اليمن والأمن الخليجي.. حقائق ورؤى
الجمعة, 28 أبريل, 2017 - 06:46 مساءً

لعبت اليمن عبر التاريخ دورا محوريا في التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الجزيرة العربية سواء بمسماها الراهن أو من خلال الممالك التي تشكلت فيها وعلى وجه التحديد مملكتي سبأ وحمير، هذه التحولا أدت إلى تعميق أهمية اليمن كعضو في مجتمع الجزيرة العربية والخليج وصارت الظروف التاريخية والجغرافية هي الحاكمة والمتحكمة بأدوات الأمن، ضروراته ومآلاته، وما الحرب الأخيرة الدائرة في اليمن إلا دليلا على ذلك.

لطالما حاولت دول الخليج توحيد صفوفها وهمومها الأمنية إلا أن التحولات الكبيرة في الدول المحيطة بها ونتيجةً للثورات العربية وأثرها على شعوب المنطقة قادت إلى اختلاف وجهات النظر بين قيادات الدول ومفاهيمها للأمن وفقاً لاستراتيجياتها الأمنية وعلاقاتها الدبلوماسية.

 وبرغم إيمانها العميق أن التعاون الأمني صار ضرورة ملحة سيما والمخاطر الإيرانية التوسعية أصبحت تحيط بها من كل جانب بطرق مباشرة عبر وكلائها داخل الشعوب وبطرق غير مباشرة عن طريق إظهار نفسها أمام الغرب أنها الدولة الأقوى في المنطقة وتستحق السيادة وتقاسم المصالح والنفوذ معها حالة واقعية لا مفر  منها، إضافة إلى عيون الغرب الممتلئة بشرارات الطمع المهيمن والقوي انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية التي أبرمت في إطار تحالف استراتيجي قائم على أساس النفط مقابل الأمن، وبرغم إيمانها العميق ذاك لم تفعل شيئا وكل ما فعلته أنها استطاعت مؤقتاً الحفاظ على أمنها الداخلي في مرحلة ما قبل سقوط العراق وامتداد أيادي إيران إلى سوريا واليمن.

دول المنظومة الخليجية أدركت مؤخراً أن اليمن هو عمقها الاستراتيجي الأمني والتاريخي والبشري والجغرافي وأنه مهما تم تجاهل اليمن لأسباب قد تكون غير مستساغة لدى هذه الدول كون النظام فيها جمهوري يعطي نوعاً من الحرية المفرغة من معانيها إلا أن عضويتها في المجتمع الخليجي صار ضرورة لا يمكن القفز عليها وما التحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية والمليارات التي تنفقها إلا دلالة واضحة المعالم والرؤى.

اليمن بمقدوره أن يكون فاعلاً أساسياً في استقرار الخليج إذا ما تم تنظيفه من القوى العائقة لتقدمه والعابثة بثرواته المتعددة التي لا تنضب ولا تنتهي الساكنة في باطن أرضه وصدور جباله وأعماق بحاره ومحيطاته وعلى سطحه زراعة وثروات حيوانية وسمكية ومناظر خلابة وإرث حضاري تاريخي ضارب في أعماق التاريخ، إمكانيات تفوق ما يتوقعه الكثير من المحللين والمهتمين بشؤونه.

 اليمن خزاناً بشرياً ضخماً يدفع بأبنائه للغربة والعمل والعلم والإعمار والحرب وأينما يممت وجهك شرقت أو غربت قابلت اليمني الصبور ذا القيم والأخلاق الدينية والدفاعية ، وهذا مؤشر على جلد اليمني الذي صنع حضارات وممالك ظلت شامة على جبين التاريخ.

 ولذلك فإن هذه الدول بإمكانها الاستعانة بالعنصر البشري اليمني الجسور درعاً أمنياً ودفاعياً واقياً ورافداً لإخوانه في مجتمع الخليج وإشراكه في منظومات الأمن والدفاع الخليجي وحتى المؤسسات العلمية والعملية، حلاً استراتيجياً للمخاطر التي قد تتأتي من قبله أو من قبل الآخرين وبديلاً  للأجناس الأسيوية الأخرى المخالفة لكل مبادئ وقيم وأعراف المجتمع العربي في الخليج والذي صارت تأثيراته الثقافية والسلوكية ظاهرة للعيان ومهددة لتركيبة وثقافة المجتمع الخليجي العربي الأصيل.
 
 
 

التعليقات