إذن فنحن أمام تراجع للدور الإماراتي وحلفائه في العاصمة المؤقتة عدن والمدن المجاورة على الأقل لصالح نفوذ سعودي آخذ في التنامي، وربما عماني يمتلك أوراق تأثير سياسي، وذلك بعد تزايد حدة الانتقادات لممارسات الإمارات في جنوب اليمن في الآونة الأخيرة.
 
اتفاق سري
 
وكشفت مصادر لـ"الموقع بوست" عن اتفاق غير معلن بين اليمن والسعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا قضى باضطلاع بريطانيا بالإشراف على إدارة وتأمين السواحل اليمنية الممتدة من شواطئ "حوف" شرقاً وحتى سواحل "المخا"غرباً، وتأهيل خفر السواحل اليمني، بينما أبقت الولايات المتحدة ملف مكافحة الإرهاب تحت إشرافها، وهو ما يفسر عدم حصول أبوظبي على ثقة واشنطن ولندن في ملفي تأمين ممرات الملاحة الدولية ومكافحة الإرهاب في منطقة باب المندب وخليج عدن.
 
وزار وفد عسكري بريطاني رفيع الثلاثاء الماضي معسكر قيادة القوات البحرية والدفاع الساحلي بمنطقة التواهي بالعاصمة المؤقتة عدن.
 
وكان في استقبال الوفد اللواء الركن بحري عبدالله سالم النخعي قائد القوى البحرية والدفاع الساحلي وعدد من قيادات وضباط القوى البحرية والقاعدة البحرية بعدن، وناقش الوفد البريطاني مع قيادة البحرية اليمنية عددا من المواضيع المتصلة بتبادل الخبرات بين قوات البلدين.
 
ونزل الوفد إلى عدد من المواقع والمعالم العسكرية ومنها مواقع رأس جبل مربط الإستراتيجي.
 
اقرأ أيضا: الإمارات.. بين ممارسات "الاحتلال" وأهداف "التحالف" الداعم للشرعية في اليمن

وأعلنت مليشيا جماعة الحوثي في الثاني عشر من أغسطس الجاري أن قواتها البحرية استهدفت سفينة حربية تابعة للتحالف العربي في ميناء مدينة المخا الساحلية.
 
تزايد الاتهامات
 
تراجع الدور الإماراتي على ما يبدو جاء رضوخا لتزايد الضغوط والاتهامات الدولية لها وعلى خلفية اتهام الرئيس هادي لها بالخروج عن أهداف التحالف العربي، وهو ما قد يفسر رفعاً لغطاء الشرعية عن التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن.
 
مؤخراً اتهم تقرير سري للجنة الخبراء في مجلس الأمن الدولي الإمارات بتمزيق جهود الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ودعم ميليشيات سلفية خارج "هيكل هرمي حكومي" ما يخلق فجوةً في المساءلة بارتكاب الجرائم.
 
ونشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، الجمعة الماضي، تقريراً عن تقرير لجنة الخبراء الذي قُدم سرياً لمجلس الأمن.
 
وقدم التقرير شواهد ومعلومات عن الدور الإماراتي في البلاد من خلال دعم ميليشيات أبو العباس في تعز، الذي يرفض وضع قواته تحت قيادة الأركان اليمنية، كما أشار إلى السجون السرية التابعة للإمارات أو قوات موالية لها، متحدثاً عن تحقيق أجراه فريق الخبراء وأكدوا وجودها بما في ذلك إساءة معاملة السجناء في المكلا، كما أشارت اللجنة إلى أحداث مطار عدن، وتآكل سلطة الحكومة اليمنية في المحافظات الثمان الواقعة تحت سيطرتها.
 
وكل المؤشرات تدل على قلق واشنطن من تنامي نفوذ الإمارات في المنطقة، لاسيما الممرات الملاحية في باب المندب وخليج عدن، وهو ما يفسر تزايد التقارير المنتقدة للإمارات في الصحافة الأمريكية ومراكز الأبحاث الغربية، كما لا يمكن إغفال الأزمة الخليجية وتداعياتها على الأحداث في اليمن وموقف واشنطن من الملفين.
 
كل ما سبق دفع أبوظبي للإيعاز لحليفها عيدروس الزبيدي على الأرجح في محاولة منها لتبرئة ساحتها من كل التهم خلال حوار صحفي أجراه معه موقع "المونيتور" الأمريكي المهتم بشؤون الشرق الأوسط والخليج.
 
قلق أبوظبي

مؤخراً كشفت صحيفة "ذي إنترسبت" الأمريكية عن تسريب جديد من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، عبر فيه عن قلقه من استهداف مواقع مدنية في حرب اليمن.
 
وقالت "ذي إنترسبت" إنه "في خريف عام 2015، بعث العتيبة مذكرة لكبار المسؤولين في الإمارات كتب فيها أن الحرب في اليمن أصبحت كابوساً للعلاقات العامة".
 
وأضافت المذكرة أن "إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، كانت تدعم الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، لكن على مضض، بسبب تأثيرها على سمعة واشنطن ووضعها أبوظبي في موقف حساس".
 
وأشارت الصحيفة إلى أن "تسريب بريد العتيبة كشف أن السفير الإماراتي كان يسعى إلى تخفيف الضغوط على البيت الأبيض في عهد أوباما، بسبب الكلفة الإنسانية للحرب في اليمن".
 
وطالبت المذكرة بـ"توخي الحذر، ولو بشكل مؤقت على الأقل، في انتقاء الأهداف العسكرية"، معتبرةً أن "ذلك ينطبق على القوات الجوية السعودية المسؤولة عن معظم الهجمات التي أخطأت أهدافها".
 
وبالمحصلة فإن الإمارات وبعد أكثر من عامين من الحرب في اليمن لم تعد اللاعب الوحيد في اليمن عموما و جنوبه، خصوصاً بعد التحرك العماني في المنطقة الشرقية والتحرك السعودي الأخير والذي ينظر إليه -بحسب مراقبين- على أنه محاولة للحفاظ على التوازن السياسي والعسكري، والإبقاء على مبررات التدخل العسكري للتحالف العربي وتحرزاً من مغبة ملاحقات قانونية قد تطال التحالف العربي بقيادة السعودية.
 
كما يمكن الربط بين تراجع الدور الإماراتي جنوباً مع تزايد حدة الخلافات بين طرفي الانقلاب شمالا، وهو ما قد يعبر عن تلاشي مبررات الدور الإماراتي خلافاً للسابق، وتحلل الرياض من أي ضغوط سابقة لحليفتها في اليمن.


التعليقات