في اليمن.. نساء يُدخنّ الشيشة محاكاة للأسرة وهروبًا من الواقع (تحقيق)
- نور الوهالي الجمعة, 17 مارس, 2017 - 06:01 مساءً
في اليمن.. نساء يُدخنّ الشيشة محاكاة للأسرة وهروبًا من الواقع (تحقيق)

[ ارتفعت نسبة المراهقات المدمنات للشيشة - الصورة تعبيرية ]

انتشار ظاهرة تدخين الشيشة في محيطات تجمعات الشابات اليمنيات في الآونة الأخيرة بات أمرا ملفتا للنظر، حتى غدت الموضة السائدة بين الفتيات، خصوصا بين المراهقات، بعد أن كانت محصورة في البداية على الرجال في المقاهي والبيوت، لتنتقل إلى صفوف النساء اللائي ارتفع عددهن في الآونة الأخيرة مع إدمان الفتيات على تدخينها.
 
مؤخرا أصبحت صورة مألوفة ولافتة للنظر في الأعراس النسائية، إذ نجد الشيشة حاضرة بقوة في صالات الأعراس والبيوت وتجمع الفتيات والنسوة (مجالس التفرطة) كما يُطلق عليها، وتوسعت الظاهرة، لتطفو على السطح مؤخرا، ولكن من نافذة أخرى، هي المنتزهات العامة.
 
في السابق، ظلت ظاهرة التدخين لدى النساء اليمنيات أمام آبائهن أو إخوانهن عيبا، وتسبب لهن الكثير من المشاكل، والشخص الوحيد اللائي كن يتجرأن على التدخين أمامه هو الزوج فقط، وليس كل الأزواج وإنما البعض منهم، وتحديدا المدمنون منهم.
 
الزواج طريق لتعليم الشيشة
 
لم تعد ظاهرة تدخين الشيشة تقتصر على العازبات فحسب، بل تعدى هذا الأمر لتصل إلى المتزوجات، واللائي مثّل لهن الزواج بوابة للعبور إلى حياة أخرى.
 
تقول أم عبد العزيز "تعلمت تدخين الشيشة من بعد زواجي، أما من قبل فلم أكن أتناولها إطلاقا، بيد أن زوجي طلب مني التدخين معه".
 
وتضيف -في حديثها لــ"الموقع بوست"- "في أوقات كنت أرفض طلب زوجي التدخين معه، إلا أنه كان يغضب مني، ويترك البيت ليذهب للتدخين مع أصحابه، الأمر الذي جعلني أدمن تدخين الشيشة، حتى أصبحت مدمنة عليها، بل أصبحت لا أقدر على تركها إطلاقا".
 
صديقات الشيشة
 
شذى أحمد (21 عاما)، تكشف عن أسباب تدخينها الشيشة قائلة "تعلمت تدخين الشيشة من صديقاتي، وهن من شجعنني على تدخينها في البداية".
 
تضيف شذى -في حديثها لـ"الموقع بوست"- "دفعني حب الاستطلاع لاكتشاف هذا العالم، فقد كنت أرى الشابات في صالات الأعراس يُدخنّ الشيشة، وأصبحت اليوم أقلدهن، بل تطور الحال إلى أن نجتمع أنا وصديقاتي حول الشيشةً"، مؤكدة أنها لا تستطيع اليوم إيجاد الأعذار من أجل الاجتماع بصديقاتها من أجل تدخين الشيشة.
 
أما آمال فتقول "تعلمت تدخين الشيشة من جلوسي في المنتزهات بكثرة، فقد شاهدت الكثير من الفتيات يُدخنّ الشيشة فجربتها فأعجبتني، ولكني لم أدخن في البيت خوفا من أهلي، فأدخن في بيوت صديقاتي أو المنتزهات أو في صالات الأعراس، ومن ثم اتخذتها عادة لي، ففي التدخين متعة وهروب من الواقع والمشاكل المحيطة بي، وكثرة الفراغ الذي أصبحنا نعيشه في بلادنا".
 
بالنسبة لأسماء فتقول "تعلمت تدخين الشيشة وأنا في الثامنة عشرة من عمري، تعلمتها من والدتي، والبداية أن أمي كانت تطلب مني تجهيز أدوات الشيشة من ماء ومعسل وإعداد الفحم اللازم، ونضع على المعسل، وبما أني كنت أقوم بهذه المهمة أكثر من مرة في اليوم، وبحكم ارتباطي بأمي ارتباطا كبيرا، أصبحت أقلدها في كل كبيرة وصغيرة، حتى أصبحت مدمنة اليوم على هذه العادة، وأمي لا تمانع على تدخيني للشيشة، وتقول: من الأفضل أن تدخني معي وأمام عيني، ولا تدخني خارج البيت وأنا لا أعرف مع من"، حد تعبيرها.
 
