"الإرهاب" و إضعاف الدولة ومؤسساتها في اليمن.. من يغذي الآخر؟
- خاص الخميس, 09 نوفمبر, 2017 - 06:59 مساءً

[ اقتحام مبنى البحث الجنائي مثل الجريمة الاكبر للارهاب ]

ارتفعت حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف، صباح الأحد الماضي، إدارة البحث الجنائي بالعاصمة المؤقتة عدن، إلى 46 شهيداً  و 47 جريحاً بحسب الموقع الرسمي لوزارة الداخلية اليمنية.
 
العملية الذي تبناها تنظيم (داعش) و استهدفت بوابة وحراسة البحث الجنائي بسيارة مفخخة أعقبه اقتحام المبنى من قبل المهاجمين بينهم أربعة يرتدون أحزمة ناسفة فجّروا أنفسهم خلال قيام قوات الأمن بتطهير المبنى بعد معركة استمرت(14) ساعة.
 
ويعد هجوم الأحد الأكثر دموية من بين العمليات التي تبناها تنظيم (داعش) في جنوب اليمن منذ إطلاق قوات الحزام الأمني المدعوم من الإمارات حملة عسكرية لمحاربة تنظيم القاعدة في محافظات أبين وشبوة في أغسطس من العام الجاري.
 
يثير الهجوم الأخير العديد من التساؤلات حول جدوى الحملة العسكرية التي تمولها الإمارات وقدرتها على انهاء خطر تنظيمي (القاعدة) و (داعش) بشكل فعلي يبدد مخاوف واشنطن من عودة نشاط أكبر فرع للقاعدة في العالم، حيث دائما ما ينسحب أنصار القاعدة من المدن إلى الجبال والمناطق الوعرة بعد كل حملة عسكرية لمواجهتهم والاعتماد على استراتيجية (الذئب المنفرد).
 
عرقلة توحيد الأمن
 
وعن مدى خطورة عدم إخضاع جميع الوحدات الأمنية تحت غرفة عمليات موحدة تتبع وزارة الداخلية فإنه بات من اللافت استفادة التنظيمات الارهابية من حالة الفوضى و غياب التنسيق بين الوحدات الأمنية، لإحداث اختراق أمني وتوجيه ضربات لإثبات وجودها، و قدرتها على الوصول إلى العمق، حيث تواجه دولة الإمارات التي تحكم سيطرتها على مدن جنوب اليمن اتهامات بعرقلة قرار للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي منتصف فبراير الماضي قضى بتشكيل وتفعيل غرفة عمليات مشتركة تابعة لوزارة الداخلية في العاصمة المؤقتة عدن وإخضاع قوات الحزام الأمني الموالي لها لوزارة الداخلية.
 
وفي تقريره الجديد حذر مركز التهديدات الحرجة التابع لمعهد المشاريع الأمريكية من خطورة نزعة الانفصال التي قال بإنها تهدد شرعية الرئيس وتؤثر سلبا على جهود مكافحة الإرهاب.
 
 و أوضح التقرير بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لايزال يواصل حملته الهجومية في جنوب وشرق اليمن رغم تجدد حملة مكافحة الإرهاب التي تدعمها الإمارات والتي بدأت في أغسطس/آب، واستمر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في حملة عبوات ناسفة محلية الصنع لاستعادة البيئة المتساهلة في محافظة أبين جنوبي اليمن.
 
مشيرا بأن الاستياء المتزايد بين قبائل أبين تجاه قوات الحزام المدعومة من الإمارات يزيد من احتمال أن تكون المكاسب التي تحققها قوات الأمن مؤقتة.
 
توسع القاعدة
 
يعزز ذلك احصائية نشرتها مجلة الحروب الطويلة المتخصصة في الإعلام العسكري كشفت خلالها عن ارتفاع عدد الضربات التي شنها الجيش الأمريكي على مواقع للقاعدة وداعش في اليمن خلال العام 2017 قياسا بالأعوام الماضية.
 
وذكرت في تقرير لها على موقعها في الإنترنت -ترجمه "الموقع بوست"- أن الجيش الأمريكي كثف عملياته ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ بداية عام 2017م، حيث شنت الولايات المتحدة أكثر من (100) ضربة ضد القاعدة في جزيرة العرب وثلاث ضد الدولة الإسلامية.
 
وكشفت المجلة أن الجيش الأمريكي نفذ في العام 2016م "44 غارة جوية"، بينما وصل عدد الغارات في عامي 2015م و2014م إلى 46 غارة (23 غارة في العام).
 
