الإعلام الرقمي في مصر على خطى التعثر
- الأناضول الثلاثاء, 28 مارس, 2017 - 12:25 مساءً
الإعلام الرقمي في مصر على خطى التعثر

 
بتحديات تفوق ما يعتري طريق الصحافة الورقية والإذاعية والتلفزيونية، يواجه الإعلام الرقمي بمصر جملة من المعوقات تقف حائلا دون انتشاره وتأثيره.
 
ويقول خبراء إعلاميون إن حرمان صحافة الإنترنت من عوائد الإعلانات وضعف التمويل وانتشار النموذج الربحي القائم على الاستثمار السياسي، هي عوامل تقف في سبيل استمرار المواقع الإخبارية المستقلة غير التابعة لكبريات المؤسسات الإعلامية.
 
وشهد وسط الإعلام الرقمي بمصر مؤخرا أزمة إغلاق موقع "أصوات مصرية" التابع لمؤسسة تومسون رويترز على خلفية أزمة تمويل، كما توقف من قبل العمل بموقع إسلام أون لاين في عام 2010 وغيرهما من نماذج صحافة الإنترنت المستقلة.
 
ويقول خالد البرماوي، صحفي ومتخصص في الإعلام الرقمي، إن ثمة تحديات عالمية ومحلية تواجهان الإعلام الرقمي بمصر، أهمها سيطرة "facebook" و"google" على نحو 85% من حجم الإعلانات، ما يؤدي إلى تباطؤ نمو المحتوي الرقمي، إضافة إلى انتشار الأخبار الكاذبة "fake news"، وما يترتب على ذلك من التأثير سلبا على مصداقية صحافة الإنترنت.
 
وينتقد البرماوي، في تصريح لوكالة الأناضول للأنباء، سيطرة "الاستثمار السياسي" على النموذج الربحي للصحافة الرقمية، مؤكدا أن الاستثمار السياسي في الإعلام أضراره تفوق منافعه على المستويين السياسي والإعلامي بمصر.
 
ويضيف أن "غياب وجود بنية تشريعية تنظم الإعلام الرقمي دون فرض قيود، وانتشار النماذج الربحية القائمة على الانحيازات السياسية، وعدم استيعاب سوق الصحافة لأعداد الخريجين الجدد والتي تصل إلى 7 آلاف سنويا" هي أبرز التحديات التي تواجه الإعلام المصري عامة والرقمي تحديدا.
 
ويوضح خالد البرماوي أن جزءا من حل معضلة الإعلام الرقمي يكمن في انتعاش حركة الاقتصاد المصري والتي قد تساهم في خلق نماذج ربحية أكثر توازنا، إضافة إلى تنظيم الجماعة الصحفية وتطوير آلياتها بما يتواكب مع المتغيرات التكنولوجية في الإعلام.
 
وكانت مؤسسة تومسون رويترز أعلنت يوم 11 مارس/آذار الجاري عن قرار إغلاق موقع أصوات مصرية التابع لها بعد نحو ست سنوات من العمل، وقالت إنها سعت لتدبير تمويل بديل من خلال مخاطبة هيئات أجنبية ومستثمرين دون جدوى. لكن مسؤولة الإعلام بالمؤسسة زينة النجار كشفت قبل أيام عن وجود مفاوضات مع اثنين من المستثمرين لبيع الموقع الإخباري.
 
وأصوات مصرية "خدمة إخبارية عبر الإنترنت تقدم تغطية محايدة للأحداث المرتبطة بمصر، وتوفر المحتوى مجانا باللغتين العربية والإنكليزية لاستخدام وسائل الإعلام المصرية"، بحسب منطوق الرسالة التعريفية التي يعلنها الموقع عن نفسه.
 
ووقع أكثر من 600 شخص حول العالم على عريضة إلكترونية باللغتين العربية والإنكليزية لمطالبة مؤسسة تومسون رويترز بالحفاظ على موقع أصوات مصرية تحت شعار "Keep Aswat Masriya alive" في تصعيد لأزمة إغلاق الموقع الإخباري.
 
