ناطق الطائفة البهائية في حوار مع "الموقع بوست" يشرح وضع الطائفة في اليمن والانتهاكات التي يتعرضون لها
- حاروه: طلال الشبيبي الجمعة, 27 أكتوبر, 2017 - 06:51 مساءً
ناطق الطائفة البهائية في حوار مع

[ عبدالله العلفي ناطق الديانة البهائية في اليمن ]

ليست الطائفة اليهودية وحدها في اليمن التي عانت من مضايقات وتنكيل مليشيات الحوثي الطائفية، فالديانة البهائية أيضا كان لها نصيب من المضايقات والاختطافات.
 
ويعيش البهائيون في اليمن أو ما يعرف بأصحاب الديانة البهائية -وهم أقلية- تحت الاضطهاد منذ اقتحام مليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء وانقلابهم على الدولة 21 سبتمبر/أيلول 2014.
 
وشن مسلحو الحوثي مؤخرًا في العاصمة صنعاء حملات اعتقال طالت رموزا في الديانة وأكثر من 25 آخرين بتهم تتعلق بمعتقداتهم، بحسب المقرر الخاص للأمم المتحدة والمعني بحرية الدين أو المعتقد أحمد شهيد.
 
"الموقع بوست" التقى بالمتحدث الرسمي باسم الديانة البهائية في اليمن، عبدالله العلفي، والذي استطاع في حوار خاص أن يسرد لنا تفاصيل الاختطافات واقتحام منازل المنتمين لهذه الديانة في صنعاء من قبل جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة.
 
كما شرح ردود الأفعال للمنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة، وموقف قيادات جماعة الحوثي من الاختطافات، متهما دولة إيران بأنها وراء الاختطافات التي تمارس ضد البهائيين في اليمن.
 
* من هم البهائيون؟
 
** ينتشر البهائيون اليوم في أكثر من 235 بلداً في العالم من بينها اليمن السعيد، وهم يمثّـلون أصولاً دينية مختلفة وينتمون إلى أجناس وأعراق وشعوب وقبائل وجنسيات متعددة، أما الدين البهائي فمعترف به رسمياً في العديد من الدول، ومُمثّـل تمثيلاً غير حكومي في هيئة الأمم المتحدة والأوساط الدولية العلمية والاقتصادية.
 
والبهائيون على اختلاف أصولهم يُصدِّقونَ بما بين أيديهم من الكتب السماوية، يؤمنون بالرسالات السابقة دونما تفريق، ويعتقدون بأن رسالة حضرة بهاء الله -أسوة بغيرها من الرسالات السماوية- لا تمثّـل سوى مرحلة من المراحل المتعاقبة للتطور الروحي الذي يخضع له المجتمع الإنساني.
 
إِنَّ الدين البهائي دين عالمي مستقل كل الاستقلال عن أي دين آخر، وهو ليس طريقة من الطرق الصوفية، ولا مزيجاً مقتبساً من مبادئ الأديان المختلفة أو شرائعها، كما إنَّه ليس شُعبة من شعب الدين الاسلامي أو المسيحي أو اليهودي. وليس هو إحياء لأي مذهب عقائدي قديم. بل للدين البهائي كتبه المُنزلة، وشرائعه الخاصة، ونظمه الإدارية، وأماكنه المقدسة. أما رسالته الحضارية الموجهة إلى هذا العصر فتتلخص في المبادئ الروحية والاجتماعية التي نصّ عليها لتحقيق نظام عالمي جديد يسوده السلام العام وتنصهر فيه أمم العالم وشعوبه في اتحاد يضمن لجميع أفراد الجنس البشري العدل والرفاهية والاستقرار ويُشيّد حضارة إنسانية دائمة التقدم في ظل هداية إِلهية مستمرة.
 
