شوقي القاضي في حوار مع "الموقع بوست": أطالب بإعادة تقييم الحرب في اليمن والانقلابيون يتخبطون
- حاوره – فخر العزب الخميس, 27 يوليو, 2017 - 09:05 مساءً
شوقي القاضي في حوار مع

[ القاضي: معركتنا في اليمن مع الانقلاب والفساد والهيمنة ]

يعتبر شوقي القاضي وهو عضو في البرلمان اليمني أن اليمن منذ انتخاب الرئيس هادي لم تستقر سياسيا، مما أثر على الحياة القانونية، وجعل مجلس النواب اليمني هو الأطول بالنسبة لبرلمانات العالم.
 
وفي حواره مع "الموقع بوست" يعتقد القاضي أن الانقلابيين في اليمن يتخبطون ولا يعلمون ماذا يريدون من مجلس النواب، فتارة يحلوا البرلمان، بحسب إعلانهم الدستوري في فبراير 2015، وتارة يستدعونه لتمرير وتحليل مؤامراتهم.
 
لكنه يرى أن أغلبية النواب سيكونون عند مستوى المسؤولية الوطنية، وهم جاهزون لتلبية نداء الواجب لتفعيل الدور التشريعي والرقابي للبرلمان في إطار الشرعية، التي تسعى لانعقاد المجلس في عدن.
 
في الحوار تطرق القاضي إلى العديد من القضايا المتصلة بكثير من الملفات اليمنية الشائكة.

 
* أنت عضو في برلمان تم انتخابه قبل 14 عاما من الآن، برأيك ما الذي تبقى من شرعية البرلمان؟
 
* البرلمان جزءٌ من مؤسسات الدولة اليمنية "الرئاسة والحكومة والقضاء والبرلمان" التي اختطفها علي عبدالله صالح ونظامه 33 عاماً فعاث فيها فساداً وإفساداً، وجعل منها كيانات هشَّة ضعيفة محدودة الدور والتأثير، حتى يبقى هو الفاعل واللاعب والديكتاتور الأوحد، وعندما نهض شباب فبراير2011 للتغيير كان الأمل أن تتغيَّر تلك الأوضاع إلى الأحسن لكن الثورة المضادة أعاقت التغيير وأشعلت الحرب التي أوقفت الآمال والطموحات.
 
* هل تمارسون دوركم كبرلمانيين في رسم سياسات سلطة هادي، أم أن دوركم انتهى؟
 
* منذ التوافق على انتخاب الرئيس هادي لم تستقر الأوضاع السياسية في اليمن ومن ثَمَّ لم تتطبَّع الحياة القانونية والتشريعية، ثُمَّ عندما انقلبت مليشيا الحوثي وصالح على الدولة دخلت البلد في حرب على إثرها توقفتْ مسيرة البناء التي تأسست على الشراكة من خلال مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته، لكننا الآن وبعد أن تحرَّرتْ كثير من المحافظات اليمنية نأمل ونعمل على استعادة مؤسسات الدولة فيها ومنها البرلمان.
 
* ما الدور القادم لمجلس النواب بعد دعوة الشرعية لانعقاده في عدن؟ وهل سينجح برلمان عدن في الانعقاد في ظل الوضع المتأزم الذي تعيشه عدن؟
 
* مجلس النواب أحد مؤسسات الدولة المهمة والذي يجب أن يقوم بمهامه ومسؤولياته في تقييم ومراقبة أداء الحكومة وأجهزتها في المحافظات المحررة التي لا زالت تعاني من اختلالات وأزمات جزء منها بسبب الأداء القاصر لبعض الوزارات ومؤسساتها، كما أن مؤسسة البرلمان شريك فاعل في إنجاح وتقييم وتفعيل أجهزة الحكومة من خلال دوره، وبالتأكيد فإن عودته للعمل من عدن يتطلب قرارا ورغبة من التحالف العربي والرئاسة وتهيئة البيئة والإمكانات لعودة البرلمان.
 
