عصا ترامب.. هل ستعيد إيران وحلفاءها في اليمن إلى حجمهم الطبيعي؟ (تحليل)
- عبد السلام قائد الاربعاء, 22 فبراير, 2017 - 11:59 مساءً
عصا ترامب.. هل ستعيد إيران وحلفاءها في اليمن إلى حجمهم الطبيعي؟ (تحليل)

[ عقب صعود ترامب اختفت التصريحات العدائية لإيران ضد السعودية ]

في الوقت الذي كان يحبس فيه العالم أنفاسه، وعينه على أهم مصادر الطاقة في العالم، خشية اندلاع حرب طائفية شاملة في الشرق الأوسط تتزعمها السعودية وإيران، بسبب الحرب الإعلامية والكلامية بين الرياض وطهران منذ عامين تقريبًا، وإذا بالوضع يتغير فجأة، حيث اختفت التصريحات العدائية الإيرانية ضد السعودية، وقام الرئيس الإيراني حسن روحاني بزيارة عُمان والكويت بهدف التقارب مع دول الخليج، بعد تهديدات متتالية وغير مسبوقة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، واتهامه لها برعاية الجماعات الإرهابية في المنطقة، ووصل تهديده لها لدرجة التلويح بالخيار العسكري.
 
زيارة الرئيس الإيراني لعُمان والكويت جاءت بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح إلى إيران في شهر يناير الماضي، حاملًا معه رسالة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بهدف إنهاء التوتر في العلاقة بين إيران ودول الخليج، حينها كانت التحركات الكويتية بفعل مخاوف من الوضع الأمني في العراق الذي تنتشر فيه جماعات شيعية إرهابية، ووجود طائفة شيعية لها وزن ديمغرافي في الكويت، وتخشى قيادة الدولة أن تكون الكويت أول ضحية لأي حرب طائفية محتملة، لكن الواضح أن طهران لم تتفاعل بإيجابية مع التحركات الكويتية، لكنها بادرت مؤخرًا لمحاولة تحسين علاقتها مع دول الخليج، بعد التهديدات الأمريكية لها، وستنشط دولتا الكويت وعُمان في هذا الإطار، لاسيما وأن علاقة البلدين بإيران إيجابية.
 
- الحوثي كبش فداء
 
تدرك إيران جيدًا أن الموقف العدائي للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ضدها جاء بسبب محاولتها مد نفوذها في منطقة تعتبر من أكثر المناطق الحيوية في العالم بالنسبة للمصالح الاقتصادية الأمريكية، وهي منطقة الخليج العربي واليمن، بالإضافة إلى دورها السلبي في العراق وسوريا، وزاد الطين بلة الخطر الذي يشكله حلفاء إيران في اليمن (جماعة الحوثي والمخلوع علي صالح) على أهم طرق التجارة الدولية المارة عبر مضيق باب المندب، خاصة بعد استهدافهم لسفن إغاثة وبوارج حربية بعضها أمريكية.
 
ومن هنا، ارتأت القيادة الإيرانية أن الطريق لتجنب جنون الرئيس ترامب يمر عبر بوابة الرياض، وأن الطريق إلى بوابة الرياض يمر عبر مسقط والكويت، الدولتان الخليجيتان اللتان تحاولان القيام بدور الوسيط بين إيران والسعودية لرأب الصدع في العلاقة بين البلدين، ومن أجل إثبات حسن النية، قدمت طهران حلفاءها الحوثيين في اليمن كـ"كبش فداء"، وهو ما اتضح من خلال تسريبات إعلامية خليجية، بعد زيارة روحاني لمسقط والكويت، مفادها أن إيران قررت التخلي عن دعم الحوثيين مقابل تحسين علاقتها بدول الخليج وعلى رأسها السعودية، وربما أن هناك مفاوضات تدور خلف الكواليس، ولا تنشر تفاصيلها عبر وسائل الإعلام.
 
صحيح أن تخلي إيران عن الحوثيين لن يشكل خسارة كبيرة لهم من ناحية الدعم العسكري وتهريب الأسلحة، نتيجة التطورات الأخيرة في سير المعارك في الساحل الغربي لليمن، حيث إن تهريب السلاح سيكون مهمة مستحيلة بعد سيطرة الجيش الوطني على مدينة وميناء المخا، واستعداده للسيطرة على مدينة وميناء الحديدة، لكن الحوثيين سيخسرون ما هو أكثر من ذلك مستقبلًا، ويتمثل ذلك في انتهاء المشروع الفارسي في العالم العربي الذي كانوا أحد أدواته، وكانوا يراهنون على تغيُّرات دولية متتابعة ستصب في صالح المشروع الفارسي، بدليل أن وسائلهم الإعلامية احتفت بنجاح دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، وكانوا يعتقدون إنه سيعمل ضد السعودية وتركيا والخليج لصالح النفوذ والمشروع الفارسي في المنطقة، لكن بعد فوز ترامب بأيام قليلة، تفاجؤوا بعكس ما كانوا يتوقعونه.
 
