عدن تتحول إلى ساحة مواجهات بين تشكيلات عسكرية متناحرة (تقرير)
- عدن - خاص الإثنين, 18 سبتمبر, 2017 - 10:04 مساءً
عدن تتحول  إلى ساحة مواجهات بين تشكيلات عسكرية متناحرة (تقرير)

[ كشفت المواجهات المستمرة في عدن هشاشة الوضع الأمني بالعاصمة المؤقتة ]

عاد الهدوء مجدداً، ليعم أرجاء العاصمة المؤقتة عدن، خصوصا الشرقية منها، والتي كانت مسرحا لمواجهات مسلحة، مطلع الأسبوع الجاري، تدخلت فيها طائرات الأباتشي التابعة للقوات الإماراتية المشاركة ضمن عمليات التحالف، وذلك لترجيح كفة قوات الحزام الأمني التابعة لها، والمُواجِهة لأفراد القطاع الشرقي المحسوبين على ألوية الحماية الرئاسية.

ولم تكن المواجهات التي شهدتها الأجزاء الشرقية من عدن، بجديدة على المواطنين، فقد سبقتها عدة مواجهات مشابهة، كان قطباها على الدوام ألوية الحماية الرئاسية وهي الذراع العسكري للحكومة الشرعية، و قوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات، والمسنودة بغطاء جوي، أغار لأكثر من مرة على مواقع تتبع الحماية الرئاسية، وكان آخرها مطلع الأسبوع الجاري. 

وتعود أسباب تلك المواجهات، والتي تكشف بالمقام الأول مدى هشاشة الوضع الأمني الذي تعيشه العاصمة المؤقتة عدن، إلى كون المدينة باتت ملغمة بتشكيلات عسكرية متناحرة، فهي لا تتبع مؤسسة أمنية أو عسكرية موحدة، وإنما مقسمة بين تابعة لمؤسسات الشرعية وأخرى تتبع دولة الإمارات عبر ذراعها العسكري، الذي يدير عمليات التحالف العربي من عدن.

وغالباً ما تكون هذه المواجهات، والتي تستخدم خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ووصولا إلى الغارات الجوية، مدعاة لخسائر بشرية ومادية تطال المدنيين، خصوصا وأن المواجهات المسلحة تندلع في مواقع سكنية تضج بآلاف المواطنين.

أحمد جاحب (18 عاماً) كان آخر الضحايا المدنيين، الذين يسقطون برصاص الاشتباكات، والتي تندلع بين الحين والآخر، بين قوات الحزام الأمني من جهة وألوية الحماية الرئاسية من جهة أخرى، فقد أصابت رأسه رصاصة، عندما كان يقف أمام منزل عائلته في حي العريش بمديرية خورمكسر، ليسقط قتيلاً على الفور، فيما أصيب ثلاثة مدنيون على الأقل بجروح متفاوتة، دون أن يكون للحكومة الشرعية أي دور يذكر في إيقاف مسلسل المواجهات المسلحة والذي بات خطراً يهدد حياة المواطنين على الدوام.

مواجهات سابقة 

حي عمر المختار بمديرية الشيخ عثمان، كان أحد الأحياء التي كانت مسرحاً لمواجهات مسلحة، والتي كانت آخرها في 20 من يونيو/حزيران الماضي، حيث اشتبك أفراد من لواء المحضار مع قوات تتبع الحزام الأمني، بمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، لتخلف المواجهات ثلاثة قتلى على الأقل، وأكثر من خمسة جرحى. ويذكر أن حي عمر المختار شهد عدة مواجهات مشابهة تدخلت خلالها طائرات الأباتشي التابعة للقوات الإماراتية المشاركة ضمن التحالف العربي.

الأحياء المجاورة لمطار عدن الدولي بمديرية خورمكسر، هي الأخرى، عاش سكانها أوقاتاً عصيبة، فقد شهدت المنطقة اشتباكات عنيفة بين الحزام الأمني وألوية الحماية الرئاسية، حيث كان أول تلك المواجهات في فبراير من العام الجاري، وآخرها في 30 مايو/ آيار.

أسباب المواجهات

وفي هذا السياق، يفيد الصحفي إبراهيم ناجي بأن السبب وراء ما يحدث في عدن هو ارتهان أصحاب القرار لجهات خارجية، لا تهمها مصلحة عدن ولا سكانها، رغم ادعاء الأطراف المتصارعة عكس ذلك.

ويضيف ناجي في حديثه لـ"الموقع بوست" بأن بروز تكتلات مليشياوية مصبوغة بصبغة مناطقية ترى في استجرار الماضي فرصتها للحكم والسيطرة، هو واحد من أهم الأسباب التي جعلت شوارع وأحياء العاصمة المؤقتة عدن ساحة للمواجهات المسلحة، لاسيما وأن عدن تمتلك من المقومات الاقتصادية مما يؤهلها لأن تكون محل صراع محلي وإقليمي مستمر.

وبالنسبة للحل فهو يكمن في توحيد جميع التشكيلات الأمنية والعسكرية تحت قيادة وطنية موحدة وبإشراف وزارتي الدفاع والداخلية الشرعيتين، بعيداً عن الإملاءات القادمة من خلف البحار، يذكر ناجي.

ويشير إلى أنه في حال ما لم تتوحد هذه الفصائل والأجهزة الأمنية والعسكرية تحت بوتقة واحدة وهدف واحد، فسوف تستمر حالات التشظي والنزاعات، والتي قد تصل للمواجهات الشاملة لا قدر الله.

أما الصحفي أنيس منصور فقال "إن غياب الدولة الحقيقية ومؤسساتها في عدن، والتي باتت مقسمة إلى مربعات مناطقية تحت غطاء أمني، يجعل من الاشتباكات المسلحة بين مختلف التشكيلات العسكرية أمر طبيعي".

ويرى منصور بأن هناك من يستفيد من الصراع الحاصل في عدن، وذلك من خلال إعادة انتاج صراعات الماضي، في إشارة للحرب الأهلية التي شهدتها المحافظات الجنوبية في ثمانينات القرن الماضي، وهي نفس السياسة التي كانت تمارسها بريطانيا بحق الجنوبيين (فرق تسد) حيث يتم دعم جهات لمواجهة جهات أخرى.

وأشار في سياق حديثه لـ"الموقع بوست" بأن ما أوضحه أعلاه، يتم بدعم إحدى الدول المشاركة ضمن التحالف حيث ترى بأن اهدافها والمتعارضة أصلا مع أهداف التحالف المعلنة لن تتم إلا بمثل هذه الخطوات.

وأوضح أن المعطيات الموجودة على الساحة، تؤكد بما لا يدع للشك بأن لا استقرار قد تشهده عدن خلال الفترة المقبلة في ظل وجود قوات عسكرية وأمنية تحمل صبغة مناطقية، لافتاً إلى أن غياب المشروع الوطني الجامع لكل التيار في الجنوب سيؤدي إلى استمرار الأوضاع كما هي عليه.


التعليقات