يحثّ الدين البهائي أتباعه على الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له، ويعترف بوحدة الرسل والأنبياء دون استثناء، ويؤكد وحدة الجنس البشري، ويفرض على كل مؤمنٍ التخلي عن كل لون من ألوان التعصب والخرافات، ويجزم بأن هدف كل دين هو إشاعة الألفة والوئام، ويعتبر اتفاق الدين والعلم أمراً جوهرياً وعاملاً من أهم العوامل التي تمنح المجتمع البشري السكينة والاطمئنان وتحمله على التقدم والعمران.
 
ولعل من أهم المبادئ التي ينادي بها الدين البهائي مبدأ المساواة في الحقوق بين البشر بما في ذلك المساواة بين الرجل والمرأة، فضلاً عن مبدأ التعليم الإجباري وتوفير الإمكانات لخلق مناخ اجتماعي سليم، فيأمر أتباعه بإزالة الهوّة السحيقة بين الفقراء والأغنياء، ويقضي بعدم تعدد الزوجات، ويُقدّس الكيان العائلي معتبراً الأسرة أساس بناء المجتمع الإنساني الصالح. ويمنع الدين البهائي أتباعه من الاشتغال بالأمور السياسية والحزبية ويشجعهم على الولاء والصدق والصفاء في علاقاتهم مع حكوماتهم وعلى خدمة أوطانهم ورفع شأن مواطنيهم. ولا تَدَع الكتب البهائية مجالاً للشك في أن حضرة بهاء الله سنّ لأتباعه منهجاً للسلوك ونمطاً للتعامل الشريف، فأكد أنّ الحياة الخاصة للفرد مقياس دقيق لإيمانه، ففرض على أتباعه طهارة القول والفكر والعمل، عفّةً وأمانةً وصدقاً وولاءً ونزاهةً ونقاوةً وكرماً، وأمرهم بكل معروف، ونهاهم عن كل منكر. يتفضل حضرة بهاء الله:
 
"قل يا قوم دعوا الرذائل وخُذوا الفضائل، كونوا قدوةً حسنةً بين الناس، وصحيفةً يتذكّر بها الأُناس.. كونوا في الطرْف عفيفاً، وفي اليد أميناً، وفي اللسان صادقاً، وفي القلب متذكراً..".
 
* لماذا تحارب جماعة الحوثي أصحاب الديانة البهائية باليمن؟
 
** نحن البهائيين أحد المكونات الأصيلة في مجتمعنا اليمني وقد تعايشنا على مر العقود المتلاحقة مع كل مكونات بلدنا الحبيب، والذي كان معروفاً حبه للتعايش والاختلاط مع الثقافات والأفكار والمذاهب والأديان.
 
فكر محاربتنا كبهائيين هو فكر دخيل على المجتمع اليمني، فكر يصدر لنا بكل حذافيره من إيران وذلك بسبب عدائهم المستمر للبهائيين.
 
التهم التي حاولوا أكثر من مرة أن تنسبها لنا سلطات الأمر الواقع في صنعاء (مليشيات الحوثي الانقلابية)، هي "التظاهر بمكارم الأخلاق"، "الدعوة إلى السلام في زمن الحرب"، فالعجيب هنا أن بعض الأفراد في جهاز الأمن القومي (الخاضع لسيطرة الحوثيين) يمتثلون لأوامر إيران في خلق سياسة عامة لمضايقة البهائيين في اليمن، أليس هذا بالعجيب؟
 
* ما هي حجم الانتهاكات التي طالت أتباع الديانة البهائية في اليمن؟
 
** منذ 2013 والبهائيون في مضايقة مستمرة من الأجهزة الأمنية وخصوصاً جهاز الأمن القومي، حيث تم القبض على م/ حامد بن حيدرة من مقر عمله في بلحاف-شبوة وإخفائه في سجون الأمن القومي وتعذيبه لمدة تسعة أشهر مما تسبب بأضرار دائمة فيه ومنها فقدانه لحاسة السمع وغيرها من الإصابات الأخرى، وبعد ذلك تم تلفيق ملفات قضائية له وإحالته إلى النيابة الجزائية والتي لها أربع سنوات في المحكمة بدون تقديم دليل واحد حقيقي من النيابة، غير المماطلة في الجلسات، في سبيل إذلال محامد وسلب حريته.
 
