رواتب الموظفين توحد نقابات المجتمع المدني بتعز وتؤجج الاحتجاجات (تقرير خاص)
- تعز - فخر العزب الاربعاء, 19 يوليو, 2017 - 05:03 مساءً
رواتب الموظفين توحد نقابات المجتمع المدني بتعز وتؤجج الاحتجاجات (تقرير خاص)

[ شهدت تعز مؤخرا عدة وقفات احتجاجية للنقابات والمنظمات ]

على الرغم من غياب مظاهر العمل المدني في تعز  بسبب الحرب التي تشنها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح على المحافظة، إلا أن بوادر عودة العمل المدني قد بدأت بالبروز مع تزايد حدة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بصرف رواتب الموظفين الحكوميين والمتوقفة منذ 10 أشهر.
 
وبدأت في تعز فعاليات سلمية متنوعة للمطالبة برواتب موظفي المحافظة اليمنية التي تعد الأكبر من حيث عدد السكان، ويبلغ عدد موظفي الوحدات الإدارية فيها أكثر من 67 ألف موظف منهم 8230 موظفا في مركز المحافظة و6374 في المؤسسات والهيئات المستقلة، و26911 في المديريات المحررة.
 
 تم تدشين الاحتجاجات السلمية المطالبة بصرف الرواتب بالعديد من الوقفات الاحتجاجية التي ينظمها الموظفون بشكل شبه أسبوعي أمام مكتب التربية والتعليم وسط مدينة تعز، ليتم بعد ذلك تسيير مسيرة راجلة باتجاه العاصمة المؤقتة عدن في الأول من مايو، وتم منعها من دخول مديرية طور الباحة بمحافظة لحج بعد أن قطعت 85 كم سيرا على الأقدام.
 
ومؤخرا شهد الحراك المدني في تعز خطوة تعد الفعالية الأكثر تقدما في الاحتجاجات المدنية، وتمثل سابقة إيجابية في اليمن، حيث قامت مسيرة البطون الخاوية عبر ممثلها رئيس اللجنة الإشراقية عبدالحليم المجعشي برفع دعوى قضائية إلى محكمة شرق تعز ضد محافظ المحافظة علي المعمري.
 
 وتضمنت الدعوى المقدمة طلب إلزام محافظ تعز باعتباره رئيس جميع الموظفين المدنيين بمحافظة تعز بالوفاء بواجبه الوظيفي وممارسة عمله من عاصمة المحافظة، وكذا إلزامه بسرعة صرف رواتب الموظفين المدنيين في المحافظة والمتوقفة منذ أكثر من 10 أشهر.
 
واستدعى رئيس المحكمة القاضي لطف العزي المحافظ المعمري للحضور أو حضور من يمثله للرد على الدعوى وذلك في الجلسة التي تم تحديد موعدها يوم الأحد 23 يوليو من أجل السير في إجراءات القضية.
 
هذا السلوك الاحتجاجي المدني يمثل بحسب متابعين خطوة متقدمة في مسيرة النضال السلمي الذي ينتصر لقيم المدنية، والذي من شأنه أن يعزز من ثقافة الإيمان بالدولة وبالنظام والقانون والمواطنة المتساوية، وهو ما يعد خطوة متقدمة من شأنها تعزيز قيم الديمقراطية وتؤسس لليمن الجديد.
 
دعوى لتدخل المحافظ
 
 فهد العميري الناطق الرسمي لمسيرة البطون الخاوية قال لـ"لموقع بوست" إنهم توجهوا نحو رفع دعوى قضائية ضد المحافظ كونه ممثل الحكومة الشرعية بتعز والمسؤول الأول قانونا ورئيسا لجميع الموظفين المدنيين، وإليه تنقل جميع صلاحيات الوزراء وسلطاتهم، إضافة إلى كونه المسؤول عن الأموال العامة والتوريدات المتعلقة بالمشاريع، والوفاء برواتب الموظفين في المحافظة، ناهيك عن كون المحافظ هو من يتولى الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات العامة للدولة وقد أخل بكافة المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقه.
 
