عقب فوز "ترامب".. هل تتغير قواعد اللعب في الشرق الأوسط؟
- متولي محمود – خاص الثلاثاء, 15 نوفمبر, 2016 - 11:20 مساءً
عقب فوز

أثار فوز المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" بالرئاسة الأمريكية، الأربعاء الماضي، ردود فعل محلية ودولية واسعة.
 
فلم تخفِ دولا أوروبية حليفة امتعاضها من فوز المشرح المثير للجدل، بدا جليا على صفحات كبرى الصحف الأوروبية، حتى وصل الأمر بإحدى الصحف العريقة بطباعة الورقة الأولى للصحيفة بصفحة سوداء.
 
غير أن دولا أخرى غير متوقعة بادرت بتهنئة حاكم البيت الأبيض الجديد، والذي أثار تساؤلات ووضع علامات استفهام كبيرة حول "إمكانية تغير السياسة الأمريكية في المنطقة".
 
وكانت روسيا قد سارعت في تهنئة ترامب، سبقتها بذلك تركيا الإسلامية، برغم التصريحات العنصرية التي أطلقها الرجل ضد المسلمين.
 
يذكر أن ترامب قد أدان محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، وقال إنه يحترمها لوقوفها ضد الانقلاب، وهذا ما لم تفعله إدارة أوباما، الأمر الذي قال مراقبون إنه يقف خلف التأييد التركي.
 
أعمال شغب ومظاهرات، كذلك، شهدتها بعض الولايات الأمريكية احتجاجا على فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، وهي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة.
 
وكانت صحيفة "عكاظ السعودية" قد أوردت خبرا عن‏الخارجية الأمريكية قولها: "سننسحب من الاتفاق النووي مع إيران إذا أراد ترمب ذلك".
 
ورغم توجس العرب من ترامب، خصوصا بعد تصريحاته المسيئة والمتكررة تجاه العرب والمسلمين، إلا أن عقليته الاقتصادية وسياسته المناهضة لإيران تبعث على الاطمئنان، خلافا للسياسة القائمة التي أشعلت الحرب في المنطقة على أسس طائفية.
 
ويرى سياسيون أنه مهما كانت سياسة ترامب في المنطقة، فإنها لن تكون أسوأ من سياسة أوباما التي أذكت الصراع في المنطقة؛ كما أضافوا أن سياسة الرئيس الجديد تتسم بالوضوح على الأقل.
 
وكانت مخاوف إيرانية قد طفت إلى السطح، مع فوز المرشح الجمهوري، والمتعلقة بالاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما معهم، بالرغم من تهنئتهم لترامب وإبدائهم غير ذلك.
 
بدا ذلك من خلال رفع إيران من نسبة مخزونها من الماء الثقيل والمستخدم في التفاعلات النووية، خلافا لما ورد في اتفاقها مع إدارة أوباما.
 
وقالت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الأسبوع الماضي إن إيران تجاوزت قليلاً الحد الأقصى المسموح به لمخزون مواد حساسة والذي حدده الاتفاق النووي مع القوى العالمية، يأتي ذلك بعد ساعات من فوز دونالد ترامب، الذي انتقد الاتفاق بقوة، بانتخابات الرئاسة الأمريكية.
 
وتراقب الوكالة القيود التي فُرضت على الأنشطة النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الذي أبرمته طهران العام الماضي مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. ورفع الاتفاق أيضاً عقوبات دولية كانت مفروضة على طهران.
 
وقالت الوكالة، في تقرير سري ربع سنوي اطلعت عليه “رويترز”، إنها عبرت “عن بواعث قلق” لإيران بشأن مخزونها من الماء الثقيل، الأمر الذي دفع إيران إلى إبلاغ الوكالة في رسالةٍ (الأربعاء) بخططها للاستعداد لنقل” 5 أطنان من الماء الثقيل خارج البلاد.
 
سياسة الوضوح
 
المحلل السياسي اليمني "ياسين التميمي" يرى أن "فوز ترامب بمنصب الرئاسة الأمريكية عِبر تؤذن بمرحلة تحول جوهرية في المناخ السياسي والاجتماعي والثقافي في أمريكا، ومن السابق لأوانه تقدير ما إذا كان وصول هذا الرجل إلى سدة الرئاسة في أكبر دولة في العالم سوف يؤثر على مصالح المنطقة".
 
وأضاف "التميمي" في تصريح للموقع بوست: "لكن ثمة عوامل بعينها تجعل المراقب أكثر تفاؤلاً بأن "ترامب" سيمارس سياسة أكثر وضوحاً تجاه المنطقة من السياسة الباطنية التي مارسها سلفه أوباما تجاهها".
 
