كيف تعامل المخلوع صالح ومليشيا الحوثي مع "عاصفة الحزم"؟
- خاص الإثنين, 27 مارس, 2017 - 04:16 مساءً
كيف تعامل المخلوع صالح ومليشيا الحوثي مع

[ استهدفت "عاصفة الحزم" سلاح المليشيا في اليمن ]

مثّلت عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي أطلقتها دول التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، مرحلة مفصلية في المشهد السياسي اليمني، الذي عاني من اضطرابات عدة، نتيجة التحالف بين صالح والحوثيين لإجهاض العملية السياسية، والانقلاب على الشرعية المعترف بها دولياً.
           
وعندما انطلقت "عاصفة الحزم" في اليمن، كان موقف الحوثيين والرئيس اليمني المخلوع في حالة طقس تملأه الصدمة، لم يكن متوقعاً أن تنطلق عمليات عسكرية ضد الانقلاب الذي حدث بمراحل متدرجة منذ سبتمبر/أيلول 2014، واستيلاء ميليشيا موالية لإيران على اليمن بأهميته الجغرافية والاقتصادية والأمنية لدول شبه الجزيرة العربية، في وقت كانت السعودية تعيش انتقال السلطة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، ظنّاً أن ذلك يبدو متأخراً.
 
تلك الصدمة ظهرت في تحركات الموالين لـ"صالح" وأنصار الجماعة المسلحة، خائفين يترقبون متى تحين النهاية الحتمية، لحظات صمت ورُعب مع الاستيلاء على الأجواء اليمنية في الساعة الأولى للطلعات الجوية لكن ذلك لم يكن مطلقاً قبل أيام قليلة من انطلاق العمليات العسكرية بطلب من الرئيس الشرعي للبلاد عبدربه منصور هادي.
 
تشنجات ما قبل العاصفة
 
يجب الإشارة إلى الحالة التي كان يعيشها الحوثيون و"صالح" قبل انطلاق العاصفة، وضع علي عبد الله صالح منفذ واحد للحكومة اليمنية الشرعية للخروج من عدن إلى جيبوتي، في تصريحه الشهير في فبراير/شباط 2015، فيما صَعد الحوثيون ضد المملكة العربية السعودية، ففي 26 فبراير/شباط 2015، القى عبد الملك الحوثي، خطابا خصصه للهجوم على السعودية، وألمح لتعديلات في العلاقات الخارجية لليمن، عندما تحدث عن "البدائل الدولية"، وبأن "اليمن لا يعاني عزلة دولية بل بات منفتحاً نحو أفق أوسع".
 
 وفي 12 مارس/آذار 2015 أعلنت الجماعة عن إجراء مناورات عسكرية بمعدات عسكرية ثقيلة على الحدود السعودية، وقال محمد البخيتي القيادي في الجماعة إن الحوثيين "سوف يحررون نجد والحجاز"، وإن "قواتهم جاهزة لمواجهة أي هجوم سعودي وأنهم لن يتوقفوا إلا في الرياض".
 
الذِلة بعد يوم من العاصفة
 
انطلقت عاصفة الحزم بعد المناورة العسكرية بأسبوعين (26مارس/آذار) خرج علي عبدالله صالح بعد ذلك بيومين يقرأ بيان مناشدة بإيقاف العمليات مؤكداً أنه لن يترشح هو وأقاربه للرئاسة إذا توقفت عاصفة الحزم. وفي اليوم اللاحق للعاصفة ظهر عبد الملك الحوثي في كلمة بثها تلفزيون المسيرة يقول إن الحملة العسكرية التي تقودها السعودية غير مبررة داعياً أتباعه للمواجهة. وبعد عام على "عاصفة الحزم" قال عبد الملك الحوثي للسعودية "اتقوا الله لا تطمئنوا للموقف الأمريكي". فكيف اختلف تهديد الحوثي وصالح للمملكة والحديث عن البدائل (إشارة إلى إيران) مع هذا القدر من الجُبن والرعب بعد انطلاق العمليات العسكرية.
 
لاحقاً وبعد أن بدأ الحوثي وصالح يشعرون بانتهاء الصدمة والمفاجأة لانطلاق عاصفة الحزم، بدأوا مرحلة جديدة من العبث في المواقف والمراوغة، رفضوا قطعياً قرار مجلس الأمن (2216) الصادر في أبريل/نيسان 2015، واستمروا برفضه وإدانته حتى أغسطس/آب 2015، قدموا ورقة تعلن اعترافهم بالقرار واستعدادهم للتعامل من أجل تنفيذه، والقرار يجبرهم على الانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للسلطات الشرعية في البلاد. لكنهم كالعادة دخلوا مرحلة جديدة من المراوغة والعبث بشأن القرار وصولاً إلى عادة رفضه مجدداً برفض تسليم الأسلحة والانسحاب من المدن.
 
لجأت جماعة الحوثي إلى الانتقام من الخصوم السياسيين، وقامت بحملة اعتقالات في الخامس من أبريل/ نسيان 2015 بحق قيادات سياسية في حزب التجمع اليمني للإصلاح بينها القيادي محمد قحطان وآخرين كردة فعلا لـ"عاصفة الحزم" التي حدت من غرور الجماعة وممارسة للغطرسة على امتداد البلاد للانتقام من يعارضها في مشاريعها التي قادت البلاد إلى منعطف خطير.
 
أعقب تلك الخطوات توعد وسائل الإعلام وشنت عملة شعواء على وسائل الإعلام واعتقلت العديد من الصحفيين واقتحمت مقرات صحف وقنوات تلفزيونية وحجبت المواقع الالكترونية، كان كل ذلك دليلا واضحا على فقدان جماعة الحوثي توازنها وانزعاجها الشديد من النقد الذي جعلها في مرمى الإعلام المحلي والخارجي.
 
