الإصلاح تحدث عن موقفه
تكتل سياسي جديد في اليمن.. عملية إنقاذ للوضع الراهن أم تطويق للمستقبل؟ (تقرير)
- تعز - فخر العزب الأحد, 13 أغسطس, 2017 - 08:51 مساءً
تكتل سياسي جديد في اليمن.. عملية إنقاذ للوضع الراهن أم تطويق للمستقبل؟ (تقرير)

[ عبدالله نعمان الأمين العام للتنظيم الناصري ]

عاد إلى الواجهة مجددا الحديث عن التحالفات السياسية في اليمن، بعد حالة من الخمول منذ ثلاث سنوات، إثر الانقلاب الذي نفذته مليشيا الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح في سبتمبر/أيلول من العام 2014.
 
ومنذ أشهر ظهرت تحركات سياسية تسعى إلى إيجاد تكتل جديد يضم مجموعة من الأحزاب، في محاولة لإعادة الروح للجسد السياسي اليمني، في توقيت صعب تعيشه البلاد منذ سنوات.
 
وكشف الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري المحامي عبدالله نعمان عن حوار قائم بين عدد من الأحزاب والقوى السياسية للتشاور حول تشكيل تكتل وطني سياسي مدني.آ 
 
وأشار نعمان خلال محاضرة ألقاها في منتدى التحديث بعدن إلى وجود اتفاق بين الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحزب العدالة والبناء، والتجمع الوحدوي، واتحاد القوى الشعبية، والبعث العربي الاشتراكي، والبعث القومي، بالإضافة إلى تواصل مع حزبي الرشاد والنهضة المحسوبين على التيار السلفي السياسي، وأطراف في الحراك الجنوبي، وأطراف من المشاركين في مؤتمر الرياض، على تشكيل تكتل وطني عريض، مؤكداً على أهمية مشاركة كل الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة والموجودة على الأرض وكذا مشاركة منظمات المجتمع المدني.
 
وفيما غاب حزب التجمع اليمني للإصلاح، وحزب المؤتمر الشعبي العام بشقيه، قال نعمان إن القوى السياسية تسعى في اتجاه وجود رؤية مشتركة متكاملة تستوعب كل ما يتعلق بالتحديات التي تواجه الوطن والشعب، بوسائل سلمية ديمقراطية بالاستعانة بمخرجات الحوار الوطني، هذه الرؤية ما زالت في طور الإعداد مع وجود اتفاق مبدئي على أبرز محتوياتها، لافتا إلى أن القواسم المشتركة التي سيعمل عليها التكتل تتمثل بـ"وقف الحرب، وتسليم السلاح وتحقيق السلام، والعودة إلى طاولة الحوار".
 
وأكد نعمان أن الحرب أفرزت واقعاً جديداً انعكس على طبيعة العلاقة بين أطراف تكتل اللقاء المشترك، وكذا بين القوى السياسية، مشددا على أن المشهد الحالي بات بحاجة ماسة إلى تشكيل تكتل جديد أوسع (سياسي - مدني) بين القوى السياسية والمدنية، يقيم التجربة الماضي، ويستوعب المتغيرات التي أفرزتها الحرب.آ 
 
وثيقة في القاهرة
 
من العاصمة المصرية القاهرة أعلنت اللجنة التحضيرية المكونة من الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحزب العدالة والبناء، واتحاد القوى الشعبية، والتجمع الوحدوي اليمني، عن الانتهاء من إنجاز الوثيقة السياسية لائتلاف الأحزاب المشار إليها في إطار عمل مشترك لاستعادة الدور الفاعل للحياة السياسية اليمنية.
 
وأكدت اللجنة أنها تعمل حاليا على إنجاز اللائحة الداخلية للائتلاف الذي سيتم الإعلان عنه قريبا من قبل أمناء عموم الأحزاب الموقعة على الوثيقة السياسية للائتلاف والتي تضمنت الأسس والمبادئ الرئيسية للائتلاف على قاعدة إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وتصويب مسار الشرعية واستعادة الديمقراطية التوافقية والشراكة الوطنية في رسم مستقبل اليمن وفقا لمخرجات الحوار والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة على قاعدة التوافق الوطني ورفض كافة أشكال الفساد والعمل خارج القانون.
 
ويأتي الحديث عن التكتل السياسي الجديد بعد انحسار دور الأحزاب السياسية اليمنية خلال المرحلة الماضية مما تسبب بخفوت الصوت المدني وزيادة حالة التعقيد في الأزمة اليمنية، مما جعل الأحزاب السياسية ذات التوجه المدني تتحرك باتجاه تشكيل تحالف سياسي جديد.
 
