المعسكرات في عدن.. أحواش خاوية وبؤرة صراع والحزام الأمني يستحوذ على المشهد (تقرير)
- عدن - أدهم فهد الجمعة, 04 أغسطس, 2017 - 11:11 مساءً
المعسكرات في عدن.. أحواش خاوية وبؤرة صراع والحزام الأمني يستحوذ على المشهد (تقرير)

[ استبدلت الإمارات قوات الجيش بقوات الحزام الأمني الخاضع لسيطرتها ]

تتوزع عشرات المعسكرات على مديريات العاصمة المؤقتة عدن الثمان، مشكلة بذلك قنبلة موقوتة قد تنفجر بأي وقت، لكونها منقسمة الولاءات، بين تابعة للشرعية من جهة، وأخرى تابعة لدولة الإمارات، ولا تخضع لقيادة الشرعية، في مشهد يوضح مدى التعقيد الذي تعيشه العاصمة المؤقتة عدن.
 
وبعد عامين من تحرير عدن، ودحر مليشيا الحوثيين والمخلوع صالح الانقلابية منها، تبدو خطوات الشرعية في بناء الأجهزة الأمنية المؤسسية، متقاربة لحد بعيد، نظرا لإمكانياتها المحدودة، مقارنة بالخطوات المتباعدة والسريعة والتي تخطوها دولة الإمارات عبر ذراعها العسكري، والذي يقود عمليات التحالف العربي بعدن.
 
ويتواجد في عدن واحدة من أهم المناطق العسكرية، وهي المنطقة العسكرية الرابعة التي تعاقب على رئاستها خمسة ضباط منذ العام 2013، ويرأسها حاليا اللواء فضل حسن، وتتواجد في منطقة التواهي بعدن قيادة المنطقة، إضافة إلى أربعة ألوية تتبعها داخل عدن، وهي اللواء 31 مدرع في بير أحمد، واللواء 39 مدرع في خور معسكر (معسكر بدر)، واللواء 120 دفاع جوي، وقاعدة التواهي البحرية، ويضاف لها ألوية الحراسة الرئاسية التي تم تشكيلها مؤخرا.
 
لكن تلك المعسكرات -وفقا لمتابعين- داخل مدينة عدن، لم تعد سوى أحواش خاوية، بعد أن تم إيجاد قوات جديدة تتبع دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة بالحزام الأمني.
 
معسكرات الشرعية 
 
تقف الشرعية وحيدة أمام مشروع بناء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية في العاصمة المؤقتة عدن، وباقي المحافظات الجنوبية المجاورة، فمعسكراتها خاوية من المنشآت ومفرغة من الجنود الذين يجوعون لأشهر حتى يتسلمون مرتباتهم، حيث كان آخر مرتب يستلمه منتسبوها هو مرتب شهر فبراير والذي تم صرفه مع مرتب شهر يناير، وذلك في منتصف يونيو/حزيران من العام الجاري.
 
ومع كثرة معسكرات الشرعية بشقيها (داخلية/دفاع)، لكنها لا تشكل أي ثقل في كفة موازين القوى بينها وبين القوات الأخرى المدعومة من دولة الإمارات، فمعسكرات الشرعية ليست سوى أحواش وكشوفات، كما يصفها أحد القادة العسكريين والذي فضل عدم الكشف عن هويته.
 
وأضاف بأن معسكرات الشرعية لم تحظى بذاك الدعم من قوات التحالف، والذي يمكنها من أداء دورها المنوط بها، مستدلاً بذلك بقوات الأمن الخاصة، والتي كانت تعرف سابقا بالأمن المركزي، فهي اليوم مغيبة عن المشهد في المحافظات المحررة، في حين يعد دورها محوريا في حفظ الأمن الداخلي، وهي الذراع العسكري لوزارة الداخلية.
 
هناك تهميش متعمد وإقصاء للقوات الأمنية الرسمية، أمثال الشرطة العسكرية وقوات النجدة ومثلها قوات الأمن الخاصة، حيث عمدت قوات التحالف العربي، والتي تقود عملياتها في عدن دولة الإمارات العربية المتحدة، على تجميد دور القوات الأمنية الرسمية، وذلك لإفراغ الساحة للقوات الأخرى والتي تتبعها رأسا، كما يضيف القائد العسكري الذي فضل عدم الكشف عن اسمه خلال حديثه لـ"الموقع بوست".
 
وبخصوص ما تمتلكه معسكرات الشرعية من آليات ومعدات عسكرية، يؤكد بأنها لا تتجاوز 30% من احتياجها الأساسي، فيما مخصصات التغذية والمشتقات النفطية شحيحة.  
 
مشيرا إلى أن هناك بعض الكتائب المجهزة في معسكرات الشرعية، والتي تم دعمها من قيادة التحالف العربي، أو تم تجهيزها من الآليات العسكرية والعربات المدرعة، التي سلمت لقادة المعسكرات خلال معارك تحرير عدن.
 