* ما تقييمك لمساعي الانقلابيين بعث وإحياء مجلس النواب في صنعاء؟ وهل يمكن أن نقول إن هناك سباقا بين الشرعية والانقلابيين حول شرعنة البرلمان؟
 
* الانقلابيون يتخبطون ولا يعلمون ماذا يريدون، فتارة يحلوا البرلمان، بحسب إعلانهم الدستوري في فبراير 2015، وتارة يستدعونه لتمرير وتحليل مؤامراتهم، لكن أغلبية النواب عند مستوى المسؤولية الوطنية، وهم جاهزون لتلبية نداء الواجب لتفعيل الدور التشريعي والرقابي للبرلمان في إطار الشرعية.
 
* في صدد دعوة الانقلابيين لانعقاد البرلمان، هل سيتحول برلمان صنعاء إلى مصدر للصراع بين الحوثيين والمخلوع الذي يسيطر على أغلبية البرلمان؟
 
* بالتأكيد، لأن صالح الذي خان شرفه العسكري، وسلّم معسكرات الدولة وأسلحتها لمليشيا الحوثي، يراهن على ما تبقى له من عوامل قوة، ومنها بعض أعضاء في البرلمان يستقوي بهم.
 
* باعتبارك برلماني وحقوقي ما الحل الذي تقترحه على الساسة اليمنيين للخروج بالبلد من أزماته المتتابعة؟
 
* الحل لقضايا اليمن كلها موجود ومتوفِّر في "مخرجات مؤتمر الحوار الوطني" لكن لابد من "زوال الانقلاب" وعودة الدولة ومؤسساتها وإنهاء المليشيات، وتطبيق القرارات الدولية بشأن الانقلابيين.
 
* هناك في اليمن حرب مستمرة لأكثر من عامين تسيرها رغائب قوى محلية وخارجية، وبلا شك لن تطول الحرب للأبد بل ستفضي إلى تسوية سياسية، ألا يُخشى برأيك من أن تكون هذه التسوية مشوهة؟
 
* لابد من التذكير والتأكيد أولاً على أن هذه الحرب أشعلها وتسبَّب بها انقلاب مليشيا الحوثي وصالح باختطافه الدولة، ونهب معسكراتها ومؤسساتها، وتهديد أمن ومصالح دول الإقليم والملاحة الدولية، وعليه تدَّخلت دول الإقليم عبر "التحالف العربي"، إلا أن الحرب تجاوزت مدتها المتوقعة، واقتربت من العامين والنصف لعوامل بعضها معقولة وبعضها مُحيِّرة، هذه الحرب إما أن ينتصر فيها طرف، أو تفضي إلى تسويات سياسية، ونحن نتمنى هذه الحلول شريطة أن تكون حلولاً جذرية تعود فيها الدولة ومؤسساتها، وتتعزَّز فيها الجمهورية والديمقراطية وأدواتها، وتتحقَّق فيها الشراكة الحقيقية، وتنهي جذور المشكلات المزمنة، ولا تعمل على تأجيلها وتجدُّد صراعاتها.
 
* ما تقييمك لدور دول التحالف العربي في اليمن، وهل هناك أدوار وأطماع مشبوهة لبعض دول التحالف؟
 
* عامان ونصف من انطلاق "عاصفة الحزم" ثم "الأمل" بحاجة إلى تقييم موضوعي شامل على ضوء الهدفين الذين أعلنا وهما: تدمير الأسلحة التي قد تشكل خطراً على السعودية، وهذا الهدف ربما حُقق منه الكثير، أما الهدف الثاني وهو الذي كان اليمنيون يعوِّلون عليه، وهو: إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة وتمكين مؤسساتها للبدء بتنفيذ مخرجات الحوار وبناء اليمن الاتحادي كما جاء في "مؤتمر الرياض" لكن هذا الهدف لا زال متعثِّراً.
 
* هل التجمع اليمني للإصلاح بحاجة لمراجعة فكرية أم مراجعة تنظيمية، أم كليهما؟ ولماذا برأيك يحتاج الإصلاح لهذه المراجعات؟
 
* جميع الأحزاب السياسية "المؤدلجة" وفي مقدمتها "الإصلاح، والاشتراكي، والقومي بشقيه الناصري والبعث" بحاجة إلى مراجعات شجاعة وتقييمات موضوعية لمسيرتها وأدائها وعلاقاتها وتجاربها، ونحن في الإصلاح نحتاج إلى تلك المراجعات والتقييم على جميع المستويات والمجالات، الفكرية والتنظيمية وتداخل الدعوي بالسياسي والتمييز بينهما وبين أدواتهما وطبيعة ميادينهما، لأن الإصلاح حزب يعوَّل عليه، مع شركائه من الأحزاب والقوى المدنية، النهضة باليمن وتنميته واستقراره.
 
