المثقف اليمني في زمن الحرب بين الدور السلبي والإيجابي (تقرير)
- تعز - فخر العزب الاربعاء, 26 يوليو, 2017 - 05:50 مساءً
المثقف اليمني في زمن الحرب بين الدور السلبي والإيجابي (تقرير)

[ تسببت الحرب بالعديد من الكوارث والمآسي الإنسانية ]

في زمن الحرب لا صوت يعلو فوق صوت البندقية، إذ ترتفع أصوات المقاتلين وتختفي أصوات المثقفين ونخبة المجتمع، وهو ما يطرح تساؤلا عن موقف المثقف في زمن الحرب، وموقفه من الحرب نفسها، وإذا كان الكاتب الفرنسي رومان رولان قد قال باسم المثقفين ونيابة عنهم "لا يمكننا وقف الحرب، بل دورنا أن نجعلها أقل مرارة"، فإن هذه المقولة تقودنا للحديث عن موقف ودور المثقف اليمني بعد ما يقرب من عامين ونصف من الحرب.
 
ففي الحرب التي تشهدها اليمن حاليا شاهدنا الكثير من المحسوبين على الوسط الثقافي قد تمردوا على الموقف المبدئي للمثقف وهو موقف رفض الحرب، وتحولوا إلى أداة من أدواتها من خلال التحريض عليها، أو القيام بدور التوجيه المعنوي لصالح أحد أطرافها، بل وصل الحد إلى أن ترك البعض أقلامهم واستبدلوها بالكلاشنكوف، ليبقى التساؤل الأهم عن مسؤولية المثقف وواجبه تجاه الوطن والمجتمع على حد سواء.
 
المثقفون متهمون

من وجهة نظر القاص هائل المذابي رئيس تحرير مجلة الفن والأدب السمعية البصرية الذي تحدث لـ"الموقع بوست" فليكن السؤال "ما هو واجب المثقف تجاه ما يحدث في الوطن العربي الآن؟ لماذا نجد كثير من الكتاب والمثقفين في أول مأزق يحدث هم السباقون لنصرة السياسيين والانجراف مع موجة التحريض على الحرب والخراب، رغم أنهم يعلمون جيدا أن وضعهم البائس الذي يشتكون منه دائما هو نتاج السياسة التي يدافعون عنها، بل ولماذا لا يفكرون أن ضحايا تحريضاتهم وكتاباتهم ومواقفهم هم الأبرياء بلا شك؟ فالأزمات العربية أظهرت زيف وبطلان دعاوي الكثيرين ممن كان يراهن عليهم من المحسوبين على الفن والثقافة وأثبتت انعدام آدميتهم وإنسانيتهم، ورغم أن الصمت جريمة إلا أنه كان أشرف لهم لو التزموا به بدلا من التحريض على الخراب والموت، ومع كل أزمة يؤكد أشباه المثقفين أنهم ليس بلا ثقافة بل بلا إنسانية".
 
ويضيف المذابي "بالإمكان الإجماع حين نقبل بفكرة الحرب أصلا أن المثقفين هم سبب رئيسي فيما وصل الحال إليه، فهم إما محرض وإما صامت وإما توزع في الجانبين، ولعل دعوة الصحفي المصري الأديب أحمد عبدالمعطي حجازي إبان نكسة يونيو/حزيران 1967 ومطالبته بمحاكمة المثقفين لأنهم هم سبب الهزيمة إذ قصروا في أداء واجبهم وعملوا وهم قادة الحياة على ضلال وإجهاض الأمة، تؤكد أن المثقف إذا صلح صلح الوطن العربي كله، وإن فسد المثقف فسد الوطن العربي كله، فأنا جاد في المطالبة بمحاكمة المثقف العربي على ما وصل إليه حال الأمة العربية من تردٍّ ونكوص بسببه".
 
وأكد المذابي أن "المثقف هنا هو ذلك الشخص الذى يتسم بوضوح الرؤية وسعة الأفق، أي أنه بعيد النظر وقادر على استقراء قادم الأحداث، وهو منفتح على الآخر ومتحرر من القيود والجمود الفكري والعقائدي ولديه القدرة على تشخيص الأحداث وتقديم الحلول لها".
 
ويواصل "الثقافة دوما تقف في مواجهة الحرب وفي صف السلام، والمثقف بذلك لابد أن يصنع السلام ويكون أداة من أدواته، وألا يجعل نفسه أداة من أدوات الساسة والنفعيين وتجار الحروب، حتى وإن ادعى البعض أن الحرب قد تكون وسيلة من وسائل صنع السلام".
 
صمت القلم ولغة الرصاص
 
بحسب حديث الشاعر عبدالحكيم الفقيه لـ"الموقع بوست" فحين "ينطق الرصاص يصمت القلم، وينزوي المثقف، خصوصا حين يمارس طرفا الحرب الموت الذي لا يستثني مثقفا أو غير مثقف، فالثقافة تنبذ الموت والخراب، والحرب هي صوت التعايش والسلام، وبعض المثقفين ينخرطون في الحرب ويحملون السلاح طبقا لعلاقتهم بأطراف الحرب وبعضهم يمجدون طرفهم في الحرب، وبعضهم يقف حيادا إيجابيا وبعضهم حيادا سلبيا، وكان ينبغي أن ترتفع أصوات المثقفين للدعوة إلى إيقاف الحرب العبثية اليمنية، لكن صوت الطائفة وبشاعة الوحش المختفي تحت جلد الثقافة بدا للعيان، وهاهم بعض المثقفين في جبهات القتال لدى طرفي الصراع وتأجيجها عبر القنوات والإذاعات وصحف الأمر الواقع".

وأضاف الفقيه "دور المثقف اليمني لا زال غائبا أو مغيبا في زمن الحرب، فلم نسمع عن مبادرة قدمها الوسط الثقافي من شأنها إيقاف الحرب وتقديم الحلول التي تضع حلا للأزمة، والدعوات لإيقاف الحرب ظلت دعوات خجولة، كما أن دورهم التنويري ظل غائبا في ظل اعتراف معظم المثقفين اليمنيين بالتقصير في هذا الدور".
 
مهمة المثقف
 
ويرى الشاعر إبراهيم طلحة في حديثه لـ"الموقع بوست" أن "مسؤولية المثقف على العموم هي الدعوة إلى السلام، ونبذ العنف سواء في أيام الحروب أو في أيام السلم، والدعوة إلى حياة سلمية وإلى دولة مدنية وإلى التعايش، جزء من الهوية التي ينبغي أن يشتمل عليها المثقف، وعن تقييمي لدور المثقف اليمني في الحقيقة كان له دور لكنه لم يكن بارزًا فضلاً عن أنه ينقصه فقط الاحتفاظ بأصدقائه مع الحروب وعدم التفريط فيهم بسبب اختلاف الرأي، ونحن اليمنيين ننفعل بسرعة، وهذا في طبع اليمني أكان مثقفًا أم غير مثقف واضح جدًّا، وترى الأساتذة الكبار والمبدعين الصغار في الحال يسارعون إلى حظر بعضهم بعضًا والتهجم على بعضهم بعضًا بسبب اختلاف وجهات النظر، وما أبرئ نفسي، وهذا كان من أخطائي في بداية الحرب، وليس عيبًا الاعتراف بالخطأ، العيب في الإصرار عليه".


التعليقات