حرب اليمن.. نموذج للفشل في إغلاق الملفات المفتوحة
- الجزيرة نت الاربعاء, 15 نوفمبر, 2017 - 06:16 مساءً
حرب اليمن.. نموذج للفشل في إغلاق الملفات المفتوحة

[ أرشيفية ]

من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل، يرى مراقبون أن التحالف العربي بقيادة السعودية أصبح غارقا في تعقيدات الملف اليمني بعد أن تداخلت أولوياته من "إعادة الشرعية"، إلى انشغال التحالف بالدفاع عن سمعته الدولية، وصد الهجمات الحوثية على السعودية، التي انتقلت من الحدود الجنوبية، إلى هجمات الصواريخ البالستية المتطورة.
 
فمنذ إعلان السعودية عن تحالف عاصفة الحزم لإعادة الشرعية لليمن في مارس/آذار 2015، ومن ثم تغيير اسم العملية هناك لـ"إعادة الأمل" بعد أشهر قليلة، أصبحت السعودية تواجه حربا على عدة جبهات في اليمن.

فبعد أن كانت حرب السعودية وحلفائها على جبهة واحدة ضد الحوثيين وقوات صالح التي تتقدم ببطء في تحقيق أهدافها، تخوض الرياض حربا على جبهتين جديدتين، الأولى هي الدفاع عن مدنها من هجمات الصواريخ البالستية، بعد أن كانت هذه الهجمات تستهدف حدودها الجنوبية فقط.
 
والجبهة الثانية للتحالف بقيادة السعودية، هي الدفاع عن سمعته أمام تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي لا تنفك تتهمه بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتعريض اليمنيين للمجاعة، والأمراض والأوبئة وبالأخص وباء الكوليرا.
 
المجاعة والكوليرا

وتتحدث إحصاءات الأمم المتحدة عن وجود 10 آلاف ضحية من المدنيين منذ اندلاع عمليات التحالف العربي كما كشفت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها مؤخرا أن القصف الجوي المكثف والمتكرر على المناطق المدنية في اليمن تسبب في تعرض سبعة ملايين يمني لخطر المجاعة، وإلى حاجة عشرين مليون يمني إلى الإغاثة والمساعدات الإنسانية، ومعاناة 2.2 مليون طفل من سوء التغذية.

كما تتحدث الصحيفة عن انتشار الأوبئة والأمراض وأخطرها الكوليرا التي فتكت بأكثر من ألفي شخص، وأدت إلى موتهم، وتسببت في إصابة نحو سبعمئة ألف شخص آخرين، وتصف الأمم المتحدة انتشار الكوليرا في اليمن بأنها الأسوأ في التاريخ، مع توقعات بأن يصل عدد المصابين إلى مليون خلال الأشهر المقبلة.
 
وأضافت أن السعودية تواجه احتجاجات عالمية متزايدة جراء قصفها المناطق المدنية وغيرها من انتهاكات القانون الدولي. ومؤخرا أدرج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التحالف على اللائحة السوداء للدول والكيانات التي تنتهك حقوق الأطفال.

وتتهم الأمم المتحدة التحالف بالمسؤولية عن مقتل 700 طفل خلال عملياته في اليمن، إضافة لمسؤولية الحوثيين عن مقتل عدد مماثل، كما تحمل تقارير الأمم المتحدة التحالف المسؤولية عن الهجوم على 33 مدرسة في اليمن، إضافة لـ19 هجوما استهدفت 16 منشأة صحية أغلبها تتحمل مسؤوليتها قوات التحالف العربي.
 
وإضافة لانشغالها في العمليات العسكرية، تنشغل الرياض في الإعلان عن تنفيذها حملات إغاثية للشعب اليمني، وآخرها إعلانها عن إنشاء مركزين للعلاج من الكوليرا، وهو ما يشير إلى تشعب مواجهتها للحرب وآثارها المدمرة في اليمن.
 
الصواريخ والحد الجنوبي

ولم تعد حرب السعودية محصورة بعملياتها العسكرية في الداخل اليمني، بل أصبح الدفاع عن حدودها الجنوبية واحدا من أهم أولوياتها، بعد أن تحولت لمسرح لهجمات الحوثيين، وأدت لمقتل أكثر من 100 جندي سعودي خلال الأشهر القليلة الماضية.
 
وفيما اعتادت السعودية الإعلان عن إسقاط صواريخ بالستية أطلقها الحوثيون على مدنها المختلفة، شكل إسقاطها لصاروخ بالستي استهدف مطار الملك خالد في الرياض مطلع الشهر الجاري تطورا لافتا في الهجمات التي تستهدفها.
 
وفيما قرأ الباحث في معهد واشنطن سايمون هندرسون سقوط شظايا الصاروخ في فناء المطار بأنه أخطر تطور في الحرب التي تقودها السعودية على حلفاء إيران في اليمن، فإنه أشار إلى أن تكرار مثل هذه الهجمات سيقوض خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أعلن في تظاهرة كبيرة نهاية الشهر الماضي عن إطلاق مشروعات إستراتيجية كبيرة في المملكة.
 
ويشير هندرسون في تقرير نشره المعهد قبل أيام إلى أن خطورة الصاروخ الذي اتهمت السعودية إيران بتزويد الحوثيين به تكمن في أن ولي العهد السعودي لا يرغب بأن تعلن شركات الطيران الدولية وقف رحلاتها للرياض تحت تهديد الصواريخ القادمة من اليمن.

الرياض وينبع

ويلفت إلى أن معظم الهجمات الصاروخية التي أطلقت من اليمن باتجاه السعودية "لا تكاد تذكر" وتم اعتراضها في مناطق غير مأهولة، باستثناء هجمات شكلت علامة فارقة، ومنها صاروخ استهدف مكة المكرمة، وآخر استهدف مدينة ينبع على البحر الأحمر التي تبعد 933 كيلو مترا عن الحدود اليمنية، عوضا عن صاروخ الرياض التي تبعد 900 كيلو متر عن الحدود اليمنية.
 
وواحد من المؤشرات على الفوضى الإستراتيجية للسعودية في حربها في اليمن ما نشرته كرستين كنيب في تقرير في موقع DW الألماني مؤخرا من أن السعودية ربما تسعى للتفاوض مع الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بعد أن كشفت تقارير دولية عن تقييد الرياض لحركة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي.
 
وتلفت كنيب إلى أن السعودية سمحت لطائرة روسية بنقل صالح مؤخرا للعلاج، و"هو ما قد يكون تعبيرا عن رغبة السعودية في التفاهم مع الحوثيين الذين تمكنوا قبل أيام من إطلاق صاروخ على مطار الرياض".
 
وتخلص تحليلات كثيرة تنشرها كبريات الصحف ومراكز الأبحاث في العالم إلى أن السعودية وحلفاءها أصبحوا يعانون الفشل في اليمن نتيجة الحرب الطويلة والمدمرة التي يخوضونها هناك، ليضاف الملف السعودي المفتوح في اليمن لملفات السعودية المفتوحة في سوريا ولبنان، فضلا عن الأزمة الخليجية، وغيرها من الملفات التي تتقن الرياض فتحها دون وجود إستراتيجية لديها لإغلاقها.


التعليقات