صنعاء تتململ من أجل الخبز والكرامة في وجه المليشيا (تقرير)
- صنعاء - خاص الجمعة, 26 مايو, 2017 - 12:22 صباحاً
صنعاء تتململ من أجل الخبز والكرامة في وجه المليشيا (تقرير)

[ عناصر من مليشيا الحوثي - أرشيف ]

دخلت صنعاء دائرة الضغط، ودخلت معها مليشيات الحوثي دائرة الخطر.
 
تقول المؤشرات إن ثورة شعبية سلمية على وشك الانطلاق في وجه المليشيات التي تسببت بقطع مرتبات الناس، وجلبت لهم الأمراض والأوبئة، وعطلت الملايين عن أعمالهم، ونهبت مؤسسات الدولة، واستبدلت وظائف المواطنين البسطاء بوظائف لأنصارها ومقاتليها ومن يناصرها.
 
ممارسات المليشيات وسلوكها، دفع الكثيرين الآن إلى رفع أصواتهم، نشطاء سياسيون وحقوقيون أعلنوا عن حركة شعبية وسلمية، وأطلقوا عليها "حركة 20 مايو"، وتحت شعار "نحن نازلين"، قالوا إنهم سينزلون إلى الشوارع للمطالبة برحيل الفساد وجماعة المحسوبية واللصوص، وإنهم مستعدون للتضحية.
 
صباح الخميس، وأثناء استعداد المشاركين للانطلاق في تظاهرة رفعت شعار "الخبز والكرامة"، وتعتبر أول مسيرة تحضر لها "حركة 20 مايو"، سعت جماعة الحوثي إلى قمع المظاهرة، بعد أن قامت باعتقال نائب رئيس الحركة عبدالوهاب قطران واقتياده إلى مكان مجهول.
 
وقالت مصادر محلية في صنعاء لـ"الموقع بوست" إن جماعة الحوثي وبعد اعتقالها قطران توجهت نحو محاصرة منزل القاضي العضو البرلماني أحمد سيف حاشد، واعتقلته أثناء خروجه في المسيرة.
 
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة لم تكتفِ باعتقال الرجلين وإنما اعتقلت العديد ممن تجمعوا للمشاركة في المسيرة.
 
وكان البرلماني أحمد سيف حاشد قال على صفحته بموقع فيسبوك إن "حركة 20 مايو" تؤكد على سلميتها ومواصلة نضالها السلمي وهي تعلم مشقة وطول هذا النضال وجسامة تضحياته.
 
وأضاف "نحن جاهزون للاعتقال والموت ولن تثنينا كل وسائل القمع عن مناهضة ومقاومة سلطة الفساد والفشل والقمع".
 
المظاهرة التي ترفع شعار "من أجل الكرامة والخبز"، تطالب بصرف جميع مرتبات موظفي الدولة مدنيون وعسكريون ومتقاعدون فورا ودون تأخير لجميع الأشهر الماضية والانتظام في صرف المرتبات، وإلغاء قرار تعويم المشتقات النفطية وخفض أسعارها والتصدي لرفع الأسعار وإسقاط حكومة أسياد الحرب، حسب ما أعلنته الحركة.
 
حراك

منذ إعلان الحركة والدعوة إلى المشاركة في مسيرة "الخبز والكرامة"، وعلى الرغم من أن من دعا لها هم من المواليين للمليشيات ولحزب المخلوع صالح، إلا أنه لوحظ تجاوبا كبيرا للدعوة من قبل كثير من الأطياف ومن المواطنين والنشطاء، والذين عبروا عن استعدادهم للمشاركة والاستمرار في العمل السلمي، محملين سلطة المليشيات أي قمع أو أي ممارسات ستطالهم.
 
وكانت "حركة 20 مايو" أدانت اعتقال نائب رئيس الحركة القاضي عبدالوهاب قطران صباح اليوم وقبل اعتقالها رئيس الحركة أحمد سيف حاشد، وحملت المسؤولية الكاملة سلطة الأمر الواقع، وأكدت أنها ماضية في مناهضة هذه السلطة التي تصر وتوغل في القمع والفشل والفساد.
 
