ألفت الدبعي في حوار مع "الموقع بوست": مكونات الشرعية خدمت الانقلاب أكثر من أي طرف آخر
- حوار - فخر العزب الاربعاء, 08 نوفمبر, 2017 - 11:32 مساءً
ألفت الدبعي في حوار مع

[ ألفت الدبعي ]

تقول الدكتورة ألفت الدبعي أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة تعز وعضو لجنة صياغة الدستور إن الاحزاب اليمنية ظلت تحمل الكثير من عقد مرحلة الصراع مع نظام صالح، وهذه العقد ظلت حاضرة أثناء الممارسة الميدانية لواقع المقاومة في مرحلة ما بعد الثورة والانقلاب، وهو ما أدى إلى إضعاف دورها كقوى فاعلة في إنتاج الفعل النضالي والسياسي  الموحد الذي يؤدي إلى هزيمة مشاريع الانقلاب.
 
في هذا الحوار مع "الموقع بوست" تحدثت الدبعي عن مؤتمر الحوار الوطني باعتباره المخرج الانسب لما تعانيه اليمن اليوم، ولما يعانيه ايضا اليمنيون.
 
في مضامين الحوار أفكار كثيرة طرحتها الدبعي وتحدثت عنها..

 
* هل الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني كانت السبب الفعلي للحرب أم أن القضية أكبر من ذلك؟
 
** الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني والعملية السياسية  وما تلى ذلك  من تداعيات كالاعتداء على منزل الرئيس هادي واجتياح المحافظات كان هو المدخل الرئيسي لهذه الحرب.
 
لكن بشكل عام هذه الحرب هي ضمن مشروع أكبر بكثير كان  يراد له على مستوى اليمن ودول الخليج وارتبط بإعادة تموضع مصالح بعض الدول.
 
* هل لا تزال مخرجات الحوار صالحه للبناء عليها؟ أم أن الحرب أفرزت مستجدات ومتغيرات جديدة على الأرض بما يستدعي حوارا جديدا كي نعود على الأقل إلى المرحلة التي تمخضت عنها مخرجات الحوار؟
 
** مخرجات الحوار بصورتها التي جرت  مثلت العقل الجمعي اليمني في مشهد تاريخي لم تشهده اليمن من قبل، ومن يتحدث قائلا أن واقع الحرب تجاوز مخرجات الحوار وأصبحت من الماضي فهو يريد اليمن تظل في دائرة الصراع ولا تخرج منها وهو الأمر الذي حتما سيؤدي إلى إفراز مستبد واستبداد جديد.
 
أما في حالة التأكيد على مخرجات الحوار الوطني كقاعدة مرجعية للانطلاق في معالجة المشهد، فإننا نكون بذلك ضمنا تضييق دائرة الصراع والتركيز على دائرة إنتاج الحلول وفق هذه المرجعية التي ملزم بتنفيذها جميع الأطراف الذين وقعوا عليها بما يجعلها إطار الاحتكام وتضمن قطع الخط على أي طرف يريد إعادة نمط الاستبداد من جديد.
 
والتأكيد على أن مخرجات الحوار يجب أن تكون أساس لإنتاج الحلول أو البناء لا يعني أبدا عدم مراعاة واقع الحرب وما أفرزته من متغيرات جديدة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار بشرط أن تكون قاعدة التعامل هي الإضافة على مخرجات الحوار وليس الانتقاص منها .
 
* هناك وزير خاص بتطبيق مخرجات الحوار الوطني هل هناك دور لهذا الوزير في سبيل التوعية بمخرجات الحوار وهل هناك مهام محددة نستطيع من خلالها تقييم أداءه؟
 
** أنا لا أعرف حتى الآن ما هو طبيعة عمل هذه الوزارة المحدد في لوائحها  وأنظمتها وقرار إنشاءها، ولكن من اسم الوزير ( وزير مخرجات الحوار الوطني) يتوقع أن هذه الوزارة يكون من مهامها أن تكون العين الحارسة لمدى التزام مؤسسة الرئاسة والحكومة وجميع مؤسسات  السلطة التنفيذية والقرارات الناتجة عنها بهذه المرجعية، كما أنه كان ينبغي أن يكون صوت هذه الوزارة هو أعلى صوت لتقييم الأداء في الواقع والممارسة بما يعمل على خلق وعي رقابي ضاغط باتجاه بناء جميع المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بحيث تستمد ممارستها وقواعدها من هذه المرجعية بما يساعد على إنتاج آليات تنفيذية جديدة تقود التغيير بشكله الصحيح، وخاصة في المناطق التي تحررت، ولكن للأسف نجد هذه الوزارة تكتفي بعمل دور توعوي ويكاد يقتصر على محافظة واحدة فقط وهي عدن  وكأنها منظمة من منظمات المجتمع المدني.
 
