ثورة 14 أكتوبر 1963.. من التهميش إلى التشويه (تحليل)
- خاص - عبدالسلام قائد الجمعة, 14 أكتوبر, 2016 - 08:59 مساءً
ثورة 14 أكتوبر 1963.. من التهميش إلى التشويه (تحليل)

[ ثورة 14 أكتوبر اندلعت في جنوب الوطن ضد الإستعمار البريطاني ]

يحتفل اليمنيون هذه الأيام بالذكرى الـ53 لثورة 14 أكتوبر 1963 بشكل مختلف عن الاحتفال بها في السنوات السابقة، بعد أقل من شهر على احتفالهم بالذكرى الـ54 لثورة 26 سبتمبر 1962، بشكل يختلف عن الاحتفال بها في السنوات السابقة أيضاً، ذلك أن النضال الوطني من أجل الحرية والديمقراطية هذه الأيام جعل اليمنيين يشعرون بعظمة تضحيات آباءهم وأجدادهم من أجل المبادئ التي يناضلون من أجلها اليوم.
 
وإذا كانت ثورة 26 سبتمبر 1962 قد ظلمت من قبل نظام المخلوع علي صالح، الذي حولها إلى مجرد ذكرى سنوية باهتة، وأفرغ أهدافها من مضمونها، فإن ثورة 14 أكتوبر 1963 ظلمت مرتين، الأولى من قبل المخلوع علي صالح، الذي ألحقها بثورة 26 سبتمبر، معتبراً ثورة سبتمبر هي الأم، وثورة أكتوبر هي البنت، وجعل الاحتفال بها في نفس يوم الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، واقتصر إيقاد الشعلة على ثورة سبتمبر فقط، ولم يتم إيقادها في ذكرى ثورة 14 أكتوبر. وظلمت ثورة أكتوبر مرة ثانية من قبل الانفصاليين الذين شوهوا مبادئ الثورة وحولوا ذكراها السنوية إلى مناسبة انفصالية، رغم أن أهم أهدافها نص على النضال من أجل تحقيق الوحدة اليمنية، حيث تنكروا للثورة وخانوا أهم مبادئها، ويعملون على تشويه تاريخها.
 
- واحدية الثورة اليمنية
 
هناك ارتباط وثيق بين ثورتي سبتمبر وأكتوبر، يعكس الشعور الوحدي والنضال الوطني لأبناء اليمن الواحد، وﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺩﻭﺭ ﺑﺎﺭﺯ ﻭﻣﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻗﻴﺎﻡ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﻧﺠﺎﺡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺇﺳﻘﺎﻁ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻹﻣﺎﻣﻲ ﺍﻟﻜﻬﻨﻮﺗﻲ ﻭﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻬﺪ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ.
 
فجّرت ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 1962 ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ.
 
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻄﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﺍﻓﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺟﺮﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﺣﻮﺍﺭﺍ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ 1963 ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ جيدة ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ "ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ" ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﺍﺭﺓ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺭﺩﻓﺎﻥ، بقيادة الشيخ راجح غالب لبوزة، فور عودته من شمال الوطن هو ومجموعه من رفاقه الذين شاركوا في الدفاع عن ثورة سبتمبر، ﻭﺑﺪﺃﺕ ثورة 14 أكتوبر ﻛﺼﺪﺍﻡ ﻣﺴﻠﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، أﺣﺪ ﻓﺼﺎﺋﻞ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، وكانت ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺭﺩﻓﺎﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻧﻄﻼﻕ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ.
 
ﺗﻔﺠﺮﺕ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﻘﺐ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، ﻋﻘﺐ ﺭﻓﻀﻬﻢ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺳﻼﺣﻬﻢ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺮﺿﻬﻢ ﻻﺣﺘﻜﺎﻙ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮﺍ ﺑﻀﻢ ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﻢ ﺭﺩﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻀﺎﻟﻊ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ، ﻓﺎﺗﺨﺬﻭﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻟﺮﻓﺾ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮﺓ، ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ.
 
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻓﺠﺮﺕ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻹﺧﻮﺍﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﺒﺮﺭﺍ ﻹﻟﺤﺎﻕ ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﺑﺜﻮﺭﺓ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺠﺮﻭﺍ ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ.
 
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺪﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻠﺜﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻣﺎﺭﺳﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺿﺪ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ، ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺈﺷﻬﺎﺭ ﺣﺰﺏ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ 1944، ﻭﺃﺻﺪﺭﻭﺍ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮﺍﺕ، ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃقضت ﻣﻀﺎﺟﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﺤﻴﻰ ﻭﻭﻟﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﺇﺫ ﻗﺎﻡ ﻭﻟﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺇﺑﺮﻳﻞ 1946 ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﻋﺪﻥ ﻹﺟﺮﺍﺀ ﻣﺤﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ "ﺭﻳﺠﻨﺎﻟﺪ ﺷﺎﻣﺒﻴﻮﻥ" ﻃﺎﻟﺐ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ، ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﺑﺒﻌﺾ ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻤﺢ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻋﺎﺩ ﺑﺨﻔﻲ ﺣﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺰ.
 