تحركات سابقة

وقد بدأت محاولات إنشاء التكتل الجديد من مدينة تعز بقيام التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي -في شهر نوفمبر من العام الماضي- ومعهما التكتل الوطني المستقل، بالإضافة إلى عدد من القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية والتكتلات والمنظمات والنقابات، بالدعوة لاصطفاف مدني فاعل، تحت مسمى "التكتل المدني" يحاول جاهداً تعزيز الخيارات السلمية والمدنية، وإرساء قواعد ناظمة للعمل في إطار الشراكة والعدالة ومن خلال أجهزة الدولة، غير أن هذا التكتل لم يعلن عنه رسميا حيث تعرقل الإعلان عنه في مراحله الأخيرة.
 
بعد ذلك توجهت قيادتا الناصري والاشتراكي لإجراء جولة من المباحثات في العاصمة المصرية القاهرة، وأسفرت اللقاءات عن بيان مشترك صدر في الخامس من شهر يناير/كانون الثاني الماضي أكد أن الحزبين عقدا عددا من اللقاءات التشاورية بينهما، وجرى خلالها مناقشة مختلف القضايا السياسية المتعلقة بالوضع الراهن في اليمن والحرب الداخلٌية والخارجية ومآلاتها، كما تم مراجعة أداء مختلف الأطراف الفاعلة ودور الأحزاب والتنظيمات السياسية ومدى فاعليتها في دعم وتعزيز مسار استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني لتحقيق الدولة الاتحادية اليمنية.
 
اللقاءات بين التنظيم الناصري والحزب
الاشتراكي وصفت بأنها جاءت في سياق إعادة الحيوية للعلاقات الثنائية بينهما، إذ يلتقيان حول الكثير من القضايا والمشتركات، ويمثلان النواة والقاعدة الصلبة لأي مشروع مدني، بحسب ما صرح به قيادي مشارك في هذه اللقاءات.
 
ويرى مراقبون للشأن السياسي اليمني أن ميلاد التكتل الجديد هو بمثابة إعلان وفاة لتحالف اللقاء المشترك الذي يضم بالإضافة إلى الاشتراكي والناصري التجمع اليمني للإصلاح وحزب البعث العربي الاشتراكي واتحاد القوى الشعبية وحزب الحق، وهناك اختلافات جوهرية بين هذه الأحزاب في موقفها من الانقلاب أو في مواقفها من استعادة الدولة، مما اقتضى تشكيل تحالف سياسي للقوى المدنية، خاصة أن اللقاء المشترك انتهى فعليا نتيجة عدم اجتماع هيئاته القيادية بما فيها المجلس الأعلى لما يقرب من ثلاثة أعوام.آ 
 
للإصلاح رؤية أخرى

القيادي الاصلاحي عدنان العديني قال لــ"الموقع بوست" إن الإصلاح آ لديه خط سياسي واضح مبني على احترام الشرعية وإنقاذ الشعب اليمني من ويلات الحرب التي فرضها الانقلاب الإمامي وإعادة الاعتبار للسياسة وأدواتها السلمية.
 
وأضاف "على هذا الأساس نخوض حوارا سياسيا مع مختلف الأحزاب السياسية المؤيدة للشرعية، من أجل إعادة بناء تحالف يساهم في إنجاز تلك المهمة، وكنّا قطعنا شوطا كبيرا مع هذه الأحزاب وكدنا ننتهي من البرنامج التنفيذي ونفاجأ بمثل هذا الإعلان الذي أربك ممثلي هذه الأحزاب في اللجنة التحضيرية لهذا التحالف، فبالنسبة للتحالف المعلن لم نطلع عليه في الإصلاح ولا على أهدافه".
 
وأردف "نحن في الإصلاح ولأننا نعرف المهمة بأنها استعادة الدولة، وليس المنافسة على الذهاب إلى الحكومة فقد دفعنا هذا للعمل على إيجاد دور متحد للقوى السياسية من أجل استعادة الدولة، ومن ناحية أخرى من أجل تثبيت فكرة الشراكة السياسية، ومن ناحية ثالثة من أجل تجاوز ثقافة الإقصاء والاستبعاد التي شوهت التجربة السياسية اليمنية في الفترة الماضية".
 
العديني أعرب عن استغرابه من إعلان القاهرة، واعتبره بمثابة رد على تحالف القوى الوطنية، ولا يؤسس لمسار سياسي داعم لعملية التحرير.
 
وأردف "في الإصلاح لن نؤسس لعمل يفتت الكتلة السياسية الداعمة للشرعية، فالبلاد بأمس الحاجة إلى توحيد جهود كل الطاقات لا إلى بعثرتها".
 
