الإرهاب يضرب أوروبا مجدداً
السبت, 25 مارس, 2017 - 09:38 صباحاً

سجل الإرهاب في الأيام الأخيرة حضوراً لافتاً في عدد من دول أوروبا، فقد اجتاحت عمليات إرهابية عدة دول في «القارة العجوز» أكدت تنامي حضور الإرهاب الذي صار يهدد أمن العالم بأكمله.

في الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت العاصمة البريطانية لندن هجوماً إرهابياً أثناء اجتماع لمجلس العموم (البرلمان) كان مكرساً لمناقشة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع حلول نهاية الشهر الجاري، أعقبته عمليات في أماكن أخرى بعيدة عن مقر البرلمان، حيث بدا وأن الإرهاب في بريطانيا دخل طوراً جديداً ومؤثراً، بعد أن وصل إلى قلب بريطانيا نفسها، أي إلى العاصمة لندن.

لم يعد بخافٍ على أحد أن أجنحة الإرهاب صارت تحلق في أكثر من بقعة وأكثر من قارة، ولم تعد منطقة الشرق الأوسط لوحدها تكتوي بنار الإرهاب هذا، حيث يحضر الإرهاب بكل قوته، بل صار العالم كله رهينة لهذا التطرف وفي مرمى نيرانه.

حادثة لندن مؤشر إلى مدى الخطورة التي صار يشكلها الإرهاب على أمن الناس وحياتهم، الخطورة التي لم يشعر بها الأوروبيون إلا بعد أن بدأت نيران الإرهاب تصل إلى عقر دارهم. فقد ساهمت الإجراءات الرخوة التي كانت تتعاطى بها بعض الدول الأوروبية مع الإرهاب والإرهابيين المقيمين على أراضيها خلال السنوات الماضية، في ظاهرة سهولة انتقال التطرف وانتشاره، حيث تعد بريطانيا واحدة من الدول التي يوجد على أراضيها العديد من هؤلاء.

ولعل الكثير من المراقبين يتذكر أبا حمزة المصري، الذي سلمته بريطانيا العام الماضي إلى الولايات المتحدة، كيف كان يحرض على قتل الجنود البريطانيين في أي مكان في العالم، بل وأرسل نجله محمد عام 1996 إلى اليمن لتنفيذ عمليات إرهابية استهدفت سياحاً أجانب، وظل يثير الفتنة والتحريض على قتل الجنود البريطانيين في الخطب التي كان يلقيها في مساجد لندن، أي أن الرجل كان يحرض على من يمنحه الأمان والاستقرار في بلاده ويمنحه راتباً ليعتاش منه.

لم تكن بريطانيا بحاجة إلى مثل هذه الإجراءات والاستنفار غير المسبوق لمحاصرة التطرف، لو أنها تمكنت من التعاطي الجاد مع التطرف ومعتنقيه في وقت مبكر، ولما احتاجت أوروبا والغرب عموماً إلى التعامل مع الإسلام والمسلمين ككل بأنهم مصدر الإرهاب، كما تصوره حالياً وسائل الإعلام وبعض القادة ، كما هو حاصل مع اليمين المتطرف في فرنسا وهولندا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول.

مكافحة الإرهاب لا تتم عبر الوسائل الأمنية، على الرغم من أنها مطلوبة، بل في كيفية تجفيف منابع الإرهاب والتطرف في العالم كله، فاستمرار العوامل المغذية للتطرف لا تزال قائمة حتى اليوم، والمتمثلة في غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية، ودون الاعتراف بهذه الحقيقة ستظل أوروبا تدور في حلقة مفرغة من أساليب الحلول التي لن تنجح من دون وضع اليد على الجرح النازف منذ القرن الماضي عندما احتلت «إسرائيل» أراضي عربية بمساعدة الدول الغربية التي تشكو اليوم من خطر الإرهاب وتوابعه.
 
*نقلا عن الخليج الإماراتية

التعليقات