جيش الإمام صالح يغزو اليمن
السبت, 04 فبراير, 2017 - 07:29 مساءً

غَزَتْ جيوش الإمامة اليمن وانتهبت أموالها ودمرت آثارها عبر تاريخها الوسيط والمعاصر بنفس الجيش الذي يُغزى به اليمن اليوم، مع اختلاف التسميات وتطور الآلات، جيش الفيد والنهب والتسلط وإخماد الثورات الوطنية المتعاقبة رفضاً للظلم وبحثاً عن الحرية والاستقرار.

 غزى الأمير عبدالله الوزير التهايم وعاث فيها فساداً وخراباً في عهد الإمام يحيى لإخماد ثورة الزرانيق فقابله أحفاد زُرنُق بن وليد بن عك بن سبأ، في منطقة الدريهمي فأذاقوه الأمرين وسَقوه كأس هزيمةً نكراء ثم لحقه الإمام أحمد فأذاقوه ما أذاقوا سلفه حتى أنشد يقول:

ألا يا صاح إن الجاح قد أضنى فؤادي*** وابتلى جفني بانواع السهادِ

و"الجاح" منطقة في التهايم، فباعوهم الخونة كما باع شعيب الفاشق وغيره طلائع المقاومة بقيادة عبد الله ابو الغيث ومحمد الحطامي والأستاذ علي الحجوري الملقب "بشوتر" لجيوش الإمام علي صالح ، وفي ذات السياق غزى عبد الله الوزير محافظة تعز للسيطرة عليها واخماد ثورة المقاطرة فتآمر عليها وباعها الشيخ محمد حسان أحد مشايخ الحجرية الذي قال فيه الشاعر :

كله ابن حسان ذي خان المواثيق والعهود***وسلم القلعة أمير الجيش يمليها زيود

ويقصد بالقلعة "قلعة المقاطرة" التي تحصن فيها الثوار ستة أشهر وقاتلوا فيها حتى بالحجارة والسلاح الابيض. تآمر إبن حسان وغدر كما تآمر عبده الجندي ونبيل الصوفي وغيرهم مع جيش الإمام صالح اليوم إلا أنهم لم يفلحوا وعادوا منكسي الرؤوس يجرون أذيال الخيبة والفشل.

كما غزى الإمام المطهر محمد المتوكل مدينة إب لإخماد ثورة الفقيه سعيد بن صالح عام 1256ه الثورة المنسية في ذاكرة اليمنيين المخفية من كتب التاريخ التي اندلعت ضد ظلم الولاة وأذنابهم من شيوخ القبائل القادمين من الهضاب، الذين ظَلموا الرعية ونهبوا أراضيهم وصادروا وأموالهم، فباعته الأُسر التي زرعتها الإمامة في المناطق الوسطى وعلى رأسها بيت أبو حليقة، البيوت نفسها التي باعت طلائع المقاومة بقيادة الأستاذ نايف الجماعي والشيخ فهد الجمَّال لجيش الإمام صالح في اللحظة الراهنة.

 وكما ذكر تاج الدين عبد الباقي اليماني في كتابه عن تاريخ اليمن المسمى "بهجة الزمن في تاريخ اليمن" غزو الإمام المهدي لمدينة لحج وعدن ونهبها واستقطاع أراضيها واستحلال أموالها عن طريق بعض النافذين حينها، كما غزا جيش الإمام صالح مدينتي لحج وعدن ودمرهما بهمجية عن طريق من خانوا ومن باعوا من أبنائها إلا أن القدر كان لصالح المغزوين أقوى فلم يفلح وخابت مكائده.

المستهدف من غزو اليمن في بالمدن السابقة هو الإنسان المنتج والإقتصادي والمغترب والمزارع  الذي اعتبره الحكام وعصاباتهم مورد ثراء وجبايات، واتكائهم على بعض مدن شمال الشمال كونهم فقراء محرومين من ثقافة أهمية العلم وممارسة الأعمال الحرة، وضحايا الحروب الدائمة، والانسياق وراء "أمشيخ" واعتبار الحروب موسماً للنهب والفيد والغنيمة التي أورثتهم الفقر الدائم، وصنعت منهم حنفيات للدماء وحطب للصراع اللامتناهي.

ثقافة كرَّسها الحكام السابقين وامتهنها من بعدهم الإمام صالح فأباح صعدة للنهب في حروبها الست بعد أن أباح عدن في حرب صيف 94 وأعادها اليوم ثانية في تعز وعدن والحديدة البيضاء ومأرب وفي كل منطقة يصل إليها محاربي "وجندرمة" الإمام صالح.

  الإمام صالح أعاد إنتاج بناء جيش الإمامة على حساب جيش ثورة 26 من سبتمبر  وسلَّمه لها من جديد فقاتل في صفها كما قاتل ضد كل الثورات الوطنية سالفة الذكر مع اختلاف القيمة والزمن، حيث مارس الإمام صالح منهجية حكم الإمامة، وتجاوزها إلى حدٍ بعيد في تعميق الفساد واستحلال المال العام وتدمير الأخلاق، وخلق إشكاليات اجتماعية وتناقضات سياسية وحلقات مصالح مادية، وأورث الشعب قضايا مستفحِلة لم يورثها حاكمٌ أو إمامٌ للشعب اليمني من قبل، ولسان الحال ما قاله البردوني ورحمه الله.

وما تزال بحلقي ألف مبكية من*** رهبة البوح تستحيي وتضطربُ

 يكفيك أن عِدانا أهدروا دمنا****ونحن من دمنا نحسوا ونحتلبُ
 

التعليقات