صواريخ الحوثيين بين المكاسب والخسارة (تقرير)
- خاص الأحد, 24 ديسمبر, 2017 - 11:53 مساءً
صواريخ الحوثيين بين المكاسب والخسارة (تقرير)

[ صواريخ الحوثيين بين المكاسب والخسارة (تقرير) ]

عاودت مليشيا الحوثي الانقلابية المراوغة، باستخدامها لورقة الصواريخ التي راهنت عليها منذ انقلاب (سبتمبر/أيلول 2014). في التاسع عشر من الشهر الجاري، أعلنت مليشيات الحوثي إطلاقها لصاروخ باليستي على العاصمة السعودية الرياض، بعد أقل من شهر على ادعائها استهداف دولة الإمارات العربية المتحدة بصاروخ كروز الذي لا تمتلكه اليمن وأغلب الدول العربية.
 
وأكدت المملكة عقب ذلك، اعتراضها لصاروخ باليستي جنوب الرياض، وتحدثت كذلك بعض وسائل الإعلام عن وصول بعض شظايا الصاروخ إلى منازل بعض المدنيين. كما كشف المتحدث باسم قوات التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، تركي المالكي، أن الحوثيين استهدفوا المملكة العربية السعودية بـ83 صاروخا منذ العام 2015.
 
 في محاولة للخروج بمكاسب ومع اقتراب الحرب من دخولها العام الثالث، يستمر الحوثيون بالمناورة بالصواريخ الباليستية، التي وصل مداها إلى أكثر من 900 كيلو متر، وهي وسيلتهم للضغط على السعودية، للقبول بحل سياسي يتجاوز المرجعيات الثلاث المتعارف عليها، ويضمن بقاءهم في السلطة وبكامل أسلحتهم، مقابل التوقف عن إطلاق الصواريخ وعدم إشعال المعارك على الحدود بين اليمن والمملكة.
 
وتحاول مليشيات الحوثي لي ذراع المملكة باستخدام الصواريخ التي تتلقاها كقطع مهربة يتم تجميعها داخل اليمن، محاولة كسب المزيد من الوقت والبقاء في مربع المفاوضات، للخروج بمكاسب سياسية.
 
ويبدو أن المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، يسعون في ذلك الاتجاه، من خلال عدم ممارستهم الضغط على تلك المليشيات لتنفيذ القرارات الدولية، والدعوة للحل السياسي بعد انفراد الحوثيين بالمشهد بعد فض شراكتهم مع صالح.
 
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نوريت، أكدت قبل أيام أن الحل الدائم للأزمة في اليمن لن يكون قائماً على أساس عسكري، بل سياسي بين الأطراف ذات العلاقة، فيما قال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي تيم ليندركينغ، إن هناك مجالا للحوثيين في التسوية السياسية باليمن إذا لم يهاجموا السعودية أو يهددوها.
 
بدوره أكد وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي في تصريحات صحفية أن الحوثيين جماعة لا تمارس السياسة وإنما تمارس القتل، ولم يقدموا منذ ظهور هذه الحركة الدموية وما بعدها منذ الانقلاب، أي مؤشرات على أن لديهم استعداد لاتفاقات سياسة واستعداد للتنازل.
 
 اليد الطولى للحوثيين
 
ويقوم الحوثيون بإطلاق الصواريخ عبر منصاتهم المنتشرة في صنعاء، حجة، ذمار، وصعدة الحدودية مع السعودية ومعقل الحوثيين، وبرغم استهداف التحالف لها لكنها لم تتأثر كثيرا، ويبدو ذلك من خلال استمرار استهداف المليشيات للمملكة.
 
 ويؤكد المحلل العسكري علي الذهب، استغلال الانقلابيين للصواريخ الباليستية للتأثير على الموقف السعودي الداعم للشرعية، حيث مثلت اليد الطولى والبديلة عن الطيران الذي حُيّد في الأيام الأولى للحرب.
 
ويمثل جانب من الصواريخ التي يسيطر عليها الحوثيون، علاوة على ورقة الحدود، ورقة أخرى قوية ترجح كفتهم عن كفة حليفهم صالح، وقد بدا ذلك واضحا منذ الإعلان عن التفاهمات السرية بينهم وبين السعوديين، بحسب الذهب في حديثه سابقا لـ"الموقع بوست".
 
وتطرق الذهب إلى أثر تلك الصواريخ، التي وصلت المدن السعودية المتاخمة للحدود اليمنية، والتي أُخليت تماما من سكانها، وتعطلت تبعا لذلك الأنشطة الاقتصادية والتجارية.