ﻭﻣﺜﻠﻤﺎ ﺳﺎﻧﺪﺕ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ثورة 14 أكتوبر ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻓإن عدن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺠﺄً ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﺿﻴﻦ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺷﻌﻠﻮﺍ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ شاركوا في الدفاع ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، ﺗﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﻋﺪﻥ ﺗﺄﻳﻴﺪﺍ ﻟﻬﺎ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﺴﻼﻝ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ -ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺠﻬﻞ- ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻻ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻼﻝ.
 
- ثورة أكتوبر والوحدة
 
يعمل الحراك الجنوبي الانفصالي على تشويه ثورة أكتوبر، وتشويه أهدافها العظيمة والتلاعب بها، وحرفها عن مسارها، وهذا يعد أكبر خيانة للثورة وللثوار الذين ضحوا بدمائهم وأموالهم من أجلها، والمؤسف أن هذا التشويه المتعمد يتم عبر مؤلفات يتم توزيعها في المكتبات، وعبر مواقع الانترنت، ويستهدف التشويه الأهداف المتعلقة بالنضال من أجل الوحدة الوطنية، والقضاء على مخلفات الاحتلال البريطاني، مثل اتحاد الجنوب العربي، والسلطنات والمشيخات المتحالفة معه.
 
ومن أمثلة هذا التشويه، حذف الهدف الذي ينص على "ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ"، واستبداله بهدف آخر، هو "إﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻜﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺳﻴﺮﺍًً ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻭﺳﻠﻤﻴﺔ"، وذلك من أجل التبرير لمطالب الانفصال، وإنكار وحدوية ثوار أكتوبر، الذين جعلوا هذا الهدف نصب أعينهم فور جلاء آخر جندي بريطاني من الجنوب في 30 نوفمبر 1967، لكن الانفصاليين اليوم يحتفلون بذكرى ثورة أكتوبر كمناسبة انفصالية، رغم أن من أهم أهدافها تحقيق الوحدة الوطنية، ويحتفلون بها كثورة خاصة باسم دولة اتحاد الجنوب العربي، رغم أن الثوار ألغوا هذا الكيان فور نجاح الثورة، خاصة أن من أطلقه على إمارات وسلطنات الجنوب هو الاحتلال البريطاني.
 
كانت قضية الوحدة اليمنية أبرز القضايا الوطنية بعد اندلاع ثورتي سبتمبر وأكتوبر، إلا أن اختلاف النظامين في صنعاء وعدن حول طريقة إعادة تحقيق الوحدة، وشكل الدولة الجديدة، سبباً في تأخير الإعلان عن الوحدة، بل وسبباً في نشوب حربين شطريتين، الأولى عام 1972، والثانية عام 1979، انتهتا في كل مرة بالإعلان عن اتفاقيات وحدوية، ففي 28 أكتوبر 1972، وبعد الحرب الشطرية الأولى، وقع رئيسا الشطرين ﺑﻴﺎﻥ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﻀﻤﻦ ما يلي:
 
- ﺗﻘﻮﻡ ﻭﺣﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﺩﻭﻟﺘﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻭﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺗﺬﻭﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ.

- ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻢ ﻭﺷﻌﺎﺭ ﻭﺍحد، وعاصمة واحدة، ورئاسة واحدة، ﻭﺳﻠﻄﺎﺕ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻭﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.

- ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻧﻈﺎﻡ ﺟﻤﻬﻮﺭﻱ ﻭﻃﻨﻲ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ.

- ﻳﻀﻤﻦ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻛﺎﻓﺔ ﻭﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ.

- تتخذ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻜﻔﺎﻟﺔ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ.

- ﺗﻀﻤﻦ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻭﺃﻛﺘﻮﺑﺮ.
 
وبعد الحرب الشطرية الثانية، ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﺍﻟﺸﻄﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﻌﻄﺒﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 15 ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ 1977، ﻭﺗﻢ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻦ ﻭﻣﺴﺌﻮﻟﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻣﺮّﺓ ﻛﻞ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻭﺏ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﻭﻋﺪﻥ ﻟﺒﺤﺚ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻛﺎﻓّﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺗﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ.
 
ﻟﻜﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺗﺴﺎﺭﻋﺖ ﻭﺣﺎﻟﺖ ﺩﻭﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﺇﺛﺮ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻏﺘﻴﺎﻻﺕ ﺗﻌﺮّﺿﺖ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﺎﺩﺗﺎ ﺍﻟﺸﻄﺮﻳﻦ، علماً أنه كان هناك وزارة في كل شطر اسمها "وزارة شؤون الوحدة اليمنية".
 


التعليقات