ثلاثة سيناريوهات محتملة لما ستفرزه خلافات طرفي الانقلاب (تحليل)
- متولي محمود الاربعاء, 23 أغسطس, 2017 - 08:11 مساءً
ثلاثة سيناريوهات محتملة لما ستفرزه خلافات طرفي الانقلاب (تحليل)

[ يبدو مهرجان صالح ممولا وكاختبار لمدى الشعبية التي لا يزال يحتفظ بها ]

كثرت التحليلات والتأويلات بشأن ما سيحدث يوم غد في العاصمة صنعاء على إثر التوتر الذي رافق استعدادات حزب المؤتمر للاحتفاء بالذكرى السنوية لتأسيس الحزب. 

ظاهريا، يبدو هناك توتر بين شركاء الانقلاب، وبدون توتر هناك تباين في وجهات النظر والأهداف، لكن ما يوحدها هو وقوفهم في خندق واحد ضد السلطة الشرعية وداعميها. 

ثمة تراشق إعلامي فظيع بين أنصار الرئيس المخلوع ومليشيا الحوثي، وعلى غير العادة طفى على السطح، ليس في وسط القواعد بل في أوساط قيادات الصف الأول، وعلى الملأ. 

التصريحات الأخيرة لناطق الحوثيين وقياديين في حزب صالح توحي بتصادم قريب، لكن ذلك غير دقيق إذا علمنا أن هذا التحالف قائم منذ ثلاث سنوات، وليس هناك من طارئ يحتّم تغير في وجهات النظر. 

لطالما ظل الحليفان متماسكين، رغم التجاوزات التي مارسها الحوثيون في حق حليفهم المؤتمر، وصلت حد الضرب والطرد من المؤسسات في غير مناسبة، ومع ذلك لم تكن التداعيات لتأخذ هذا القدر من الدعاية. 

الجميع يحبس الأنفاس بانتظار ما ستسفر عنه احتفالية أنصار المؤتمر، وبين من يرى ما يحدث ليس سوى فصل من فصول المسرحية ومن يراه صداما وشيكا لقطبي الانقلاب، بين هذين حظيت ذكرى المؤتمر بدعاية هائلة لم تقتصر على أنصار الحزب، بل تعدت ذلك لتشمل المعسكر المناهض للانقلاب. 

على أي حال، ثمة ثلاثة سيناريوهات محتملة لما قد يحدث يوم غد وتداعياته المستقبلية، ليس تحليلا بقدر ما هو محاكاة للواقع، أخذا بالاعتبار الحيل التي يلجأ إليها صالح بالعادة، وكذا اللؤم الذي بدا به التحالف العربي مؤخرا.

العودة عامين إلى الوراء 

من غير المستبعد أن يكون ما يحدث من حرب إعلامية بهذه الحدة بين طرفي الانقلاب، ليس سوى زوبعة مقصودة ومتفق عليها بين الحليفين اللدودين.

كما تماهى صالح بألويته ومعسكراته مع محاصرة الحوثيين للعاصمة قبل عامين، وذاب وسط المليشيات، وظل ككومبارس طوال الفترة الماضية، وتعاظمت سلطة الحوثيين أكبر من حجمها، ربما تكرر المشهد لكن بشكل عكسي.

ربما خلعت قوات صالح جلدها المليشوي، وعادت مجددا لهيمنتها، فيما تعود المليشيات الحوثية لحجمها الطبيعي، وإسدال الستار على مسرحية سامجة عاشها اليمنيون زهاء العامين، دمرت البلاد واقتصادها وسالت الدماء في كل شبر منها.

هذا السيناريو على اعتبار أن صالح لا يزال قويا، وكبرى قيادات الحوثية التي تتحكم بالسلطة ليست سوى قيادات في حزبه، ويؤدون الدور المطلوب منهم إلى هذا التوقيت، وربما كان للإمارات دور في حبك المشهد.

اختصار الطريق عبر أهون الضررين

سيناريو آخر منوط بالتحالف العربي بالدرجة الأولى، وذلك لترجيح كفة أحد طرفي حلف صنعاء، لعقد صفقة معه وتسوية سياسية مع الشرعية، وهذا الطرف هو المخلوع صالح على الأرجح.

إن القوة التي يتحدث بها صالح وقادة حزبه حاليا، بعد طأطأة للرؤوس وانكفاء دام عامين، إن هذه القوة لحديثة العهد، وربما استمدوها من التحالف العربي على الأرجح.

لم يكن صالح وحزبه ليظهروا بهذه اللهجة مع الحوثيين، وهم من تحملوا الإهانات والطرد من المؤسسات طوال الفترة الماضية، إلا إذا كانوا يستندون إلى صخرة هائلة.

يبدو مهرجان صالح ممولا، وكاختبار لمدى الشعبية التي لا يزال يحتفظ بها، ليكون أهلا لصفقة تبان جليا من شطط قيادات الحوثي وحديثها المتشنج والمتكرر عن الخيانة. سنلاحظ ذلك الدعم عبر استهداف غارات التحالف صباح اليوم للمعسكرات الخاضعة للحوثيين ونقاطهم في مداخل العاصمة، دون المساس بمعسكرات صالح.

نمر عجوز بلا مخالب

أما السيناريو الأخير، فيستطيع استدراكه القارئ الجيد للواقع، بعيدا عن التحليلات، وهو المُشاهَد بجلاء أمام ناظر الجميع، وعلى اعتبار العداوة التاريخية بين طرفي صنعاء.

الواقع يقول إن صالح يتصرف كنمر عجوز، لا يزال يتذكر صولاته وجولاته أيام الشباب، متناسيا أنه بات عاجزا وبلا مخالب، أو بالأحرى أنه سلم مخالبه بيده لحليفه الجديد للبطش بغرمائه السياسيين، الذين انتزعوا سلطته.

لقد سلم صالح ألوية الحرس الجمهوري ومقدراتها العسكرية لمليشيا الحوثي، ولم يعد يملك شيئا، حتى مناصريه تحولوا إلى مليشيا تقتل تحت راية الصرخة، تلك القاعدة الجماهيرية الانتهازية العريضة للمؤتمر تماهت مع المليشيات.

الواقع يقول إن الحوثيين يملكون السلطة على العاصمة ومؤسساتها، يأخذون ويوظفون، يعطون ويحرمون، يعنون ويطردون، وأكثر من قاسى ذلك هم المحسوبون على حزب المؤتمر. لقد بات النمر العجوز منزوع القوة وحياته رهن الانتهاء على أيدي المليشيات.


التعليقات