وكان الخبير العسكري العميد أحمد الرحال قال إن الصواريخ التي يستخدمها الحوثيون، أغلبها صنعت بروسيا وتمتاز بضعف دقة الإصابة على الرغم من قدرتها التدميرية العالية، وبيَّن في تصريحات صحفية، أن سبب دخول الصواريخ الأخيرة إلى المجال الجوي للرياض، يعود لنصب منظومات الدفاع الجوي بعيدا عن الحدود وقرب المناطق الهامة والاستراتيجية في الدولة.
 
ولفت إلى أن منظومة الباتريوت الأمريكية تقوم بمسح مسافة تقارب 40 كم وعند اقتراب الصاروخ من هذا المدى، تطلق دفعة من الصواريخ المضادة ليتم تفجيره على الفور في المجال الجوي، قبل سقوطه على الأرض وانفجار الرأس المليء بالمتفجرات في المناطق المأهولة.  
 
وعلى صعيد اصطياد الصواريخ البالستية ذكر الرحال، أن منظومة الدفاع الجوي الباتريوت التي تملكها السعودية تعمل بعد دخول الصاروخ لمداها الراداري.
 
مرحلة جديدة من الصراع
 
وتوقعت صحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانية، في تقرير صادر عنها، دخول الصراع السعودي الإيراني في مرحلة لا يمكن التنبؤ بعواقبها، نتيجة لاستمرار الحوثيين باستهدافهم المملكة بالصواريخ. 
 
ونقلا عن المحلل في شؤون الشرق الأوسط في شركة "تي أس لومبارد" ماركوس جينفكس، فإن النزاع السعودي مع إيران دخل مرحلة لا يمكن التكهن بها، لافتا إلى استغلال إيران لفراغ القوة الذي حدث، والذي استغلته إيران والسعودية.
 
وتوقع جينفكس أن يُكثف الحوثيون من استهدافهم بالصواريخ للملكة، خاصة بعد قتلهم للرئيس السابق صالح. وكانت جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، قد أكدت في بيان صادر عنها أن القصور السعودية، وكافة المنشآت العسكرية والنفطية بالمملكة في مرمى صواريخهم، في إشارة إلى تصعيدها ضد المملكة.
 
اتهامات متبادلة
 
مؤخرا وردت اتهامات أمريكية على لسان السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نكي هالي، لإيران بتزويد الحوثيين بصاروخ أطلق على السعودية في يوليو/تموز الماضي   ورجَّح تقرير سري أعده مراقبو العقوبات بالأمم المتحدة، أن تكون الصواريخ البالستية التي أطلقها الحوثيون على السعودية هذا العام من تصميم وتصنيع إيران.
 
وذكر المراقبون في تقريرهم أن خصائص التصميم وأبعاد المكونات التي فحصتها الهيئة تتفق مع الخصائص والأبعاد التي تم الإبلاغ عنها بالنسبة للصاروخ "قيام-1" الإيراني التصميم والتصنيع.
 
 كما سبق ووصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزويد إيران المقاتلين الحوثيين بالصواريخ بأنه "عدوان عسكري مباشر". لكن إيران تنفي تزويد الحوثيين بالأسلحة، وتقول إن المزاعم السعودية والأميركية "لا أساس لها من الصحة".
 
تواطؤ أمريكي
 
وتعليقا على تصريحات "هالي"، قال مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية في تصريحات صحفية، إن ذلك ذكره بخطاب ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول في الفترة التي سبقت الغزو والاحتلال الأمريكيين للعراق، وهو نفاق من أعلى المستويات.
 
وأضاف "أعتقد أنه فاحش، في هذا السياق، لأن أكبر أزمة إنسانية في العالم هي في اليمن، والحلفاء الأميركيون مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة مسؤولون في المقام الأول".
 
وأوضح هارتونغ أن الولايات المتحدة "عرضت عليهم [السعودية والحلفاء] عشرات المليارات من الدولارات من الأسلحة، بما في ذلك بعض القنابل التي استخدمت لقتل المدنيين، والتظاهر بأن ذلك لا يحدث، أعتقد أنه ليس فقط الفاحشة، ولكن هذا النوع من الشتائم يثير الناس الأذكياء".
 
وقد احتوى أحد الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على السعودية، على قطع أمريكية، لكن فريق من خبراء الأمم المتحدة قالوا إنه ليس لديهم أي دليل على هوية الوسيط أو المورد، وفقا لما ذكرته صحيفة فورين بوليسي الاستخباراتية.
 
 واعتبر هارتونغ تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، بأنه مجرد حيلة سياسية للاستهلاك المحلي. يذكر أن الجماعة استهدفت الرياض مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بصاروخ باليستي، استهدف مطار الملك خالد بن عبد العزيز الدولي، وأعلن التحالف أنه تمكن من اعتراضه. فيما تعيش اليمن في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وأصبح قرابة 82% من السكان بحاجة لمساعدات إنسانية.
 


التعليقات