أن تعمل بكرامه ...
الثلاثاء, 20 ديسمبر, 2016 - 08:50 صباحاً

اسمع ازيزها من بعد الفجر , فتشيع في نفسي الطمأنينه , صوتها كموسيقى هادئه تزرع في الروح بحار وانهار وجداول من الوان مبهجه , بالتاكيد لا اقصد الطائرة التي تشيع الموت ولا تلك الاحزمة الناسفة الحقيره التي تحصد ارواح الكبار , ولا تلك القذائف العشوائية التي تاكل نهارات الاطفال , اقصد آلة ذلك العمًار , يقطع بها الاحجار ليبني الطابق الاعلى لجاري عبد الله المطري , وعبد الله هو الآخر رجل عملي , يصل لرزقه بالكد والعمل , والسهر ليال , يذهب الى خارج البلاد وياتي ببضاعته , لتدخل الى اعماق اطفاله لقمة شريفة حلال .
 
اخرج من بيتي راجلا عند العشره فامر من الاسطى الطيب وعماله , الاحظ كل يوم ان الغبار الذي تحدثه الآله الكهربائيه , فتعيده الرياح الى صدره وعماله , فاحسست بالغصه , تذكرت ان صديقا زودني ذات مرض معد بكمامات من تلك التي توزعها منظمات الصحه بمختلف اشكالها والوانها , فعدت الى البيت امس الاول , بحثت عنهن لاجدهن  , وحملت ثلاث وذهبت اليهم امس صباحا واعطيت كل منهم واحده .
 
ما اجمل الشكر حين يصدر من فم كريم , ويد تعزف على اوتار الشرف فتنتج لقمة نظيف هياكلها من عرق الجبين , عكس تلك اللقمة الملوثه بحقوق الناس, من يلتهمها الفساد قديمه وجديده غير آبه بمثل هؤلاء الذي يصحون ممع الشروق , برغم البرد , لكن الشرف لا بد له من التضحيه , واللقمة الغزيره لا بد لها من تعب .
 
بطيبة الارض تمتمو الثلاثة بالشكر , كانت اعماقي لحظتها تتمتم شكرا لهم , لانهم يثبتون لي ولكل من يمر ان الشرفاء وعزيزي النفس , وغزيري الكرامه ما يزالون يعمرون الارض , برغم كل عهر الفساد .
 
من الامس صباحا وبرغم العتمه التي اشاعتها جريمة عدن , وتصريحات سمجه لمسئولين يقولون انهم سيلاحقون الفاعلين , وهم اعجز من ان يفعلو , واخبار تنحرك من راسك حتى اخمص قدميك , الا ان هؤلاء العمال ويفترض اني لا اتكلم حيال ما فعلته لهم , لكن قصدي ان اقو ل ان اولئك الذين ينتشرون تحت الجسور وفي الجولات ينتظرون فرصة عمل , اشرف واكرم من كل الملونين , واولئك الذين يبدلون جلودهم كما يبدلون جواربهم , يوم في الحضن , وآخر بين النهدين , ويظلون يبهررون حين تلفت انتباههم الى انهم فقط في الامس كانو في خانة اليسار , فمالذي حدث في مقيل الامس حتى وجدتهم في خانة اقصى او اقسى اليمين , والتي اخترعوها هم , وداسوها هم , وتاجرو بهذا لبلد غير آبهين لتعب الاسطى وعماله , سحقا لمن يبدلون جواربهم بجلودهم او ارجلهم بوجوههم .
 
طوبى لكل من ينحت الصخر بحثا عن الرزق .
لله الامر من قبل ومن بعد .

*من حائط الكاتب على فيس بك

التعليقات