وتابع: "تلك السياسة التي أججت الصراع الإقليمي، القائم على أساس الثنائية السنية الشيعية، ومنحت إيران مساحة كبيرة للمناورة انطلاقاً من كونها تقود منظومة العلائق الشيعية في المنقطة، وتعبر عن نفوذ هذه الطائفة".
 
وأردف: "ثمة عامل آخر يتمثل في أن "ترامب" يحتفظ بحجم كبير من المصالح في المنطقة كرجل أعمال، وسيكون معنياً بالحفاظ على هذه المصالح إلى جانب أنه سيكون حريصاً على ترضية شركات صناعة الأسلحة التي تدعم وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض عادة، وهذه الشركات لها مصالح مهمة مع دول المنطقة وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية".
 
تقارب تركي مع إدارة ترامب
 
"هناك تصريحات متبادلة بين واشطن وأنقرة، تلمح لنوع جديد من السياسة التركية - الأمريكية، مختلف عما قبل صعود ترامب للبيت الأبيض الأمريكي".
 
وقال "محمد اللطيفي" صحفي مقيم في تركيا: "كانت السياسة بين البلدين، قد شابها الكثير من الاختلافات، بسبب إصرار تركيا بزعامة "أردوغان" على التمرد على الخطوط المرسومة لها، في خارطة النفوذ في الشرق الأوسط؛ لقد دخلت العلاقات بين أوباما وأردوغان مرحلة التصدع بسبب رفض واشنطن تسليم "فتح الله كولن" زعيم منظمة الخدمة، المتهمة بالوقوف وراء عملية الانقلاب الأخيرة".
 
وتابع "اللطيفي" في حديث للموقع بوست: "بعد صعود ترامب إلى السلطة الامريكية، عبر عن احترامه لأردوغان قائلا إنه يحترم الرؤساء الأقوياء مثل أردوغان،  وبعدها صدر تصريح من مستشاره "مايكل فلاين" يدعو لإعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية بشكل يضع تركيا ضمن أولوياتها، متهما إدارة أوباما بعدم الفهم الكافي لتركيا".
 
وأردف: "بالنسبة لتركيا، فقد لاقت هذا التصريحات الأمريكية الأخيرة ترحيبا كبيرا، وفي تقديري أن هذا الترحيب يعود لعدة أسباب منها:
الأول؛ موقف ترامب من عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا، وهو موقف سابق لصعوده إلى السلطة، حيث أبدى  رفضه بصراحة للانقلاب، متهما جهات أمريكية بالتورط، متوعدا بكشف المتورطين حال فوزه، كما أنه ذهب إلى أبعد من ذلك، وهو تنفيذ الرغبة التركية الملحة بتسليم فتح الله كولن".
 
 واستطرد: "أما السبب الثاني فله علاقة بتسوية وضع تركيا في تدخلاتها الأخيرة في سوريا والعراق، بهدف حماية أمنها القومي، والتي رفضتها إدارة أوباما، وتعتقد أن سياسة تركيا ربما تصل لحل تفاهمي مع واشنطن في عهد ترامب، بسبب "خلافات ترامب مع حلف الناتو". وثالث الأسباب له علاقة بعقلية ترامب التجارية، والمصالحية، وهي عقلية عبر ترامب بصراحة في أكثر من مرة، وأنقرة تجيد التعامل مع مثل هذه العقليات".
 
نتيجة صادمة
 
"مهيب المريري" صحفي تلفزيوني يقول: "بكل تأكيد يشكل فوز "دونالد ترامب" خسارة فادحة للشرق الأوسط والمسلمين، وهو المشهور بتصريحاته العنصرية المثيرة للكراهية".
 
وأضاف "المريري" للموقع بوست: "لم يكن العرب يتوقعون فوز ترامب وأكبر دليل على ذلك التغطية الإعلامية للقنوات العربية عشية الإنتخابات، حيث بدت القنوات العربية كعاملات في الحملة الإنتخابية لمرشحة الحزب الديمقراطي "هيلاري كلنتون".
 
وتابع: "لم تكن النتيجة صادمة للعرب لوحدهم، فقد شكلت أيضا إرباكا على صعيد صناع القرار في الإدارة الأمريكية، علما بأنه وللمرة الأولى في تاريخ أمريكا، استخدم رجال الدولة السياسيين والأمنيين نفوذهم لدحر "ترامب" عن الفوز، لكن دون جدوى، حيث كان أساطين المال أقوى بكثير".
 


التعليقات