ويقول عبدالسلام الكبسي في صفحته بموقع فيسبوك -وهو أحد الذين أعلنوا الخروج في المسيرة- "سيخرجون غدا في تظاهرة، وسيخرجون ثانية وثالثة، وستكبر كرة النار، وستجرفكم، لماذا؟ لأنكم أغبياء، لأنكم منغلقون، لأنكم لستم أهلا للمسؤولية ولا في مستوى التحدي".
 
يشار إلى أن من أعلنوا المشاركة في المسيرة وأيدوا "حركة 20 مايو" ليسوا جميعهم موظفين ويطالبون برواتب، بل إن بعضهم ليس لهم ر اتب، ومع ذلك أعلنوا خروجهم وتأييدهم للعمل السلمي والخروج في وجه الجماعة التي ضاق من ممارستها الجميع ذرعا.
 
يقول إبراهيم الجنداري "أنا لست موظفا وليس لي راتب سواء من الدولة أو من غيرها، ومع ذلك فأنا نازل يوم غد الساعة العاشرة صباحا ليس كمحتج ولكن كمحامي ومراقب حقوقي".
 
ووجه الجنداري سؤالا إلى المليشيات بالقول "هل أنتم من جلبتم للشعب هذا الجحيم؟"، مجيبا على سؤاله "إذا لم تكونوا أنتم فدعوا الشعب يصرخ بأوجاعه وليس بصرختكم".
 
من جهته الناشط منير أبلان قال في صفحته بموقع فيسبوك -وهو من ضمن من أبدوا استعدادهم في التضحية والمشاركة- "سننزل بالوقفة الاحتجاجية السلمية إلى ميدان التحرير واحتمال نعود واحتمال لا نعود، لكن أريدكم تعلموا أنه أنا لست موظفا ولا يوجد لدي أي مصلحة إلا أني إنسان لدية ضمير ما زال على قيد الحياة يشاهد الحالة التي وصل إليها الموظف لا ترضي أحدا، وزيادة الفقر وانعدام الصحة والخدمات والحقوق الساكت عليها شيطان أخرس".
 
الناشط عبدالوهاب الشرفي قال أيضا "من الخير التعاطي المسؤول مع الفعالية الاحتجاجية التي ستتم صباح غد الخميس في ميدان التحرير، وإتاحة الفرصة الكاملة لها لإيصال رسالتها للمعنيين وتأمينها وحمايتها".
 
وكان الشرفي قد حذر قائلا "التعامل تجاهها بعدائية وعنف ومحاولة قمعها سيكون له آثاره السلبية وقد يخلق التداعيات التي تحاشاها القاضي عند تصميم الفعالية الاحتجاجية".
 
وقال مخاطبا المليشيات "ضعوا ذلك في اعتباركم وأي تداعيات تضر بالأمن وما بقي من الاستقرار سيكون المتسبب فيها من قد يعمل على منع حق الاحتجاج وسلب الآخر حقه في العمل المدني السلمي بالقوة والعنف وليس النازلين للشارع لممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي المراعي للظرف الذي تمر به البلد".
 
وقال زكي حاشد "معًا نحو إسقاط الحكومة هو إسقاط لإدارة وبرامج هذه الحكومة التي فشلت وعجزت عن إدارة مصالح المواطنين وأخفقت في تحقيق وتأمين الحد الأدنى لمعيشتهم، بالإضافة إلى ما تمارسه من فساد وإهمال صارت معالمه واضحة للجميع، ولهذا نقول: فلتسقط هذه البرامج والإدارة الفاشلة الممثلة بهذه الحكومة".
 
وفي حين أدان الكثير من المشاركين اعتقال قطران، قالوا بأن ذلك لن يمنعهم من المواصلة، حيث نشر الناشط نبيل الحسام على صفحته بموقع فيسبوك قائلا "اختطاف الرفيق القائد عبدالوهاب قطران نائب رئيس حركة 20 مايو جريمة حقيرة لا تثني عزيمة رفاقه، بل ستزيد من إصرارنا على مواصلة النضال ونحمل سلطة الأمر الواقع المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة".
 
أما العضو والقيادي في حزب صالح عادل الشجاع فقد أعلن تأييده للحركة وللمظاهرة السلمية، حيث قال "غدًا يتقاطر الناس إلى ميدان التحرير في صنعاء مطالبين بمرتباتهم، فهل ستكون هذه هي الشرارة الأولى لثورة الجياع التي تختلف عن ثورات المثقفين والثورات الأيديولوجية؟ نعم ستكون كذلك لأن الأفواه الجائعة هي المحرك الفعلي للثورات".

