تأهيل أطفال الحرب في اليمن
- العربي الجديد الاربعاء, 21 فبراير, 2018 - 10:05 صباحاً
تأهيل أطفال الحرب في اليمن

[ أنشطة عدّة تتضمّنها برامج التأهيل ]

لا يتجاوز محمد عبد الله الخامسة عشرة من عمره، إلا أنّه مرّ بتجارب صعبة وتعرّض للخطر مرّات عدّة خلال مشاركته في الحرب الدائرة في اليمن. هو كان يقاتل في صفوف الحوثيين في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عندما وقع في الأسر لدى القوات الموالية للحكومة الشرعية، الأمر الذي جعله يشعر بالخوف والقلق.
 
ويخبر محمد "العربي الجديد" أنّه "في أكثر من مرّة واجهت الموت ونجوت بأعجوبة. وعندما سلّمت نفسي إلى القوات الشرعية، حوّلتني وبقيّة الأطفال الذين كانوا معي بعد أسابيع إلى أحد مراكز إعادة تأهيل الأطفال المتضررين من الحرب في مأرب".
 
ويقرّ بأنّ "الدورات التأهيلية التي خضعنا لها، ساعدتني على فهم حقوقي التي لم أكن أعلم عنها شيئاً. كذلك، أدركت مخاطر الانخراط في صفوف المقاتلين وانعكاسات ذلك على مستقبلي ومستقبل المحيطين بي".
 
وتسعى منظمات مدنية عدّة في اليمن إلى تنفيذ برامج مشابهة تهدف إلى تأهيل الأطفال المتضررين والمتأثرين بالحرب ومساعدتهم وتقديم الدعم النفسي لهم عبر أنشطة وفعاليات عدّة تسمح بدمجهم في المجتمع تحت إشراف منظمات دولية تُعنى بالطفولة.
 
وعلى الرغم من أنّ تلك المراكز تعمل على تخليص الأطفال من الآثار النفسية والسلوكيات غير الإيجابية الناتجة عن اختلاطهم بأشخاص أكبر سناً وممارستهم أعمالاً غير مناسبة لهم، فإنّ كثيرين من هؤلاء الصغار لا ينجحون في تجاوز الخوف والتوتر النفسي بسهولة.
 
في السياق، يقول أبو أحمد إنّ "ابني يستيقظ فزعاً من نومه أحياناً، في حال أصدر أحدنا في المنزل صوتاً ما أو سمع ضجّة من الخارج أو دوّى انفجار"، مشيراً إلى أنّ "كوابيس مخيفة تراوده وتجعله يصرخ وهو نائم ويتكلم كأنّه في ساحة معركة".

وأطفال يمنيون كثيرون يعانون من الخوف والاضطرابات النفسية المختلفة على خلفية الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو ثلاثة أعوام، وليس فقط الصغار المشاركين في القتال على الجبهات.
 
بالتالي فإنّهم يخضعون كذلك إلى تأهيل - وإن اختلف شكله - للتخلّص من بعض مشكلاتهم النفسية التي تسبّبت بها الحرب. وتؤكد إيمان لـ"العربي الجديد" أنّ أصوات الانفجارات والقذائف كانت سبباً في إصابة ابنتي كما سواها من الأطفال بالهلع والاضطراب النفسي".
 
تضيف أنّ "الصدمات النفسية التي تلقتها ابنتي كثيرة، نتيجة قصف مقاتلات التحالف العربي على بعض المواقع العسكرية الواقعة على مقربة من منزلنا في صنعاء. وباتت ابنتي ترفض الخروج إلى الشارع خشية حدوث غارة أو انفجار، بالتالي انقطعت عن المدرسة لفترة طويلة".
 
 وتشير إيمان إلى أنّ زوجها شجّع ابنتهما على "الالتحاق بإحدى المساحات الصديقة للأطفال التي أنشأتها منظمات معنيّة، والاختلاط بالفتيات والمجتمع، والاستفادة من البرامج والأنشطة التي تهدف إلى تأهيل الأطفال المتضررين من الحرب".
 
 تتابع أنّ "البرامج والأنشطة وفرّت لابنتي البيئة الحامية وجعلتها تستعيد الثقة بنفسها وساعدتها على العودة إلى المدرسة".
 
 في السياق، يقول المشرف على المساحات الصديقة في مؤسسة "راف" في صنعاء، إبراهيم الولي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المساحات الصديقة للطفل التي توفّرها منظمات مدنية عدّة في اليمن تعمل على إيجاد وسائل تساعد الأطفال الذين يتعرّضون للخوف والتوتر النفسي الناتج عن الحرب، وتدعمهم نفسياً للحدّ من آثار معاناتهم، بالإضافة إلى توعيتهم وتثقيفهم وتأمين جوّ آمن لهم".
 
يضيف أنّ "المساحات الصديقة تحرص على خلق ببيئة حامية للأطفال المتضررين من الحرب، يستطيعون من خلالها المشاركة بأنشطة منظمة وهادفة تساعدهم على التكيّف مع الأوضاع الجديدة وتمنحهم فرصة الاجتماع مع أقرانهم للتعبير عن ذواتهم".

ويتابع الولي أنّ "طرق التأهيل تشمل جلسات للدعم النفسي ودورات وأنشطة لتوعية الأطفال، إلى جانب نشر الوعي بين الأهالي حول تكتيكات التجنيد وضرورة حماية الأطفال ومنحهم حقوقهم".

تجدر الإشارة إلى أنّه مع استمرار الحرب في اليمن منذ نحو ثلاثة أعوام، بات نحو 11.5 مليون طفل يمني عرضة للاضطرابات النفسية نتيجة الآثار السلبية للحرب وصدماتها، من قبيل فقدان أب أو أم أو شقيق، إلى جانب تدمير منزل ووقوع انفجارات وفقاً لما جاء في تقارير دولية.
 
إلى ذلك، وبالنسبة إلى الناشط الحقوقي عبد الرحمن نصر، فإنّ "الحرب التي تصاعدت قبل ثلاثة أعوام تسببت في أضرار كبيرة طاولت جسد الطفولة في اليمن. والصغار هم من أكثر المتضررين من الحروب عادة، نتيجة القتل والإصابة والإعاقة والجوع والنزوح والحرمان من التعليم بالإضافة إلى الصدمات النفسية والعصبية". ويشدد لـ"العربي الجديد" على "أهمية تقديم المعالجة اللازمة والكفيلة بتأهيل هذه الفئة وحمايتها بعيداً عن أيّ اعتبارات تخصّ الجهة التي جنّدتهم أو تسبّبت في تضررهم، وعن اعتبارات أخرى سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو مناطقية أو مذهبية أو غيرها". يُذكر أنّ اليمن من الدول الموقّعة على معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تمنع انخراط الأطفال دون الثامنة عشرة في الحروب.


التعليقات