ما الذي يمكن أن يفعله حزب الإصلاح بعد لقاء المحمدين؟
- عامر الدميني الثلاثاء, 19 ديسمبر, 2017 - 09:55 مساءً
ما الذي يمكن أن يفعله حزب الإصلاح بعد لقاء المحمدين؟

[ وليا عهد السعودية وأبوظبي خلال لقاء بقيادة حزب الإصلاح ]

يعود حزب التجمع اليمني للإصلاح من جديد إلى واجهة الأحداث المرتبطة باليمن بعد عقده لقاء ضم قيادات الحزب بولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان وولي عهد الإمارات محمد بن زايد.
 
كان حزب الإصلاح من أوائل الأحزاب السياسية اليمنية التي أعلنت تأييدها للعملية العسكرية التي قادها التحالف العربي في اليمن وعٌرفت باسم عاصفة الحزم العسكرية، والتي استهدفت كلا من مليشيا الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد انقلابهما على الشرعية في اليمن أواخر سبتمبر/أيلول من العام 2014م.
 
لعب الحزب بعدها دورا محوريا في الصعيد السياسي والعسكري ضمن التحالف العربي، حيث انخرط في المعارك الميدانية بمختلف الجبهات إلى جانب التحالف العربي، فيما واصل أيضا تحالفه السياسي مع التحالف عبر وجوده في الحكومة الشرعية وتأييده للتحالف العربي في مجمل المحطات التي حدثت منذ عاصفة الحزم مارس/آذار 2015م.
 
وبعد مرور أقل من عام على العمليات العسكرية تعرض حزب الإصلاح لهجمات وحملات إعلامية متواصلة خاصة من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة، ووصلت حد اتهامه بعرقلة الحسم العسكري في اليمن، والتحالف مع المليشيا الانقلابية خصوصا مليشيا الحوثي.
 
ظل حزب الإصلاح في قفص الاتهام بعرقلة الانتصار على الطرف الانقلابي، ودفع جراء ذلك ثمنا كبيرا من سمعته السياسية، جراء التحريض الذي طاله رغم ما قدمه من تضحيات ميدانية والتي ظلت مكتوبة بقلم رصاص لدى التحالف العربي.
 
اقرأ أيضا: حزب الإصلاح والسعودية .. تاريخ من علاقات تحكمها المصلحة وتحركها السياسة
 
التزمت قيادة الحزب الصمت تجاه كل ما يقال عن الحزب، والاتهامات المختلفة التي وجهت له على مدى العامين الماضيين، وظلت في نفس الوقت مرتبطة بالتحالف العربي.
 
وجاء لقاء ولي العهد السعودي بقيادة حزب الإصلاح في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ليفتح صفحة جديدة في العلاقة بين السعودية والحزب، والتي طالها الفتور رغم تواجد قيادة الإصلاح داخل المملكة، منذ مغادرتها اليمن مطلع العام 2015م.
 
تقول مصادر إصلاحية مقربة إن اللقاء كان بتنسيق الاستخبارات السعودية في المملكة، والتي طلبت من قيادة الإصلاح أن تعرض على ولي العهد السعودي إمكانية التنسيق بينها وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه للقضاء على المليشيا الحوثية في صنعاء، كجزء من تحالف قادم في اليمن، يخرج البلاد من أتون الحرب التي تشهدها منذ ثلاث سنوات.
 
لم تذكر المصادر إن كانت قيادة الإصلاح قد عرضت هذا المقترح أم لا، ولكن القيادة الإصلاحية خرجت بتأكيد أن اللقاء كان مثمرا وإيجابيا.
 
بعد ثلاثة أسابيع من ذلك اللقاء اندلعت الأحداث في العاصمة صنعاء بين أنصار الرئيس السابق وجماعة الحوثي، والتي ظهر فيها صالح مؤيدا للتحالف العربي، ومطالبا بالانتفاض على الحوثيين، وهي الرسالة التي لقيت صدى سريعا بإعلان الشرعية اليمنية دعمها لصالح في انتفاضته، والتي يمثل حزب الإصلاح أحد ركائزها.
 
انتهت تلك الأحداث بمقتل صالح في الرابع من ديسمبر وإعلان مليشيا الحوثي حربا مفتوحة على حزب المؤتمر وتركته بأطرافها الثلاث العسكري والقبلي والسياسي، وكان ذلك إيذانا بتدشين مرحلة جديدة للحوثيين أنفسهم ولخصومهم داخل وخارج اليمن.
 
مرحلة ما بعد صالح
 
كانت إحدى تداعيات رحيل صالح هي الضرورة التي فرضت نفسها في كيفية خلق خريطة جديدة للواقع في اليمن، من شأنها محاصرة الحوثيين وهزيمتهم، وانتصار الشرعية، ومن ورائها التحالف العربي.
 
ومثل رحيل صالح خسارة لدى من كانوا يراهنون عليه في صناعة واقع جديد وفقا لتصوراتهم للمستقبل في اليمن، وأدت تلك الخسارة إلى التفكير بأسلوب جديد، ومحاولة ترتيب الأوراق للاتجاه نحو مستقبل لا تزال ملامحه غير واضحة.
 
