الطفولة في تعز.. مقاومة من نوع آخر
- هاني عبدالله الأحد, 28 مايو, 2017 - 12:01 صباحاً
الطفولة في تعز.. مقاومة من نوع آخر

[ أرشيفية ]

حين تتنقل بين الأزقة في مدينة تعز، وتحث خطاك في ممراتها المتداخلة بكثافة، فإن أول ما يدهشك هو الحضور اللافت للأطفال وهم يمارسون فوضاهم المعهودة في مدينة يُفترض أنها قد تحولت إلى مدينة أشباح بعد عامين من الحرب والحصار.

للوهلة الأولى تشعر أن ذلك الحضور المتنوع للأطفال هو نوع من المقاومة في وجه الحرب والحصار والقتل اليومي المستمر ضد المدينة منذ أكثر من عامين.

وتشير بعض الدراسات حول الآثار النفسية والسلوكيات أن الحرب تسببت بمضاعفات نفسية سلبية على الأطفال انعكس ذلك في سلوكهم اليومي.

كما أثرت الحرب على جانب آخر من حياة الكثير من الأطفال في تعز، وهم الذين دخلوا سوق العمل مبكرا سعيا وراء لقمة العيش وإعالة الأسرة.

وقالت ملوك ناصر مديرة إحدى المدارس في تعز لـ"الموقع بوست" إن "الحرب أثراً كثيرا على الأطفال، حيث أضحى الطفل يعاني من نفسية مضطربة، وحالة غير مستقرة، علاوةً على ذلك أصبحت ألفاظهم غير طبيعية، وإقناعهم بعمل شيء ما صعب جداً".

وتأمل ملوك ناصر أن تنتهي الحرب حتى تعود نفسية واستقرار الطفل واطمئنانه إلى حالته الطبيعية.

وأضافت "نحنُ نتعب عليهم، ونعاني معهم، وأيضاً نحاول أن نعمل جاهدين لاحتواء هذا الوضع ومساندتهم لتعود الحياة كما كانت من قبل".

لكن مشاهد الحرب والدمار التي اعتاد الأطفال في مدينة تعز على معايشتها منذ مدة طويلة، لم تمنع البعض من ممارسة المرح واللعب كنوع من مقاومتهم للحرب على طريقتهم الخاصة.

مشهد الأطفال جنباً إلى جنب مع معالم الحرب والحطام والقمامة، يرسم لوحةً معبرةً عن إرادة الحياة ومقاومة أجواء الموت التي تحاول فرض سيادتها على تقاسيم المدينة.
 
حركة دؤوبة، وهتافات طفولية، تفاجؤك عند المنعطفات، فتتهاوى من ذهنك صورة البؤس الذي كنت تتوقعه مثل نسيج العنكبوت، وإذا أنت فجأةً تشعر بنفسك جزءاً من تلك الحفلة التي يصنعها أطفال المدينة بما تيسر لهم من مرح، وبما احتفظوا به من تحدٍ في وجه الخوف.
 
لأنهم لا يجدون غير الأزقة حاضنةً لأقدامهم الصغيرة، فهم يعوضون ما ضاق من الأرض بأصواتهم الصاخبة، وبالقفز إلى الأعلى ككرات من المطاط، متحدين بصخبهم دوي القذائف المدوي بين حين وآخر.
 


التعليقات