هل كانت عاصفة الحزم ضرورية للتدخل في اليمن؟ تقرير يستعرض المشهد قبل العاصفة
- عامر الدميني السبت, 25 مارس, 2017 - 11:26 مساءً
هل كانت عاصفة الحزم ضرورية للتدخل في اليمن؟ تقرير يستعرض المشهد قبل العاصفة

[ إحدى المقاتلات المشاركة في عاصفة الحزم ]

من وقت لآخر يثار الجدل حول التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن، ومعه تتوزع التصنيفات حول اعتباره عدوانا من قبل الطرف الانقلابي في اليمن، وحول اعتباره تدخلا ضروريا بالنسبة للأطراف الأخرى.
 
جميع التأويلات التي ذهبت إلى اعتباره عدوانا تتوزع على طرفين، الأول هو الطرف الانقلابي نفسه، بشقيه مليشيا الحوثي وحليفها الرئيس السابق صالح ومعه حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ظل محتفظا برئاسته، ومن دار في فلكهما من ناشطين وسياسيين، أما الطرف الثاني فهم غالبية من الناس ممن تضررت مصالحهم، وأثرت فيهم الآلة الإعلامية للانقلابيين، وخلف كلا الطرفين تقف ماكينة إعلامية تتبع إيران خارجيا.
 
ولعل الخطأ الذي وقع فيه الكثيرون هو النظر لعاصفة الحزم التي انطلقت الخميس في السادس والعشرين من مارس/آذار 2015م، بوصفها حدثا طارئا، وليس نتيجة لمجموعة من الأحداث قادت في مجملها إلى إعلان العاصفة بذلك الحجم والأسلوب.
 
فمنذ سقوط العاصمة صنعاء بيد المليشيا الانقلابية، مارست تلك المليشيا العديد من الأساليب الاستفزاية والمخالفة للتوجه العام الذي أجمع عليه اليمنيون، ممثلا بالمبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والأخير كانت مليشيا الحوثي وحزب صالح من الموقعان على مخرجاته.
 
كانت كل المؤشرات تشير الى أن المليشيا الانقلابية بشقيها يعملان على عامل الزمن تحت الضغط الدولي لإكمال عملية التفاوض السياسي وفق المبادرة الخليجية، ومن ثم الانقضاض عليها وهو ما حصل لاحقاً.
 
صعدت المليشيا الانقلابية من اعمالها المستفزة في الداخل، بدءًا من سقوط محافظة عمران بيدها، وحشد أنصارها في أطراف العاصمة صنعاء، وتوجت بذلك باقتحامها للعاصمة.
 
استفزاز واستعراض
 
فبعد إسقاطها لعمران انتقلت للقيام بحروب متقطعة في محيط صنعاء وفي محافظة الجوف النفطية، بالتزامن مع تسيير مظاهرات وسط العاصمة لاستعراض شعبيتها وإحداث حالة قلق وتخلخل واختراق في المستويين المدني والعسكري تمهيدا للسيطرة، وشرعت للتخطيط لإسقاط العاصمة، التي قسمتها لمربعات أمنية، وأقامت نقاط تفتيش يزداد عددها يوما بعد يوم كلما زاد معدل تخزين السلاح وتجنيد مسلحين جدد وزيادة مساحة التواجد.
 
كان واضحا أن تلك المليشيا بشقها الانقلابي تسعى لطمس كلما يتعلق بالثورة الشبابية، والإجراءات التي تحققت عقبها، كانتخاب الرئيس هادي القادم من رحم الثورة، وما يحمله من مشروع للدولة الاتحادية، وبالتالي كانت الخطوة الأولى لها هي إسقاط حكومة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، التي تشكلت وفقا للمبادرة الخليجية، ثم سعت لفرض اتفاق جديد اصطلح عليه باتفاق السلم والشراكة، والذي بدأ يحل تدريجيا محل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية رغم إعلانه ضمنيا أنه يأتي لتنفيذ المخرجات واستكمال المبادرة.
 
