محمد الصلوي
الإثنين, 01 مايو, 2017 - 10:34 مساءً

محمد عبدالملك الصلوي، شاب من محافظة تعز - مديرية الصلو، لايتجاوز عمره الـ40 سنة، متزوج ولديه عائلة ويسكن في العاصمة صنعاء منذ سنوات.
 
عرفتُ محمد منذ كان في السنة الاولى في كلية اللغات بجامعة صنعاء وانا في السنة الأولى للإعلام.
 
شابا من عائلة عادية اجتماعياً، لا يكره أحد، ولم يعادي أحد، ولم يختلف مع أحد.
 
تخرج من الجامعة وألتحق بوظيفة في وكالة سبأ للانباء، وليس لديه في حياته سوا راتبه الشهري الذي يتقاضاه.
 
عشنا معاً سنة كاملة استطيع ان أصفها بأنها عصيبة وشديدة وبائسة، لكنها كانت رائعة بما تحمله من تفاصيل وذكريات.
 
كنا نأكل وجبة واحدة في اليوم عند الساعة الخامسة عصرا، لكامل اليوم.
 
كانت تلك الوجبة (نفر) فاصوليا في مطعم تعز المجاور لمبنى الجامعة القديمة، في قاع العلفي.
 
يوم نأكل على حسابه، ويوم أخر على حسابي، ويوم ثالث ورابع، نستلف قيمة الوجبة من احد الزملاء، فكلانا كان بلا عمل، وكلانا ننحدر من أسر فقيرة لا تسطيع ان توفر لنفسها الحد الأدني من المعيشة ناهيك عن دفع تكاليف التعليم لفرد منها.
 
وكان افضل يوم لكلانا هو توفر المبلغ اليومي للوجبة المستحقة نيابة عن ثلاث وجبات.
 
اما السكن فتكفل به احد الاشخاص، وبقينا داخله حتى افترقنا.
 
حدثتُ محمد عن اشياء كثيرة في حياتي الشخصية، مثلما هو الآخر حدثني عن تجاربه، وتفاصيل حياته.
 
كانت روحه المرحة وتلقائيته في المزاح والمرح، صفة فطرية، تبدد حالة الكآبة والبؤس التي كانت تخيم علينا، وتكسر الملل اليومي، ونحن نسير على الأقدام في حي العلفي، وشارع الدائري، والجامعة الجديدة، وكانت تلك الأماكن هي الجغرافيا الكبيرة التي نتحرك فيها داخل العاصمة صنعاء.
 
حدثني عن أمه وأبيه، وعن ظواهر راسخة في المجتمع، وعن الأرض والزراعة، وأعمال الفلاحة التي كان يقوم بها صغيرا، وهي اشياء بدت مشتركة لدينا، مثل أي شاب ينتمي لعائلة تمتهن الزراعة، وترتبط بالأرض والمحصول وعمل العائلة المشترك في ذلك.
 
كان يروي بمرح كيف أن أبوه عندما يسير مع أمه داخل القرية يكون الفارق بينهما عشرة أمتار، وفقا لقياسه، كان يسأل مستغربا: لماذا لايمشوا بجوار بعض مثل خلق الله، وهو يشير بيده الى عائلات تسير امامنا في الشارع.
 
كنتُ اعايره وقت الكدر بأنه من الصلو، وأن رائحته "بصل"، وكان يرد كعادته بنكات متداولة، واحيانا من مخيلته عن أصحاب العدين.
 
بعد أكثر من سنة، افترقنا.
 
أكملت حياتي بعيدا عن محمد داخل العاصمة صنعاء، مثلما هو فعل.
 
اليوم محمد عبدالملك الصلوي مختطفا لدى مليشيا الحوثي، وللأسف لم يعلم احد باختطافه الا بعد سبعة أشهر على ذلك.
 
ما الذي اقترفه محمد ليسجن كل هذه الفترة؟ وما الجريمة التي ارتكبها؟ ولماذا كل هذا الحقد الدفين، الذي طال كل شيء، من قبل عصابة الحوثي.
 
كيف يقضي محمد أيامه داخل مكان اختطافه؟ وما هو حال أسرته الآن؟
 
كل تلك الاسئلة لن تجد لها إجابة، في مجتمع متوحش، تحكمه مليشيا عنصرية، مليئة بالحقد والغل والارهاب.
 
إنها جريمة، بل أم الجرائم، إنها كارثة لا تمارسها سوا مليشيا الحوثي.
 
أشعر بالأسى عليك يامحمد.
 
لكن .. صبرا محمد فإن الفرج قريب.
 

التعليقات