عامان على طرد مليشيا الانقلاب من عدن.. هل تحررت فعلا؟ (تقرير)
- عدن - أدهم فهد الثلاثاء, 18 يوليو, 2017 - 09:22 مساءً
عامان على طرد مليشيا الانقلاب من عدن.. هل تحررت فعلا؟ (تقرير)

[ بعد عامين من تحرير عدن لم يلمس المواطنون أي تحسن في مستوى الخدمات ]

عامان بالتمام والكمال، مرَّا على تحرير العاصمة المؤقتة عدن، واستعادتها من قبضة ميليشيا الحوثيين والمخلوع صالح الانقلابية، لكن كل هذه المدة، لم تكن كافية لإحداث تغيير ملموس في الجوانب الخدمية والأمنية، ولو على المستوى العام، كما يقول أهالي المدينة، ليبقى سؤالهم الموحد في مجالسهم اليومية "هل تحررنا فعلا"؟ حيث ما تزال الأوضاع  الخدمية متدهورة، كنظيراتها في مؤسسات الدولة المعلقة أعمالها حتى أجل غير مسمى، مقابل أجهزة أمنية تسودها الفوضى والعشوائية والتجنيد على أسس مناطقية، في حين بقيت قيادة الشرعية، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، مستقرة في العاصمة السعودية الرياض، عدا بعض الزيارات القصيرة للعاصمة المؤقتة عدن، والتي أصبحت ساحة للصراع بين الشرعية من جهة والتشكيلات العسكرية المدعومة من دولة الإمارات من جهة أخرى، ليكون بذلك المشهد في عاصمة اليمن المؤقتة مأساويا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فالهموم والأزمات أثقلت كاهل المواطن والذي بات يشكك في حقيقة الانتصار الذي أعلن صبيحة يوم عيد الفطر من العام 2015 والموافق 17 يوليو/تموز.

الخدمات بؤرة المعاناة 

ذاق المواطنون في العاصمة المؤقتة عدن، خلال العامين الماضيين، صنوف العذاب والمعاناة، بفعل انهيار الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء والمياه، في مدينةٍ ساحلية ترتفع فيها درجات الحرارة إلى 40°، مقابل 94° للرطوبة، لتكون بذلك خدمتي الكهرباء والمياه أساسيتان للعيش، وبغيابهما تصبح حياة المواطن العدني أشبه بالجحيم.

وتتصدر أزمة الكهرباء قائمة الملفات الشائكة في عدن، والتي بقيت طيلة العامين الماضيين المطلب الشعبي الأول، إلا أن أذان الحكومة الشرعية ومن خلفها دول التحالف العربي لم تكن صاغية لنداءات المواطنين ومناشداتهم.

وشهدت خدمة الكهرباء تحسناً ملموساً خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك عقب دخول المولدات المؤجرة الخدمة، لتكون بذلك حلا مؤقتا سيخفف القليل من معاناة المواطنين، قبل أن يعودَ مسلسلُ المعاناة مجدداً.

وبحسب مصدر مسؤول بمؤسسة كهرباء عدن فإن خدمة الكهرباء بعدن تحتاج لبناء محطة توليد مركزية، واصفا المساعدات المقدمة من دولة الإمارات -عبر ذراعها الإنساني الهلال الأحمر- الإماراتي بالمهدئات.

وكانت دولة الإمارات قد تعهدت في أكتوبر من العام 2015 ببناء محطة كهرباء تولد 440 ميجا، إلى جانب محطة أخرى مركزية لإقليم عدن ويقدر إنتاجها بـ1000 ميجا، على أن تعمل المحطتان بالغاز الطبيعي والفحم، وجاءت هذه التعهدات خلال زيارة وفد من مؤسسة كهرباء عدن إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي.

واستمرت الوعود والتعهدات بتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية، إلا أنها بقيت حبيسة الوسائل الإعلامية الإماراتية، ليتيقن المواطن العدني بعدها بأن كل هذه الوعود إنما هي مواد للاستهلاك الإعلامي ليس إلا.

أما باقي دول التحالف العربي، فقد بدى دورها ضعيفا للغاية، ولا يرقى لأن يكون سندا لدولة منهارة وتطحنها حرب شرسة، فقد اقتصرت المساعدات على تقديم مساعدات محدودة للمؤسسات الصحية والتعليمية والخدمية، في حين تحتاج العاصمة المؤقتة عدن لإعادة إعمار شامل، فمؤسساتها الخدمية تبدو متهالكة وتحتاج إلى بناء من الصفر. 

دولة داخل الدولة

بعد أن أكملت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية معركتها مع ميليشا الانقلابيين ودحرتهم من عدن، عادت الحكومة الشرعية إلى عدن، وتبعها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، حيث كان الجميع يعتقدون بأن تحرير عدن أُنجز، وباتت الساحة مفتوحة أمام الشرعية، وذلك قبل أن تبدأ دولة الإمارات بتشكيل قوات عسكرية وأمنية تتبعها مباشرة، ولا تخضع للحكومة الشرعية، بل وصل بها الأمر إلى الصدام مع الوحدات العسكرية التابعة للشرعية.

