“الجزيرة” من ناقل لأخبار الشرق الاوسط إلى موضوع فى بؤرة الاهتمام الإخبارى بالمنطقة
- د ب أ - يان كولمان الأحد, 25 يونيو, 2017 - 10:54 مساءً
“الجزيرة” من ناقل لأخبار الشرق الاوسط إلى موضوع فى بؤرة الاهتمام الإخبارى بالمنطقة

تستعر عاصفة سياسية حول قناة الجزيرة، غير أنه لا يمكنك الشعور بذلك من تصرف صلاح نجم مدير الأخبار بقناة الجزيرة الإنجليزية.
 
ويقول نجم في مكتبه الذي يقع مباشرة فوق غرفة الأخبار الضخمة حيث يقوم المحررون بإعداد البرامج التلفزيونية للساعات القادمة: “العمل يمضي لدينا كالمعتاد”.
 
ويتحدث نجم ذو الجسم النحيل والشعر الرمادي بصوت قوي بينما يؤكد أن كل شيء يسير بشكل طبيعي، ثم يسأل أحد الزائرين: ” أم هل تشعر بعاصفة هنا؟”.
 
وعلى الرغم من مثل هذه التأكيدات، تشهد الجزيرة حاليا أكثر الفترات اضطرابا منذ تأسيسها قبل عقدين.
 
وفي ظل الأزمة التي تحيط بقطر، ومع الحصار الذي تقوده السعودية عليها بدعوى رعايتها للإرهاب، فإن المحطة التلفزيونية التي تمولها قطر تقع في مهب موجات الجدل الدائر.
 
وطوال فترة طويلة كانت المحطة التي تتخذ من الدوحة مقرا لها بمثابة شوكة في جنب السعوديين وحلفائهم (البحرين والإمارات ومصر). وقد أرسل حكام هذه الدول الأربع طلبا واضحا إلى أمير قطر وهو : أغلق قناة الجزيرة للأبد.
 
وأكثر ما يزعج تلك الدول هو أن الجزيرة تقدم تغطية واسعة للإخوان المسلمين في مصر وغيرهم من الإسلاميين في المنطقة. وكما ينظر إلى المحطة كذلك على أنها واحدة من المؤسسات الإعلامية التي ساعدت للترويج لانتفاضات الربيع العربي عام .2011
 
وحتى يومنا هذا، تؤكد النخبة السياسية في مصر أن الجزيرة تتحمل بعض اللوم في تمكن الإخوان المسلمين من الوصول إلى السلطة في عام .2013 وبعد ذلك، عندما أطاح الجيش المصري في عام 2015 بالرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي، خصصت قناة الجزيرة وقتا لتغطية المظاهرات المضادة بشكل أوسع نطاقا من أي وسيلة إعلامية أخرى. وتسبب هذا في غضب حكام المملكة العربية السعودية والإمارات، الذين مثل الحكومة المصرية يعتبرون الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا ويلاحقونهم بيد ثقيلة.
 
ويؤكد منتقدو الجزيرة أن القناة ليست سوى وسيلة تمارس بها قطر الصغيرة نفوذا. وينزعج معارضو تلك القناة بشكل خاص من أنه مع بثها للبرامج التي ما زالت تتمتع بشعبية في العالم العربي، فإنها تظل تصل إلى قطاع عريض من الجمهور مثل قلة من القنوات التلفزيونية الأخرى.
 
وفى وجود “الجزيرة الإنجليزية”، وهي إحدى قنوات شبكة الجزيرة، ، تنافس القناة على الساحة الدولية محطات مثل (سي إن إن) و(بي بي سي). فمن سراييفو تبث أيضا إرسالها بصفة خاصة لمنطقة البلقان. وبوجود نحو ثلاثة آلاف عامل فى القناة، أصبحت لاعبا عالميا.
 
وغالبا ما يسمع نجم أسئلة حول التأثير السياسي من قبل الراعي المالي للقناة ، لكنه يجيب على زائر ألماني بسؤال من عنده ويقول: “إن دويتشه فيله (الإذاعة الدولية لألمانيا) تمولها الحكومة الألمانية .. فهل يمكن أن توجهون لها نفس السؤال؟”.
 
ويعرف نجم 60/ عاما/ الذي عمل سابقا لدى هيئة الإذاعة البريطانية وعاش سنوات كثيرة في هولندا، وسائل الإعلام الغربية. ويقول إن الجزيرة يمكنها أن تعمل بحرية تامة مثلها.
 
ويضيف: “نحن لا نتلقى تعليمات من أحد”. ويقول إن الشبكة تعمل على ثلاث قواعد إرشادية واضحة “الدقة والنزاهة والتوازن”.
 
وفي هذا النقاش، يقول فيليب سيب، أستاذ الصحافة والدبلوماسية الشعبية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة سازرن كاليفورنيا، إنه “لا معنى ” لمحاولة إجراء مقارنات مع الدول الديمقراطية التي تضمن حرية الرأي بشكل كامل.
 
ويضيف سيب، مؤلف كتاب /تأثير الجزيرة:/ “في منطقة تكون فيها حتى حرية التعبير الجزئية في طور التقدم، فإن معايير الجزيرة تتجاوز المعتاد”.
 
ويقول: “لن تجد الجزيرة تنتقد الأسرة الأميرية القطرية، لكنهم يتحدون الوضع القائم بطرق أخرى”.
 
وفي الواقع، من المعروف أن الجزيرة تسمح ببث وجهات نظر متباينة، خاصة في برنامج “الاتجاه المعاكس″ الذي غالبا ما يدخل فيه ضيوف الاستوديو في مشاجرة لفظية بصوت عال مع مذيع البرنامج فيصل القاسم.
 
ويروي نجم كيف أنه بعد الأزمة القطرية حاولت القناة استضافة أشخاص من دول “الحصار” ليتحدثوا حول القضايا، ويقول: “لكن السعودية لا تسمح لهم بالحديث لنا”.
 
وربما يكون نجم فى حالة اندهاش بشكل ما من الادعاءات التي وجهتها الدول الأخرى إلى الجزيرة، لكنه لم يقل ذلك صراحة.
 
وقد مولت السعودية منذ فترة طويلة قناتها الإخبارية الخاصة بها “العربية” ومقرها دبي ببرامج تتماشى تماما مع نهج المملكة العربية السعودية. أما أبو ظبي فتملتك نصف أسهم محطة سكاي نيوز عربية.
 
ويقول سيب إن هذه القنوات تتنافس مع قناة الجزيرة. ويضيف: “العربية و سكاي نيوز عربية تقدمان محتوى إخباريا أكثر تحفظا والتزاما بالاتجاه السائد من المحتوى الذي تقدمه الجزيرة … إن مادتهما الصحفية تتماشى مع وجهات نظر الحكومتين (السعودية والإماراتية)، التي كثيرا ما تختلف مع قطر”.
 
وفي النهاية، فإن “الجزيرة” هي جزء واحد فقط من المعركة في الخليج التي تدور رحاها على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام. 
 


التعليقات