وعملت المليشيا من خلال آلتها الإعلامية إلى تهييج الشارع ضد الحكومة والرئيس هادي، مستفيدة من بعض الأخطاء خلال المرحلة الانتقالية، فانتهجت خطابا مدغدغا للعواطف، تقف خلفه أهدافا لم تعد خافية على أحد.
 
سحقت المليشيا في طريقها كل شيء، بما في ذلك الحياة السياسية والاقتصادية لليمنيين، وراحت تخلق واقعا جديدا يتلاءم مع مشروعها الطائفي الانقلابي، فصادرت وسائل الإعلام، وحاصرت الساسة، وشرعت ببناء واقع جديد، عبر حوثنة الدولة، وإسناد الوظائف العليا والمهمة في أجهزة الأمن والإعلام والجيش للقيادات المحسوبة عليها والموالية لها.
 
لم تعكس سياسة المليشيا الانقلابية أي تطمينات من قبلها لبقية القوى السياسية في الداخل والخارج، وخاضت الأحزاب السياسية من جديد مارثونا طويلا برعاية ممثل الأمم المتحدة السابق في اليمن جمال بنعمر، في سبيل تهيئة الوضع في اليمن بعد دخول المليشيا للعاصمة صنعاء.
 
تعاملت المليشيا مع الفرقاء السياسيين من منطلق القوة التي باتت تشعر بأنها قد اكتسبتها، وسعت لفرض تصورها، فيما كانت تعمل على التهام الدولة، والتحكم بمؤسساتها التي وضعتها بديلة للمؤسسات الرسمية، وسعت لخلق تحالفات جديدة، مستفيدة من امتداد المؤتمر الشعبي العام في كل المحافظات.
 
ومثلت حوارات موفمبيك فرصة أخرى للمليشيا، وفي الوقت الذي كانت تستغل حضور ممثلي الأحزاب السياسية للتحاور معها، كانت أذرعها الأخرى تنطلق نحو المحافظات الأخرى لإسقاطها، واتخذت من الترويج للقاعدة في تلك المحافظات كالبيضاء ومأرب ولحج مبررا لتوسعها.
 
ورغم أن جلسات الحوار كانت تمضي في جو منعدم الثقة، إلا أن المليشيا واصلت انتهاكاتها وتضييقها، وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015م، اختطفت مليشيا الحوثي الأمين العام للحوار الوطني أحمد عوض بن مبارك، وأفرجت عنه مشترطةً مغادرته لليمن وتخليه عن وظيفته الرسمية كمدير لمكتب رئيس الجمهورية.
 
وخلال فترة الحوار تواصلت عملية التضييق على القادة السياسيين، ومنعت المليشيا الأمين العام لحزب الإصلاح محمد السعدي من السفر إلى تعز، واحتجزته من إحدى النقاط الأمنية بمحافظة ذمار، كما فعلت ذات الشيء مع عضو الهيئة العليا للإصلاح محمد محمد قحطان الذي أوقفته في إحدى النقاط الأمنية بمنطقة السحول بمحافظة إب في الـ22 من يناير 2015م، وأرغمته على العودة إلى العاصمة صنعاء، ووضعته تحت الإقامة الجبرية، ونفس الوضع أيضا تم مع القيادي الناصري عبد الله نعمان الذي منعته من السفر إلى عدن عبر مطار صنعاء، كما فرضت الإقامة الجبرية على عبد الرزاق الاشول القيادي في الإصلاح، والوزير السابق في حكومة بحاح.
 
هادي هدفًا
 
 لاحقا انفتحت شهيتها بشكل أوسع، وأصبحت رئاسة الجمهورية هي وجهتها، فاختلقت الأعذار، ووضعت الرئيس هادي في قائمة أهدافها، ودفعت مضايقاتها وأساليبها الرئيس هادي ليقدم استقالته مع رئيس الحكومة السابق خالد محفوظ بحاح، في الثاني والعشرين من يناير/كانون الثاني 2015م.
 
