التعليم في تعز.. عبث ممنهج وشركاء تشاطروا تدميره (تقرير)
- فخر العزب الخميس, 20 يوليو, 2017 - 08:10 مساءً
التعليم في تعز.. عبث ممنهج وشركاء تشاطروا تدميره (تقرير)

[ تعرض التعليم في تعز لتدمير ممنهج شاركت فيه مختلف الأطراف ]

ألقت الحرب التي تشنها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح على تعز منذ أكثر من عامين بظلالها على واقع التعليم في المحافظة، فتعز التي كانت الأولى بين المحافظات اليمنية في مؤشرات التحصيل العلمي باتت اليوم تعاني من كارثة تعليمية حقيقية خلفتها الحرب.
 
وأثرت الحرب على واقع التعليم الذي تعرض للتدمير بكل الجوانب سواء من ناحية استهداف المدارس بالتدمير والقصف، أو استهداف العملية التعليمية برمتها عن طريق غلق المدارس بوجوه الطلاب وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وتشجيع الظواهر السلبية المرتبطة بالتعليم مثل ظاهرة الغش والتسرب من المدارس وغيرها.
 
تورط الطرفين
 
ويشترك الطرفان (الانقلاب والشرعية) في استهداف التعليم والمدارس في المحافظة التي تحتوي على 25% من المدارس في اليمن، وهو الاستهداف الذي تعاني منه العملية التعليمية في جميع المحافظات تقريبا والواقعة تحت سيطرة الطرفين.
 
فقد قام الانقلابيون بتحويل المدارس الواقعة في مناطق سيطرتهم إلى ثكنات عسكرية، كما قاموا بتفجير عدد كبير من المدارس في مناطق الاشتباكات أو قبل انسحابهم من بعض المناطق، فهناك الكثير من المدارس التي تم توثيق عملية تفجيرها باستخدام الألغام بيد الانقلابيين.
 
كما عمل الانقلابيون على تدمير التعليم من خلال تنصيب شقيق زعيمهم في منصب وزير التربية والتعليم ومن ثم عملهم على تغيير القيادات التربوية العليا وتغيير المناهج والعبث بالعملية التعليمية من خلال تشجيع ظواهر الغش والتسرب من المدارس.
 
 وسيطرت بعض الفصائل المسلحة الموالية للحكومة الشرعية على العديد من المؤسسات التعليمية، وحولتها إلى مخازن للأسلحة ومعتقلات وميادين للتدريب القتالي، وأيضا ملاجئ للنازحين، ومن أبرز هذه المؤسسات مكتب الإدارة العامة للتربية والتعليم، وثانوية تعز الكبرى التي تعد أكبر مدرسة في اليمن والخليج، ولم يتم تسليم هذه المؤسسات للجهات الحكومية حتى الآن، كما أن ظاهرة الغش والتسرب من المدارس قد انتشرت أيضا في مناطق سيطرة الشرعية.
 
كذلك فإن طائرات التحالف العربي المؤيد للشرعية قد قامت بقصف عدد من المدارس خلال تحصن قوات الانقلابيين فيها مما عرضها للتدمير الكلي أو الجزئي.
 
مسؤولية جماعية ومباشرة
 
يرى التربوي عبدالقوي الوجيه في حديثه لـ"الموقع بوست" أن "جميع أطراف الصراع في اليمن تتحمل مسؤولية استهداف التعليم وتدميره كونها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تدمير أو احتلال أو تعطيل المؤسسات التعليمية في تعز، كما أن الحرب قد تسببت بحالات نزوح للمعلمين والطلاب على حد سواء، بالإضافة إلى الحرب المستمرة والوضع الأمني المنفلت الذي تشهده المدينة قد جعل أولياء الأمور يحرصون على عدم ذهاب أولادهم إلى المدارس خوفا من تعرضهم للخطر".
 
ويضيف الوجيه أن "الشرعية والانقلاب قد تسببا بتعطيل التعليم والتسبب بتحويل طلاب تعز إلى متسربين من التعليم، نتيجة الظروف التي خلقتها الحرب، ومن هنا تظهر حجم الكارثة خاصة لو عرفنا أن تعز هي المحافظة الأكبر بعدد المدارس وعدد الطلاب أيضا بين محافظات الجمهورية، ونتيجة الكثافة السكانية فيها واهتمام أبنائها المعروف بالتعليم فالرهان عليها بالدرجة الأولى دون غيرها في صناعة المستقبل".
 