2015، اعتقال الأخوين نديم ونادر السقاف من قبل الأمن السياسي وذلك لحضورهم جلسات محاكمة م/ حامد.
 
10 أغسطس/آب 2016، تم مداهمة برنامج شبابي بمناسبة اليوم العالمي للشباب واعتقال 67 من أطفال ونساء ورجال وتبعها اعتقال أشخاص آخرين من البهائيين ومداهمة منازلهم والاستيلاء على وثائقهم الشخصية من جوازات وأوراق ثبوتية أخرى غير العديد من بصائر أراضي شخصية وأجهزة إلكترونية شخصية وتلفونات شخصية وأيضاً قاموا بمهاجمة المؤسسات التنموية وإغلاقها والاستيلاء على كل محتويات مؤسسة التميز.
 
أبريل/نيسان 2017، الاستمرار في حملة جديدة من الأمن القومي يضاف إليها الأداة القمعية للجهاز ألا وهي النيابة الجزائية في متابعة البهائيين والتسبب في الخوف للنساء والأطفال وتشريد عائلات من منازلها، والتسبب في فقدان بعض الأشخاص لأعمالهم والتي كانت نتيجته اعتقال سبعة من البهائيين منذ أبريل/نيسان وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2017، وبهذا يصير عدد المعتقلين البهائيين من قبل سلطات صنعاء حتى الآن ثمانية من البهائيين.
 
* ما الذي قدمته المنظمات الدولية للبهائيين في اليمن؟
 
** منذ بداية حملة الاضطهاد المنظمة والتي تتبعها سلطات صنعاء ضد البهائيين والمنظمات الدولية تتابع قضية البهائيين عن قرب ومنها: منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، وغيرها من المنظمات المختلفة، وقد قيدت كل التقارير حول الانتهاكات المرتكبة من قبل السلطات ضد الأقلية البهائية في اليمن، وهناك بعض المنظمات طالبت بشكل واضح وصريح إطلاق سراح البهائيين من سجون سلطات صنعاء والكف عن مطاردتهم بسبب دينهم ومعتقدهم.
 
* لماذا الحرب على البهائيين الآن بالذات؟
 
** كما ذكرت لكم سابقاُ بأنه وللأسف فإن جهاز الأمن القومي صار ينتهج بأوامر من إيران لمتابعة البهائيين في اليمن وهم استغلوا حالة الفوضى الحاصلة في اليمن في الفترة الأخيرة وعن طرق أشخاص يدينون بالولاء الكامل لهم بدأت حملة منظمة لاضطهاد البهائيين في اليمن.
 
* ما الذي تريده جماعة الحوثي من البهائيين؟

** يريدون أن ننكر ديننا وأن لا نتحلى بمكارم الأخلاق والدعوة إلى السلام والتي تعتبر من الأحكام الرئيسية في الدين البهائي أو يكون مصيرنا السجن وتلفيق التهم المستهلكة من عملاء وغيرها لنا.
 
* ما علاقة إيران بمحاربة الدين البهائي؟
 
** الدين البهائي ظهر وانتشر في إيران ومنه انتشر إلى كل بقاع العالم ومنها اليمن السعيد كما ذكرنا سابقاً، ولكن حكومة إيران لم يعجبها هذ الانتشار واتخذت سياسة لمحاربة البهائيين داخل إيران، مثل حرمانهم من الدراسة الجامعية، وطردهم ومضايقتهم في أعمالهم، وبعد ذلك بدأت إيران تصدر هذة الأفكار إلى الدول والأفراد الذين يدينون بالولاء لها.
 
