سقطرى .. أطماع إماراتية مستمرة وصمت حكومي مخجل (تقرير)
- خاص السبت, 25 نوفمبر, 2017 - 08:34 مساءً
سقطرى .. أطماع إماراتية مستمرة وصمت حكومي مخجل (تقرير)

[ إماراتيون في سقطرى ]

نجت محافظة أرخبيل سقطرى من الحرب التي اندلعت في اليمن في مارس/آذار 2015، لكنها لم تنجُ من التجريف الذي تتعرض له، والهيمنة الجديدة التي تقوم بها دول مشاركة بالتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

خلال العام الجاري بدأ النفوذ الإماراتي يتضح بشكل جلي في عدة محافظات منها سقطرى، من خلال وجودها العسكري، أو مزاعم الاستثمار والأعمال الخيرية التي تقوم بها مؤسسات تابعة لها، برغم أن ذلك قد بدأ منذ وقت مبكر وتحديدا بعد إعصار "تشابالا" الذي ضرب الجزيرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

أرجع مراقبون ذلك إلى الأطماع الاستعمارية للإمارات باليمن والرغبة بتوسيع نفوذها الإقليمي، بسيطرتها على مضيق باب المندب؛ مُستغلة حالة الحرب التي تمر بها البلاد، فضلا عن رغبتها بالضغط على سلطنة عُمان التي تعيش في شد وجذب مع أبوظبي، وتخشى على أمنها القومي من أي نفوذ إماراتي على محافظات يمنية تقع بالقرب من حدودها سواء (المهرة أو حضرموت أو أرخبيل سقطرى).

مطامع أبوظبي

قامت أبوظبي بالسطو على أراضي سقطرى والبناء فيها، ونقل الحيوانات النادرة منها وكذلك النباتات إلى الإمارات.

مع استمرار تلك الممارسات، كشف نشطاء من محافظة أرخبيل سقطرى عن قيام أبوظبي بنهب ثروات سقطرى كاملة من أحجار وأسماك وحيوانات، مشيرين إلى أن رجل أعمال إماراتي اشترى الكثير من المواقع الإستراتيجية في أرخبيل سقطرى وبتوثيق المحافظ بن حمدون السقطري.

وقالوا في مناشدة للرئيس عبدربه منصور هادي حصل "الموقع بوست" على نسخة منها، إن بوابات سقطرى (المطار والميناء) استولى عليها خلفان بن فاضل بن راشد المزروعي (بو مبارك) ممثل مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية بسقطرى.

وذكروا أن محافظ سقطرى، قام بتعيين أشخاصا في مناصب بالمحافظة، لا زال انتماؤهم حتى اللحظة لجماعة الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية.

وطوال الفترة الماضية، قامت الإمارات بتجنيد العشرات من أبناء الجزيرة ومنحت البعض منهم جنسيتها، كما عملت على بناء قاعدة جوية لها في المحافظة، فضلا عن فتح مصنع أسماك بدون التنسيق مع الحكومة.

كما وصلت -في وقت سابق- إلى محافظة أرخبيل سقطرى بعثة روسية للتنقيب عن الآثار، بالتنسيق مع مندوب دولة الإمارات العربية المتحدة في الجزيرة بعيدا عن الحكومة الشرعية.

أيادي الهيمنة

وعلى هذا الصعيد قال المحلل العسكري علي الذهب لـ"الموقع بوست" –في وقت سابق- إن الإمارات تمارس وصاية غير معلنة في مجال المعلوماتية، بعد أن قامت بمد خدمات شركات اتصالات إماراتية لتعمل في جزيرة سقطرى، فضلا عن محاولتها أيضا تخريب التنوع البيولوجي "الحيوي"، والتراث الطبيعي للجزيرة، عن طريق الأيدي العابثة المهيمنة عليها والتي تعمل تحت نفوذ أبوظبي.

وبتلك الأساليب -يؤكد المحلل العسكري الذهب- أن التحالف وتحديدا الإمارات تجاوزوا مفهوم الوصاية المتعارف عليها والتي لم تعد موجودة، كون قواعدها لا تسمح بمصادرة أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة، ولا تسمح كذلك بالضم أو الإلحاق أو بما يؤثر عليها، وهو ما يحدث في جزيرتي سقطرى وميون بباب المندب.

إجراءات حكومية

وأمام استمرار شكاوى المواطنيين قامت الحكومة اليمنية ببعض الإجراءات، لحماية سقطرى من استمرار ذلك العبث الذي تمارسه أبوظبي فيها، لكن لا يبدو أنه سيكون خطوة كافية –بحسب مراقبين-.

وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن المكتب التنفيذي لمحافظة سقطرى أقر منع التصرف أو التوثيق لأراضي الساحل في المحافظة، التي تسيطر عليها الإمارات.

وكلف المكتب مديري الأراضي والأشغال العامة بجمع المخالفات العشوائية السابقة وحصرها ورفعها لاجتماع المكتب القادم لاتخاذ الإجراءات بشأنها.

ولم يكن ذلك القرار قد صدر لمرة واحدة فقط، فبعد توقيع نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة المقال خالد بحاح في مارس/آذار 2016 اتفاقية مع الإمارات، لإعمار وتنمية سقطرى، قامت الحكومة لاحقا بإصدار قرار بوقف التصرف في الأراضي والشواطئ، وذلك بهدف مراجعة تلك الاتفاقية بعد قيام بعض رجال الأعمال الإماراتيين بحجز مناطق واسعة في شواطئ الجزيرة وشراء مساحات واسعة فيها.

وفي وقت سابق أفاد مختار الرحبي السكرتير الصحفي مكتب الرئيس هادي، أن سقطرى هي محور التوتر بين هادي والإمارات، إضافة إلى جزيرة ميون.

الجزيرة الكنز

لم تحظَ سقطرى باهتمام الحكومات السابقة كما ينبغي، برغم تميزها وإمكانية استغلال ما تتمتع به من خصائص في تنشيط السياحة في اليمن.

وتتمتع جزيرة سقطرى بموقع إستراتيجي غاية في الأهمية، كونها نقطة التقاء المحيط الهندي مع كل من بحر العرب مع بابا المندب قبالة شاطئ المُكلا جنوب اليمن (300 كم) وشواطئ الصومال (80 كم)، مما يضفي عليها أهمية إستراتيجية كبيرة، وهو ما جعل الإمارات تحرص على استغلالها لتوسيع نفوذها الإقليمي، انطلاقًا من المحيط الهندي وباب المندب وبحر العرب.

وتتكون "سقطرى" من أرخبيل مكون من أربع جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، على بعد 350 كم جنوبي شبه الجزيرة العربية، ويشمل الأرخبيل جزيرة رئيسة هي سقطرى، إضافة إلى ثلاث جزر أخرى هي: درسة، سمحة، عبدالكوري، فضلاً عن جزيرتين صخريتين أخريين.

أما إداريًا فتتكون من مديريتين هما مديرية حديبو وبها العاصمة مدينة حديبو ومديرية قلنسية وعبد الكوري، وتمتد سقطرى من رأس مومي في أقصى الشرق إلى رأس شوعب في أقصى الغرب إلى الشمال من خط الاستواء، ويعمل سكانها في الصيد والرعي والزراعة، وتمتلك الجزيرة شريطا ساحليا يبلغ طوله قرابة 400 كم.

يُذكر أن سقطرى تم إعلانها كمحافظة في 2013، وصنفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" في 2008، ضمن قائمة المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية والتنوع النادر.
 


التعليقات