شبح الاغتيالات يضرب عدن مجدداً وتحذيرات من مخطط يستهدف علماء ودعاة البلاد (تقرير)
- عدن - أدهم فهد الاربعاء, 18 أكتوبر, 2017 - 10:10 مساءً
شبح الاغتيالات يضرب عدن مجدداً وتحذيرات من مخطط يستهدف علماء ودعاة البلاد (تقرير)

[ تحذيرات من مخطط يستهدف علماء ودعاة عدن - أرشيفية ]

مجددا يعود شبح الاغتيالات إلى شوارع وأحياء العاصمة المؤقتة عدن، ليحصد معه ضحية جديدة، وهي روح الداعية والأستاذ التربوي وعضو مجلس إدارة جمعية الحكمة اليمانية والأمين العام المساعد لرابطة علماء ودعاة عدن فهد اليونسي، ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة ممن اغتيلوا برصاص مجهولين، لم تستطع الأجهزة الأمنية كشفهم والوصول إليهم طيلة الفترة الماضية، والتي أعقبت تحرير عدن من سيطرة الانقلابيين.
 
في ساعات الفجر الأولى، لليوم الأربعاء، كان الشيخ فهد اليونسي قد خرج من منزله في بلوك 23 بمديرية المنصورة، متجها نحو مسجد الصحابة ليؤم المصلين لصلاة الفجر، فهو إمام وخطيب جامع الصحابة منذ عدة سنوات، وقد اعتاد الخروج في ذلك الوقت وأيضا السير في نفس الطريق، لكن فجر 18 أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن كسابقيه، فالشيخ فهد لم يصل لمسجده في الوقت المحدد، فقد اغتاله مسلحون مجهولون، لتكون بذلك ثاني عملية اغتيال من نوعها خلال أقل من 10 أيام، فقد اغتيل الشيخ ياسين الحوشبي إمام وخطيب مسجد الشيخ زايد بالمنصورة، مساء العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول، عبر زرع عبوة ناسفة في سيارته.
 
ويعد الشيخ فهد اليونسي، المحسوب على التيار السلفي الوسطي المعتدل والذي يبيح العمل في الجمعيات الخيرية، سادس داعية يتم اغتياله في عدن، ليوضح بذلك مدى خطورة الوضع الأمني، والذي لم يقتصر ضحاياه على المسؤولين الأمنيين والعسكريين، فحتى الدعاة الذين لا يمتلكون سوى الحديث في المنابر، باتوا هدفا دون غيرهم كما كشفت الأحداث المتوالية.
 
مسجد الرحمن في المنصورة كان المسجد الذي خرجت منه جنازة الشيخ اليونسي ومشيعوه الذين امتلأ بهم المسجد، والذي يعد الأكبر بعدن، وهو أيضا أحد المساجد التي اغتيل أئمتها وخطباؤها، فقد اغتيل خطيب وإمام جامع الرحمن الشيخ عبدالرحمن الزهري بعد أدائه صلاة الفجر يوم 23 يوليو/حزيران من العام 2016.
 
ويذكر أن مسجد الداعية والشخصية التربوية المعروفة فهد اليونسي قد لحقه جزء مما طال عشرات المساجد في عدن من محاولات التجريف وفرض أئمة جدد موالين لوزير الدولة المقال هاني بن بريك،حيث تم استغلال فترة غياب الشيخ اليونسي لذهابه إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة العمرة مطلع العام 2016، ليتم فرض إمام آخر بدلا عنه، واعتقال نائب الشيخ اليونسي، مما أحدث حالة من الفوضى بالمسجد، والذي رفض كل مرتاديه قبول الإمام الجديد.
 
وما إن عاد الشيخ اليونسي إلى عدن حتى استعاد مسجده، حيث وقف إلى جانبه كل مرتادي المسجد وأهالي الحي المحيطين به، لكونه معروفا لهم بعلمه وأخلاقه، إضافة لكونه شخصية اجتماعية وتربوية معروفة، فهو مدير مدارس البنيان الأهلية، إحدى أشهر المدارس الأهلية في العاصمة المؤقتة عدن.
 