واعتبر العديني تلك المواقف تؤيد الآراء الذاهبة إلى أن تحالف اللقاء المشترك قد مات فعليا مع زيادة الفجوة بين أحزابه، ويشير إلى أن هذا الأمر يؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد ميلاد العديد من التحالفات الجديدة التي تعيد رسم الخارطة السياسية للأحزاب اليمنية بما يتلاءم مع المتغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة اليمنية.
 
وقال بأن الإصلاح يريد التخلص من ثقافة الإقصاء والتهميش وتعزيز الشراكات الوطنية، ولذلك "حرصنا على عدم الانفراد بأي تحالف ولم نمضِ في طريق إلا والجميع حاضر معنا في كل خطوة"، وفق تصريحه.
 
ويرى العديني بأن التجربة السياسية اليمنية التي تعرضت لهزات عنيفة بحاجة لتقوية المشتركات حتى لا تتمزق آ وتتلاشى الأحزاب السياسية، وسيكون الرابح بالطبع قوى غير وطنية ولا تنتمي للعمل السياسي.
 
مؤشر لعمق الخلاف
 
الكاتب والمحلل السياسي أحمد الزرقة يرى في حديثه لـ"الموقع بوست" أن "ما حدث دليل على عمق الخلاف في وسط اللقاء المشترك الذي يمكن القول إنه مات سريريا منذ بدء الانقلاب الحوثي، وظهرت تباينات كثيرة بين أطرافه واتجاهاتها وطريقة أدائها في الميدان، فالتحالف الجديد بمثابة الإعلان عن وفاة اللقاء المشترك، وهي خطوة سيكون لها أثرها السلبي نظرا لخروج أحد الفاعلين السياسيين منها وقيامها بين تكتلات حزبية صغيرة، مع أخذ في الاعتبار أن الحزب الاشتراكي الموجود ضمن الائتلاف ليس ذلك الحزب الذي كان موجودا حين تم تشكيل اللقاء المشترك، وغالبية تلك المكونات انقسمت بين طرفي الأزمة واستطاع الحوثي اختراقها وما زال يستخدمها كغطاء في تحركاته مستفيدا من حالة التشظي والانقسام داخل تلك النخب".
 
ويرى الزرقة أن إقصاء الإصلاح أيضا ضرورة بالنسبة لتلك الأطراف للخروج من عباءة الأخ الأكبر، وإرسال رسائل لأطراف داخل التحالف أنها قادرة على تغطية الفراغ الذي قد ينجم عن إقصاء الإصلاح، وهو نوع من التماهي مع الطلبات الإماراتية وحربها ضد الإصلاح.
 
ويضيف "التكتلات السياسية مهمة لكنها يجب أن توجه بشكل متسق لإنهاء الانقلاب وليس ضد طرف شريك في معركة استعادة الدولة. الإصلاح أخطأ كثيرا في عدم قدرته على التقارب مع التكتلات السياسية الأخرى، وهو واقع أسير لمزاج نخبه العجوزة، كما أنه يحاول إرضاء كافة الأطراف الدولية والإقليمية، لكن يبدو أنها اتخذت قرار التخلص منه وهذه إحدى الخطوات الممهدة لذلك، غير أن كلفة هذه الخطوة لن يدفعها الإصلاح وحده بل سيتقاسم الجميع كلفتها وستذهب الفائدة لصالح أطراف الانقلاب".
 
عزل أم استعادة
 
وفي حين يرى معارضو التكتل الجديد أن ميلاده جاء نتيجة ضغوط من قبل بعض القوى الخارجية لعزل حزب الإصلاح، يرى مؤيدوه أن ميلاد التكتل يعد ضرورة وطنية لتفعيل العمل المدني من خلال استعادة دور الأحزاب في سبيل القضاء على الانقلاب واستعادة الدولة وانهاء الحرب، وبكل الأحوال يبقى ميلاد التكتل السياسي الجديد علامة فارقة من شأنها إعادة رسم خارطة التحالفات الحزبية في اليمن، وتحريك المياه الراكدة في العمل الحزبي، وبكل الأحوال تبقى أهمية وحجم أي تكتل سياسي بما يحدثه على أرض الواقع من تغييرات.
 
وفي سياق مختلف تتحدث مصادر سياسية عن اعتزام مجموعة من الشخصيات السياسية والأكاديمية والقبلية في اليمن تشكيل تكتل وطني يضم جميع محافظات اليمن برئاسة وكيل أول محافظة إب محمد عبدالواحد الدعام.
 
ووفقا لرسالة تم توزيعها عبر البريد الإلكتروني فإن الهيكل التنظيمي للتكتل يشمل الهيئة العليا وتضم 22 عضوا يمثلون 22 محافظة يمنية، وسيسعى لعقد لقاءات مع منظمات دولية بما فيها الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة.


التعليقات