الإمارات.. بين ممارسات "الاحتلال" وأهداف "التحالف" الداعم للشرعية في اليمن (تقرير)
- خاص الإثنين, 14 أغسطس, 2017 - 03:43 مساءً
الإمارات.. بين ممارسات

[ تناقض أجندة الإمارات مع الشرعية لم يعد خافٍ على أحد ]

لأول مرة ومنذ قيام التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية في مارس/آذار 2015، ظهر الخلاف بين السلطة الشرعية في اليمن ودولة الإمارات إلى العلن رغما عن كل جهود التهدئة التي بذلت لاحتوائه منذ واقعة مطار عدن أواخر فبراير الماضي وحتى الآن.

مساء السبت اتهم محافظ البنك المركزي اليمني منصر القعيطي التحالف العربي بعرقلة توريد الأوراق النقدية لتوفير السيولة إلى العاصمة المؤقتة عدن جواً، منذ أبريل 2017 ولعدد 13 رحلة تم إلغاء تصاريح نزولها إلى عدن وتوريدها إلى خزائن البنك المركزي دون مبرر أو تفسير واضح، وفشل اللجنة الإشرافية في تحقيق نتائج قراراتها في هذا المجال.

وعبر القعيطي في بيان له نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" عن استغرابه واستيائه البالغ من هذه العراقيل خاصة وأنها تعيق البنك المركزي اليمني من القيام بوظائفه وواجباته القانونية في توفير السيولة المناسبة والملائمة للاقتصاد اليمني وفقاً لقانون البنك المركزي اليمني رقم 14 لعام 2000 خاصة في مجال دفع مرتبات الموظفين في الجهاز الإداري للدولة.

وطالب بتعزيز استقلالية البنك المركزي اليمني، واحترام أدائه لوظائفه القانونية، ومراعاة استقلالية وسيادية هذه المؤسسة على الصعيد اليمني، وتجنيبها خلط الأوراق السياسية، وتبعات الخلافات السياسية من قِبَل جميع الأطراف، واحترام استقلال وسيادة الجمهورية اليمنية.

بيان القعيطي جاء بعد اجتماع لمجلس إدارة البنك في العاصمة الأردنية (عمان).

ويعد هذا الموقف أول اتهام مباشر وصريح من قبل الحكومة الشرعية للتحالف العربي ودولة الإمارات التي تحكم سيطرتها على العاصمة المؤقتة عدن والمرافق الحيوية فيها، بما في ذلك المطار والميناء والمحافظات المحررة.

يأتي هذا التطور الخطير بعد تناولات إعلامية أعقبت مغادرة رئيس الحكومة الدكتور أحمد بن دغر ومحافظ عدن عبدالعزيز المفلحي إلى الرياض تنفيذا لتوجيهات الرئيس هادي لغرض التشاور.

وتحدثت التناولات عن ضغوط إماراتية لإقالة محافظ عدن واستبداله بإحدى ثلاث شخصيات اقترحتها أبوظبي، وهي محافظ شبوة السابق أحمد حامد لملس، ووكيل محافظة عدن عدنان الكاف، ووزير الصناعة في حكومة باجمال خالد راجح شيخ.

وأوضحت المصادر أن الرئيس هادي رفض هذه الضغوط، وأكد أن قرار تعيين المفلحي كان في الطريق السليم، وأن الرجل حقق نجاحات لا تستوجب إقالته ولا يوجد مبرر لذلك، باعتباره قدم أداءً إداريا جيدا خلال الشهرين الماضيين.

مطالب أبوظبي بإقالة المفلحي جاءت -بحسب المصادر- بعد لقاء الأخير بقيادة ميناء عدن ومناقشته لسبل تطوير نشاطه ورفع مستوى قدرته الاستيعابية أمام النشاط التجاري و تذليل الصعوبات أمام المستوردين.

وكان رئيس الحكومة الدكتور أحمد بن دغر أكد قبيل مغادرته للعاصمة المؤقتة بأن مدينة عدن "خرجت من عنق الزجاجة رغم محاولات البعض للإبقاء على حالة التوتر فيها".

وبحسب المصادر لـ"الموقع بوست" فإن الرئيس هادي سيطلع سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية في اليمن على ممارسات الإمارات وعرقلتها لأداء الحكومة الشرعية والسلطة المحلية في العاصمة المؤقتة عدن وذلك في لقاء يزمع انعقاده خلال أيام.

خارج أهداف التحالف

إذن فقد وصل حجم الخلاف بين السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي ودولة الإمارات العربية المتحدة المنضوية ضمن التحالف العربي، إلى مستوى لم يعد بالمقدور إخفاءه والسيطرة عليه في إطار تبادل المجاملات والعبارات الدبلوماسية.

 ظهور الخلافات إلى السطح بشكل غير مسبوق سبقها نشر تسريبات عن حديث الرئيس عبدربه منصور هادي مع شخصيات من محافظة ذمار أثناء لقاءهم به نهاية الأسبوع المنصرم في الرياض، هاجم خلالها الرئيس دولة الإمارات  بسبب أطماعها التي وصفها بأنها زادت عن حدودها ولا يمكن السكوت عنها.

وقال الرئيس هادي إن "الإمارات تتصرف خارج أهداف التحالف المعلنة وخارج ما اتفقوا عليه"، وأنه يبلغ السعودية بكل تصرفاتها أولا بأول لكنه لا يلقى أي تجاوب من القيادة السعودية، مؤكدا أنه سوف يصبر "لكن للصبر حدود"، حسب التسريبات.

