خمسون عاما من ذكرى الجلاء .. يمنيون يرفضون الاستعمار الجديد (تقرير)
- خاص الخميس, 30 نوفمبر, 2017 - 05:12 مساءً
خمسون عاما من ذكرى الجلاء .. يمنيون يرفضون الاستعمار الجديد (تقرير)

[ قوات إمارتية بعدن ]

مر خمسون عاما منذ جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، وذلك في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني 1967م، لكن ما زال اليمنيون يتحدثون عن الوصاية والاحتلال.
 
هذا العام أحيا اليمنيون هذه المناسبة تحت شعار "لن ترى الدنيا على أرضي وصيا"، وهي أبيات مقتبسة من النشيد الوطني الذي كتب كلماته الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان.
 
يتشابه الوضع اليوم مع ما كان عليه جنوب اليمن قبل خمسة عقود، حين كان خاضعا لسيطرة الاحتلال البريطاني منذ عام 1839 وحتى 1967.
 
إذ تعيش بعض المحافظات الجنوبية التي تم تحريرها، تحت وصاية غير معلنة تمارسها الإمارات العربية المتحدة، سواء عن طريق تشكيلها لقوات خارج مؤسسة الجيش أو سيطرتها السواحل والجزر اليمنية التي تحقق لها النفوذ الإقليمي.
 
وفي الوقت ذاته عملت إيران عبر دعمها لذراعها في اليمن "مليشيا الحوثي"، بزعزعة أمن واستقرار البلاد والمنطقة، ومحاولة فرضهم واستمرار سيطرتهم على السلطة، متجاهلة إرادة الشعب الذي يرفض مثل تلك التدخلات، ليعقب ذلك معارك شرسة لا زالت حتى اليوم.
 
الشعب الأبي
 
في مثل هذا اليوم يقول الناشط السياسي منير الوجيه "إن الشعب اليمني وجه فيه رسالته للمستعمر وللعالم بأنه شعب أبي لا يقبل وصاية أحد، وأنه مهما اختلفت آراؤنا فالشعوب قد تنقسم وتختلف، لكنها تجتمع وتتوحد في سبيل التحرر من أي احتلال خارجي".
 
واستطرد في تصريحه لـ"الموقع بوست" 30 نوفمبر/تشرين الثاني يقول لكل من لايزال يطمع أو يفكر باستعمار اليمن بأي طريقة، سواء عبر احتلالها أو من خلال تصدير أطماعها وفكرها واستغلال أزمات هذا البلد وصراعاته، فإننا نذكرهم بهذا اليوم الذي طرد فيه شعبنا آخر جندي للملكة التي لا تغيب عنها الشمس (في إشارة إلى بريطانيا).
 
ولأن الشعب أجبل عبر التاريخ على الحرية والتحرر والاستقلال، يؤكد الوجيه أن اليمنيين يكررون ذات السيناريو اليوم بتقديمهم التضحيات، رفضا للوصاية الإيرانية التي حاولت طهران فرضها من خلال تصدير فكرها، وبناء ذراع لها وتسليحه وتدريبه لاستيلائه على اليمن، من أجل فرض وصايتها ومصادرة سيادة اليمن واستقلاله، وتغيير ثقافتنا وتزوير تاريخنا وتقزيمه.
 
وتابع "خلال الخمسين عاما تغير الكثير، فطرد المستعمر كان الخطوة الأولى نحو وحدة اليمن العظيمة، التي جاءت كأحد ثمار وأهداف ثورة 14 أكتوبر/تشرين الثاني 1963 العظيمة، وتحرر اليمن من براثن الإمامة الظالمة في ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962". مؤكدا أن الشعب اليمني سيظل يناضل من أجل بناء دولة قوية مستقلة وذات سيادة ومكانة في العالم.
 
واحدية المصير
 
أما الصحافي عمار زعبل فيذكر أن يوم الجلاء وكل الأيام الوطنية تعني الكثير، خصوصاً بعد تعدد الولاءات وغياب الوعي الوطني، الذي نحن اليوم بأمس الحاجة للتحلق حوله.
 