ويضيف العميري "هذا التوجه استمرار لنضالنا المدني السلمي في مسيرة البطون الخاوية، واحترامنا للدولة ومؤسساتها وتعزيز حضورها، وبكون القضاء هو المرجعية التي يحتكم إليها المواطنون، وهو المناط به تنفيذ القوانين وحماية الحقوق والحريات العامة، ورغم كل الظروف والمعطيات الحالية إلا أن إيماننا راسخ بالدولة ومؤسساتها القضائية منها والتنفيذية وهي الملجأ والملتجأ لنيل الحقوق والدفاع عن الحريات العامة وبدون ذلك سيكون الانتصار للعصابات والعصابات وحدها".
 
 توحيد النقابات
 
يعاني العمل النقابي في اليمن من الضعف نتيجة ضعف العمل المدني بشكل عام، كما أن ضعف ثقافة الفرد بالحقوق والواجبات تؤثر هي الأخرى على العمل النقابي ككل، وهذا ما جعل الكثير من الاحتجاجات المدنية التي يشهدها الشارع بين الحين والآخر توصف بأنها ضعيفة من حيث عدد المشاركين فيها وتأثيرها أيضا.
 
 ويرى الصحفي زكريا الشرعبي في حديثه لـ"الموقع بوست" أن العمل النقابي لم يكن عند المستوى المطلوب خاصة مع توقف رواتب الموظفين في القطاع المدني على وجه الخصوص لما يقارب 10 أشهر، وما كان حاضرا من الاحتجاجات لبعض النقابات في ظل غياب الكثير منهم اقتصر على فعاليات معدودة، وعلى استحياء على عكس ما هو مطلوب منه، وهناك حاليا دعوة من النقابات للاحتجاج نتمنى أن تصب في خانة تفعيل العمل النقابي والمدني وتصدره إلى الواجهة بالمطالبة بحقوق الموظفين وصرف رواتبهم في ظل وضع مأساوي يعيشه أبناء تعز خاصة جراء الحرب التي تشنها عليهم جماعة الحوثي وصالح المسلحة، وأتمنى أن تتطور هذه الدعوة الجماعية للنقابات نحو تشكيل كتلة نقابية واحدة أو برنامج موحد لانتزاع حقوق الموظفين والارتقاء لمستوى العمل النقابي ليكن دائما في صف الموظف بعيدا عن أي وصاية حزبية تتحكم فيه".
 
وطوال فترة الاحتجاجات المطالبة بصرف رواتب الموظفين كانت النقابات غائبة عن المشاركة بالمطالبة بحقوق منتسبيها، لكن طول فترة انقطاع الرواتب والذي أثر على جميع أبناء المجتمع قد أخجل الهيئات الإدارية للنقابات وبعض منظمات المجتمع المدني والتي التحقت مؤخرا بركب الاحتجاجات عن طريق إعلانها الانضمام للحراك المطلبي الذي تشهده محافظة تعز. 
 
اجتماع لـ30 نقابة ومؤسسة
 
وعقد الأسبوع الماضي ممثلو أكثر من 30 نقابة ومؤسسة مجتمع مدني يمثلون موظفي وعاملي مؤسسات ومكاتب الدولة المختلفة في محافظة تعز لقاء موسعا لمناقشة استمرار الحكومة الشرعية بعدم صرف مرتبات الموظفين المنقطعة منذ أكثر من 10 أشهر.
 
واعتبر المجتمعون في بيان صحفي صادر عنهم أن الرواتب تمثل السبيل الوحيد للعيش عند مئات الآلاف من الأسر، ما يجعل منها قضية حساسة ومن غير المجدي السكوت عنها، معتبرين إيقافها عقابا جماعيا مساندا للحرب، تقوم به الحكومة الشرعية ومعها السلطة المحلية في المحافظة وكل المعنيين، كما اتهموا الجهات المعنية من حكومة وسلطة محلية مستمرين بالتواطؤ واتباع سياسة العقاب الجماعي.
 