وقد يكون ذلك مرتبط بطبيعة مرحلة الحرب وظروفها والموازنة المرصودة لهذه الوزارة ومدى الدعم المقدم لها ولكن هذا لا يعفيها في متابعتها  لمدى التزام الحكومة  الشرعية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
 
* ما الذي يجب القيام به برأيك من أجل ترسيخ الثقافة المجتمعية بمخرجات الحوار الوطني؟
 
** في تصوري سنكون بحاجة إلى هذه الأدوار الرئيسية، أولا دور تقوم به مؤسسة الرئاسة والحكومة الشرعية ومؤسساتها التنفيذية في تقديم نموذج عملي لأدائها  يلتزم بمخرجات الحوار الوطني كمشروع وطني في جميع قراراتها ومواقفها ومشاريعها، ثانيا دور تقوم به الأحزاب السياسية والتي عليها أن توقف برامجها الخاصة وتعمل على برنامج مشترك يتمثل بالضغط على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ويكون هذا مشروع الأحزاب الوحيد حتى اكتمال أسس الدولة الاتحادية الحديثة.
 
ثالثا دور لمنظمات المجتمع المدني والتي يجب أن تنطلق برامجها ومشاريعها من مضامين الوثيقة بما يساعد على تأهيل المجتمع وكافة فئاته ومؤسساته بالإضافة إلى دورها الرقابي في مدى التزام مؤسسات الدولة بمضامين هذه الوثيقة.
 
رابعا دور وسائل الإعلام والمنابر الدينية الممثلة بالمساجد، والتي ينبغي أن يكون لها دور محوري في التوعية والإرشاد بالمضامين الإيمانية الداعمة للتوافق الوطني المتمثل بوثيقة المخرجات.
 
* على ذكر دور السياسي، كيف يمكن للسياسي اليمني العمل على إيقاف هذه الحرب التي دمرت اليمن ولا تزال؟
 
** أولا علينا أن نعرف أن هذه الحرب لن تقف إلا إذا تضرر القادة الذين تسببوا بهذه الحرب أو حدث كسر عسكري لهم يجبرهم  على الخضوع للتسوية السياسية، ولعل أبرز دور  للسياسي اليمني هو أن يصر على مرجعيات هذه المرحلة الثلاث للخروج بتسوية عادلة لكل اليمنين.
 
* هل يمكن الدخول بتسوية جديدة بمشاركة الانقلابيين أم أن الشعب لا يلدغ من تسوية مرتين؟
 
** رغم أني أميل إلى الحلول السلمية والسياسية، ولكن المتتبع لسياق هذه الحرب يدرك أنه لا قيمة لأي تسوية سياسية إذا لم يتم إحداث انكسار لغرور واستعلاء قادة الحرب.
 
وبالنسبة للقبول بأي تسوية معهم فلا مشكلة فيها إذا ما كانت على قاعدة المرجعيات الثلاث وسيتم الانسحاب من المحافظات وعودة الشرعية إلى صنعاء، وخروج اللاعبين الرئيسين في هذه الحرب من المشهد السياسي والإداري لليمن خروجا نهائيا، وبما أن وثيقة مخرجات الحوار هي أهم المرجعيات فقد ضمنت لنا آليات تنفيذية لمضامين المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والتي ستكون الضامن الوحيد في حالة البدء بتنفيذها بعد التسوية السياسية للانتقال من المصالحة السياسية بين أطراف الصراع إلى المصالحة الوطنية، التي تتعدى التسويات السياسية إلى إحداث تسوية على مستوى المجتمع لجميع المواطنين المتضررين من انتهاكات حقوق الإنسان سواء ما كان قبل هذه الحرب أو ما نتج عنها.
 
* هناك فراغ دستوري يتمثل اليوم بعدم انعقاد البرلمان هل تعتقدي  أن عدم انعقاد البرلمان زاد من هشاشة الشرعية وتحديدا شرعية الرئيس هادي؟
 
** مجلس النواب الحالي مقيد بالمبادرة الخليجية، والتي كان أهم نصوصها بأن يعمل وفق آلية التوافق، وبعد الانقلاب طبيعي عدم أهمية اجتماعه وخاصة أن من بقى فيه أغلبهم  ممثلين لصالح ومدافعين عنه، ولذلك غيابه  وتغييب دوره أفضل لأن أغلبه داعم للانقلاب على الشرعية والمخرجات.
 
