اليمنيون ينبشون ذكرياتهم.. إطراء الماضي أم محاكمة الحاضر؟ (تقرير)
- عامر الدميني الاربعاء, 01 نوفمبر, 2017 - 04:35 مساءً
اليمنيون ينبشون ذكرياتهم.. إطراء الماضي أم محاكمة الحاضر؟ (تقرير)

[ صورة قديمة لباب اليمن في العاصمة صنعاء - ويكيبيديا ]

تبادل اليمنيون في وسائل التواصل الاجتماعي الصور الشخصية لهم والتي تعود لسنوات وعقود سابقة، في ظاهرة وصفت بعملية "النبش".
 
وأطلق هؤلاء هاشتاجا بعنوان #يوم_النبش_العالمي تضمن العشرات من الصور القديمة، والتي توثق لمراحل عمرية مختلفة، ومحطات متعددة في مسيرة أصحابها الشخصية.
 
وجاءت هذه العملية في مسارين، الأول عملية النبش التي استهدفت صورا نشرها أصحابها في فترات مختلفة بوسائل التواصل الاجتماعي، ثم تطورت لتأخذ مسارا آخر يتمثل في نشر صور أخرى بشكل طوعي، فيما بات يعرف بالنبش الاختياري، وتتمثل بقيام البعض بنشر صورهم القديمة بشكل اختياري، وهو ما بدا سائدا بشكل أكبر.
 
وكان فيسبوك هو الفضاء الأكثر تبادلا لتلك الصور والمواقف والذكريات، إذ يعد الوسيلة الأكثر استخداما من قبل اليمنيين، فيما يحظى تويتر بحضور يمني أقل شعبية مقارنة بالمستخدمين في دول الخليج.
 
ذكريات ومواقف
 
وعكست تلك الصور مراحل مختلفة من حياة أصحابها، والظروف التي عاشوها في مسيرتهم العمرية، والتأثيرات الجسمية التي بدت ظاهرة في ملامحهم، ويعود أغلب تلك الصور إلى عدة عقود مضت، حيث كانت الصور المطبوعة هي الموضة الرائجة والمفضلة، قبل ظهور الكاميرات الحديثة، وأجهزة الهاتف الجوال بنسختها الحالية.
 
كان الحنين إلى الطفولة ومرحلة الشباب أبرز المعاني التي يمكن أن تلمحها من الصور المنشورة بدفق كبير في الفيسبوك من قبل اليمنيين، وبنفس الوقت مثل الحنين إلى الجغرافيا داخل اليمن أحد الاستنتاجات التي ستتبادر إلى الذهن حين تتصفح وتتابع تلك الصور.
 
فقد بدا أحدهم اليوم أصلعا بينما تظهر صوره القديمة كثافة الشعر في رأسه، بينما ظهر بعضهم نحيفا في الماضي، وبدينا اليوم، وآخرون حفرت تجاعيد المشيب في وجوههم بعد أن كانوا في نظارة الشباب وعنفوانه، وكل تلك الملاحظات أظهرتها العديد من الصور التي بدت وكأنها في حالة مقارنة بين ماض اندثر، وحاضر يجري، ومستقبل غامض.
 
مواقف وذكريات الماضي بالمدرسة والجامعة والقرية والمناسبات الاجتماعية، كانت هي الأخرى حاضرة لدى الكثير، وهم يستعرضون محطات مختلفة من حياتهم، والتي تأتي اليوم في ظل واقع مختلف تشهده اليمن، ويعيشه أبناؤها في الداخل والخارج.
 
لم يخلُ الأمر أيضا من محاكمة الحاضر عند استذكار الماضي بمحطاته الجميلة والبريئة بالنسبة لهؤلاء، بينما اعتبرها البعض تعبير واضح على رفض الواقع الحالي، بحسب الناشط نجيب شحرة.
 
ولقيت الصور إقبالا كبيرا في التفاعل معها، والتي امتزجت بالضحك والدعابة، ولم تخلُ أيضا من الطرافة، والتعليقات الساخرة، والتي أضفت أجواءً احتفائية وتبادلا للمشاعر بين الجميع، بعيدا عن التوجهات السياسية والانتماءات الطائفية والمناطقية التي يتوزع وفقها كل اليمنيين، وباتت تمثل خنادق يتمترس خلفها الكثير عند الحديث عن المواقف الراهنة في اليمن.
 
حالة جديدة
 
يعتقد الصحفي أشرف الريفي أن النبش حالة جديدة تنسجم مع حاجة الإنسان لاستذكار الماضي وأحداثه ومراحله عبر صورة تختزل الكثير من المواقف والقصص.
 
ويضيف في سياق تعليقه لـ"الموقع بوست": "لاقت هذه المناسبة احتفاءً واسعا حيث صار الكل يبحث عن شيء مضى ليحتفظ به كالحنين إلى الطفولة وإلى ذكريات أفلت".
 
ويعتقد الريفي أن وسائل التواصل الاجتماعي أشعرت اليمنيين على وجه الخصوص بالاهتمام بذوات الإنسان ومناسباته الخاصة، ويقول إن هذه المناسبة بدأت يمنية وقد تتحول إلى مناسبة سنوية.
 
تعبير شعبي
 
خلال العام الماضي كانت هذه الحالة من النبش في الماضي بدأت عند كثير من الأشخاص، لكنها ظلت في أفق محدود من التداول، قياسا بما هو عليه الوضع هذا العام.
 
بالنسبة للإعلامي سمير الصلاحي فيرى أنها ليست ظاهرة بقدر ما هي تعبير شعبي عن حالة الموت السريري التي بات يعيشها المجتمع جراء انهيار منظومة الدولة والقيم، وبالتالي تجد الناس بين الفينة والأخرى يحاولون الهروب إلى أي شيء يبعد عن آذانهم طنين السياسة ومجازر السياسيين على مختلف مشاربهم بحق الوطن.
 
ويردف الصلاحي في تصريحه لـ"الموقع بوست" بالقول: "المجتمع بات يحن إلى ماضيه، وهذا الاندفاع الكبير من مختلف الفئات على التفاعل مع هذه الحالة يؤكد قطعا أن الحاضر بات لعنة مقارنة بالماضي، وأن المستقبل مشوش إلى درجة أن الناس باتوا يؤمنون يقينا أنه سيكون أسوأ من الحاضر والماضي".


التعليقات