* ما نوعية المضايقات والانتهاكات التي يتعرض لها البهائيون في اليمن؟
 
كما ذكرنا سابقاً فقد قامت سلطات صنعاء (مليشيات الحوثي) بملاحقتنا بشتى أنواع المضايقات من ترويع النساء والأطفال وملاحقتهم والضغط بالإجبار على بعض البهائيين بالتوقيع على تعهدات تحرمهم من ممارسة الفعاليات الثقافية البهائية، يريدون منا أن نتوقف عن خدمة مجتمعنا.
 
* من المسؤول عن تعرضكم لهذه الانتهاكات؟
 
المسؤول المباشر في اليمن هو جهاز الأمن القومي ومن خلفه كل بصمات إيران، ولكن ولأن نكون منصفين هناك الكثير من القيادات الشريفة ومنها من جماعة الحوثي، هم غير راضين بالذي يحصل، ولكن للأسف لم نرَ أي تفاعل على أرض الواقع.
 
* كيف يتصرف البهائيون بصنعاء تجاه ما تمارسه جماعة الحوثي من انتهاكات؟
 
** نعيش نحن وعائلاتنا في تخوف من المستقبل المجهول، لأن الذي هو حاصل اليوم ليس من عمل أفراد، بل هو سياسة عامة منظمة تتخذها سلطات صنعاء لمحاربة أحد المكونات الأساسية في المجتمع اليمني.
 
لهذا نتمنى من الكل التدخل بشكل عملي لوقف الاضطهاد المنظم الحاصل من جهاز الأمن القومي، نطالب كل الناشطين والحقوقيين والمنظمات والعقلاء في سلطات صنعاء (جماعة الحوثي) بأن يوقفوا هذه المهزلة الحاصلة.
 
* ما دور البهائيين في بقية دول العالم مما يتعرض له البهائيون في اليمن؟
 
** أي مجتمع أساسه الإنسان ولهذا فإن أتباع الجماعة البهائية في كل أنحاء العالم حزينون من كل هذ الظلم الحاصل للبهائيين في اليمن وليس لأي سبب غير اعتناقهم للدين البهائي وتطبيقهم لأهم مبادئه ألا وهو خدمة المجتمع.
 
* من خلال ردود الأفعال كيف تقيمون تفاعل المنظمات المحلية مع قضيتكم؟
 
** هناك الكثير من المنظمات المحلية الحقوقية والناشطين الذين وقفوا معنا في قضيتنا، لأنهم على دراية بأن هذه القضية تمثل قضية حرية التعايش مع الآخرين في اليمن، ومن هذه المنظمات "مواطنة" ولهذا نحن نثمن كل الجهود التي بذلت ولا زالت تبذل في سبيل إطلاق سراح كل البهائيين المعتقلين قسراً في سجون سلطات صنعاء.
 
* ممكن توضح لنا ما هي الجهود التي قدمتها لكم المنظمات الدولية؟
 
** قامت المنظمات الدولية بالتفاعل مع قضة البهائيين في اليمن، بسبب إيمانهم المطلق بأن الاضطهاد الحاصل ضد البهائيين هو بسبب معتقدهم، ولهذا قاموا بالتواصل مع سلطات صنعاء لأكثر من مرة ورفع قضية البهائيين إلى أعلى المجالس الحقوقية، وكان آخرها القرار الصادر من مجلس حقوق الإنسان في دورته الأخيرة رقم 36.
 
* لماذا يماطل الحوثيون في الإفراج عن المختطفين خصوصاً بعد ضغوطات الأمم المتحدة بالإفراج عن كل المعتقلين؟
 
** سلطات صنعاء (جماعة الحوثي) وخصوصاً جهاز الأمن القومي لا زال مستمرا في تعنته بعدم السماع للمنظمات المحلية أو الدولية في موضوع إطلاق سراح البهائيين.


التعليقات