* ما تقييمك لأداء الشرعية في سبيل استعادة الدولة والقضاء على الانقلاب؟
 
** أختصر تقيمي لها بهذه العبارة "لا يوجد أحد خدم الانقلاب بسبب أدائه وضعف توحد مكوناته كما فعلت مكونات الشرعية" وهناك محاولات كبيرة لمعالجة هذا الأمر وبمجرد تحقيق ذلك سوف تنقلب المعادلة لصالح الشرعية.
 
* ما تقييمك لدور الأحزاب السياسية المؤيدة للشرعية؟ وما الدور الذي يجب عليها أن تلعبه؟
 
** رغم أن الأحزاب السياسة لعبت دورا إيجابيا مع شباب الثورة في إسقاط رمز النظام وإدارة معركة المقاومة ضد الانقلاب، ولكن في تصوري أن هناك مشكلة تعاني منها الأحزاب السياسية اليمنية، وهي أنها ظلت تحمل الكثير من عقد مرحلة الصراع مع نظام صالح، وهذه العقد ظلت حاضرة أثناء الممارسة الميدانية لواقع المقاومة وهو ما كان أيضا في واقع ما بعد الثورة، مما أدى إلى إضعاف دورها كقوى فاعلة في إنتاج الفعل النضالي والسياسي  الموحد الذي يؤدي إلى هزيمة مشاريع الانقلاب، ولعل ما يحدث من تفاعل وصراع حالي بينها ستكون  فاعليته وإيجابياته بمدى اقتراب هذه الأحزاب أو ابتعادها من الالتزام بوثيقة التغيير التي وقعوا عليها والتي متى ما التزموا بها كسلوك فعلي وعملي في الأداء السياسي وبناء مؤسسات الدولة  فإن هذه الأحزاب سوف تحرر نفسها وتحرر المجتمع من البقاء في دائرة الصراع والانطلاق إلى دائرة البناء وهو الذي من خلال متابعتي لتطور أداء الأحزاب في الميدان كل يوم يقتربون من هذا المشهد.
 
* ما هي قراءتك لظهور جماعات ومكونات  جديدة من رحم الحرب إلى المشهد السياسي اليمني؟
 
** دائما ما تنتج الحروب فاعلين جدد تقفز بهم إلى المشهد السياسي يمثلون جماعات أو مكونات جديدة، ولدينا مثلا كانت أبرز المكونات الفاعلة في المشهد اليمني قد تم تمثيلها في مؤتمر الحوار الوطني، وبسبب إشعال الحرب بسبب الانقلاب أفرز المشهد اليمني مثلا جماعات جديدة من  السلفيين، لعبت دورا فاعلا وقويا في محاربة الانقلاب، بالإضافة إلى مجموعات من الحراك التي تشكلت عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، وما تم من تشكيل لمؤتمر حضرموت الجامع وتحالف القوى والمكونات السياسية في تعز والتي ضمت مكونات جديدة إلى جانب الأحزاب المعروفة.
 
باختصار شديد أقول إذا قامت هذه الجماعات والمكونات بإعلان  أن مشاركتها في الحياة السياسية في اليمن سيكون من خلال اعتمادها وثيقة الحوار الوطني فلن يكون هناك أي مشكلة في اعتبارهم لاعبين رئيسين في دعم الشرعية في عملية استعادة الدولة، وإنهاء مظاهر الانقلاب وقيادة الدولة الاتحادية، وعبر مشاركتهم في أي تسوية قادمة، لكن المشكلة التي يواجهها المجتمع اليمني حاليا هو محاولة هذه المكونات العمل خارج إطار هذه المرجعية مما يؤدي إلى بقاء دائرة الصراع وتوظيفها  لصالح دول أو جهات ما.
 
* سؤال أخير،، وفقا لقراءة الواقع وفي ظل المتغيرات في الداخل والخارج إلى أين تسير اليمن اليوم؟
 
** اليمن تسير إلى تأسيس دولة اتحادية يمنية حديثة بمرجعية مخرجات الحوار الوطني، ولن يستطيع أحد أن يوقف هذا المسار، ولن يكون هناك مجال أمام دول الخليج والعالم إلا دعم هذا المسار الذي توافقت عليه أغلب المكونات اليمنية.
 


التعليقات