فوضى أسعار الدواء تفاقم معاناة المرضى في اليمن (تقرير)
- خاص الخميس, 01 فبراير, 2018 - 11:52 صباحاً
فوضى أسعار الدواء تفاقم معاناة المرضى في اليمن (تقرير)

[ فوضى واسعة في أسعار الدواء بالسوق المحلية ]

كان من تبعات الحرب التي تعيشها اليمن منذ نحو ثلاث سنوات ارتفاع أسعار الدواء واختفاء كثير من الأصناف من الصيدليات نتيجة توقف عدد من مصانع الأدوية عن العمل ما أضاف عبئاً جديداً على المرضى، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة.
 
وزاد ارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية من أزمة الدواء في اليمن، وأصبح الفقراء معرضون للخطر أمام عجزهم عن توفير الأدوية لمعالجة مرضاهم فيما يشكي مواطنون من تفاوت أسعار الأدوية من صيدلية إلى أخرى في ظل غياب كامل للرقابة الصحية.
 
الزيادات المتتالية في أسعار الدواء واختلافها من مكان إلى آخر قصمت ظهور المواطنين وحولت حياتهم إلى جحيم في ظل الأزمة الطاحنة التي تعيشها البلاد وانتشار أمراض معدية كانت البلاد خالية منها، لعقود من الزمن، كالكوليرا والدفتيريا التي انتشرت مؤخراً.
 
 فوضى الأسعار
 
فوضى واسعة في أسعار الدواء بالسوق المحلية وزيادات عشوائية اعتمدتها الصيدليات وسط غياب تام لأجهزة الرقابة الصحية حيث بلغت نسبة الزيادة في الأسعار أكثر من (200%) لبعض الأدوية مقارنة بالأسعار السابقة، فيما شملت هذه الزيادة تقريباً جميع الأدوية العلاجية بما فيها المنقذة للحياة.
 
قصدنا إحدى الصيدليات في شارع صنعاء وسط مدينة الحديدة لشراء دواء forte 500 mg glocored المخصص لمرضى السكر  فكان سعره  (2500 ريال) في حين أن صيدلية أخرى في نفس الشارع وعلى بعد مئات الأمتار فقط من الأولى تبيع نفس المنتج الدوائي بسعر (2000) ريالاً!
 
السيناريو ذاته بات يتكرر يومياً لمئات المرضى في مختلف المدن اليمنية وبات من المستحيل أن تجد نوعاً واحداً من الدواء من نفس الشركة المصنعة يباع بسعر موحد في أكثر من صيدلية، فلا ضابط ولا رقيب لسوق الدواء.
 
ونتج عن هذه الفوضى زيادة أعداد الفقراء الذين باتوا يتجمعون في الأسواق المكتظة وأمام الصيدليات، يطلبون من المشترين دفع فاتورة الدواء أو المساهمة فيها بعد عجزهم عن توفير قيمته التي تضاعفت بشكل كبير.
 
 تسعيرات خاصة
 
يتمادى بعض أصحاب الصيدليات في رفع أسعار الدواء بوضع تسعيرات خاصة بهم في حين لايلتزم آخرون بالسعر المدون علي عبوات الدواء بحجه الزيادة في سعر الدواء جراء ارتفاع الدولار وأن هذه الأسعار قديمة.
 
يقول المواطن عبده محسن لـ"الموقع بوست" إن ظاهرة جديدة اجتاحت صيدليات العاصمة صنعاء في الأونة الأخيرة تتمثل في تفاوت أسعار الدواء واختلافه من صيدلية لأخرى.
 
ويضيف محسن: قبل أيام قلائل دخلت إلى إحدى الصيدليات في سعوان لأشترى دواء السعال لطفلتي فإذا بي أجد اختلافا شاسعاً في سعرة عن ما مضى، ومن ثم دخلت صيدلية أخرى قريبة من الأولى وكانت المفاجأة غير المتوقعة اختلاف كبير في السعر بينهما لنفس الدواء وكأننا في دولتين مختلفتين.
 
ويوافقه في الرأي المواطن محمد فرحان الذي يؤكد في حديثه لـ"الموقع بوست" أن أسعار الدواء في السوق المحلية تختلف من صيدلية إلى أخرى بل من عامل إلى آخر في الصيدلية الواحدة، حد قوله.
 
ويضيف "بعد انقلاب مليشيا الحوثي المشؤوم وسيطرتها على السلطة أصبحنا في دولة تمكنت منها الفوضى ولا أبالغ إذا قلت إننا أصبحنا نعيش في غابة يحكمها الظلم والفساد ويسودها الجشع والطمع والاستغلال والضحية المواطن المسكين".
 
ويتابع "الزيادة الكبيرة في أسعار الأدوية في السوق المحلية واختلافها من مكان إلى آخر أثرت على أحوال المواطنين، مشيراً إلى أنهم قد يتحملون الجوع لكن المرض قد لا يمهلهم للبحث عن الدواء من صيدلية إلى أخرى".
 
 تجار الموت
 
أزمة الدواء وانهيار المنظومة الصحية جراء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي وصالح فتحت باباً جديداً لتجار الموت الذين لا تهمهم حياة المرضى ولا يفقهون إلا الربح حيث اتجهوا لتجارة الدواء المهرب التي انتعشت في ظل الفساد المستشري وغياب الرقابة من قبل الجهات الحكومية.
 
 ورغم الحرب والحظر البحري والبري والجوي المفروض من قبل التحالف العربي إلا أن تجارة تهريب الدواء نشطت مؤخراً، حيث تتم أغلب عمليات تهريب عبر مينائي الحديدة والصليف (غربي اليمن) الواقعان تحت سيطرة مليشيا الحوثي.
 
وكشف مصدر ملاحي لـ"الموقع بوست" أن معظم الأودية المهربة تدخل عبر مينائي الحديدة والصليف باسم جهات حكومية معفية من الضرائب والجمارك وجميع الرسوم إلا أنها تورد إلى مخازن التجار.
 
وارتفع حجم الدواء المهرب في اليمن إلى أكثر من 80 بالمئة من حجم سوق الدواء، وذلك منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء مطلع 2015، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 60 بالمئة أواخر 2014بحسب إحصائيات لمنظمات طبية غير حكومية.
 
 غياب الرقابة
 
الدكتورة هديل فوأد (إخصائية باطنية) أكدت أن ارتفاع أسعار الدواء في الصيدليات، ساهم في تدهور كثير من الحالات المرضية وقاد البعض للجوء إلى الحصول على الأدوية البديلة المهربة والمغشوشة المنتشرة في السوق المحلية والتي عرضت كثيرا من الحالات لانتكاسات طبية.
 
وأشارت في حديثها لـ"الموقع بوست" إلى مفارقة وهي أن بعض أسعار الأدوية تتفاوت من صيدلية إلى أخرى في السوق المحلية وعلى مستوى المدينة الواحدة الأمر الذي يؤكد غياب الرقابة وسيطرة مافيا الدواء على السوق،على حد تعبيرها.
 
ووصفت ما يحدث الآن في سوق الدواء اليمني بالمهزلة، كما أنه جريمة يحاسب عليها القانون، كون هذا التلاعب يتسبب في الحاق الضرر بالمرضى وموت البعض منهم.
 
وطالبت الجهات المعنية بتفعيل الرقابة الصحية على الصيدليات ومخازن الأدوية في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات وفرض رقابة مشددة عليها، واتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين بما يحمي المستهلكين ويحافظ على صحتهم وسلامتهم.


التعليقات