النساء أكثر الزبائن إقبالا
 
وانتشرت مؤخرا في العاصمة صنعاء محلات بيع الشيشة وأدواتها بشكل كبير، حيت باتت متواجدة في معظم أحياء العاصمة، بعد أن كانت مقصورة على الأحياء الراقية.
 
يقول صاحب محل لبيع الشيشة في العاصمة صنعاء لـ"الموقع بوست" بأن هناك أنواعا كثيرة وأشكالا مختلفة للشيشة، ويتحدث بأن "أغلب الزبائن لمحلات بيع الشيشة هن من النساء، سواء أكانت حالتهن المادية بسيطة أو ميسورة الحال، وتقوم المرأة بالشراء تقليدا لصديقاتها أو للأهل، ويلجأن لتعاطي الشيشة مع القات".
 
مفاهيم خاطئة
 
ثمة سوء فهم واسع النطاق لاسيما عند النساء بأن تدخين الشيشة آمنا بشكل عام، والناس يعرفون القليل عن الآثار الصحية، ويعتقدون أنه أقل ضررا من تدخين السجائر، إلا أن الدراسات العلمية أثبتت عكس ذلك، حيث بينت أن تدخين "حجر الشيشة" الواحد هو بمثابة تدخين 8 أعقاب سجائر.
 
كما تحتوي الشيشة على الفحم أو الجمر، وهما نواتج احتراق نفس مصدر الحرارة المستخدمة لحرق التبغ، وبالتالي يعملان على زيادة العوامل المسببة للسرطان في الدخان.
 
وبصرف النظر عن الأثر الضار لهذه المادة الكيميائية، والمنتج النهائي الذي ينتجه الفحم، فهو يكثف الأضرار التي يمكن أن تصيب الجسم، كما يقول أطباء.
 
ويرتبط دخان الشيشة مع زيادة خطر الإصابة بالأمراض مثل السرطان وأمراض القلب وأمراض الرئة والعديد من الأمراض القاتلة الأخرى. قد لا يكون ملحوظا الآن، ولكن المواد الكيميائية الضارة تعمل ببطء وتسبب تلف أجزاء معينة من جسم مستخدم الشيشة، ناهيك عن انتشار بعض الأمراض المعدية نتيجة لقيام أكثر من مدخن بالتناوب على نفس الشيشة.

كما أن هناك خطأً شائعا مفاده أن من يدخنون الشيشة لن يعانوا من أي آثار سلبية إذا كانوا يدخنون الشيشة أحيانا وليس بشكل يومي مثل معظم مدخني السجائر، ولكن في حقيقة الأمر الجميع يتضررون، لأنهم يستنشقون الكثير من الدخان الذي يحتوي على المواد السامة أثناء جلسات التدخين التي تستمر عادة لأكثر من ساعة بصورة مباشرة.

تحذيرات صحية
 
وحذر عدد من الأطباء والمختصين النساء المدمنات لتناول الشيشة، مؤكدين أن مخاطر تناول الشيشة من قبل النساء تتعدى الأمراض الخاصة بالمرأة لتنقل إلى الأبناء وتشويه الأجنة.
 
وأكدت الدكتورة إيمان أحمد -اختصاصية نساء وولادة- لـ"الموقع بوست" أن تدخين النساء الحوامل للشيشة يضع الأطفال الذين لم يولدوا بعد في خطر كبير وتشوه الأجنة، ومن تلك المشاكل الولادات المبكرة قبل الأوان، وصعوبة نمو الجنين، بحيث لا يمكن للجنين أن ينمو بشكل أفضل في بطن أمه.
 
وأضافت الدكتورة إيمان أن "من مخاطر تدخين الشيشة على الأبناء أن يصبح وزنه أقل بكثير من الوزن الطبيعي"، مشيرة إلى أن "التدخين مسبب رئيسي في امتداد للمشيمة عند المرأة الحامل مما يؤدي إلى موت الجنين داخل الرحم، ناهيك عن الأضرار الصحية التي نعرفها والمؤثرة في المدخن نفسه، كالسرطان وغيره فهو مؤثر وبشكل مباشر".
 


التعليقات