كان وضع الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية الجريمة الأولى، التي كشفت عن حقيقة مشروع المليشيا، وسرعت بوتيرة انسداد المشهد في اليمن، وجاء ذلك بعد أزمة بين الرئيس هادي وحزب المؤتمر، عندما أعلن صالح عن فصل هادي من الأمانة العامة للحزب، مع الراحل عبد الكريم الإرياني، وبالتالي أصبح هادي بلا حزب مساند، وتحول إلى هدف لصالح والحوثيين.
 
وخلال وضعه في الإقامة الجبرية، عملت المليشيا على استكمال مخططها، ومضت في مشروعها التوسعي، الذي يضمن لها السيطرة الكاملة على البلاد، وإخضاعها لها.
 
واتخذت مليشيا الحوثي سلسلة من الإجراءات التي تخدم بقائها في السلطة، وإحكام قبضتها على المشهد العام في اليمن، وخلقت واقعاً جديداً لا يستند للاتفاقات الدولية التي وضعت كَحَلٍّ لليمن منذ العام 2011م، بل إلى ما اعتبرته ثورة شعبية فجرتها في الـ21 من سبتمبر/أيلول 2014 لإنقاذ اليمن.
 
وترافق ذلك مع ارتفاع وزيادة حجم التسهيلات التي قدمها صالح للحوثيين، خصوصاً في المناطق التي يسعي الحوثيون للسيطرة عليها والتمركز فيها منذ فترة طويلة، فانطلقت نحو سواحل ميدي لتوثق سيطرتها على ذلك، واتجهت نحو تعز وإب، بعدما تمكنت من انتزاع قرارات رئاسية لشخصيات موالية لها في الحديدة وذمار وغيرها.
 
الإعلان الدستوري
 
وجاء الإعلان الدستوري للحوثيين في السادس من فبراير/شباط 2015م ليضيف عراقيل جديدة في اليمن، ويكشف وجه المليشيا، فمضت في استكمال سيطرتها على الدولة، وأنشأت ما يعرف باللجنة الثورية العليا التي أسندت رئاستها لمحمد علي الحوثي القريب من زعيم المليشيا.
 
وأعلنت لجنة الحوثية الثورية عن شروعها ﻓﻲ إجراﺀﺍﺕ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻓﻘﺎً ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ الذي أعلنته، وفي مقدمة ذلك اﻟﺒﺪﺀ بوﺿﻊ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻭﺁﻟﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲالذي نص عليه إعلانها الدستوري، وهو ما لم يتم لاحقا.
 
وبدأت صعدة حيث يقيم عبد الملك الحوثي تتحول تدريجيا إلى وجهة حيوية، فقصدها أولا زكريا الشامي الذي جرى تعيينه تحت الضغط نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة، ولحق به مسؤولون آخرون كوزير المالية آنذاك وغيرهم.
 
في هذه الأثناء كانت إيران تحتفي بهذا الصعود لجماعتها في صنعاء، وخرج مسؤوليها علنا ليباركوا هذا الانتصار، وبدأت تحركات سفير طهران على الأرض داخل اليمن، ووصل إلى مدينة عدن ليلتقي المسؤولين هناك، كاشفا عن عدد من المشاريع التي ستنفذها دولته، خاصة في القطاع النفطي والاقتصادي في عدن.
 
كل ذلك دفع السفارات والبعثات الدبلوماسية للخروج من اليمن، ومغادرتها. وبحلول الرابع عشر من فبراير/شباط 2015م، كانت السفارات العربية والأجنبية قد غادرت اليمن بسبب تأزم الأوضاع، التي ولدها أسلوب مليشيا الحوثي وعلي صالح في البلاد.
 
في الـ21 من فبراير/شباط 2015، تمكن الرئيس هادي من الوصول إلى مدينة عدن، والإفلات من قبضة الحوثيين، وجاء هذا الحدث ليصنع تحولا جديد في اليمن والمحيط العربي.
 
