شعارات الحوثي تغرق صنعاء وتُزيف وعي اليمنيين (تقرير)
- صنعاء - خاص الجمعة, 11 أغسطس, 2017 - 04:38 مساءً
شعارات الحوثي تغرق صنعاء وتُزيف وعي اليمنيين (تقرير)

[ شعارات مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء ]

على الرغم من معرفة حقيقتهم وحقيقة ما يسعون إليه من خلال ممارساتهم وسلوكياتهم الواسعة وفرض سيطرتهم على مؤسسات الدولة بقوة السلاح ونهبهم لكل موارد الدولة والمال العام، إلا أنهم ما زالوا مستمرين برفع شعاراتهم التي تهتف بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل، وهي الشعارات التي ظلت على مدى فترة طويلة تحمل غموضا من جهة، ومحط سخرية شعبية وسياسية واسعة.
 
اليوم تزداد السخرية في شوارع صنعاء وأحيائها ومناطقها بل ربما في عموم أرجاء اليمن، إزاء استمرار الحوثي في طبع شعاراته وإلصاقها على الجدران والمباني، وإغراق صنعاء برمتها بتلك الشعارات التي صار الجميع يمقتها ويسخر منها، بحكم أن الحوثي يرفع شعارا لا علاقة له بتصرفاته وسلوكياته، والتي أثبت من خلالها أن راية "الموت" التي حملها، ما هي إلا لليمنيين، وللوطن والدولة.
 
تنتهج جماعة الحوثي هذه الشعارات منذ بداية ظهورها، وأغلب التجمعات الحوثية تحمل لافتة "الموت لأمريكا"، وقد تحولت بعدها إلى ملصقات في كل المناطق التي يسيطرون عليها، بل إن هذا الشعار يرفعه المسلحون الحوثيون في الشوارع جنباً إلى جنب مع سلاحهم، ويرسمونه في حارات صنعاء وجدرانها، ويعلمونه لأطفالهم، ولم تستثنَ من ذلك المدارس ودور العبادة والمؤسسات الحكومية.
 
حقيقة شعار "الموت لأمريكا"
 
الحقيقة التاريخية تشير إلى أن هذا الهتاف ظهر لأول مرة كما ترصده صحيفة الواشنطن بوست عام 1979 عندما اندلعت الثورة الخمينية في إيران ضد الشاه محمد رضا بهلوي.
 
وازداد ارتفاع وتيرة هذا الهتاف في إيران حينما حدثت الأزمة الدبلوماسية بين طهران وواشنطن بعدما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا 52 مواطناً أمريكياً لمدة 444 يوماً في 4 نوفمبر 1979 وحتى 20 يناير 1980، ورفع الإيرانيون حينها أيضاً الموت لإنجلترا والاتحاد السوفياتي وإسرائيل أيضاً.
 
من الخميني إلى الحوثي يمتد تاريخ شعار "الموت لأمريكا"، ولكن هل قام الحوثي وجماعته بما يتعارض مع مصالح أمريكا؟ وهل نفذ الحوثي هذا الشعار؟ أم أنه شعار خادع ومزيف يسخر به من مناصريه وتسخر أمريكا منه؟
 
أثبتت الأيام وأثبتت الأفعال أن الحوثي بما يحمله من شعار ليس سوى صناعة إيرانية بدرجة رئيسية، وهو شعار لا علاقة له بمشروع الحوثي الذي اتضح أنه يستهدف اليمن واليمنيين، وليس أمريكا أو إسرائيل.
 


شعار إيراني الصنع والموت لليمني
 
تُصّدر إيران نماذجها في الوطن العربي، والحوثي آخر هذه الإصدارات التي تتكئ على الشعارات الكاذبة، والتي لا يمكن الاطمئنان إلى مصداقيتها، بل والأخذ بجدية بمفهومها المعاكس، وهو أن الموت هنا كما يقوم به الحوثيون يتم تنفيذه في اليمنيين الأبرياء، فالوقائع على الأرض، تشير إلى أن الحوثي يقتل اليمني، ويعتدي على الجار السعودي، ويهدد المنطقة بأكملها بحلم الزعامة كما يمثلها عبدالملك الحوثي، كلما ظهر على الشاشة متماهياً مع عبارات منمقة، ومكررة، وممجوجة، ومتهالكة.
 
يقول الصحفي ومستشار وزارة الإعلام مختار الرحبي -في حديثه لـ"الموقع بوست"- "مليشيات الحوثي تستخدم الشعارات الرنانة حيث نغرر على البسطاء من الناس حيث رفع شعار حرب اليهود والأمريكان، وفي الأخير لم يقتل سوى اليمنيين ولم يقتل أمريكي واحد ولا يهودي بالتالي هو يستخدم سياسة الشعارات للاستخفاف بعامة الناس وأيضا يحاول إظهار نفسه أنه قوة متماسكة رغم أنه على شفا الانهيار السياسي والاقتصادي، فهم عاجزون عن تسليم الرواتب للناس رغم أنهم يمتلكون الإمكانيات والايرادات وهم لم يستطيعوا منذ أشهر تحقيق أي انتصار عسكري لذلك يستخدمون لغة الشعارات الجوفاء للتغرير على الناس".
 
ويضيف الرحبي "كل يوم والشعب اليمني يعرف حقيقة حركة الحوثي الكهنوتية التى أدخلت اليمن في نفق مظلم وتكابر وترفض تقديم التنازلات من أجل الشعب".
 
أي منتجات اقتصادية أمريكية تدعو المليشيات إلى مقاطعتها؟!
 
