كيف ضاعفت الحرب معاناة اليمنيين في بلاد الغربة؟ (تقرير خاص)
- خاص الاربعاء, 22 فبراير, 2017 - 05:55 مساءً
كيف ضاعفت الحرب معاناة اليمنيين في بلاد الغربة؟ (تقرير خاص)

[ تدهورت أوضاع المغترب اليمني منذ اجتياح الحوثيين صنعاء 2014 - أرشيفية ]

بغرض تلقي العلاج هبط مواطن يمني في مطار القاهرة وبمجرد أن وطئت قدماه بوابة المطار ناداه مواطن مصري قائلاً هل أنت "حوسي"؟
 
ومنذ اجتياح الحوثي للعاصمة اليمنية صنعاء في أواخر عام 2014، تحولت حياة المغتربين والطلاب والجاليات اليمنية في الخارج إلى قلق دائم، ووضعتهم في دائرة الاتهام، بعد أن كان لليمني القادم من بلاد الحضارة والتاريخ شخص له قيمته قبل أن تسلب منهم دولتهم وهيبتهم أمام العالم وأصبحوا مجهولي الهوية يتلقفهم الجوع والتشرد والمضايقات والمنع من دخول مطار الدولة الفلانية والدولة العلانية.
 
وكان آخر المصائب التي تسببت بها حرب الحوثي على اليمنيين في بلاد الاغتراب، قرار الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب الشهر الماضي بحظر دخول مواطني اليمن وست دول أخرى إلى أمريكا لمدة 90 يوماً، إلا أنه تم وقف القرار بحكم قضائي. ولكن استمرت المخاوف لدى اليمنيين، بسبب توجّه الإدارة الأمركية الجديدة المعادي لبلادهم.
 
ورغم كل ذلك توجد شريحة من الشباب الطامح المتعلم تحولوا إلى سفراء لبلادهم من خلال التعريف بما يجري في اليمن، وأن اليمني لا زال ذلك الرجل القادم من أرض "سبأ" ولا يحمل بداخله أي عداء وليس دموي ويدافعون عن شرعية الدولة وعن الوطن.
 
ويطالب العديد من المغتربين والمراقبين خارج اليمن الحكومة الشرعية بتفعيل العمل الدبلوماسي، وتنشيط سفاراتها لتعريف العالم بما يجري في اليمن لمواجهة الانقلاب.
 
التقى "الموقع بوست" بعدد من الشخصيات التي تبذل قصارى جهدها من أجل تمثيل وطنها من الطلاب والسياسيين والجاليات اليمنية في عدد من الدول.
 
يعيش حالة قلق دائم
 
يرى المحلل السياسي اليمني فيصل علي أن المغترب اليمني يعيش حالة قلق دائم مما يجري في البلد، مشيرا إلى أن المواطن المقيم في بلده يعيش الحرب وتعود عليها.
 
وأضاف في تصريح لـ"الموقع بوست" أن الذي يقيم خارج الديار يعيش حالات حزن عميقة يتألم لكل مصاب لكل عملية غدر تقوم بها مليشيات الانقلاب ضد الشعب.
 
وأفاد بأن ما بين القلق والخوف والرجاء يعيش ملايين المغتربين ولو أنهم في اليمن ما كان هذا القلق.
 
وطالب فيصل علي -وهو أحد المغتربين خارج اليمن- من كل المغتربين اليمنيين في كافة أنحاء العالم بدعم بلادهم والحكومة الشرعية والدولة من خلال الوسائل المتاحة كل بحسب ظروفه، من الدعم المادي والإعلامي والتظاهرات والندوات لتعرية الانقلاب، لا أن يكون القلق وحده هو سيد الموقف.
 
وأكد أن على المغترب اليوم تحمل مسؤليته والدفاع عن بلده وتوضيح صورة ما يجري ولا يقبل الدس في وسائل إعلام تصور المعركة على غير حقيقتها وتروج للمليشيات.
 
يتأثر وضع المغترب بوضع الدولة في الداخل
 
من جانبه يرى الكاتب والسياسي محمد المقبلي -المتواجد حاليا في تركيا- أن المغترب ووضعه يتأثر بوضع الدولة في الداخل.
 
وأوضح المقبلي في تصريح لـ"الموقع بوست" أنه "كلما كانت الدولة قوية تصون مواطنيها في الداخل سيجد المغترب مكانته في بلد المهجر والعكس صحيح خذ نموذج كيف أصبح المغترب في زمن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي وكيف كان له مكانته وكيانه الاعتباري".
 
وأشار إلى أن الوسائل التي ستعيد له مكانته أن يكون هناك سفارات تحترم المغترب وتهتم به وأن يكون التوجه الرسمي للدولة مهتم بكرامة اليمني في الداخل والخارج.
 
وأكد المقبلي أن الجاليات اليمنية في الخارج تحتاج إلى اسناد دبلوماسي، ومن المهم أن تقوم السفارات بنقل صورة صحيحة عن ما يدور في اليمن وتزويد الجاليات بالتقارير المترجمة وغيرها عن الأوضاع في اليمن.
 
وتابع "ثم ياتي دور الجاليات"، مشيرا إلى أن  دور الجاليات رائع ومتقدم فيما يتعلق بالعمل من أجل القضية الوطنية وإسناد الشرعية ومقاومة الانقلاب.
 