* هل تتوقع أن التجمع اليمني للإصلاح سيتم استهدافه ضمن حملة الاستهداف التي تطال الإخوان المسلمين في معظم دول المنطقة؟ وهل تضرر الإصلاح من تبعات الأزمة الخليجية؟
 
* الإصلاح حزب مدني فاعل تحمَّل مسؤوليته الوطنية في جميع المراحل وليس آخرها وقوفه مع الشرعية ودفع كلفة باهظة في مشاركته الفاعلة مع القوى الوطنية ضد مليشيا الانقلاب لاستعادة الدولة ومؤسساتها، وهو حزب أثبتت الأيام والظروف والوقائع بأنه حزب مدني يحتكم للدستور والقانون والمصلحة الوطنية، ومن ثَمَّ لا أظن أن هناك من يتآمر عليه عدا مليشيا الانقلاب وداعميها الذين أوجعهم الإصلاح بانحيازه للوطن والجمهورية والديمقراطية.
 
* ما تقييمك لواقع تحالف اللقاء المشترك، وكيف تتوقع مستقبل هذا التحالف، وما هي قراءتك لمستقبل التحالفات السياسية في اليمن بشكل عام وفقا لمجريات الواقع؟
 
* اللقاء المشترك تجربة سياسية فريدة أذابت جليد عقود من الجفوة بين التيارات الإسلامية واليسارية والقومية، وأسَّست لعمل سياسي مشترك يقوم على القواسم الوطنية المشتركة، وقد حقَّق الكثير من أهدافه المرحلية الأولى، لكنه اليوم بحاجة إلى تقييم شامل، للاستفادة منه في العمل السياسي للمرحلة القادمة، التي قد تشهد أطر جديدة على ضوء مستجدات المرحلة وتحالفاتها.
 
* أنت برلماني عن تعز التي تعد أكثر المحافظات تضررا من الحرب، برأيك لماذا لم تتحرر تعز حتى الآن؟ وما الحلول التي يجب على أبناء تعز القيام بها لتحرير محافظتهم واستعادة مؤسسات الدولة فيها؟
 
* تعز المحافظة التي قاد شبابُها إسقاط صالح ونظامه الفاسد، وهي معقل التحرر والوعي والثقافة والفكر، ومحضن الجمهورية والمدنية والديمقراطية على مدار العقود، ومن ثَمَّ نالها من حقد مليشيا صالح والحوثي من القصف والحصار والتدمير الكثير ولا زالت، وكان المعوَّل على قوات التحالف أن تساند شباب المقاومة في تعز وجيشها الوطني ما يعينهم على التحرر والانتصار، لكن للأسف تعرَّضت تعز للخذلان وربما محاولة غرس نبتات غريبة على تعز وأهلها، ولهذا على أحرار تعز أن يتنبهوا لتلك الأجندات المشبوهة التي يُراد تنفيذها في تعز.
 
* هل فعلا استفادت الجماعات التكفيرية من حالة الفوضى وغياب الأمن في تعز لتنتشر فيها؟ أم أنها مجرد فزاعة؟
 
* جزء كبير من جماعات التكفير والعنف هي نبتات استزرعها علي عبدالله صالح منذ صراعه مع الحزب الاشتراكي واستخدم بعض هؤلاء التكفيريين ظاهراً، المخبرين حقيقة، في تصفية قيادات الحزب الاشتراكي رحمهم الله، وليس آخرهم الشهيد جار الله عمر قدَّس الله سِرَّه، واليوم يستخدمها صالح في إعاقة تحرُّر تعز وتوتير استقرارها والانحراف بمسيرتها النضالية، وما الاغتيالات التي تطال شباب المقاومة في تعز إلا نتيجة لهذه المجاميع الاستخباراتية المخترقة التي يجب أن يصطفَّ في مواجهتها وكشفها جميع أبناء تعز وقواه الحية.
 