مع ذلك تستمر مليشيات الحوثي برفع هذه الشعارات وطباعتها، بل إنها تعمل على تطوير وابتكار شعارات جديدة أكثر سخرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هذا الشعار الذي يبدو واضحا في الصورة ويقول فيه الحوثيون "المقاطعة الاقتصادية تعتبر من الجهاد في سبيل الله"، وشعار آخر "قاطعوا البضائع الأمريكية والإسرائيلية"، والمثير للسخرية هو أن هذه الشعارات يرفعها الحوثيون في زمن تسببوا فيه بقطع رواتب مئات الآلاف من الناس، وصار الناس عاجزون عن شراء أبسط السلع الأساسية فأي سلع أمريكية وإسرائلية هو المواطن اليمني قادر على شرائها، حتى يقاطعها أصلا.
 
يقول الناشط السياسي اليمني هاشم الأبارة -في حديثه لـ"الموقع بوست"- "مثل هكذا دعوات تظهر سذاجة جماعة لا تعي أنه لم يعد بقدرة مواطني بلادنا بعد حرمانهم من المرتبات لعام كامل شراء أردأ السلع فما بالك بالسلع الأمريكية باهظة السعر. ثانيا كل شعارات الحركة الحوثية هي استنساخ تجربة الثورة اﻹيرانية والتي لا تتوفر شروطها ولا حتى جزء منها في بلادنا، فالملاحظ أن بلادنا لا تعد سوقا رائجا للبضائع اﻷمريكية، فطبيعة الوضع الاقتصادي جعلت من اليمن سوق حاضن للسلع الأقل جودة وتكلفة بدرجة أساسية، ولكن إصرار الحركة الحوثية على استنساخ التجربة اﻹيرانية يدفعها لتكرار هذه الشعارات".
 
شعارات مزيفة لمحاولة صرف أنظار الشارع عن مطالبه
 
كلما زاد الضغط الشعبي عليها والسياسي، تحاول جماعة الحوثي أن تستمر برفع شعاراتها الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، وذلك لصرف نظر الشارع عن ممارساتها وسلوكها وفسادها الذي طال الصغير والكبير، ولكن الشعب اليمني بات مدركا لمثل هكذا مساعي فاشلة، وهو متمسك بحقه ومطالبه بالراتب وبإعادة دولته المختطفة.
 
الناشط السياسي والعضو في حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري خالد بقلان يقول لـ"الموقع بوست": "يسرف في الابتذال والبذخ والإسهاب في طباعة الشعارات التي تكلف مبالغ طائلة بينما الشعب الذي يدعوه للمقاطعة يتضور جوعاً وألماً ويموت كمدًا بين ألسنة لهب الحرابة التي جلبها الحوثي، وكالعادة فإن مثل هذه المزايدات والشعارات التي يقوم بطباعتها لا تعدو كونها تهرب من الواقع الماثل والالتزامات أمام الناس الذين يحكم سيطرته عليهم في محاولة لصرف نظرهم بعيداً عن الحاجة للراتب والحاجيات الملحة، لذلك فإن الحوثية لا تكترث وستختلق قضية وألف قضية مثل هذه اللواصق وغيرها من الفزاعات التي تأتي في إطار الهروب من دائرة الفشل والكارثة التي هم سببها".
 
وعما إذا كان الشارع اليمني بات غير مدرك أو أنه يسخر ملتزما الصمت، يقول بقلان "طبعاً في ظل القمع والإرهاب الذي تمارسه الحوثية فإن مسألة تقبلها وارده كمجاملة والحفاظ على النفس من الأذى والقمع، ولكنها بصرف النظر عن ذلك فقد استهلك الحوثيون كل فزاعاتهم وسقطوا ولم يُعد لهم قبول واسع وهاهم ينحدرون مع الزمن والقادم مليء بالمفاجآت ومن انتعش في عشية وضحاها مثله مثل نملة تجنحت".
 
تدليس وضحك على البسطاء
 
يجمع كثيرون بأن مليشيات الحوثي لم تكن يوما ولن تكن جماعة سياسية، وأن هدفها المشاركة في العمل السياسي أو حتى في السلطة بطريقة قانونية وبطريقة سلمية. من يحمل السلاح لا يمارس سياسة ومن يرفع شعارات بعيدة عن الواقع فهو لا يمثل اليمنيين ولا يمكن له أن يمثلهم حاليا أو مستقبلا.
 
يذهب الصحفي اليمني فاروق ثابت -في حديثه لـ"الموقع بوست"- بالقول "دائما في دول ومجتمعات العالم الثالث تستخدم الأنظمة الديكتاتورية الشعارات والقومية وما إلى ذلك والتدخل الخارجي وسيلة لتعمية الناس وصرفهم عن الظلم والفساد والبؤس الذي يعيشه الناس، لكن في اليمن الأمر يختلف فنحن مع مليشيا دينية تفكر بعقلية القرون الوسطى، وتريد أن يعيش الناس في ذلك الزمن، قائم ذلك على مبدأ التعمية، وعزل العقل بحيث يصبح الإنسان تابعا ومستعدا للقتال والدفاع عن الحق الإلهي، دون أدنى تفكير لدواعي وفتاوي أنه في جهاد العدو وإن مات سيكون شهيدا، في وقت يعد هذا الأمر تدليسا وضحك على البسطاء، خاصة نحن في مجتمع ترتفع فيه نسبه الأمية، لذلك كان الأمر بسيطا والغرض هو الحصول على الكرسي، وتحويل الناس إلى أدوات دموية للدفاع عن المليشيا بدواعي السلالة والحق الإلهي".


التعليقات