ماذا تعني قرارات هادي؟ قراءة في الوجوه و الدلالات؟ (تقرير خاص)
- خاص - عامر الدميني الإثنين, 19 سبتمبر, 2016 - 12:28 صباحاً
ماذا تعني قرارات هادي؟ قراءة في الوجوه و الدلالات؟ (تقرير خاص)

[ الرئيس هادي ]

أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي حزمة قرارات جديدة في اليمن، تضمنت تعديلات في حكومة احمد عبيد بن دغر، وتعيينات في مواقع حكومية اخرى.

وتعد هذه القرارات الاوسع والأهم في سلسلة القرارات الرئاسية التي اصدرها هادي منذ انطلاق العمليات العسكرية لاعادة الشرعية في البلاد.

توقيت صدور القرارات جاء بعد حالة من الاحباط واليأس التي اصابت صفوف اليمنيين المساندين للشرعية في الداخل والخارج، وفي ظل تعنت واضح من المليشيا في الانصياع للدعوات المتكررة للدخول في حوار ينهي الحالة القائمة في الداخل منذ عامين.

وفي النظر لطبيعة القرارات نجد انها جاءت استجابة لأمرين الاول حالة التذمر التي سادت في بعض الوزارات من اداء الوزراء المعنيون فيها، ما فرض سرعة استبدالهم، كما هو الحال في وزارتي الاعلام والاوقاف، او ملء الفراغ وعدم ترك الباب مفتوحا للمليشيا الانقلابية، كما هو الحال في وزارتي التربية والتعليم التي اسندت لعبدالله سالم لملس، ووزارة التعليم العالي المسنودة لحسين عبدالرحمن باسلامة، ووزارة الثقافة التي اسندت لمروان دماج بعد ان شغل لفترة نائب لوزير الاعلام، اضافة لوزارة السياحة التي كانت من نصيب محمد قباطي القادم من وزارة الاعلام.

وبالتالي تصبح التشكيلة الوزارية لحكومة الشرعية كاملة، وخالية من الوجوه الانقلابية.

من الزاوية الاخرى فقد دلف الى تشكيلة الحكومة وجوه جديدة اهمها وزيري التعليم السابقين اضافة الى عبدالغني جميل وزيرا للدولة امينا للعاصمة واحمد عبيد الفضلي وزيراً للمالية، وقبلها في كاك بنك، و د. أحمد زبين عطية وزيراً للأوقاف والإرشاد الديني، وعبدالرب السلامي وزيرا للدولة، ويعد قباطي ومعمر الارياني الوجهان الذان جرى تدويرهما في التشكيل الحكومي.

أما الوجوه التي غادرت فهي منصر القعيطي الذي عين رئيسا للبنك المركزي في قرار آخر، اضافة الى وزير الاوقاف الذي عين في مجلس الشورى.

ما يميز التعيينات انها جاءت من شخصيات سبق لها العمل في مجال تخصصها، وجميعها من الوجوه المناهضة للمليشيا.

التوزيع الجغرافي والسياسي

بالنسبة للتوزيع السياسي فقد استأثر حزب المؤتمر الشعبي العام بجناحه الموالي للشرعية على النصيب الاكبر من الوزارات والمواقع الحكومية، مع وجود وزراء يتبعون احزابا اخرى كحزب الاصلاح الذي ينتمي له وزير الاوقاف، والاشتراكيآآآ  والناصري.

أما من الناحية الجغرافية فقد هيمنت الشخصيات المنتمية لمحافظات الجنوب على الجزء الاكبر من تلك الوزارات والمواقع بمختلف توجهاتهم السياسية، فيما انخفضت نسبة التعيينات من المحافظات التي يهيمن عليها الانقلابيين.

بالنسبة لموقع وزير الدولة فقد حل عبدالرب السلامي المحسوب على السلفيين مكان رئيس حزب الرشاد ومستشار رئيس الجمهورية محمد العامري الذي شغل هذا المنصب لفترة، فيما لم يتضح بعد ان كان وزير الدولة هاني بن بريك قد احتفظ بمكانه، او ان السلامي قد دخل تشكيلة الحكومة ليحل في مقعده.

ترتيب المحافظات

القرارات ايضا شملت ترتيب وضع اثنتين من المحافظات، وهي الحديدة الواقعة تحت سلطة المليشيا، وشبوة التي تعد من المحافظات المحررة.

حيث تم تعين أحمد حامد لملس محافظاً لمحافظة شبوة، ومحمد صالح بن عديو وكيل أول للمحافظة، ومن شأن ترتيب الوضع في شبوة ان يؤدي الى استقرارها وتحويلها الى نقطة انطلاق نحو بقية المحافظات.

اما محافظة الحديدة فقد تم تعيين عبدالله محمد أبو الغيث محافظاً لمحافظة، و وليد محمد القديمي وكيلا أول، وتعد الترتيبات في محافظة الحديدة مقدمة لتحريرها.

البنك المركزي

بالنسبة للقرار الخاص بالبنك المركزي فيعد القرار الاقوى في سلسلة القرارات، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح، وستؤثر كثيرا على الانقلاب والانقلابيين اذا ما جرى استثمارها بشكل صحيح.

فيما يتعلق بالوجوه الجديدة التي تشكل منها قيادة البنك، فأغلبها جاءت من الوسط الاقتصادي، كمنصر صالح محمد القعيطي الذي عين كرئيس للبنك، وعمل في السابق وزيرا للمالية، والمحسوب على حزب المؤتمر، وكذلك شرف الفودعي الذي عمل وكيلا لوزارة المالية.

اما بقية الوجوه فهي جديدة باستثناء جلال فقيرة الذي عمل وزيرا في السابق.

دلالات

يأتي صدور هذه القرارات بعد قرارات سابقة شملت السلك الدبلوماسي، واخرى في السلطة المحلية، ما يشير الى ان كل تلك القرارات تصب في سبيل استكمال ترميم جسد الشرعية وتأهيله كمنظومة متكاملة لإدارة الدولة، وتقليص رقعة الانقلابيين، وتضييق الخناق عليهم، واظهارهم كسلطة فاقدة، وهي بداية لسحب الارض التي يجثمون عليها، ومقدمة لتحريرها منهم، وهو ما تظهره كل التعيينات التي اصدرها الرئيس هادي وشملت كل الفراغ الذي خلفه نزوح نظامه الى خارج اليمن.

بالنسبة لقرار البنك المركزي، فإذا لم تلحقه خطوات عملية لإستكمال عملية نقله الى عدن، فسيظل قرارا خاويا، واذا لم تأتي عملية ترتيبه بموافقة خليجية وغربية فإن العراقيل التي ستكون في طريقه كثيرة وشائكة، خاصة بعد الممانعة التي ابدتها عدة دول ابدت فيها رفضها لقرار نقل البنك من صنعاء.

الأهم من ذلك كله هو تسوية الوضع في المحافظات المحررة وخاصة العاصمة المؤقتة عدن التي تشهد اضطرابات امنية متواصلة، ونفس مناطقي بغيض، واذا ظلت كما هي عليه فإن فرص نجاح هذه القرارات ستتضائل وستتخول الى انتكاسة جديدة على الشرعية، خاصة مع ردة فعل الانقلابيين الذين سيسعون بالتأكيد الى عدم تركها تعيش وضعا مستقرا.

وفوق كل ذلك يبقى من المهم ان يكون هناك فعل عسكري مواكب لتلك القرارات لتفعيلها وايجاد شرعية على الارض.


التعليقات