نظرية اغتصاب السلطة في الحزب المذهبي
الأحد, 02 أبريل, 2017 - 06:27 مساءً

تتجلى الحقائق على التوالي وبشكل متسارع عن الصراع اليمني الدامي الذي أشعلت فتائله خليط من بارود المذهبية السياسية، بأدوات تخللت قلوب اليمنيين، وعشعشت في مخيلاتهم قروناً من الزمن، عن طريق عمل منهج ذكره الثائر أحمد محمد نعمان في مذكراته، وفي معرض حديثه عن تسلط الامامة على المدن الشافعية، عن طريق حكام وعساكر ينتمون إلى المذهب الهادوي الذي كان عبارة عن حزب ديني سياسي لا تتاح فرص العمل إلا للمنتميين إليه  والمؤمنين بفكرة الولاية الدينية المنحصرة في الهاشمية السياسية.
 
 نظرية سياسية أكدها جواب السفير عبد الوهاب طواف عن سؤالٍ لأحد الساسة الخليجيين عندما سأله هل انت زيدي؟! قال له بالحرف "أنا يمني مستقل ولا أنتمى إلى أي حزب سياسي، والزيدية حزب سياسي أُسس في المدينة المنورة مِن قِبَل الأسرة الهاشمية بقيادة زيد بن علي بن الحسين بغرض تنظيم صفوفهم إبان صراعهم وحروبهم على السلطة مع الأمويين ثم أنتقل إلى العراق ودارت صراعات كثيرة وسفكت فيها الدماء الغزيرة على السلطة والثروة بين الهاشميين والأمويين آنذاك".
 
إذن، فحزب الزيدية السياسية الذي أنتجه الصراع بين أفخاذ قبيلة قريش على السلطة أدخل اليمنيين الذين ليس لهم فيه ناقةً ولا جمل، في صراع تاريخي دمر كل ما على أرض اليمن بما فيه الانسان الذي صنعت منه آلة خشبية متحركة، لم تغرس في ذاكرته سوى برنامجين الحب للآل، والبحث عن لقمة العيش عن طريق الجهاد في صفوفهم ودخول الجنة الموهومة عن طريق مفاتيح الخرافة والشعوذة وشياطين السلطة والهوى.
 
وعندما تحرر الشعب اليمني من أغلال تلك الخرافات وألقى مفاتيح السحر والشعوذة جانباً في ستينيات القرن العشرين، عادت اليوم الهاشمية السياسية  لإعادة الماضي عن طريق العلوج الفارسية التي نهضت لنصرتهم تماهياً ايديولوجياً  ومذهبياً ومصالح مشتركة لإحكام الطوق على أعناق الشعب اليمني الذي أضحى متصدياً لها ومفرقاً بين من ذهب يجثو على ركبتيه ومبايعاً على الولاء والطاعة لإيران باذلاً خدمته اللامحدودة لأهداف العمائم السود والبيض التي أصبحت أعشاشاً للشر وخياما يستظل تحتها الشياطين مُبطِنة الشر لليمن وللوطن العربي برمته، يسابق الرياح ويحرق كل حيٍ على أرض والرسالات السماوية الخالدة.
 
وبين من يحمل قضية اليمن بين جوانحه هائماً خارج الوطن كما هام الزبيري والنعمان وكل أحرار اليمن قبيل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر واهبين قلوبهم وأرواحهم للسائلين والباحثين عن الحرية ودولة العدل والمساواة مسترشدين بقول الزبيري " بحثت عن هبة أحبوك يا وطني فلم أجد لك إلا قلبي الدامي" مجابهين قِوى تُصنع وعقولاً تعمل وألسناً تصدح وأرواحاً تهفو وتلهث صوب عُبَّاد الشر والنار والقبور والقومية الفارسية التي شربوها بفعل العرق السلالي والصلة التاريخية والهوى السياسي تصديقاً لقول الشاعر "مسؤولون في صنعاء وفراشون في بابك" ومقاتلين أكلت أقدامهم ضروس الجبال وغيرت وجوههم حرارة الصحاري والقفار.
 
تاركين وراءهم أناساً في الداخل رهنوا أنفسهم لقوى الشر وغلَّبوا المصالح الآنية المرتكِزة على أحلام طفولية لا تتعدى ظل قاماتهم المهزوزة وسيقانهم المتخشبة، مستلهمين قوتهم من تاريخهم اليمني الأصيل والمعاصر الذي غصت به الموسوعات التاريخية والمؤلفات والأبحاث العلمية والأكاديمية حديثها وقديمها، دولاً وحضارات، جيوشاً وفتوحات، طافت الدنيا وازدحمت بها الآفاق، قبل أن تتعرض للتهميش والتجريف والاخفاء الممنهج حتى يدمروا الروح القومية ويكسروا النفس الأبية لليمني كي يظل يلهج بالدعاء للأئمة ويدين لهم بالولاء والطاعة كما حدث قبيل الثورة وفي عهود الإمامة المتعاقبة.
 
إن القوى التكاملية العربية المتحالفة لمساعدة اليمن اليوم لم تأتِ من فراغ بل أتت تلبية لنداء الحق وصوت العقل الذي أطلقه كل أبناء اليمن عبر قواهم المختلفة وأحزابهم السياسة وحكومتهم الشرعية لإخوانهم من العرب والمسلمين لإنقاذ بلدهم اليمن ومهد أجدادهم موطن حضارتهم وآبائهم الذين حضنوا الرسالة المحمدية وجاهدوا في سبيلها حتى بلغت مشارق الأرض ومغاربها.
 
إنه الحلم الذي حتماً سيتحقق طالت الازمان أو قصُرت وسيعود كل من هاجر قسراً أو ألجأته الظروف للسفر جراء سوء الأحوال وتوقف كل المصالح والأعمال التجارية والمؤسسات العلمية والتعليمية سيعودون محملين بتجارب ومؤهلات تخدم الوطن تعاهدوا ألا يبيعوه ولا يتركوه لغيرهم، إنه اليمن الذي سكن أجمل القلوب وقيلت فيه أروع القصائد والقلب الثاني الحاني بعد قلب الأم والسند الذي يشد به الظهر وتقوى به العزائم والهمم، منها قول الشاعر عبد العزيز المقالح:
 
يوماً تغنى في منافينا القدر*** لابد من صنعاء وان طال السفر
 
لابد منها,, حبنا – اشواقنا*** تدوي حوالينا: الى أين المفر؟
 
إنا حملنا حزنها، وجراحها*** تحت الجفون، فأورقت، وزكى الثمر
 

التعليقات