وطالب المجتمعون بسرعة صرف رواتب جميع الموظفين بشكل عاجل، وإنقاذ سكان هذه المحافظة الذين بات أغلبهم مهددون بالمجاعة جراء استمرار الحرب والحصار، كما أهابوا بالتحالف العربي تحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يعانيه الموظفون والمواطنون في محافظة تعز.
 
وأعلن ممثلو النقابات والمنظمات عن موعد أولى فعالياتهم الاحتجاجية جوار مكتب التربية والتعليم يوم الخميس 21 يوليو، على أن يتم بعد ذلك الكشف عن الخطوات التصعيدية وصولا لانتزاع كل الحقوق المصادرة.
 
 وكانت نقابات المعلمين والمحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة وموظفي المحاكم أبرز النقابات التي شاركت في الاجتماع الذي دعا للتظاهر ضد الحكومة الشرعية من أجل الضغط عليها لصرف رواتب الموظفين والإسراع بإغاثة المحافظة.
 
العمل النقابي التعبير الحقيقي 
 
من وجهة نظر العميري "فالعمل المدني سينتصر مهما كانت طرقه شاقة -حاليا- وقواه منهكة، كونه التعبير الحقيقي عن تطلعات الناس وأحلامهم، كما أنه الضامن الأساسي لنيل الحقوق والدفاع عن الحريات وتطبيق القوانين، والامتداد الطبيعي لنضالات الحركة الوطنية، والوفاء لدماء الشهداء وأنات الجرحى، والسبيل للخلاص من عبث العصابات والقوى الظلامية، وسينتصر العمل المدني كون انحياز الناس في تعز بدرجة أساسية وفي اليمن مع استثناءات محدودة للدولة المدنية المؤسساتية الحديثة وبالمؤسسات ومن خلالها يتوفر الأمن والاستقرار لليمن والمنطقة العربية برمتها والعالم".
 
فقضية انقطاع الراتب والتي يُحمّل المواطن سلطات الأمر الواقع (الانقلابيين) والحكومة الشرعية المسؤولية عنها، تسببت في حدوث كارثة اقتصادية تضررت منها جميع فئات الشعب، كما أنها في نفس الوقت عملت على زيادة الوعي الحقوقي والنقابي لدى العاملين، والتفاف النقابات والمنظمات الجماهيرية اليوم حول مطلب حقوقي جامع يعد خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، ستعمل على تحريك المياه الراكدة في بركة العمل المدني.
 
من جانبها، ترى الإعلامية والكاتبة سماح عملاق أن "قضية انقطاع الراتب ليست خاصة بنقابة أو فئة محددة من الشعب، فتكاتف الأنشطة النقابية بهذا المستوى من الانسجام، وفي سبيل قضية وجودية تمسّ كيان المواطن أعتبرها بادرة جيدة ستشكّل نواةً لصوتٍ شعبويّ ووحدويٍّ قوي من شأنهِ أن يغدو صوتًا للموظف المكلوم الذي وضعتهُ الحرب بين مطرقة الحاجة وسندان الصمود، ولا ينبغي التقليل من شأن التنظيمات النقابية فهي من أقوى موجهات الرأي العام، ومن أبدع صانعات القضايا الشائكة، ولا زال يعوّل عليها بالكثير لاسيما في الوضع المضارع المأساوي".
 
وتضيف سماح -في سياق تصريحها لـ"الموقع بوست"- "أبارك هذه الدعوة وأعيد توجيهها لكافة الأطياف والتوجّهات لأنها أُصدَرت بوعي وبعد صبرٍ ذاق فيه الموظف الصبِر، وهي موجهة من صفوة المجتمع التي تستحق كل الدعم والتقدير، فهي دعوة مسؤولة أخالُها نقطةً مشرّفة لسجلّات الأعمال النقابية في اليمن عامة وفي تعز خاصة، كما أضمّ صوتي لأصوات الجماهير الجرّارة التي ستخرج -حتمًا- وأقول لهم: لاتيأسوا.. وقفوهم إنهم مسئولون".


التعليقات