تضرر منها الجميع

بدوره الطالب مالك رشاد -طالب يمني يدرس الإعلام في السودان- يرى أن الحرب  تضرر منها الصغير والكبير وبالذات المغترب اليمني بلا استثناء.
 
ويلخص رشاد معاناتهم كطلاب يمنيين مغتربين تتمثل في تأخير المستحقات المالية، إذ أن كثير من الطلاب وصل بهم الحال إلى التفكير في إيقاف الدراسة والبحث عن فرص العمل في ظل تخلي الدولة عنهم، وينوه رشاد إلى أن الحرب أثرت على مستواهم التعليمي والجانب النفسي، فالحرب -كما يقول- لم تدع أحدا، فقد تضرر منها الجميع.
 
ولا ينسى رشاد أن يعرج على الاستثناء الذي يعيشه الطلاب اليمنيون في السودان وما تقدمه الحكومة السودانية من استثناءات لهم، إذ يقول "أعتقد وضع الطالب اليمني في السودان يعتبر جيد جدا، فالشعب اليمني تربطه علاقة أخوية قوية مع الشعب السوداني منذ القدم، كما أن فخامة الرئيس عمر البشير وجه بمعاملة الطالب اليمني معاملة الطالب السوداني، وتم تطبيق القرار نسبيا في بعض الجامعات، وأيضا أمور الإقامة ميسرة للطالب اليمني، ويعامل الشعب السوداني اليمنيين بكل ود وتقدير واحترام، حقيقة لا تشعر بالغربة وأنت بين أبناء الشعب السوداني وعلاقتنا معهم طيبة جدا".
 
يواجه حربين
 
بدورها الإعلامية شيماء أمين الشرعبي -طالبة إعلام في السودان- ترى أن "اليمن والحرب جعلت من كل  يمني إنسانا يعيش في محيط متوتر ويمكننا القول إنه موجع لدرجة كبيرة".
 
وتضيف الشرعبي أن الطالب اليمني المغترب يواجه حربين، حرب المطالبة بحقوقه إن كان طالب مبتعث، ووجع أنه يمني لما يواجهه من عقبات على الصعيد الإقليمي في منعه من دخول معظم الدول أو من معاملات الإقامة في البلد المستضيف.
 
وتستدرك الشرعبي بالقول أنه "رغم الحرب والوجع تبقى مكانة اليمني محفوظة والعالم يدرك هذا جيدا، إنما كيف يمكننا استعادة قوة الدولة ومكانتها دبلوماسيا".
 
وتختتم الشرعبي حديثها لـ"الموقع بوست" بالقول "لا سبيل سوى إنهاء هذا الصراع القائم في البلد، ولا نتغافل أبدا عن التأثير الإعلامي والذي يتحمل الجزء الأكبر في إعادة ترميم الفكرة في عقول الناس وأيضا أن يعكس المغترب اليمني في حديثه الدائم عن اليمن و الوجه الجميل".
 
معاناة يومية
 
ويؤكد رئيس رابطة الطلاب اليمنيين في روسيا ردفان الماس أن الحرب التي سببها الحوثي على اليمن لم تستثني الطالب المبتعث في الخارج حيث انعكست سلبا على وضعه الدراسي بسبب تأخر المستحقات المالية وإسقاط أسماء عدد كبير من الطلاب بدون وجه حق.
 
وأشار الماس في تصريح لـ"الموقع بوست" إلى أن الاغتراب والجوع وهَمّ الدراسة  ثالوث يطارد الطالب اليمني المبتعث في الخارج.
 
وأضاف أن الحرب في البلاد جعلت الطالب يعيش ظروفا صعبة بسبب الحرب التي تشنها الميليشيا الانقلابية وحولت رحلتهم التعليمية إلى معاناة يومية.
 
وذكر الماس خلال حديثة لـ"الموقع بوست" أن العشرات من الطلاب تم طردهم من الجامعات، وحرم البعض من دخول قاعة الامتحانات، ولا زالت المشكلة قائمة حتى يومنا هذا ولا زالت الدولة غير قادرة على دفع الرسوم للجامعات ناهيك عن تاخر المصروف الشهري.
 
وأكد الماس أن الحرب جعلت من كل اليمنيين شبهة للإرهاب، ومنعت معظم دول العالم اليمنيين من دخول أراضيها مما أدى إلى عواقب وخيمة تضرر منها الجميع سواء كانوا طلابا أو مهاجرين.
 
واعتبر الماس أن الأضرار النفسية التي تعرض لها الطلاب اليمنيون في دول الخارج كفيلة بأن تدمر مستقبلهم خاصة أنهم سفراء اليمن ووجهها المشرق لدى دول الابتعاث.
 
وطالب الماس الحكومة الشرعية بتحمل  مسؤوليتها القانونية والأخلاقية تجاه مستقبل اليمن ومن يعول عليهم المجتمع لبناء هذا الوطن المكلوم.
 
وبين أن الحلول والمعالجات التي من شأنها تجاوز هذه المرحلة العصيبة تكمن في  القضاء على الانقلاب بشكل كامل، تسليم أسلحة الدولة، إعادة مؤسساتها، تطبيق النظام والقانون والدخول في محادثات حقيقة يتم على أساسها بناء يمن العدالة والحرية بعيداً عن التطرف والإرهاب.
 


التعليقات