ومثلت معركة المطار في فبراير من العام الجاري، منعطفا خطيرا في مسيرة الشرعية، فقد شهد المطار مواجهات عسكرية شرسة بين وحدات عسكرية تابعة للشرعية وممثلة بألوية الحماية الرئاسية من جهة وبين قوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات من جهة أخرى، إضافة لتدخل مقاتلات التحالف العربي والذي تقود عملياته في عدن دولة الإمارات، لتقصف دورية عسكرية تابعة للشرعية، معلنة تحول الصراع مع الشرعية من تحت الطاولات إلى العلن، وبعدها بأيام غادر رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي العاصمة المؤقتة عدن باتجاه المملكة العربية السعودية، ليستقر هناك بعد أن أصبحت البيئة في عدن مهددة للشرعية. 

وتعليقا على الوضع في عدن، يقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني "عامان على تحرير عدن صحيح أن الميليشيات الانقلابية خرجت منها لكن عدن لم تخرج من دائرة الفوضى، وفي حين نجحت المقاومة والجيش الوطني وللتحالف العربي في المعركة المسلحة فقد فشلوا جمبها في معركة البناء واستتاب الأوضاع والاستقرار الخدماتي".

وأضاف الهدياني -في حديثه لـ"الموقع بوست"- "علينا أن نعترف أن وجود رئيس الجمهورية خارج الوطن يعد مؤشرا كافيا على  أن العاصمة المؤقتة ليست على مايرام وأن مشكلتها الجديدة من داخلها".

وذكر أن "دولة الإمارات هي الفاعل الأهم في عدن بالذات وهي التي تدير كل الملفات فيها، وبالتالي نسأل: لماذا كل هذا الإصرار على إبقاء عدن في الفوضى الأمنية والفشل الخدماتي وتمزيق المكونات وتعطيل مرافقها الحيوية كالميناء والمطار، وافتتاح سجون سرية تضج بآلاف المخفيين والمعتقلين، وتتبع قوات الحزام الأمني التابعة مباشرة لدولة الإمارات، بعيدا عن السلطات الحكومية الشرعية".

ويتابع "كيف لي كمواطن عدني ويمني ومراقب أن أفسر كل هذا التوتر والصدامات التي ترعاها الإمارات في مواجهة مكونات الشرعية من حرس رئاسي وألوية عسكرية ودعم ورعاية التمرد علنا عبر ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهل الإمارات داعمة للشرعية أم لنقيضها"؟

ويشير إلى أن "الرئاسة والحكومة اليمنية معنية بالخروج من دائرة الصمت ومصارحة التحالف العربي بقيادة السعودية بما يجري في عدن خاصة، وتعز والجنوب عامة، وإعادة ضبط المصنع ووضع القطار على الطريق الصحيح الذي يحقق لليمن انتصاره وأمنه واستقراره".

انتهاكات بالجملة 

ثمانية سجون معروفة، إلى جانب سجون أخرى سرية لم تعرف بعد أماكنها، وقرابة 1500 مواطن بين معتقل ومخفي، تلك هي حصيلة عامين من تحرير العاصمة المؤقتة عدن، كما تقول المؤشرات الحقوقية.

وعلى إثر هذه الاعتقالات التعسفية والتي أعادت ذاكرة الجنوبيين إلى حقبة السبعينيات وما تبعها من صراعات بين قطبي الحزب الاشتراكي في الدولة الجنوبية قبل الوحدة، والتي شهدت تصفيات مناطقية واعتقالات مشابهة لما يحدث الآن، كما أكد ذلك محمد موفجة الحسني، ابن عم القيادي بالمقاومة عادل الحسني، والمخفي قسريا لدى القوات الإماراتية منذ أغسطس/آب من العام 2016، غادرت عشرات الشخصيات الاجتماعية والدعوية المعروفة بتوجهها الوسطي المعتدل إلى خارج العاصمة المؤقتة عدن، خوفا من الاعتقال.

وقد استهدفت هذه الانتهاكات مواطني عدن وأبين وأجزاءا من محافظة لحج، تحت ذرائع الاشتباه بالانتماء للتنظيمات الإرهابية.

الشيح عادل الحسني هو أحد أبرز القيادات بالمقاومة الشعبية والمجلس العسكري بمحافظة أبين والمديريات الوسطى، إضافة إلى كونه ناشط بالمجال الدعوي، والمحسوب على التيار السلفي المعتدل، أعتقل مطلع شهر أغسطس/آب من العام الماضي من قبل قوات الحزام الأمني لحظة تواجده بالسجن المركزي في المنصورة لغرض استكمال إجراءات ضمان أحد المعتقلين.

 ولا يزال مصير الحسني مجهولا بعد قرابة العام من اعتقاله وإخفائه قسريا، ليلاقي مصير العشرات من أفراد المقاومة، إن لم يكونوا بالمئات، والذين باتوا اليوم خلف قضبان السجون والمعتقلات السرية.


التعليقات