- خيارات إيران وحلفائها
 
رغم التصريحات الإيرانية المتشددة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ردًا على مهاجمته لها واتهامها بدعم الإرهاب، وإدراج شخصيات ومؤسسات إيرانية على قائمة الإرهاب، فضلًا عن تلويحه بالخيار العسكري ضدها، لكن الواضح أن التصريحات الإيرانية المتشددة تأتي ضمن سياستها الخارجية المتمثلة في "التعامل بأكثر من وجه والتحدث بأكثر من لسان"، فالتصريحات الانفعالية ضد ترامب تزامنت مع توقف السياسيين الإيرانيين ووسائل الإعلام الفارسية عن مهاجمة دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية، بالإضافة إلى زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لكلٍّ من دولتي عُمان والكويت، بهدف تحسين علاقة إيران بدول الخليج، وخاصة السعودية.
 
ومن المحتمل أن تكون هناك مساعٍ أخرى من قبل إيران لمحاولة تجنب أي هجوم عسكري أمريكي على أراضيها، من بينها إجراء مشاورات مباشرة أو عبر وسطاء مع الإدارة الأمريكية الجديدة، ومعروف عن إيران، منذ اندلاع الثورة الخمينية عام 1979، أنها تجري مشاورات سرية مع أمريكا، حتى في عهد الخميني نفسه بعد الثورة، عندما تتأزم العلاقة بين الدولتين، وتصل إلى حافة الصدام العسكري، وتكرر ذلك عدة مرات.
 
وبما أن الموقف الأمريكي المتشدد ضد إيران سيؤثر على حلفائها الشيعة في المنطقة، لكن هؤلاء الحلفاء سيواصلون استفزاز وتهديد الولايات المتحدة، كما هو واضح من سلوك جماعة الحوثيين، التي تعمد أحيانًا إلى التهديد بمهاجمة السفن والبوارج بالقرب من مضيق باب المندب، بل وسبق لها أن نفذت هجمات محدودة، وأيضًا تهديد كتائب "أبو الفضل العباس" العراقية بمهاجمة السفن والبوارج الأمريكية في السواحل اليمنية، حتى وإن غلفت ذلك التهديد بأنه ردًا على قرار ترامب بمنع مهاجري سبع دول إسلامية من دخول الأراضي الأمريكية من بينها العراق.
 
ومن المحتمل أن تتوقف هذه التهديدات في حال واصل ترامب مهاجمته لإيران، وهدد حلفاءها من ميليشيات إرهابية مسلحة بالتدخل العسكري للقضاء عليها بذريعة محاربة الإرهاب. وإذا كانت هذه الميليشيات تخوض حروب إيران بالوكالة في المنطقة العربية، فإنها ستتوقف عن ذلك في حال تلقت تعليمات من طهران تقضي بذلك، وهذا ما تدركه الإدارة الأمريكية جيدًا.
 
- الملف اليمني
 
مما لا شك فيه أن "عصا ترامب" التي لوح بها في وجه إيران وحلفائها ستؤثر على الوضع في اليمن، فمن جانب، ستتوقف الضغوط الأمريكية على دول التحالف العربي والسلطة الشرعية، والتي تحول دون الحسم العسكري، وتدفع باتجاه الحل السياسي. ومن جانب آخر، سيخسر الحوثيون وحليفهم المخلوع علي صالح الدور السياسي والدبلوماسي الإيراني في المحافل الغربية، والذي كان يعمل على تزييف الحقائق بما يصب في صالح الانقلاب والمشروع الفارسي.
 
كما أن "عصا ترامب" ستجعل إيران تنحني كثيرًا بشكل سيؤثر على الميليشيات الشيعية التي تخوض الحروب الإيرانية بالوكالة في سوريا والعراق، وفي حال استمرت السياسة الأمريكية على هذه الوتيرة لعدة سنوات قادمة، فإن ذلك سيجعل إيران، وربما حلفاؤها، يعودون إلى حجمهم الطبيعي، خاصة إذا أقدم ترامب على شن هجمة عسكرية ضد إيران.
 
 
 
 


التعليقات