وفي سياق ردود الفعل التي أبدتها جماعة الحوثي أغلق الحوثيون مكاتب العديد من الصحف المحلية والقنوات الفضائية، واختطفوا العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية والحقوقية، ولا يزال بعضهم قيد الاختطاف منذ ثلاث سنوات.
 
 كما اقتحم مسلحو الجماعة مكتب قناة الجزيرة الفضائية في العاصمة صنعاء، وقناتي سهيل ويمن شباب المحليتين، وقامت الجماعة التي تسيطر على وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب العديد من المواقع الإخبارية المحلية خصوصا تلك المناوئة لها، ويشتكي إعلاميون وناشطون من تدهور خدمة الإنترنت في اليمن، بشكل غير مسبوق، وكشفت مصادر مطلعة أن الحوثيين يعتزمون حجب مواقع التواصل الاجتماعي، وإيقاف خدمات الانترنت في اليمن نهائياً.
 
مواقف خائبة
 
بعد الإعلان عن عملية "عاصفة الحزم"، أكد حزب المؤتمر، الذي يرأسه علي عبدالله صالح، رفضه للعملية، وقال إن ما يحدث في اليمن شأن داخلي ونتيجة صراع بين بعض الأطراف لا علاقة لحزب المؤتمر به.
 
وأضاف الحزب في بيان أنه يرفض القوة لتحقيق مكاسب سياسية، ويدعو إلى وقف الأعمال العسكرية من جميع الأطراف، كما يدعو إلى وقف أي اعمال عسكرية نحو عدن حرصاً على مواطني عدن وعلى الوحدة الوطنية، وحفاظاً على السلم والأمن الدوليين، حسب بيان صدر وقتها.
 
أما زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي فقال في خطاب له إن جماعته ستلجأ إلى إعلان خيارات محددة ومفتوحة إذا لم تتوقف الضربات العسكرية، وأضاف الحوثي "أنصحكم أن تتوقفوا الآن وكفى ما فعلتم في اليمن، وإلا فكل الخيارات ستكون مفتوحة، وهناك ملفات يمكن أن تفتح إذا أردتم احتلال اليمن، وإذا لم يتوقف هذا العدوان الغاشم والسافر وغير المبرر فسنعلن عن خيارات عملية نثبتها على أرض الميدان".
 
ودعا الحوثي إلى تكوين جبهة داخلية وخارجية لمواجهة الوضع الأمني الداخلي في البلد ومواجهة الضربات الجوية على اليمن، مضيفا أن الجبهة الداخلية ستشمل 5 اتجاهات أمنية ولوجستية وإعلامية وسياسية وتعبوية.
 
سلوك عدواني
 
استغلت جماعة الحوثي والمخلوع صالح العمليات العسكرية التي تستهدف انقلابها لحشد اليمنيين في الداخل في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وجرى تسويق تلك العمليات باعتبارها عدوانا يستهدف اليمنيين جميعهم.
 
وفي سبيل ذلك مارست المليشيا الانقلابية صنوفا من التنكيل بحق من يعارضها سياستها داخل اليمن، فقتلت مجموعة كبيرة من الشخصيات تحت دعاوى عديدة، ووصل الأمر إلى وضع بعضها كدروع بشرية للطائرات، ووضع المئات في السجون والزنازين.
 
على المستوى الشعبي سعت المليشيا الانقلابية إلى استغلال العمليات العسكرية لإعادة السلطة الشرعية في استنزاف أرصدة الحكومة البنكية، وابتزاز رؤوس الأعمال والتجار، والخصم من مرتبات موظفي الدولة، وإلزام الشعب بالتبرع لصالح تحركاتها العسكرية، حتى انهار البنك المركزي اليمني، وعجزت المليشيا نفسها في دفع مستحقات موظفي الدولة، وتسبب ذلك في تردي الوضع الإنساني، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
 
وجعلت المليشيا الانقلابية من "العاصفة" ستارا لتمددها الطائفي ونشر أفكارها الطائفية في أوساط اليمنيين، وخاصة طلاب المدارس، والجيش، والأمن.
 
مظهر الحوثي - صالح
 
يحاول الحوثي وصالح بعد مرور عامين على انطلاق عاصفة الحزم الظهور بمظهر المنتصر، مع أنهم خسروا عسكرياً أمام القوات الحكومية والقوات في معقل الحوثيين، وفي تخوم محافظة صنعاء، كما أنها تتوجه نحو ميناء الحديدة، وخسروا شعبياً بعد حملات التعسف والقمع والعبث والنهب للمال العام في الدولة، إضافة إلى اشتداد الخلافات بين التحالف الحرب الداخلية الذي يتوسع كلما طال أمد العمليات العسكرية ضد ميليشياتهم في البلاد.
 
يعتمد الحوثيون وعلي عبدالله صالح من أجل مواجهة العمليات العسكرية التي تقودها الحكومة اليمنية مدعومة من التحالف على تأجيج المأساة الإنسانية لاستعطاف المجتمع الدولي، من أجل الضغط لإيقاف وقف إطلاق النار. ومع ذلك فشل الحوثيون وصالح في تسويق تلك المآسي التي تسببوا بها من أجل الحصول على منفذ آخر للخروج من البلاد.
 
يفقد تحالف (الحوثي/صالح) القدرة على البقاء ضمن تحالفهم التكتيكي، مع تواصل انهياراتهم العسكرية والشعبية منذ الطلعة الأولى لـ"عاصفة الحزم" في اليمن، فكما ظهروا في موقف الخوف سيظهرون اتباعاً في موقف الهزيمة والاستسلام أشد فجاجة ومكراً من الثعالب.
 


التعليقات