أسعار ترتفع ومحطات وقود تغلق واليمنيون يخشون الموت جوعا
- أ ف ب الخميس, 16 نوفمبر, 2017 - 08:49 صباحاً
أسعار ترتفع ومحطات وقود تغلق واليمنيون يخشون الموت جوعا

[ يمنيون في صنعاء ينتظرون في طوابير طويلة لتعبئة اسطوانات الغاز ]

فوق سرير صغير في مستشفى في العاصمة اليمنية صنعاء، تغلق الطفلة عينيها الدامعتين، لكن الألم الناجم عن سوء التغذية، والأنبوب الخارج من أنفها، يمنعانها من أن تغفو.

وفي الممر خارج غرفتها، يسير الطبيب محمد العيزري نحو غرفة أخرى لمعاينة مريض يعاني أيضا من سوء التغذية، ثم يهرول نحو غرفة ثالثة وأخرى رابعة، وقد بدت عليه آثار الإرهاق الشديد.

ويقول الطبيب لوكالة فرانس برس "أعداد المرضى الذين يعانون من سوء التغذية ازدادت" لكن "هناك نقصا حادا في المواد الطبية والمخبرية".

منذ 2014، يشهد اليمن نزاعا داميا بين الحوثيين الشيعة الذي يسيطرون على صنعاء، والقوات الحكومية. وقد سقطت العاصمة في أيدي المتمردين في أيلول/سبتمبر من العام نفسه.

وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل المملكة السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وتفرض السلطات السعودية من ذلك الحين حظرا على حركة الطيران من وإلى مطارات المدن الخاضعة لسيطرة المتمردين، وبينها صنعاء.

وتقول الأمم المتحدة إن النزاع خلّف أكثر من 8650 قتيلا وأكثر من 58 ألف جريح، وتسبّب كذلك بأزمة إنسانية حادة وكارثة غذائية، محذرة من أن سبعة ملايين من بين 27 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة.

وبعد إطلاق الحوثيين لصاروخ باليستي في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر تم اعتراضه فوق مطار الرياض، شدد التحالف الحصار عبر إغلاق كل المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية في كل المناطق.

وتسبب هذا الإجراء في زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية المتوفرة في الأسواق وأسعار المحروقات، ما دفع بالأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى إلى دق ناقوس الخطر من جديد والتحذير من عواقب وخيمة على المدنيين.
في محطة للوقود والغاز في صنعاء، وقف أفراد عائلة ينتظرون ساعة بعد ساعة وصول غاز الطهي: الأم مستلقية على الأرض، والزوج واقف إلى جانب أولادهما الثلاثة.

وقال رب عائلة آخر يدعى فؤاد الحرازي لفرانس برس "ننتظر هنا منذ ما يقارب الأسبوع. كل يوم يقولون لنا إن شاحنة الوقود وصلت، لكن سرعان ما يتبين أن هذا الأمر غير صحيح".

- لماذا يحاصرون اليمن؟ 

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ارتفعت أسعار الوقود بنحو الثلثين، وأسعار مياه الشفة بنحو 133 بالمئة، وتضاعفت أسعار تذاكر النقل عبر الحافلات.

ولا تزال السيارات تجوب شوارع العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين، إلا أن العديد من محطات الوقود أغلقت أبوابها بعد نفاد مخزوناتها ووضعت عند مداخلها حواجز لمنع الزبائن من الدخول إليها.

أمين محمد واحد من عشرات آلاف المدنيين الذين تضاعفت معاناتهم مع تشديد الحصار على اليمن.

ويقول لفرانس برس "نتعرض لحصار خارجي، ولحصار داخلي. ليس لدينا غاز للطهي، والناس بدؤوا يموتون في منازلهم جراء هذا النقص".

وسأل الشاب "لماذا يحاصرون اليمن؟ ماذا سينالون جراء ذلك".

وعند زاوية الشارع ذاته، قرب مجموعة من بائعي الأدوات المنزلية الرخيصة، أبدى الموظف الحكومي عامر علي الامتعاض نفسه.

وقال "ترتفع أسعار الوقود والغاز، فتزداد أسعار المواد الغذائية. الناس لن يتمكنوا من مجاراة ارتفاع الأسعار، وقد يموتون جوعا".

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على حسابه في تويتر الأربعاء من أن "مخزون الإمدادات الإنسانية والطبية" ينخفض "بشكل خطير في اليمن" في ظل استمرار الحصار.

وتؤكد الأمم المتحدة أن مخزون الأرز سينفد بعد 110 أيام، ومن المتوقع "نفاد مخزون الدقيق بعد 97 يوما"، مشيرة إلى أنها "لن تتمكن من إطعام 7 ملايين شخص شهريا، إذا لم يتم فتح" الموانئ.

وكانت الامم المتحدة حذرت الأسبوع الماضي من أنه إذا لم يرفع التحالف الحصار فإن هذا البلد سيواجه "المجاعة الأضخم" منذ عقود ما قد يؤدي لسقوط "ملايين الضحايا".

وكان السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي قال خلال مؤتمر صحافي الاثنين بنيويورك إن كل المرافئ والمطارات سيُعاد فتحها "ما إن نصبح راضين عن تعزيز إجراءات مراقبة" الشحنات.

لكن منسق العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن جيمي ماكولدريك أكد أن الوضع الإنساني الداهم لا يسمح بانتظار اتخاذ ترتيبات جديدة للتثبت من الشحنات.
وقال لوسائل إعلام في جنيف خلال مؤتمر صحافي عبر الهاتف "إن الوطأة الإنسانية لما يجري هنا حاليا تفوق التصور".

وأضاف "لا أعتقد أن المباحثات (بشأن تعزيز عمليات المراقبة) يجب أن تعرقل إعادة فتح ميناء" الحديدة الخاضع لسيطرة المتمردين، وهو المدخل الرئيسي للمساعدات الإنسانية الحيوية للسكان.
وشدد على أن الحصار "يعقد الوضع الكارثي أصلا".


التعليقات