عدن 2016 .. حصاد مُر من الإرهاب والفوضى والأزمات
- ادهم فهد - عدن الأحد, 01 يناير, 2017 - 05:50 مساءً
عدن 2016 .. حصاد مُر من الإرهاب والفوضى والأزمات

[ وصول الرئيس هادي الى عدن - ارشيف ]

شهدت العاصمة المؤقتة عدن خلال العام 2016 احداثا دامية، وأزمات خانقة، ألقت بطبيعتها على المشهد العام لليمن، وشكلت في مجملها بيئة لم تنفصل عن الاحداث العامة التي شهدتها البلاد، مثلما كان لها طابعها الخاص كعاصمة مؤقتة لليمن واليمنيين.
 
ثمة ظواهر عديدة برزت في عدن خلال العام المنصرم، ومثلت تحديات كبيرة في المدينة امام قادتها اولا، وامام نظام الشرعية الذي جعل منها عاصمة للبلاد، بعد سقوط العاصمة صنعاء بيد المليشيا منذ أزيد من عامين.
 
الإرهاب
 
كان الإرهاب أحد أبرز الظواهر التي اتسم بها العام 2016 في  محافظة عدن والتي شهدت عشرات الاغتيالات والتفجيرات، وخلفت مئات القتلى والجرحى.
 
مديرية المنصورة الواقعة وسط العاصمة المؤقتة عدن,  كانت مركزا ونقطة تجمع لمسلحي القاعدة والذين سيطروا عليها خلال فترة الحرب واستمر الوضع على ما هو عليه حتى منتصف مارس من العام 2016 , إضافة الى كونها مسرحا للنصيب الأكبر من العمليات الإرهابية .
 
و شنت القوات الأمنية عدة حملات أمنية على المنصورة , وكانت الحملة الأخيرة منتصف مارس من العام 2016  قاصمة لمسلحي القاعدة فقد تدخلت طائرات الأباتشي لمساندة القوات الأمنية وقامت بقصف مبنى المجلس المحلي بالمنصورة والذين كان يستخدمه مسلحو القاعدة كمركز للقيادة والانطلاق.
 
ولم تتوقف العمليات الإرهابية بعد أن تمت السيطرة على مديرية المنصورة وطرد مسلحي القاعدة منها, فقد استمرت على نفس النسق والديناميكية.
 
العمليات الإرهابية كان لها بنك أهداف ممتلئ، من الجنود وضباط البحث الجنائي المتقاعدين, مسؤولون في الجهاز الأمني, شخصيات دعوية, وقادة في المقاومة الشعبية, كل هؤلاء كانوا أهدافا للعمليات الإرهابية، والتي طالتهم إما على شكل اغتيالات فردية، أو تفجيرات انتحارية ومفخخة.
 
الأجهزة الأمنية بمختلف تقسيماتها وضعت مكافحة الإرهاب على رأس أولوياتها , لكنها لم تنجح بالشكل الكامل والمطلوب, فهشاشة الجانب الاستخباراتي في الأجهزة الأمنية، كان أحد الأسباب، إضافة إلى كون الأجهزة الأمنية لا تزال في طور البناء ما سهل إختراقها من قبل عناصر موالية للمخلوع صالح والحوثيين.
 
إنهيار الخدمات
 
عانى المواطنون في العاصمة المؤقتة عدن خلال عام 2016 من الإنهيارات المتواصلة للخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ومشتقات نفطية, ما جعل العام 2016 عام الأزمات بالنسبة لسكان عدن.
 
حرب ميليشا الحوثيين وقوات صالح الانقلابية على عدن مطلع العام 2015 وتدميرهم للبنية التحتية المتهالكة اصلا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير, فقد وصلت ساعات انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف لعام 2016 لأكثر من 20 ساعة في اليوم الوحد, فيما ظل شبح أزمة المشتقات النفطية يطل برأسه بين الفينة والأخرى معلنا توقف الحياة العامة في مدينة تعد عاصمة للحكومة الشرعية.
 
شوارع العاصمة المؤقتة الرئيسية كانت شاهدة على هذه الأزمات، فقد نزل اليها مئات المواطنين في احتجاجات متفرقة للمطالبة بتحسين الخدمات, في مدينة ساحلية ترتفع فيها درجة الحرارة ل 39°، فيما تبلغ 93° للرطوبة وتعد فيها خدمتي الكهرباء المياه ضرورية للعيش.
 