واسترجع الماضي بأسى بقوله لـ"الموقع بوست"، "خمسون عاماً والعيش في كنف الذكريات فقط واسترجاع بطولات الثوار ممن جسدوا واحدية الأرض والإنسان، الذي لم يكن متشظياً كما هو الآن، لم ينل منه الاستعمار ونال منه عملاؤه، من أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين لا يريدون للوطن الاستقرار والتعايش، والتعددية والمواطنة".
 
ولهذه المناسبة بالنسبة لزعبل نكهة أخرى خصوصاً لمقاومي للانقلاب، وفي كل المحافظات، كون التاريخ يعيد نفسه، وهناك إصرار كبير لاستعادة كل الأهداف التي ناضل من أجلها آباؤنا ومنها إيجاد دولة مؤسسات.
 
ويرى أن ما تعانيه تعز اليوم من حرب وحصار وشيطنة ومحاولة نزعها عن المشروع الوطني، واختلاق مشكلات بينها وعدن ومحافظات الجنوب، هو مخطط قذر يصب في ذلك الاتجاه، لافتا إلى أن تعز اليوم أثبتت أنها امتداد لعدن ولحج كما هو في كل المنعطفات التاريخية، فكما تحقق جلاء الاستعمار صنعته تعز أيضاً وأبنائها.
 
"واليوم عدن امتداد لتعز، وإمداد لها وعون للتخلص من المستعمر الداخلي، الذي اقترب زواله بتلاحم الباحثين عن المشروع الوطني، وإن حدثت لهم الكثير من العراقيل، لكنها ضريبة لا بد من دفعها، ولا بد من تقديم كل ما نملك من أجل معانقة مشاريعنا الحقيقية، مشروع الوطن الواحد، عنوانه التعايش ونبذ التفرق والانقسام"، يردف زعبل.
 
مقاومة الغزاة
 
وبالنسبة للناشط شعيب القديمي فيذكر أن هذا اليوم يمثل للشعب اليمني ثمن تضحيات أبنائه ودمائهم الزكية، التي ارتقت لنيل استقلاله من المستعمر البريطاني الذي ظل مسيطرا على أرضه لسنوات كثيرة، ذاق فيها اليمنيون مرارة المعاناة المختلفة.
 
وأضاف لـ"الموقع بوست" بعد تحقيق الاستقلال عام1967 انطلق شعبنا يطوي الماضي الأليم خلفه، ويتجه نحو بناء وطنه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخلق شعباً حضارياً يواكب بقية الدول الأخرى في طموحاته وتنمية قدراته حتى نصل إلى ما نصبوا إليه.
 
وبحسب القديمي فإن الحديث عن 30 نوفمبر/تشرين الثاني يقودنا للحديث عن الشخصية اليمنية وكرامة الإنسان اليمني التي رفضت الاحتلال، وقاومت الغزاة ولم ترضخ للعدو الاجنبي، وهي صفات حميدة اتصف بها الرجل اليمني التي تعد كرامته عنده أغلى من كنوز الدنيا، فقاوم كل من حاول أن يعتدي عليه وخاض معارك بشجاعة فسميت اليمن بـ"مقبرة الغزاة".
 
أجندة دول
 
بدوره الصحافي كمال السلامي فسر قيام اليمنيين بتغيير صور البروفايل في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بعبارة (لن ترى الدنيا على أرضي وصيا)، بأنه تأكيد على رفضهم الوصاية، فهم يعتقدون أن ما يحدث اليوم في عدن والجنوب ربما يمثل شكلا من أشكالها.
 
وأضاف لـ"الموقع بوست" من الطبيعي أن أي دولة تشهد صراعات داخلية تصل حد الاستنجاد بأطراف خارجية، فتدخل في إطار الوصاية.
 
وبيَّن أن الدول لا تخوض حروبا دون أن يكون لها هدف، فالتحالف العربي وفي مقدمته السعودية والإمارات لهم أجندة خاصة من وراء خوض حرب اليمن، مثلما كان لقطر ومصر وغيرها.
 
يُذكر أن اليمن تشهد حربا شرسة اندلعت عقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، وإعلان عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015، ذهب ضحيتها آلاف المدنيين.


التعليقات