طلابنا في الخارج ... مأساةٌ وألمْ
الجمعة, 07 أبريل, 2017 - 08:17 مساءً

الغربة والعيش وراء البحار في البلدان البعيدة ألمٌ يعيش في القلب ويشتت الذهن ويحتل أعماق الذاكرة، هذا لمن كان له مصدراً للعيش أو مستور الجناب، أما الطلبة الذين ابتعثتهم اليمن للتحصيل العلمي ثم هاجت بهم أمواج الظلام في الداخل واستولت على كل مقدرات الوطن ولم تأبه لهمومهم يوما وقذفت بهم إلى شواطئ الشرعية في الخارج كونها المرجع الوحيد، هؤلاء الطلبة  لم يعودوا قادرين على العيش في أدنى مستوياته ناهيك عن التعثر العلمي الذي كان سببه انقطاع المساعدات المالية والرسوم الدراسية.
 
طلابنا المبتعثون من كل الجهات الحكومية في اليمن تقطعت بهم الأسباب وتاهت بهم السبل حتى باتوا يقفون على صعيد واحد يناشدون فخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء ووزير الخارجية نائب رئيس الوزراء ممثلي الوطن والشرعية والجمهورية، وقفوا اليوم بكل أطيافهم الفكرية سواءً الواقفين مع الانقلاب أو الداعمين للشرعية مناشدين كل أصحاب الضمائر الحية لأنهم أيقنوا أن لاعبي البيضة والحجر في الداخل قد أفلسوا وانقطع حبل كذبهم وغوايتهم القصير.
 
وكما هو معلوم فإن عملية الابتعاث والمنح الدراسية هي عملية استثمار للعقول على المدى البعيد وتلك الأموال التي وإن تم استثمارها بطريقة علمية منهجية صحيحة في تعليم النشء من أبنائنا وفتح آفاق للباحثين فإنها لن تضيع، وستأتي أكلها حتماً ولو بعد حين، تلك العقول التي إن اهتم بهم الوطن، حملوه على أكتافهم واسكنوه قلوبهم وتغنوا به ليل نهار حيثما حلوا واينما ارتحلوا، وعادوا إليه كثمار يانعة لبنائه في قلوبهم قبل بنائه على الأرض كما ذكر السفير الدكتور عادل باحميد مخاطباً كوكبة من الخريجين في إحدى حفلات التخرج.
 
سفارات اليمن وملحقياتها الثقافية هي الأخرى مغلولة اليد ومشلولة الحيلة أمام مأساة الطلاب لأنهم الشهود الحاضرين لمآسيهم، تتقطع قلوبهم ألماً وتحمر وجوههم خجلاً لأنه لم يعد بأيديهم الحل ولا بمقدورهم اتخاذ القرار، ولأنها تدرك أن المغتربين عموماً والطلبة على وجه الخصوص هم الوجه الآخر لليمن المشرق والسفراء الغير مباشرين لبلدهم في البلدان الأخرى ويعكسون بتعاملهم ورقيهم وتفوقهم العلمي والعملي وجه اليمن الحديث وإن كان اليوم عابسا في مرحلة مفصلية ستزول لا محالة.
 
وهنا لابد من التذكير أن الأوضاع التي يعيشها بلدنا أثّرت بشكل كبير على دخل الأسرة اليمنية التي كان يلجأ إليها الطالب في الخارج في حالات العسر وضيق الحال، وهذا التأثير زاد من معاناة الطلبة الذين وجدوا أنفسهم دون دعم حكومي مستحق أو دعم عائلي مفترض، حتى فرضية العمل بالتزامن مع الدراسة ليس ممكنا في كثير من الدول ومنها ماليزيا، وهذا ما جعل الطالب في مهب الرياح العاتية التي لا سمح الله قد تأخذه إلى أدراجها التي لا نهاية لها ولا مستقر.
 
 إن اتخاذ القرارات الحاسمة والعاجلة من قبل فخامة رئيس الجمهورية والمعنيين بهذا الأمر بصدق وإخلاص لنجدة طلابنا في الخارج من منطلق مسؤوليتهم القانونية والإنسانية والتاريخية واجب شرعي وأخلاقي تحتمه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن والتي لم تغب عن أذهان طلابنا يوماً فالوطن يسكنهم وهم في دوامة البحث عن العلم والفضيلة، إلا أنهم يظلون جزءاً من المأساة التي لابد وأن تحل عاجلاً ولن تنفد الحيلة والحلول ممن هم أهلاً للمسؤولية حتى لو تم وضعها كملف إشكالي مستلزم الحل أمام إحدى الدول القادرة شقيقة أو صديقة أو أي من المنظمات الدولية لتبنته كلية وتكفلت بمساعداتهم المالية بعد التصحيح الدقيق للمستحقين منهم ومغادرة كشوفات المجاملة والعشوائية وثقافة الانتهازية للقائمين على العملية التعليمية في الداخل والخارج.
 

التعليقات