وأضاف "لكن يبدو أن الحوثيين قد أسكرتهم السلطة فنسوا أو بمعنى أصح لم يضعوا في حسبانهم أن الجوع أصبح مشكلة أمنية تفوق كل المشكلات الأمنية الأخرى".
 
مواقف
 
كثيرة هي المواقف المؤيدة للبدء بالخروج والاحتشاد الشعبي ضد مليشيا الحوثي، أشخاص ومكونات سياسية ومجتمعية ونقابات عمالية.
 
 وليلة الدعوة للتظاهرة، أعلنت نقابة النفط بأنها تؤيد ثورة "الخبز والكرامة"، وتعلن النزول معها إلى ميدان التحرير، وأصدرت بيانا بذلك جاء في نصه "لا بد مما ليس منه بد ولأننا كنقابات عمالية نعني مباشرة بالعمال والعاملات واليد العاملة اليمنية التي تعاني من توقف الرواتب أكثر من ثمانية شهور والإمعان المتعمد في تدمير مؤسسات الدولة وإفشالها والذي بدأ بإعلان قرار التعويم الذي لو تم وضع الضوابط والتفسير المناسب له لما وصلنا إلى كل ما يحدث، والمحاصصة والصراع على المناصب والمكاسب والتي تكاد تقضي على مؤسسات الشعب التي هي صمام أمان للشعب بكل فئاته ومكوناته".
 
بهذه المواقف الفردية والجامعة تكون مليشيا الحوثي أمام ثورة لا بد منها، فالصبر -وكما يطرح كثيرون- قد طال والجوع قد حل والوباء قد انتشر والجوع أكل أجساد الكثير من اليمنيين إن لم يكن الملايين.
 
وعلى الرغم من قمع التظاهرة السلمية، يقول الكثير من الناشطين والسياسيين بأنها تمثل البداية الأولى لثورة متوقعة وهذه أولى علامات شرارتها.
 
تقييم
 
يقول الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر "بنفس الشكل الذي اجتاحت به الميليشيات الحوثية صنعاء سيتم اجتياحها من قبل مناوئيها، فاستعدوا، الكلفة قد تكون أكبر قليلا بالطبع لأن الميليشيات التي لم تجد مقاومة لها آنذاك ستحاول أن تستميت على عرقها الأخير فقط، لكنها ستخسر".
 
وتقول القيادية، وأحد أبرز قيادات الثورة الشبابية الشعبية السلمية، والداعية للسلام، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان "أثناء الفترة الانتقالية كانت الاعتصامات والمسيرات مكفولة كحق مطلق دون قيود في صنعاء وغيرها، واليوم حتى ناشطي الميليشيا ممنوعون من التظاهر ويتعرضون للاعتقال الفوري كما حدث اليوم مع أحمد سيف حاشد وعبدالوهاب قطران".
 
من جهته، الناشط السياسي وأحد شباب ثورة فبراير محمد المقبلي قال -في حديث لـ"الموقع بوست"- إن "صنعاء أمام حالة احتقان واسعة، وهي مدينة يمكننا القول إنها أصبحت رهينة ومختطفة منذ الاجتياح والانقلاب، وللأسف الشديد أن عدد من صفقوا لإسقاط الدولة والحقوق والحريات يكتوون بذات النار التي هللوا لاشتعالها، لكن يبقى قطاع واسع من اليمنيين الأحرار في صنعاء، ولا تزال الحرية حاضرة ولا يزال الكفاح من أجل الخبز والكرامة يتصدر اهتماماتهم".
 
وأضاف المقبلي "قد تباغت صنعاء الانقلاب كما باغتت الاستبداد والإمامة في محطات كثيرة منذ ثورة 1948 إلى ثورة سبتمبر إلى ثورة فبراير، لكي تتوسع الانتفاضة داخل صنعاء يجب أن لا يتصدرها الذين شكلوا مغسلة جرائم للانقلاب في مرحلة تاريخية حساسة، والتاريخ لا يرحم".
 


التعليقات