* لماذا تشتد الحملات التحريضية ضد شوقي القاضي والتي تتهمه بأنه علماني والبعض يتهمه بالمرتد؟
 
* [يبتسم] هذه حملات عاطفية يقودها بعض المستعجلين الذين يعتقدون أن آراءهم وفهمهم هو الفهم الأوحد والأصح وغيره جريمة.
 
* ما موقف شوقي القاضي من العلمانية؟
 
* موقفي من العلمانية منشور في صفحتي على الفيسبوك ومُعلَن منذ أكثر من عشرين عاماً، وهو أن العلمانية ليست نموذجا واحدا، وإنما نماذج متعددة وتطبيقات متنوعة منها: العلمانية التي تحارب الإسلام وتعادي مظاهره وشعائره، وهذه علمانية مرفوضة، ويجب التصدي لها. النوع الثاني من العلمانية هو العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة، لكنها لا تعاديه ولا تحاربه، وهذا النوع يصلح تطبيقه في الدول والمجتمعات متعددة الأديان كالهند ودول الغرب وغيرها، أما الدولة التي يجمع مواطنيها دينٌ واحد فينبغي أن تنسجم الدولة ومؤسساتها وقوانينها مع ثوابت الدين ومقاصده، شريطة ألا تُصبغ الدولة بمذهب واحد أو طائفة واحدة أو أيديولوجية جماعة معينة بينما تعادي بقية المذاهب والطوائف والجماعات.
 
* هل تؤمن بالخطاب الذي يقول إننا نحارب المجوس في اليمن؟ ما دلالة انتشار هذا الخطاب اليوم؟
 
* معركتنا في اليمن مع الانقلاب والفساد والهيمنة ومن يعيق بناء الدولة الوطنية المدنية الجمهورية الديمقراطية وليست لنا أي معارك أو خصومات مع الأديان ولا الطوائف ولا المذاهب، والخطاب الطائفي خطير وتبعاته تمزيق المجتمع والوطن.
 
* لماذا برأيك تزيد ثقافة التكفير لدى الشباب اليمني مقابل اضمحلال ثقافة التفكير؟
 
* لا زالت مجتمعاتنا بخير، ولا زال شبابنا طموح ومتفوِّق، رغم الظروف التي نعيشها وتعيشها بلادنا، إلا أن هناك موجة يأس وإحباط يتعرَّض لها البعض فتدفعهم في اتجاهات مختلفة، لكني على ثقة بأنه إذا سقط انقلاب مليشيا الحوثي وصالح وبُنيَت الدولة اليمنية وفق مخرجات الحوار، سيتنافس الشباب في ميادين التنمية وبناء دولتهم.
 
* لماذا صار الشباب اليمني فريسة سهلة للتنظيمات التكفيرية؟
 
* أنت تعني مجموعة محدودة من الشباب، تُستغَل ظروفهم المعيشية والاقتصادية لاستقطابهم إلى تنظيمات العنف والقتل، وهؤلاء بمجرَّد عودة الدولة ومؤسساتها سيعود أغلبهم إلى الحياة الطبيعية الرشيدة.
 
* بالإضافة لكونك برلماني وناشط حقوقي فأنت خطيب مفوه أيضا، ما تقييمك للخطاب الديني اليوم والذي نسمعه من منابر الجوامع أو وسائل الإعلام، هل هو خطاب يؤسس لبناء مجتمع سليم مبني على قيم المحبة والتسامح أم يؤسس لمجتمع ممزق مبني على الأحقاد والكراهية؟
 
* الخطاب الديني في مجمله خطاب راشد ويلامس قضايا الناس ويدعو إلى الخير والمعروف بالحكمة والموعظة والتي هي أحسن، وهؤلاء الخطباء لهم أدوار طيبة في المجتمع وقضاياه المختلفة، وهناك قِلَّة قليلة من الخطباء للأسف يصارعون طواحين الهواء بخطاب مُتخلِّف بسبب محدودية ثقافتهم وعلمهم، وفي حالة سقوط انقلاب مليشيا الحوثي وصالح وعودة الدولة والبدء بتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني سيستقيم أداء مؤسسات الدولة ومنها مؤسسات التوعية والإرشاد والتربية والتعليم.


التعليقات