وتابع هادي قائلا "نحن في أزمة ولا ننكر أن دولا في التحالف حاليا خرجت على الأهداف لكن الأمور لا تزال بيد السلطة الشرعية وهي من تضبط مجريات الأحداث في النهاية، سنترك لهم مجال ومساحة حتى يكشفوا أنفسهم للعالم". 

واستطرد قائلا "منعوا التعزيزات لمطار عدن وسيئون ومنعوا هبوط طائرة النقد والآن يعملون للسيطرة على آبار النفط والغاز وهذا يجرد الشرعية من كل شيء".

وجاء قيام التحالف العربي استجابة لطلب الرئيس عبدربه منصور هادي من دول الخليج العربية في رسالة بعثها إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود دعا خلالها للوقوف إلى جانب الشعب اليمني لحمايته، مستنداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، وذلك لتقديم المساندة الفورية بجميع الوسائل والتدابير اللازمة بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي المستمر.

محطات الخلاف

وكانت أولى محطات الخلاف عقب تحرير العاصمة المؤقتة عدن وتعيين الرئيس هادي لقائد المقاومة في عدن نائف البكري محافظاً لعدن، وهو ما رفضته أبوظبي واضطر الرئيس حينها إلى تعيين اللواء جعفر محمد سعد خلفاً للبكري الذي لم يقسم اليمين الدستورية.

وتطورت فصول الخلاف بين الرئيس هادي ودولة الإمارات العربية المتحدة بعد إقالة خالد بحاح من منصبه كنائب للرئيس ورئيس للوزراء مطلع أبريل/نيسان من العام 2016، على خلفية موافقة بحاح على منح إدارة جزيرتي سقطرى وميون للإماراتيين لمدة 99 عاماً، وهو ما ألغته لاحقاً حكومة بن دغر.

تلا ذلك منع الإماراتيين من تسليم مطار عدن لوحدة عسكرية تابعة للحماية الرئاسية مطلع فبراير من العام الحالي بعد منع طائرة الرئيس هادي من الهبوط في مطار عدن واجبارها على التوجه إلى محافظة سقطرى، نتج عن ذلك توتر عسكري واشتباكات محدودة بين الحماية الرئاسية وقوات الحزام الأمني مسنودة بمروحيات إماراتية، راح ضحيته قتيل وأربعة جرحى وتدمير طقم عسكري تابع للحماية الرئاسية بصاروخ من مروحية إماراتية.

أواخر أبريل الماضي أقال الرئيس هادي محافظ عدن السابق اللواء عيدروس الزبيدي وعين خلفه عبدالعزيز المفلحي، وهو ما أثار حفيظة الإماراتيين الذين دعموا تشكيل المجلس الانتقالي برئاسة الزبيدي ردا على قرار هادي وذلك في الحادي عشر من مايو الماضي.

في حين لم يتمكن المحافظ الجديد المفلحي من المداومة في مكتبه في ديوان المحافظة وتسلم سكنه، ويرفض حراسة المحافظ السابق تسليمهما وهو ما يفهم منه رفض أبوظبي التعامل مع المحافظ الجديد وعرقلة نشاطه.  

اتهامات

وكانت صحيفة القدس العربي كشفت عن مخطط إماراتي للاستيلاء على غاز محطة بلحاف في محافظة شبوة جنوبي اليمن.

وذكرت الصحيفة أن الإماراتيين "يخططون للاستغناء عن الغاز القطري أو عن نسبة منه وتعويضه بالغاز اليمني المزمع تصديره من ميناء بلحاف الجنوبي".

وأشارت إلى أنه "أصبحت كل منابع النفط اليمنية في جنوب البلاد بيد الإماراتيين"، ومؤكدة أن "الإماراتيين يستعملون ميناء "الضبة" الحضرمي لتصدير شحنات نفطية من حضرموت دون إذن الحكومة اليمنية أو ترخيصها منذ عام كامل".

يذكر أن منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية دولية كانت قد اتهمت الإمارات بممارسة التعذيب بالنار في سجون تديرها أبوظبي عن طريق قوات "الحزام الأمني" في عدن وقوات "النخبة الحضرمية" في حضرموت، بالإضافة إلى "اعتقالات لمواطنين في محافظة شبوة بدأتها قوات ما يسمى بالنخبة الشبوانية الممولة إماراتياً". 

وأشارت تقارير دولية إلى وجود قواعد عسكرية إماراتية في عدد من الجزر اليمنية في البحر العربي وفي مدخل باب المندب وعدد من المدن في المناطق التابعة للشرعية اليمنية.

وبالمجمل فإن نشاط أبوظبي الخارج عن أهداف التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن يبدو وكأنه خارج عن سيطرة الجميع بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

مطلع مايو الماضي أسفر لقاء الرئيس هادي بالملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن تشكيل لجنة مشتركة برئاسة اليمن وعضوية السعودية والإمارات لرفع مستوى التنسيق والتكامل، لكنها بقيت مجمدة النشاط حتى إشعار آخر بسبب تمنع الإماراتيين من التعامل معها، واتهمها بيان محافظ البنك المركزي بالفشل في احتواء أزمة عرقلة الإمارات لتوريد السيولة النقدية بإلغائهم تصاريح 13 رحلة جوية إلى مطار عدن.

وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل لا يزال الأمر تحت السيطرة كما تحدث الرئيس هادي؟ أم أن الخرق قد اتسع على الراقع؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من الحرب في اليمن أضحت أكثر قرباً فيها من أهداف الانقلاب على الشرعية وبعيدة كل البعد عن أهداف التحالف المساند لها؟ وهو ما عبر عنه صراحة بيان البنك المركزي الأخير الذي دعا خلاله جميع الأطراف إلى احترام استقلال وسيادة الجمهورية اليمنية.


التعليقات