ولفت إلى أسماء المعسكرات التي تحوي كتائب مجهزة فيما باقي قوامها العسكري، بحاجة للدعم من الصفر (ألوية الحماية الرئاسية الأربعة، ومعسكر قوات الأمن الخاصة، اللواء 39 مدرع، اللواء 31 مدرع، لواء زايد، لواء الدفاع الساحلي، والشرطة العسكرية).
 
وأوضح بأن بقاء المؤسستين الأمنية والعسكرية، في ظل الانقسام، سينعكس في بقاء الوضع الأمني مضطرباً.
 
قوات مضادة 
 
حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة، والمشاركة بفاعلية في عمليات التحالف العربي، على خلق توترات وشقاقات في العاصمة المؤقتة عدن وما جاورها من المحافظات الجنوبية، منذ تحريرها قبل عامين، فقد حرصت على دعم وإنشاء قوات عسكرية موازية للقوات الرسمية التابعة للشرعية، بل وشجعتها على الصدام مع قوات الشرعية، كما حدث في مواجهات مطار عدن مطلع فبراير من العام الجاري.
 
وتمثل قوات الحزام الأمني، المتواجدة في عدن ومحافظتي أبين ولحج المجاورتين، رأس حربة لدولة الإمارات، فقد أنشأتها لتكون سلطة موازية للشرعية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية.
 
ويحظى منتسبو الحزام الأمني، بامتيازاتٍ عدة يفتقر لها منتسبو معسكرات الشرعية، فمرتباتهم تصرف شهرياً دون أي انقطاع، كما هو حاصل مع قوات الشرعية، إلى جانب كون مرتباتهم تصرف بالريال السعودي، وتبدأ من ألف ريال سعودي للجندي.
 
وقامت دولة الإمارات بتجهيز قوات الحزام الأمني بمئات الأطقم العسكرية والعربات المدرعة، حيث يتجاوز قوام القوات 20 ألف فرد، حسبما ذكرته مصادر أمنية مطلعة.
 
وأضافت بأن دولة الإمارات متكفلة بهذه القوات من كل النواحي، ومن بينها التغذية الخاصة بالجنود وتخصيص جزء من مشفى الجمهورية بخورمكسر لعلاجهم، دون غيرهم من الجنود المنتسبين لمعسكرات الشرعية.
 
وذكرت بأن لدى هذه القوات عدة معسكرات أبرزها معسكر الشعب وهو معسكر القيادة العامة (معسكر المشاريع في المنصورة، وعسكر الفضلي في بئر أحمد)، ومعسكرات أخرى مستحدثة في البريقة.
 
وإلى جانب قوات الحزام الأمني، هناك اللواء الأول مشاة في معسكر جبل حديد بالمعلا، والمحسوب على محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، والذي تم دعمه وتجهيزه بتمويل إماراتي، والقوات التابعة لإدارة الأمن والمحسوبة على مديرها شلال شائع، حيث يبلغ قوامها 6 ألف جندي، ينتمي جلهم لمحافظة الضالع.
 
وكان المكتب الإعلامي لنائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية اللواء حسين عرب، قد أوضح في إحدى بياناته الصادرة أواخر ديسمبر من العام المنصرم، أن إدارة الأمن بعدن رفعت كشوفات بستة آلاف جندي، جلهم من محافظة الضالع، ما جعل الوزارة ترفض إضافة هذه الكشوفات لقوام منتسبي الوزارة.
 
المطار نقطة تحول الصراع
 
مثلت المواجهات المسلحة، التي شهدها مطار عدن الدولي مطلع فبراير من العام الجاري، الظهور الأول للصراع بين قوى الشرعية والقوى الأخرى التابعة لدولة الإمارات.
 
فقد تحركات قوات من ألوية الحماية الرئاسية، بغية تنفيذ قرار رئاسي، بتغيير قائد قوات حماية أمن مطارعدن الدولي، فقد تدخلت قوات الحزام الأمني لمساندته، وسط تحليق مكثف ومنخفض لمقاتلات التحالف العربي، والذي تدير الإمارات عملياته في عدن، لتقوم بعدها بقصف أحد الأطقم العسكرية التابعة لألوية الحماية الرئاسية، لتنسحب بعدها، وتخسر الشرعية أولى معاركها، بفضل فارق الإمكانيات، ويغادر الرئيس هادي العاصمة المؤقتة عدن باتجاه المملكة العربية السعودية، ليستقر هناك، بعد تزايد التجاوزات الإماراتية.
 
يذكر أن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي غادر العاصمة المؤقتة عدن عقب أحداث المطار، ليبقى حتى مطلع أغسطس/آب من العام الجاري، مستقرا في العاصمة السعودية الرياض، ويرى مراقبون بأن استمرار بقاء الرئيس هادي في الرياض يعكس مدى حالة الشقاق بينه وبين الجانب الإماراتي.


التعليقات