الصراع عامل مؤثر
 
وكان مركز الدراسات والتعليم التربوي قد أصدر في وقت سابق تقريرا أشار فيه إلى أن الصراع المسلح في تعز قد تسبب بإغلاق 468 مدرسة، 70% منها في المدينة، و30% في ريف المحافظة.
 
ويتجلى حجم الكارثة -كما أشار التقرير- في أن محافظة تعز التي تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات اليمنية في عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم العام (الأساسي والثانوي) حيث يصل عدد الطلاب أكثر من 800 ألف طالب وطالبة، قد احتلت المرتبة الأولى أيضا في عدد الطلاب المحرومين من التعليم وذلك بسبب الحرب التي بدأت نهاية شهر مارس/آذار 2015 ولا تزال مستمرة إلى اليوم.
 
وأشار التقرير إلى أنّ هناك أربع مديريات توقّف التعليم فيها بشكل نهائي تقريبا منذ بداية العام 2015 وهي صالة، والمسراخ، وذوباب، والوازعية، كما أنّ هناك أربع مديريات يوصف وضع التعليم فيها بالحرج وهي القاهرة، والمظفر، والمخا، وحيفان.
 
وكشف التقرير أنّ أقل من ألفي معلم ومعلمة من إجمالي 8.872 معلم ومعلمة في نطاق مدينة تعز بمديرياتها الثلاث (القاهرة، والمظفر، وصالة) هم من قاموا بأداء عملهم التدريسي خلال العام الدراسي 2016، مع ملاحظة أن بعض هؤلاء التحقوا بالمدارس مع نهاية العام الدراسي.
 
وسائل لمواجهة الكارثة
 
وفي مواجهة المشاكل التي خلفتها الحرب على واقع التعليم في تعز، سعت عدد من المدارس وعبر المبادرات والمنظمات الخيرية إلى استئجار شقق أو الاستعانة بالمساجد لممارسة التدريس فيها، كما استعانت ببعض المتطوعين للقيام بالتدريس بعد حالة النقص الشديد بالكادر التعليمي نتيجة عمليات النزوح والالتحاق بجبهات القتال، كما أن المدارس تعاني من نقص شديد في الكتاب المدرسي، وهي معضلات أثرت كثيرا على سير العملية التعليمية.
 
الغش ظاهرة مؤرقة
 
بالإضافة إلى ذلك تواجه العملية التعليمية في اليمن تدميرا ممنهجا من جميع الأطراف التي أفرغت التعليم من مضامينه، وعملت على تشجيع ظاهرة الغش التي تتجسد في امتحانات نيل الشهادتين الأساسية والثانوية، بحيث أصبح الغش هو الصفة السائدة في جميع المراكز الامتحانية دون استثناء مما تسبب بإفراغ العملية الامتحانية من أهدافها.
 
وبحسب الباحث الاجتماعي عرفات علي ناجي في حديثه لـ"الموقع بوست" فإن "ظاهرة الغش تنتج أجيالا جاهلة لا يمكن المراهنة عليها في السير نحو المستقبل وبناء الوطن، بل إنها تساعد في خلق مجتمع مشوه وغير قادر على التفكير والابداع فهو مجتمع اتكالي ومستهلك وغير منتج، فالمجتمعات الراقية تدرك أهمية التعليم باعتباره العمود الأساس الذي يبني عليه المجتمع تقدمه".
 
ويضيف عرفات إن "ظاهرة الغش في اليمن قد ترافقت مع مرحلة انهيار الدولة والانقلاب عليها، وهذا دليل كاف على أهمية التعليم في بناء الدولة على أسس سليمة، فالاهتمام بالتعليم وحده هو ما بنى المجتمعات التي استطاعت النهوض بنفسها لمصاف الدول المتقدمة مثل اليابان وماليزيا، ولذا فنحن نراهن اليوم على المجتمع في تحمل مسؤولياته في مكافحة الظواهر السلبية التي تدمر التعليم".


التعليقات