وجاء لقاء قيادة حزب الإصلاح بولي العهد السعودي والإماراتي في وقت واحد عقب رحيل صالح ضمن هذه المساعي، وهو انفتاح لا زال محفوف بالمحاذير رغم ترحيب الجانبين، والتهدئة الإعلامية التي أعقبت اللقاء.
 
اقرأ أيضا: ما هي أسباب الخطاب العدائي لمختلف الأطراف ضد حزب الإصلاح؟
 
بالتأكيد كان جلوس القادة الإصلاحيين مع ولي العهد الإماراتي أمرا مفاجئا، فلم يكن متوقعا أن يلتقيا في ظل توجه الإمارات نحو قمع ومعاداة الأحزاب الإسلامية، خاصة تلك التي لها دور في الربيع العربي.
 
قيادة الإصلاح أعلنت عقب اللقاء أن هذه التحركات تأتي لخدمة الشرعية اليمنية، وتوحيد الجهود لهزيمة المشروع الحوثي، ودعما لجهود التحالف العربي، مؤكدة أن اللقاء لا يميز الإصلاح عن غيره، بقدر ما يكون لماً للصف وتعزيز لوحدته.
 
فما الذي يمكن أن يقدمه الإصلاح؟
 
يتمتع الإصلاح بكتلة جماهيرية، وتواجد شعبي، وخبرة سياسية، وتجارب لإدارة الصراع منذ فترة مبكرة، كما أنه استطاع الحفاظ على نفسه من التآكل رغم الضربات العنيفة التي تلقاها.
 
كل هذه الامتيازات تجعل الإصلاح قادرا على لعب دور محوري في صعيدين، الأول في الصعيد العسكري من خلال المواجهات القائمة مع مليشيا الحوثي، والثاني في الصعيد السياسي، المتمثل في إقامة تحالفات سياسية من شأنها أن تؤدي لجلب جميع القوى السياسية اليمنية وتوحدها لإعلان موقفا موحدا من المليشيا الحوثية، خاصة بعد الضربة التي تلقاها حزب المؤتمر الشعبي العام، وفرار قادته إلى خارج اليمن.
 
المخزون البشري للإصلاح يبدو أيضا مهما في الحالة الراهنة التي تستدعي حضوره بشكل أكبر، وسيكون تواجده في مختلف محافظات اليمن تأثيرا كبيرا في الدفع بعجلة الأحداث نحو الأمام، بما ينعكس إيجابا على البلاد بشكل عام.
 
تنشيط التحالف السياسي سيكون له تأثيره خاصة إذا ما كان قائما على الثقة، وليس ضروريات المرحلة، ومتطلباتها، بما يفضي نحو خلق بيئة آمنة سياسيا تنتصر للمشروع الوطني، فحزب الإصلاح أثبت خلال العقود الماضية أن تحالفاته السياسية كانت آمنة، وانتهت بعيدا عن النزعة الانتقامية، التي تحل في حال فقدان المصلحة، كما هو الحال بالنسبة لمليشيا الحوثي والرئيس السابق صالح.
 
ومن شأن خلق تحالفات جديدة مع حزب الإصلاح خلق انطباع إيجابي عن التحالف العربي بأنه فعلا يتطلع لتدخل جاد في اليمن، وليس رغبة في تدشين معارك جانبية تحقق أهدافه، أكثر مما تحقق تطلعات ورغبة اليمنيين.
 
المخاوف
 
يأتي الانفتاح على حزب الإصلاح في مرحلة توصف بأنها اضطرارية من قبل التحالف العربي، كما تأتي عقب تحييد الحزب بشكل كبير خلال السابق، واتهام الحزب بالوقوف حائلا دون تحقيق نصر عسكري ميداني كما كان الحال بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
 
وهنا تثار العديد من التساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يلعبه حزب الإصلاح في قادم الأيام، وهل الانفتاح عليه يأتي كحتمية فرضتها التطورات خصوصا رحيل صالح، أم أن ذلك سيكون استراتيجي بعيد المدى؟
 
ومع الضربة الموجعة التي تلقاها حزب المؤتمر من الحوثيين تظهر الحاجة الماسة لإعادة إحياء الحزب، ووضعه في مسار جديد عبر التحالفات الجديدة، والتي قد يكون الإصلاح أحد أطرافها، لكن هل مثل هذه الخطوات ستمنح الثقة والاطمئنان للحزب كي ينخرط فيها، أم أنها ستكون مرحلية، وكرت مستخدم بحلة جديدة، كما عبر الرئيس السابق علي عبدالله صالح وهو يصف تحالفاته مع الإصلاحيين نهاية التسعينات من القرن الماضي.
 
لا يبدو الانفتاح مع حزب الإصلاح مفيدا ما لم يتحول إلى مواقف على الأرض من جانب كل من السعودية والإمارات، وما لم ينعكس هذا على صعيد إزالة المواقف التي كانت محل تحفظ بسبب الإصلاح كتحرير تعز، والتقدم نحو صنعاء، وبسط نفوذ الدولة، ودعم الشرعية لتحقيق تواجدها الحقيقي داخل المحافظات المحررة.
 


التعليقات