كما نفذ الجيش 26 غارة في العام 2013م، و42 غارة في العام 2012م، وعشر غارات في العام 2011م، وأربع غارات في العام 2010م.
 
وبالنظر إلى تزايد عدد الضربات الجوية فإنه يعكس بالضرورة تزايد نشاط التنظيمات الإرهابية مستغلة ضعف الحكومة الشرعية بعد انقلاب الحوثيين في صنعاء، ودعم دولة الإمارات لمجلس انتقالي في عدن والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، و ينازعها صلاحياتها وعمل على تقويض نفوذها واضعاف أداءها بل والتحريض على إسقاطها وتثوير الشارع ضدها.
 
ورقة للابتزاز السياسي
 
وسبق لمسئولين في البيت الأبيض اتهام أبوظبي بتضليل أمريكا بوجود زعيم تنظيم القاعدة  في شبه الجزيرة العربية، في منطقة "يكلا" بالبيضاء، مما قاد واشنطن إلى تنفيذ عملية هجومية أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين ومقتل جندي أمريكي.
 
وقالت شبكة "إن بي سي" الإخبارية نقلا عن مسؤولين في البيت الأبيض، في تقرير لها، نشره موقع ،" purposeTask &"وهو موقع يهتم بنشر أخبار الجيش الأمريكي وقدامى المحاربين "، إن الإمارات قدمت معلومة تشير إلى أن أحد الإرهابيين المطلوبين في العالم، (قاسم الريمي)، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، متواجد في(منطقة يكلا) في محافظة البيضاء وسط اليمن. وأنه شوهد هناك من قبل".
 
وأشارت الشبكة إلى أن "الريمي" لم يكن في الموقع ، وأن الهجوم أسفر عن مقتل  14 مقاتلا من القاعدة في شبه الجزيرة العربية. كما أسفرت الغارة عن مقتل (أوينز) وإصابة خمسة آخرين من أفراد الخدمة، ووفاة ما لا يقل عن (16) مواطنا يمنيا، كان (10) منهم دون سن (13) عاما".
 
وفي أواخر يناير من العام الجاري هاجمت طائرات  أمريكية دون طيار منطقة "يكلا" في محافظة البيضاء وسط اليمن، وهبطت طائرات هليكوبتر تحمل عناصر من الكوماندوز في المنطقة عقب الغارة الجوية التي استهدفت عددا من المنازل في القرية.
 
قلق واشنطن
 
وبحسب تقارير صحفية فإن الحكومة الأمريكية بدأت في تحديد الأعضاء الرئيسيين في شبكة تنظيم الدولة الإسلامية في اليمن.
 
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن أبو سليمان العدني هو أمير الدولة الإسلامية في اليمن، ويشغل نشوان الوالي اليافعي أكبر مسؤول مالي في المجموعة، بينما يعمل خالد المرفدي ورضوان محمد حسين علي قنان وخالد سعيد غابش العبيدي كقادة عسكريين رئيسيين، وكلهم ينتمون إلى محافظتي لحج وأبين الجنوبيتين.
 
تحرك واشنطن الأخير في تحديد أعضاء (داعش) اليمنية يعكس قلقا وعدم ثقة ربما بشركائها المعلنين في حربها ضد الإرهاب في اليمن.
 
تدرك واشنطن قوة تنظيم القاعدة في اليمن أكثر من حلفاءها في المنطقة، لذا فهي تكتفي بالضربات الجوية دون التدخل المباشر بعد موقعة (يكلأ).
 
لكن مالا تدركه ربما أن حلفاءها ووكلاءهم المحليين في اليمن يستخدموا ورقة مكافحة الإرهاب للابتزاز السياسي، وتصفية الحسابات، والتضييق على الخصوم باتهامهم بالإرهاب، بما فيهم شركاء حقيقيون في الحرب ضد الانقلاب واستعادة الدولة مثل (حزب الإصلاح) وهو يجعل (الحرب ضد الإرهاب) ونتائجها بحاجة إلى دليل واقعي وملموس ويشكك في جدية ونوايا الحملة ضد الإرهاب.
 
كما يتطلب دعما حقيقيا لمؤسسات الدولة والاعتماد عليها كشريك أصيل في مواجهة التنظيمات المتطرفة وعدم الاعتماد على مليشيات محلية في مكافحة الإرهاب، للحيلولة دون انهيار الأوضاع وانزلاقها نحو مراحل الفوضى التي تمهد لعودة نشاط التنظيمات الإرهابية بقوة وأولها غياب الدولة ومؤسساتها أو إضعافها.


التعليقات