ويلحق أصوات مصرية بمنصات إعلامية إلكترونية أخرى لاقت نفس المصير ومنها، إسلام أون لاين مصر، وفصلة "fasla"، وشبكة حقوق الإخبارية، ووكالة أنباء مسيحي الشرق الأوسط "MCN"، والموقع الناطق باللغة الإنكليزية "Tahrir News Network"، وغيرها.
 
ويقول الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، إن مستقبل الإعلام في مصر مرهون بتطوير الإعلام الرقمي بعد تكامل قدرات البث عبر الإنترنت، لكنه لا يزال يواجه تحديات عديدة مرتبط أغلبها بطبيعة الواقع المصري.
 
ويضيف عبد العزيز، في تصريح لوكالة الأناضول، إن "الإعلام الرقمي رغم أنه يكسب أرضا جديدة كل يوم لكنه ما زال لم يتموضع في وعي صناعة الصحافة من حيث المهنية والجمهور ولم يرتق إلى مستوى اعتباره البديل الآمن للإعلام التقليدي".
 
ويؤكد ياسر عبد العزيز أن ندرة ضخ الإعلانات لصحافة الإنترنت أحد أهم المعوقات التي تواجهها، لا سيما وأن حرمان الإعلام الرقمي من عوائد الإعلانات غالبا ما يقف عائقا أمام تطويره واتساع تأثيره بمصر.
 
وتوقف بث موقع إسلام أون لاين من مصر في عام 2010، بعد ما حقق نجاحا استمر لأكثر من 10 سنوات متصلة، كما أعلنت وكالة أنباء مسيحي الشرق الأوسط "MCN"عن وقف البث الرقمي على الإنترنت في عام 2015، على خلفية أزمة تمويل حالت دون استمرار الوكالة في بث أخبار بشأن الأقليات الدينية والعرقية في مصر ومعظم الدول العربية.
 
ويقول مدير تحرير شبكة حقوق الإخبارية المتوقف عن العمل منذ 2013، أحمد خير، إن أزمة توفير التمويل غالبا ما تهدد نماذج الصحافة الرقمية المستقلة بالتوقف عن العمل والإغلاق.
 
ويشير خير إلى أن شبكة حقوق الإخبارية تعثرت في دفع المستحقات المالية للعاملين على مدى أربعة أشهر قبل الإغلاق، كما لم تصرف تعويضات للعاملين.
 
ويوضح أستاذ الإعلام السياسي والرأي العام بجامعة القاهرة، صفوت العالم، أن التجربة اثبتت عدم قدرة الأنظمة التسلطية في الدول النامية على تحمل الضغوط التي يفرضها الإعلام الرقمي بسبب ارتفاع هامش الحرية التي يتحرك في مدارها.
 
ويضيف العالم، في تصريحات صحفية، أن جزءا من التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي بمصر هي غياب التشريعات المنظمة وعدم ملاءمتها مع إشكاليات صحافة الإنترنت، إلى جانب عدم وجود مظلة نقابية للعاملين بالإعلام الرقمي.
 
ويؤكد أستاذ الإعلام السياسي والرأي العام أن سيطرة النموذج أحادي الفكر والاتجاه والسياسة في الإعلام لا يتناسب مع مرحلة التحول الديمقراطي التي تمر بها مصر عقب ثورة يناير/كانون ثان 2011، مؤكدا أن تجربة الإعلام الرقمي والسوشال ميديا اثبتت عدم جدوى الرقابة التقليدية.
 
وتقع مصر بين البلدان التي تحتل أسوأ خمس مراتب من حيث عدد الصحفيين السجناء، حيث تحتل المرتبة الثالثة بنحو 25 صحفيا يقبعون في المعتقلات، وفقا لأحدث تقرير للجنة حماية الصحفيين الدولية والمعنية بتقييم حرية الصحافة عالميا.
 


التعليقات