وتحت مزاعم ملء الفراغ الذي أحدثته استقالة الرئيس هادي وحكومة بحاح، واصلت المليشيا تمددها بالمحافظات، واتخذت من تولي قيادات أمنية موالية لها وتتبع علي صالح أيضا ستارا لاستكمال سيطرتها، وكان من أبرز ذلك المواجهات المسلحة التي اندلعت بين مسلحين حوثيين وجنود من القوات الخاصة بصنعاء، انتهت بسيطرة المليشيا على معسكرات القوات الخاصة، المعروفة بتبعيتها لعلي صالح، وخرج بعدها زعيم الحوثيين ليعلن اعتذاره لعلي صالح في خطاب خاص.
 
التوجه صوب تعز
 
 في السابع والعشرين من فبراير وصلت قوة عسكرية من القوات الخاصة في صنعاء (الأمن المركزي) إلى مدينة تعز، ودخلت مقر قوات الأمن هناك.
 
تحركات القوات الخاصة كانت بتوجيهات من قياداتها التابعة لعلي صالح وللحوثيين، وأبرزهم وزير الداخلية السابق جلال الرويشان الذي استقال مع حكومة بحاح، لكنه ظل يمارس مهامه مع المليشيا الانقالية، وكانت القوة الأمنية مكونة من  22 طقما عسكرياً و٤٦ ناقلة جند و٨ ناقلات ذخائز و٢١ هايلوكس تحمل أكثر من ألف مقاتل، وصلت مساء الجمعة إلى مدينة تعز قادمة من صنعاء بعد أن مرت بثلاث محافظات، ورافقتها طائرتين هيلو كبتر تولت حمايتها أثناء السفر.
 
وأحدث وصول تلك القوات إلى تعز اعتراضا كبيرا من قبل المواطنين فيها الذين خرجوا للتصدي لها ومنعها من التوجه نحو عدن أو السيطرة على تعز، وكان حصيلة ذلك سقوط قتلى وجرحى في إطار ردة الفعل التي واجهت بها المليشيا المعارضين لتحركاتها.
 
ظهور هادي
 
في عدن أعلن الرئيس هادي في الـ21 من فبراير/شباط أن العاصمة صنعاء عاصمة محتلة، وأن مدينة عدن ستكون العاصمة المؤقتة للبلاد، متعهدا بمواصلة إنهاء الانقلاب.
 
ظهور هادي وإصداره لبيانه الأول أعاد تنشيط الأمل لدى الغالبية الكبيرة من الشعب اليمني، التي استبشرت بعودته باعتباره رمزاً للشرعية الدستورية التي ستخلصهم من الهيمنة الحوثية، ويعيد الدولة المختطفة إلى موقعها الصحيح.
 
وجاء ظهور هادي في اجتماع رسمي مع المحافظين الأربعة وقيادات أمنية أخرى ليؤكد عودته الفعلية للحكم وممارسة مهامه كرئيس دولة، وهو ما يلغي تلك الاستقالة التي قدمها في نظر البعض، كما عكست مساعيه في تعزيز سلطته على أرض الواقع هناك، من خلال السلطة المحلية وقيادات الأمن والجيش.
 
خلال ذلك واصلت المليشيا الحوثية طيشها، واقتحمت مقر الأمانة العامة للحوار الوطني في الرابع من مارس/آذار، وقام مسلحون تابعون لها باقتحام المكاتب الإدارية والعبث بمحتوياتها من الأوراق والوثائق.
 
أما في عدن، فقد أصدر الرئيس هادي في الخامس من مارس/آذار قرارا قضى بتعيين العميد الركن ثابت جواس قائدا لقوات الأمن الخاصة في عدن خلفا للعميد عبد الحافظ السقاف المتهم بالولاء للرئيس السابق علي صالح، وذلك بعد مزاعم تحدثت عن محاولة انقلاب تعرض لها هادي ويقف خلفها العميد السقاف.
 