ولم يكن لدى الحكومة الشرعية أية إمكانيات تجعلها قادرة على حل أزمة الخدمات بشكل جذري, نظرا لاستحواذ الانقلابيين على ميزانية الدولة التشغيلية بمركزي صنعاء, فيما بقيت المساعدات التي تقدمها دول التحالف العربي وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة مجرد مهدئات وحلول مؤقتة ساهمت في التخفيف عن معاناة المواطنين بشكل نسبي.
 
وباء الكوليرا كان أحد نتائج أزمة الخدمات, فقد انتشر في العاصمة المؤقتة عدن مطلع أواخر سبتمبر 2016 وما جاورها من المحافظات مسجلا أكثر من 250 إصابة و 15 حالة وفاة على الأقل خلال فترة قياسية لم تتجاوز الشهر, وقد جاء وباء الكوليرا بعد أن غرقت الشوارع والأحياء ببحيرات الصرف الصحي، وتوقفت مضخات الضخ بعد نفاد مادة الديزل، إثر أزمة خانقة في المشتقات النفطية كانت عدن قد شهدتها خلال تلك الأيام
 
الأزمة الاقتصادية
 
لم تكن عدن العاصمة المؤقتة للبلاد بمعزل عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها عموم اليمن, نظرا للحرب القائمة، ولسياسة التجريف والاستنزاف التي تمارسها سلطات الانقلابيين المسيطرين على صنعاء.
 
استمرار وجود البنك المركزي في صنعاء تحت سطوة الانقلابيين جعل المواطنين في المدن المحررة وفي مقدمتها العاصمة المؤقتة عدن تحت رحمة الانقلابيين, فقد تم وقف الميزانيات التشغيلية للمرافق والمؤسسات منذ اليوم لاندلاع الحرب في آذار مارس من العام 2015.
 
وكان رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي قد أصدر قرارا يقضي بنقل البنك المركزي للعاصمة المؤقتة عدن، وذلك منتصف سبتمبر من العام 2016 , قرار وصفه مراقبون بالمتأخر كونه جاء كحبل نجاة لسلطات الانقلابيين التي أضحت غير قادرة على تسليم مرتبات موظفي الدولة.
 
فقد ظلت مرتبات عدد من المرافق الحكومية معلقة منذ صدور قرار نقل البنك المركزي,  في الوقت الذي يعيش فيه مركزي عدن شحة خانقة في السيولة المالية.
 
منتسبو الجهازين الأمني والعسكري والمتقاعدين من شتى المجالات كانوا أكثر شرائح المجتمع المتضررة من الأزمة الاقتصادية كون مرتباتهم ظلت معلقة لفترات وصلت لخمسة اشهر متواصلة.
 
ومؤخرا أعلنت الحكومة الشرعية عن تشكيل لجان وزارية ستكلف بتسيير الأمور المالية للمناطق العسكرية السبع , وقد بدأت أعمالها فعليا مطلع ديسمبر من العام 2015 , فيما بقي ملف المتقاعدين المدنيين معلقا إلى أجل غير مسمى وبجانبهم ملفات عدد من المرافق والمؤسسات الحكومية المعلقة مرتباتهم منذ فترات تجاوزت الشهرين والثلاثة.
 
عودة الرئيس والحكومة
 
مثلت العاصمة السعودية الرياض عقب اجتياح ميليشا الحوثيين وقوات صالح الانقلابية للعاصمة المؤقتة عدن مقرا للحكومة الشرعية ولرئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي حتى فترة ليست ببعيدة.
 
وعقب تحرير العاصمة المؤقتة عدن ودحر ميليشيا الحوثيين وقوات صالح الانقلابية منها, عادت اليها الحكومة الشرعية وكذا الرئيس هادي, لكنها كانت مجرد زيارات مؤقتة للإطلاع على مجريات الأمور في المدن المحررة عن قرب.
 
توالت الزيارات إلا أنها كانت تنتهي بعودة وزراء  الحكومة الشرعية ورئيسها إلى جانب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي للعاصمة السعودية الرياض.
 
