حزب الإصلاح.. هل سيكون آخر ضحايا الاغتيالات السياسية في عهد المخلوع؟
- عبدالسلام قائد الخميس, 18 أغسطس, 2016 - 05:00 مساءً
حزب الإصلاح.. هل سيكون آخر ضحايا الاغتيالات السياسية في عهد المخلوع؟

[ تعرضت قياديان من الاصلاح للاغتيال في يوم واحد ]

تزايدت حوادث الاغتيالات الفردية التي طالت قياديين في حزب التجمع اليمني الإصلاح خلال الفترة الأخيرة، وشملت محافظات شمالية وجنوبية، بعضها تمت بشكل متزامن، كما طالت الاغتيالات بعض العلماء والدعاة المحسوبين على التيار السلفي في بعض المحافظات الجنوبية.
 
ظاهرة الاغتيالات تشكل منعطفاً خطيراً في الأعراض الناجمة عن الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، ذلك أن القيادات التي كانت مستهدفة بالاعتقال والسجن، بات يتم استهدافها بالاغتيالات، وذلك للتخلص منها نهائياً، خشية المطالبة بالإفراج عنها في حال تم حل الأزمة سلمياً، كما أن ذلك يأتي في سياق تصفية الخصوم السياسيين من قبل الانقلابيين، ولاعتقادهم أن الاغتيالات ستنجح في إضعاف أي دور سياسي لهؤلاء الخصوم مستقبلاً.
 
 الفجور في الخصومة
 
ظاهرة الاغتيالات التي تطال قيادات حزب الإصلاح تعكس حالة الفجور في الخصومة من قبل مختلف خصوم الحزب، أبرزهم المخلوع علي صالح وميليشيات الحوثيين، يأتي بعد ذلك بعض فصائل الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى فئات وأحزاب صغيرة وهامشية تعتقد أن حزب الإصلاح يشكل عقبة كبرى أمام طموحاتها السياسية ذات الصبغة المناطقية أو المذهبية، وذلك لقوته التنظيمية، وتمدده في مختلف القرى والمدن اليمنية.
 
الإشارة إلى مختلف خصوم الحزب لا يعني أنهم جميعاً متهمون بالمشاركة في حوادث الاغتيالات التي تطال قياداته التي ما زالت تقيم داخل البلاد، ذلك أن حوادث الاغتيالات تقوم بها -في العادة- أجهزة أمنية واستخباراتية تم إعدادها منذ زمن طويل للقيام بهذه المهمة في الوقت المطلوب، وتمتلك الوسائل والمعلومات والأدوات لتنفيذ مهامها البشعة.
 
أما أسباب خصومة الأطراف المذكورة لحزب الإصلاح فيمكن إيجازها كما يلي:
 
- لعب حزب الإصلاح دوراً كبيراً في المعارضة ضد نظام المخلوع علي صالح، وعمل على تنمية الوعي السياسي والحقوقي لدى عامة الشعب بالشكل الذي مهد لثورة 2011 ضد نظام علي صالح العائلي.
 
- استطاع حزب الإصلاح التمدد والانتشار حتى في المناطق التي تمثل العمق للمذهب الزيدي بأسلوب ناعم وجذاب، أسهم في تحويل كثير من أتباع المذهب الزيدي إلى المذهب الشافعي، الأمر الذي أثار قلق الزيدية المتطرفة، ويمثل وجهها البشع ميليشيات الحوثيين، وبالتالي يرى هؤلاء أن تصفية الحزب سيحافظ على مذهبهم من التلاشي التدريجي.
 
- التوجهات الوطنية والوحدوية لأعضاء وقيادات حزب الإصلاح في المحافظات الجنوبية والانتشار الواسع هناك أثار حفيظة وقلق بعض فصائل الحراك الجنوبي التي ترى أن حزب الإصلاح يشكل عقبة كبرى أمام مشروع الانفصال.
 
- الجماعات الجهادية والإرهابية يغيضها تمدد وانتشار حزب الإصلاح ووسطيته واعتداله، وترى بأن ذلك سحب البساط منها، وحرمها من مخزون بشري هائل ومتدين جذبه حزب الإصلاح وكان يمكن استثماره في أعمال العنف والإرهاب.
 
تاريخ من الاغتيالات
 
اشتهرت فترة حكم المخلوع علي صالح بحوادث الاغتيالات السياسية والإخفاء القسري منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قام بها ضباط ناصريون بعد أسابيع قليلة من توليه السلطة عام 1978 واستمرت حتى الوقت الحالي، وقد تنوعت الفئات المستهدفة بالاغتيالات بحسب الظروف ونوعية الخصوم السياسيين لنظام المخلوع صالح وعائلته.
 