وأثار ذلك القرار مواجهات ميدانية بين قوات الأمن الخاصة التي يقودها السقاف، وقوات موالية للرئيس هادي، بعد رفض السقاف تنفيذ أوامر الرئيس هادي التي إزاحته من منصبه.
 
وكانت أعمال التمرد التي قادها السقاف في عدن مقدمة لتعاون قادم بينه وبين المليشيا الانقلابية للسيطرة على عدن، واستهداف الرئيس هادي.
 
تصعيد صالح
 
لم يكن التصعيد ضد الرئيس هادي من قبل مليشيا الحوثي فقط، ففي السابع من مارس/آذار 2015م تظاهر الآلاف من أنصار صالح في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، رافعين صوره وصور نجله أحمد، مطالبين بترشحه رئيسا لليمن، كممثلا لحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه والده.
 
وفي اليوم التالي، التقى صالح في منزله بصنعاء مجموعة من المشائخ الموالين له في حزب المؤتمر وينتمون لمحافظة تعز، وجدد صالح في خطابه أمامهم مهاجمته للرئيس هادي.
 
وقال صالح مخاطباً زائريه "أنصح أولئك المهرولين الذين يهرولون إلى عدن مثلما هرولوا في عام 1994 ليركضوا بعد الانفصاليين الذين فروا من ثلاثة نوافذ"، وواصل متهكماً "هذه المرة لن يحصلوا على تلك المنافذ والمنفذ الوحيد في البحر الأحمر باتجاه جيبوتي سنعمل على تأمين البحر لينجوا بجلودهم وبفلوسهم التي كسبوها وحوشوها على حساب قوت هذه الأمة".

لم يتوقف طرفي الانقلاب عن استفزاز الداخل، بل ذهبوا إلى إجراء مناورة عسكرية على الحدود مع المملكة العربية السعودية في الـ12 مارس 2015، وهي الخطوة التي كانت الأكثر استفزازا لدى دول الخليج.
 
وفي العشرين من مارس/آذار خرج الرئيس هادي في خطاب جديد، هاجم فيه جماعة الحوثي وقال بأنها تمثل التطرف الشيعي مثلما تمثل القاعدة التطرف السني، وتوعد برفع علم الجمهورية اليمنية في جبال مران بصعدة حيث معقل الحوثيين.
 
كان ذلك الحديث الذي خرج به هادي مبررا آخرا للمليشيا الانقلابية التي واصلت هجومها على الرئيس هادي، وخرج زعيم الجماعة في خطاب متلفز بثته قناة المسيرة في السادس والعشرين من فبراير ليهاجم هادي، معتبرا أن استئناف نشاطه السياسي من العاصمة عدن يربك البلاد والعملية السياسية، كون شرعيته انتهت، واتهمه بالعمالة للسعودية ودول الخليج، كما اتهم حزب الإصلاح بالتحالف مع تنظيم القاعدة، مهددا باتخاذ خطوات قعالة وقوية وحاسمة.
 
وبدأت على إثر ذك عملية التمدد العسكرية نحو المحافظات الجنوبية، وأعلنت لجنة الحوثيين الثورية في الـ21 من مارس/آذار التعبئة العامة في البلاد للتصدي لما أسماه للأخطار الأمنية المحدقة بالوطن للقاعدة وداعش الإجرامية، واضعا مؤسسات الدولة المالية والايرادية تحت تصرف المؤسستين العسكرية والأمنية.
 
وفي اليوم التالي خرج زعيم الجماعة في خطاب متلفز مدافعا عن قرار التعبئة العامة، معتبرا أنه لا يستهدف الجنوب والجنوبيين، ولكنه يستهدف مواجهة من وصفها بقوى الإجرام، من القاعدة وشركائها من المليشيات ومن يناصرها، ومن أرادوا الاحتماء بالمناطقية وبالجنوب، وكان ذلك إشارة واضحة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي زاول أعماله من مدينة عدن.
 