وبالرغم من إصدار مدير أمن عدن شلال شائع تصريحات صحفية باستمرار تتحدث عن القبض على خلايا إرهابية نفذت عمليات اغتيال، لكن تفاصيل تلك الإنجازات -كما تصفها إدارة أمن عدن- لم تترجم على أرض الواقع، فما تزال الاغتيالات مستمرة ولو كانت بوتيرة أخف من الماضي، ومن جهة أخرى يتم إخفاء من يصفونهم المجرمين، كما حدث تماما مع من اغتالوا عبدالرحمن مرعي، شيخ مركز الفيوش وأحد أبرز أقطاب التيار السلفي باليمن، فقد تعرض منفذو عملية اغتياله لحادث مرور أثناء محاولتهم الفرار، ليتم القبض عليهم بعد دقائق فقط من وقوع عملية الاغتيال ظهيرة 28 فبراير/شباط من العام 2016، ليعلن حينها وزير الدولة، والذي أُقيل مؤخرا، هاني بن بريك القبض على القتلة وتسليمهم لقوات التحالف، في إشارة للقوات الإماراتية والتي تدير عمليات التحالف العربي بالمحافظات الجنوبية.
 
طال صبر أهل الفقيد مرعي ومعهم المئات من طلابه ومعارفه، إلى جانب ملايين المواطنين الذين يتطلعون إلى موعد الإعلان عن هويات القتلة وتحويلهم للنيابة العامة لكن دون جدوى، ليثار بذلك تساؤلٌ غزا أفكار الجميع: لمصلحة من يتم إخفاء القتلة والعزوف عن محاكمتهم ولو على الأقل كشف هوياتهم وإحالة ملفاتهم للنيابة؟
 
وفي ذات السياق، يفيد عضو رابطة علماء ودعاة عدن الشيخ جمال السقاف بأن اغتيال الشيخ فهد اليونسي مثل صدمة وفاجعة كبيرة لكل محبيه وطلابه، وقبلهم سكان مدينة عدن الذين فقدوا علما بارزا ترك بصماته في المجالين الدعوي والتربوي.
 
ويضيف السقاف في حديثه لـ"الموقع بوست" أن "الشيخ اليونسي اغتيل بأيد غادرة خائنة، ترعاها وتغذيها أوكار الحقد والتآمر، وتديرها عصابات الفساد والإجرام التي لا تريد لشعبنا اليمني أمناً ولا استقراراً،  وتتربص بدعاته ومصلحيه وأخياره".
 
وتابع "قد سبق هذه الجريمة منشورات وتغريدات تحريضية، كلها تدعو لاغتيال وتصفية هذا الشيخ الذي ما عرفته عدن إلا داعياً الى الله بحكمة وروية، ساعياً في الخير محبا له، نافعاً للخلق، صالحاً مصلحاً محبوباً في مجتمعه".
 
وحذر الشيخ السقاف "من المخطط الإجرامي الممنهج الذي يستهدف عقيدة وهوية الشعب اليمني، من خلال اغتيال علمائه ودعاته، وشخصيات العمل الخيري والإنساني في عموم محافظاته، وفي عدن بصورة خاصة، ونحذر من مغبة هذا المخطط الإجرامي القذر على السلم المجتمعي والاستقرار النفسي لشعبنا المنكوب".
 
وأشار إلى أن دعاة عدن يحملون الجهات الأمنية مسؤولية البحث عن الجناة، مؤكدا في الوقت نفسه أن غياب التحقيق الجاد والفاعل، والكشف عن المجرمين ومن يقف وراءهم، والتساهل في حماية رجال العمل الدعوي والتعليمي والإنساني، سيؤدي لتجرؤ المجرمين وتماديهم في قتل المزيد من الأنفس المعصومة، وانتشار عصابات العنف والإرهاب، وعرقلة مساعي الدولة والخيرين في بسط الأمن والاستقرار، وتفاقم معاناة المجتمع وزيادة مآسيه، وفساد الأرض، وإشاعة الخوف والفقر والفوضى.
 
ولفت إلى أن استهداف العاملين في المنشآت الخيرية الخدمية له آثاره السيئة على عموم المجمتع، والإضرار بمصالحه العامة والخاصة، فالجميعات الخيرية العاملة بالساحة، ومنها جمعية الحكمة التي تأسست منذ أكثر من خمس وعشرين عاماً وشهد لها المجتمع المحلي ممثلا بحكوماته المتعاقبة والخليجي ممثلا بمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية، تسعى لخدمة المجتمع بجميع فئاته، إلا أن هناك جهات ضاقت ذرعا بجهود هذه الجمعية، وصبت كل جهودها لعرقلة جهود الجمعية ومضايقة العاملين فيها ووصولا إلى استهدافهم واغتيالهم.


التعليقات