بداية، طالت الاغتيالات الضباط الناصريين والقوميين وبعض المثقفين والسياسيين الناصريين والقوميين، ممن ينتمون للمناطق الوسطى، وخاصة محافظة تعز، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد المخلوع صالح بعد أسابيع قليلة من توليه السلطة، كما اشتهرت ظاهرة الاختطاف والإخفاء القسري على خلفية الانقلاب المذكور، رغم أنه تم إخماده في حينه وتصفية من قاموا به، وما زالت آثار الإخفاء القسري ذاك قائمة حتى يومنا هذا.
 
وأثناء الأزمة السياسية بين حزبي المؤتمر والاشتراكي والتي انتهت بحرب صيف 1994، انتشرت ظاهرة الاغتيالات، وطالت عدداً كبيراً من قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي، وكانت حوادث الاغتيالات هذه أحد الأسباب التي دفعت قيادات في الحزب الاشتراكي إلى إعلان الانفصال.
 
وخلال الفترة الممتدة من عام 1994 وحتى العام 2010، وهي الفترة التي استتب فيها الأمر للمخلوع علي صالح، وقعت حوادث اغتيال محدودة، طالت ضباطاً وسياسيين كان يعتقد المخلوع علي صالح أنهم يشكلون خطراً على نظامه وعلى مشروع التوريث، وكانت حوادث الاغتيالات خلال هذه المرحلة تتم عن طريق حوادث سير أو إسقاط طائرات عسكرية يتم حشد مجموعة من الضباط المستهدفين بالاغتيالات داخلها، واللافت أن الذين تم اغتيالهم خلال هذه الفترة كانوا ضمن نظام المخلوع صالح، لكنه تم اغتالهم وتصفيتهم لمجرد الشكوك في ولائهم لعلي صالح وعائلته.
 
وبعد الثورة الشعبية ضد نظام المخلوع علي صالح عام 2011، عادت ظاهرة الاغتيالات بشكل فظيع، خاصة بعد التوقيع على المبادرة الخليجية، وطالت عدداً كبيراً من الضباط الغير موالين للمخلوع علي صالح، أو المشكوك في ولائهم، بالإضافة إلى الذين أعلنوا انضمامهم إلى ثورة الشباب، أو رفضوا الأوامر بقمع المتظاهرين، كما طالت الاغتيالات عدداً من السياسيين الذين شاركوا في ثورة 2011.
 
وبعد الانقلاب على السلطة الشرعية من قبل الحوثيين، وبدعم من قبل المخلوع علي صالح، ثم بدء عملية "عاصفة الحزم"، طالت الاغتيالات قيادات وكوادر في حزب الإصلاح، على خلفية وقوفه ضد الانقلاب وحماية النظام الجمهوري، بالإضافة إلى دوره الكبير والفعال في ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية التي نجحت في الإطاحة بالمخلوع علي صالح من منصبه كرئيس للبلاد.
 
النتائج والآثار
 
من المؤكد أن الانقلابيين هم من يقف وراء الاغتيالات السياسية التي تطال قيادات وكوادر في حزب الإصلاح، فالمخلوع علي صالح يستند إلى إمكانيات دولة من أجهزة أمنية ومخابراتية تدين له بالولاء، وميليشيات الحوثيين دربت فرقاً متخصصة في الاغتيالات منذ فترة طويلة، وبعضها تم تدريبها على أيدي ضباط إيرانيين وعراقيين وعناصر ينتمون لحزب الله اللبناني، كما أنها تشارك المخلوع علي صالح في قيادة وتوجيه الأجهزة الأمنية والمخابراتية الموالية له على أسس قبلية ومناطقية ومذهبية.
 
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه الاغتيالات على حزب الإصلاح؟ وهل ستنجح في إضعافه كما نجحت في إضعاف خصوم المخلوع صالح السابقين الذين تم تصفيتهم عن طريق الاغتيالات؟.
 
الإجابة بالطبع لا، لأن البنية التنظيمية لحزب الإصلاح تختلف عن الخصوم الآخرين للمخلوع صالح، الذين هم عبارة عن نخب فقط، ولذا فعملية تصفيتهم جسدياً تؤتي ثمارها بسرعة، على العكس من حزب الإصلاح، الذي يتميز جماهيره بأنهم أكثر فاعلية وحماساً من قياداته التي يتم استهدافها بالقتل، وهذا الاستهداف بدوره يزيد من حماس جماهير الحزب، الذين ستصعد من بينهم قيادات بديلة.
 
ولعل الحشود الضخمة التي خرجت في مدينتي ذمار وعدن مؤخراً لتشييع جنازات قيادات في الحزب تم استهدافها أبلغ دليل على ذلك، ورسالة للانقلابيين مفادها أن حزب الإصلاح قوي بجماهيره وفكرته وقضيته وليس بقياداته، وكل قيادي في الحزب لا يختلف عن أي عضو آخر، وكل عضو في الحزب مؤهل ليكون في يوم ما أحد قيادات الحزب الفاعلة.
 


التعليقات