وهاجم الحوثي الرئيس هادي ووصفه بالدمية، وقال بأنه استقال وانتهت ولايته لكنه انتقل إلى عدن وتحرك من جديد كدمية تستفيد منها بعض القوى السياسية التي جعلت منه مظلة لتحركاتها ومطية لتحقيق هدفها المشؤوم، واتهمه بالإنتماء لتنظيم القاعدة وتوفير الغطاء السياسي والمناطقي لها، ونقل مشاكل الشمال إلى الجنوب.
 
وفي ذات الخطاب هاجم الحوثي السعودية وقطر واتهمهما بضخ أموال هائلة لتمويل كل المشاريع التدميرية، وكان واضحا الربط المستمر لزعيم الجماعة الحوثية بين القاعدة وداعش والرئيس هادي ومؤيديه والسعودية ودول الخليج، وهي ذات المبررات التي ظل يرددها، ويتخذ منها ذرائع لمخاطبة الغرب وخاصة الولايات المتحدة.
 
التوجه نحو عدن
 
وفي سبيل الإطاحة بالرئيس هادي سعت المليشيا الانقلابية لإسقاط مدينة عدن، في إطار مخطط يهدف لفرض السيطرة الكاملة على المنافذ والموانئ الرئيسية فيها، وقطع الطريق أمام عودة الرئيس هادي إليها، وتحويلها إلى قاعدة عسكرية تمكنها من الانطلاق إلى بقية المحافظات الجنوبية.
 
وسعت المليشيا نحو التقدم إلى مدينة عدن، بالتزامن مع تفجيرها للوضع الأمني في أكثر من محافظة جنوبية، وشنت قوات اللواء 33 مدرع الموالي لعلي صالح قصفا مكثفا على الأحياء السكنية بمدينة الضالع.
 
وبالتزامن واصلت قوات علي صالح ولجان الحوثي القتالية التقدم نحو لحج، والتي شهدت مواجهات مسلحة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، وتوج ذلك بإعلان المليشيا الانقلابية إسقاطها لقاعدة العند الجوية، وإلقائها القبض على وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي والقائد العسكري فيصل رجب اللذان كانا يقودان المعارك هناك.
 
على إثر سقوط قاعدة العند العسكرية، واصلت المليشيا تقدمها نحو عدن، لكنها هذه المرة استخدمت سلاح الجو لقصف مقر إقامة الرئيس هادي في قصر معاشيق بعدة ضربات جوية نفذتها مقاتلات من قاعدة الديلمي في العاصمة صنعاء.
 
كان ذلك يوم الخامس والعشرين من مارس/آذار 2015م، وقتها كان قائد القوات الخاصة عبد الحافظ السقاف يعلن أن قواته ستنشر لجانا أمنية في عدن لتأمينها.
 
في تلك الأثناء طالب وزير الخارجية المكلف رياض ياسين من العاصمة المصرية القاهرة وبشكل عاجل بتدخل عسكري عربي جوي وبحري وبري إن أمكن، من أجل ايقاف التمدد الإيراني، ووجه خطابه لدول الخليج العربي التي طالبها بالتدخل السريع لمواجهة انقلاب الحوثيين وصالح.
 
وأمام التدفق الكبير لقوات مليشيا الحوثي وصالح والخيانات التي وقعت آنذاك، تمكن الجانبان من دخول مدينة عدن والسيطرة عليها، فيما كان الرئيس هادي قد تمكن من مغادرتها.
 
 وفي منتصف ليل الخميس الـ26 من مارس/آذار أعلنت دول الخليج العربي عن انطلاق عاصفة الحزم، الذي تشكل من 10 دول عربية وإسلامية تقودها المملكة العربية السعودية، بناء على دعوة وطلب من الرئيس هادي، وبذلك دخلت اليمن مرحلة جديدة من الصراع.
 


التعليقات