وعند الحديث عن أسباب عزوف الحكومة الشرعية ورئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي عن اتخاذ عدن مقرا دائما لهم , تبرز عدة أسباب لعل أهمها الوضع الأمني المضطرب، والذي فشلت الأجهزة الأمنية ممثلة بمدير الأمن شلال شائع بترويضه , و شحة الموارد حيث لم تكن  الحكومة الشرعية تملك ميزانية تشغيلية إضافة إلى افتقار العاصمة المؤقتة عدن لمكاتب الوزارات والمؤسسات التي تسهل أعمال الحكومة وتذللها.
 
وفي أواخر تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2016 عاد الرئيس هادي إلى عدن , ليتبعه بثلاثة أيام رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر رفقة عدد من الوزراء, وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها (((والتي استمرت حتى يوم كتابة التقرير 26 ديسمبر)).
 
وخلال الزيارات السابقة والعودة الأخيرة , قامت عدد من وزراء الحكومة الشرعية بعد لقاءات واجتماعات مع مدراء المرافق والمؤسسات وذلك لأجل وضع الحلول والمساهمة في تحسين أداءها وفقا الإمكانات المتاحة.
 
انتهاكات بحق الإنسان
 
بلغت مؤشرات انتهاكات حقوق الإنسان في العام 2016 أرقاما قياسية بحسب مصادر حقوقية.
 
الإعتقالات التعسفية, الإخفاء القسري, نهب الممتلكات الخاصة وإبتزاز رؤوس الأموال عناوين بارزة لأهم ما تضمنه 2016 من إنتهاكات.
 
وقد بدأت هذه الانتهاكات فعليا في أبريل/ نيسان من العام 2016 واستفتحتها قوات الحزام الأمني بشن حملات اعتقال لعشرات المواطنين بينهم أطفال دون الثامنة عشر بتهم الإشتباه بالانتماء للتنظيمات الإرهابية.
 
ولم تتوقف الانتهاكات عند حد الاعتقالات التعسفية وتقييد الحريات دون أي مراعاة للقوانين والأنظمة, فقد تعدتها لتصل للإخفاء القسري والتعذيب وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم القانونية.
 
وكان لتوقف أعمال المحاكم والنيابات اليد الطولى في استفحال هذه الإنتهاكات، وافساح  المجال لها للتوسع دون وجود أي رقيب أو حسيب.
 
أهالي المعتقلين والمخفيين قسريا والمنتهكة حقوقهم لم يلزموا الصمت , و فضلوا الخروج للشارع تعبيرا عن رفضهم للانتهاكات الصادرة عن الأجهزة الأمنية بشقيها " إدارة الأمن,  والحزام الأمني ".
 
وقد شهدت العاصمة المؤقتة عدن عدة وقفات احتجاجية نظمها حقوقيون ومهتمون بمجال الانتهاكات وحضرها عشرات المواطنين ممن تعرض ذويهم للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.
 
بالرغم من الحراك الحقوقي وتحركات أهالي المعتقلين والمخفيين قسريا إلا أنها لم تحرك ساكنا في أروقة الجهات المعنية , في ردة فعل تعكس مدى التجاهل وحالة اللامبالاة التي يبديها قادة الأجهزة الأمنية المسؤولة أساسا عن الانتهاكات.
 
وبحسب مصادر حقوقية تحدثت لـ (الموقع بوست) فإن عدد المخفيين قسريا في سجون العاصمة المؤقتة عدن والتي يتقاسمها الحزام الأمني من جهة وإدارة الأمن العام من جهة أخرى يتجاوز 120 مخفيا.
 
وذكرت بأن هناك قرابة 1700 معتقلا من عدن وما جاورها من المحافظات , يقبعون بداخل السجون والمعتقلات دون أن يتم التحقيق معهم أو توجيه تهم محددة لهم , في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وللمواثيق الدولية وقبلها لدستور الجمهورية اليمنية.
 
وكان الحدث الاكثر جسامة في المحافظة هو طرد العشرات من ابناء المحافظات المنتمين للمحافظات الشمالية بشكل جماعي، دون الإستناد لأي مسوغات، وبشكل عنصري فاضح.
 


التعليقات